خُطبتا صلاة الجمعة في 20 حزيران 2014م

أُضيف بتاريخ الجمعة, 19/06/2015 - 11:20
(فيديو + مُلَخّص عن خطبتيّ صلاة الجمعة في 20 حزيران 2014م)

  موضوع الخطبتين:
- تذكير بما ورد في الخُطَب السابقة في فضائل شهر شعبان
- طاعة رب العالمين في طاعة رسوله ص وآله وأنّ طاعة رسول الله ص وآله في طاعة أهل بيته الطاهرين ع,
- كيف تعرف عدّوك من صديقك في نهج أمير المؤنين ع. وإليك معنىً من معاني العدوان لمن يُظهر لك المُجاملة والمُسايرة.
- لكننا اليوم في حالةٍ لا يُفرّق فيها بعضُنا بين عدوٍ وصديق، لا يُفرّق بعضنا بين مُحِبٍّ ومُبغض! وما سبب هذا؟!
- ما حقيقة نداء من أفتَوا بالقتال والجهاد والذبح والتمثيل بجثث من يقتلون، إلى الطائفة العلوية. يقول زاعماً أنّه يُنادي العلويين: إعلموا أنّ الشيعة إنّما يستخدمونكم وأنّهم في حقيقة الأمر يُكفّرونكم فاحذروا أن تكونوا معهم واحذروا أن تُقاتلوا معهم. نريد أن نقف عند هذه الجُملة...
- نسمع نفس الكلام من رجلٍ يدّعي أنّه يُعادي ذلك الذي أوقد نار الفتنة. أما يستويان؟! إنهما يستويان لأن (الراضيَ بفعل قومٍ) كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع: (كالداخل فيه معهم)..
- ونحن بين أمرين لا فُسحة في الوقت: إمّا أن تُصدّق أعلامَنا وشيوخنا -الذي تدّعي بين الناس إجلالهم وتعظيمهم- وما مدحوا به وما عظّموا به وما راسلوا به علماء الشيعة وأعلامهم في العراق وفي لبنان وفي غيرهم وصنّفوا لك العدو من الصديق، وإمّا أن تُصدّق غيرهم و تأخذ من غيرهم. فليختر كل إنسانٍ ما يُريد.
-إذا كان الرجل على بصيرةٍ من دينه وعلى يقين من أمره فلا يلتفت إلى ما يقوله فلان أو يطعن به فلان ويُسيء إليه فلان فإنّ كُلّ رجلٍ ينطق بكلمة الحق ويحملها إنما هو بمقام نبيٍّ ورسولٍ من رُسُلِ الله عزّ وجلّ.
- ما قاله الشيخ عبد اللطيف ابراهيم والشيخ كامل صالح معروف والشيخ محمود سًليمان الخطيب والشيخ عبد الهادي حيدر رحمة الله تعالى ورضوانه عليهم فيمن طعن عليهم.



الخُطبة الأولى:

  لقد أوشك هذا الشهر الكريم شهر رسول الله ص وآله وصرنا اليوم نسأل الله أن يُبَلّغنا شهر رمضان الشهر الذي أنزل فيه القرآن والشهر الذي هو شهر الله عز وجل ..
  تذكير بما ورد في الخُطَب السابقة في فضائل شهر شعبان وكيف نُعين رسول الله ص وآله على شهره..
  ممّا ينبغي لنا وهو من الواجب في هذا الشهر وفي غيره أن نستذكر أنّ طاعة رب العالمين في طاعة رسوله ص وآله وأنّ طاعة رسول الله ص وآله في طاعة أهل بيته الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا الذي لا يقولون شيئاً برأيهم ولا بأهوائهم وإنما يقولون عن رسوله اله ص وآله الذي قال وبلّغ عن رب العالمين سبحانه وتعالى..
  الذي ينبغي أن ننظر فيه ممّا يتصل في حالنا في هذه الأيام قول الإمام الجَوَاد ع: (لا تُعادي أحداً حتى تعرف الذي بينه وبين الله تعالى، فإنّه إن كان مُحسناً فإنّه لا يُسلّمه إليك، وإن كان مُسيئاً فإنّ عِلمك به يكفيك) ...
  وما أكثر ما نُعادي قبل أن نعرف ما بين ذلك الرجل الذي نعاديه أو ما بين تلك الفئة التي نُعادي وبين الله عز وجل. وإنّ بعضنا لفي حَيْرَة من معنى هذه الكلمة. الذي يُنبّهنا على خطئ ما والذي يريد أن يُرشدنا إلى طريقٍ سويٍّ وإلى صراطٍ مستقيم كثيراً ما نغضب منه لأننا نظن أنه عدوّ لنا، ولو لم يكن عدواً لنا لما عنّفنا أو وبّخنا أو أظهر ما نحن فيه من العيوب ولكن هل يصِحّ هذا المفهوم في تعريف العدو عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع.. إنّه ممّا لا يصحّ وذلك أنّه عليه السلام عرّف العدوّ فقال: ((إنما سُمّي العدو عدواً لأنه يعدو عليك في معايبك، فمن داهنك في معايبك فهو العدو العادي عليك)) الذي يُلاينك ويُجاملك ويُصانعك على ما أنت فيه من عيب هو العدو الذي ينبغي لك ويجب عليك أن تجتنبه وليس الذي يُنبّهك على خطأ أنت فيه..
  الذي يعدو عليكم في معايبك إنّه حين يُجاملك ويُداهنك يُصانعك على ما أنت فيه إنما يسعى في هلاكك، يُريد بذلك أن تزداد من الخطأ الذي أنت فيه حتى يكون هلاكك إذ لا تجد مرجعاً ولا مخرجاً ممّا أنت فيه، هذا هو العدو الذي يجب أن نحذره.
  وإنّ من شروط تمام الإخاء أنّ وجهاً من وجوه الخِيانة من رأى أخاه على أمرٍ يكرههُ ثم لم ينصح له وهو يقدر على تغييره فقد خانه.
  هذا معنىً من معاني العدوان لمن يُظهر لك المُجاملة والمُسايرة.

  الذي يُعاديك ويُقاتلك فهذا غيرُ مُحتاجٍ إلى تعريف إنّه عدوّك بما أراد من ظُلمك وبما أراد من قتالك. لكننا اليوم في حالةٍ لا يُفرّق فيها بعضُنا بين عدوٍ وصديق، لا يُفرّق بعضنا بين مُحِبٍّ ومُبغض! وما سبب هذا؟! سببه أننا كما قلنا غير مرّة لا نعرف كيف نُحبّ ولا نعرف كيف نَبغِض، نُحبّ لأهوائنا ونُبغِضُ لأهوائنا، ما من أحدٍ منّا يُحبّ في الله عز وجل، قَلّما تجد رجلاً يُحب في الله عز وجل ويُبغضُ في الله عز وجل، لأنه حين يُحبك في الله إنّما يُحبك بحق فأنت تأمن حينئذٍ من ظُلمِهِ وإذا أبغضك في الله عز وجل لأنك قد عصيته فحين إذن لا يكون ممّن ظلمك، إذا أحبّك أحبّك بحق وإذا أبغضك أبغضك بحق.
  أمّا حال الذين يدركون أولياء رسول الله ص وآله وسلّم، ثم يأخذون بما يقوله الذي يُقاتلهم ويُريد سلب أموالهم وانتهاك أعراضهم وتحطيم دِيارهم وتراثهم وإلغاء هويتهم، هذا العدو يُلقي على مسامع القوم ما يضمن به أن يكونوا من المُطيعين الخاضعين له، ويُريد بعد هذا أن تجوز بعض حِيَلِهِ على من يُعاديه. (إنّما المؤمن من قال بقولنا) كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع، والذي يريد أن ينتفع بمحبة أهل البيت عليهم السلام فعليه أن يُحِبَّ ويُواليَ مَن والاهم وأن يُعاديَ من عاداهم.
  سمعتُ رجلاً من الذين أفتَوا بالقتال والجهاد والذبح والتمثيل بجثث من يقتلون.. سمعته قد كتب رسالةً ووجّهها في قناةٍ سمعتم بها، في هذه الرسالة يدّعي أنّه يوجّه أو يُنادي الطائفة العلوية أن تتنبّه ممّا هي فيه، ومن جملة ما يقوله مُلخصاً أنكم وإن نُصِرتم في هذه الأيام فإنّ الغلبة ستكون لنا وسنرجع لنحاربكم ونعم سنكون من جيش السُفياني الذي يُقاتل مَهديّكم. وهذا تسجيل مُصوّر لمن أراد أن يسمعه متى أحبّ، ثمّ يقول زاعماً أنّه يُنادي العلويين: إعلموا أنّ الشيعة إنّما يستخدمونكم وأنّهم في حقيقة الأمر يُكفّرونكم فاحذروا أن تكونوا معهم واحذروا أن تُقاتلوا معهم.
  نريد أن نقف عند هذه الجُملة، الذي قال هذا الكلام هو ممّن أفتى بالقتل وممّن أفتى باستباحة الدماء وبانتهاك الأعراض وبانتهاب الأموال كيف ننظر إلى من يُصدّقه في ما يقول!؟ ويُريد أن يُعيد هذا الكلام لكي يوهمنا أو يوهم الضعيف منّا أنّه إنّما عدوّه هو ذلك الرجل الذي جاء إليه مُقاتلاً معه وليس ذلك الرجل الذي وفد إليه ليقتله وينتهب ماله وينتهك أعراضه .
  ما حال ذلك الرجل كيف ننظر إليه ونحن نسمع ذلك الذي أوقد الفتنة وأشعل نارها يقول هذا الكلام!، ثم نسمعه من رجلٍ يدّعي أنّه يُعادي ذلك الذي أوقد نار الفتنة. أما يستويان؟! إنهما يستويان لأن (الراضيَ بفعل قومٍ) كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع: (كالداخل فيه معهم وعلى كُلّ داخلٍ في باطلٍ إثمان، إثمٌ الرضى به وإثم العمل به) الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم وإن لم يحمل سيفاً وإن لم يحمل سكيناً ولكن إذا كانت الكلمة التي يقولها قد تُحدث قتلاً فهو كالقاتل.
  فلا يحسبنّ أحدٌ أنّ قائل هذا يختلف عن المُفتي في القتل واستحلال الدماء، لكل أمّةٍ كما تعلمون ولكل طائفةٍ رجالٌ وأعلام، ونحن بين أمرين لا فُسحة في الوقت: إمّا أن يكون أعلامُنا وشيوخنا وهو الذين ذكرناهم غير مرّة وما مدحوا به وما عظّموا به وما راسلوا به علماء الشيعة وأعلامهم في العراق وفي لبنان في جبل عامل وفي غيرهم، إما أن يكون هؤلاء هم أعلامنا ورجالنا كالعلّامة الشيخ سُليمان الأحمد رحمه الله والشيخ عبد اللطيف ابراهيم وغيرهم، إمّا أن يكون هؤلاء أعلامنا وإمّا أن يكون غيرهم. فليختر كل إنسانٍ ما يُريد.
  إمّا أن تُصدّق ذلك الرجل الذي تدّعي بين الناس إجلاله وتعظيمه فيكون عندك مُؤتمناً إذا صنّف لك العدوّ وصنّف لك المواليَ والصديق ، وإمّا أن تأخذ من غيره.
  حسبُك من ذلك ما قاله الشيخ عبد اللطيف ابراهيم رحمة الله تعالى ورِضوانه عليه للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغِطاء :

يا مُنصِفَ الإسلام من أعدائه   وحُسامَه المُتلألأ المشهورا
ما زلت تحرُسُ دين آل محمدٍ   وتذود عنه مُظفراً منصورا
  إذا كان لهذا الرجل عندك من القَدرِ والقِيمة ما تدّعيه فاعلم أين العدو وأين الصديق واحذر أن تداهن أو تُجامل من يقولُ غير هذا وليذكر كُل من هجم به الإدهان على المُجاملة أنّ الإمام الصادق عليه السلام قال: إنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى شُعَيب إنّي مُعذّبٌ مئة ألفٍ من قومك أربعين ألفاً من أشرارهم وستين ألفاً من خِيارِهمفقال نبيّ الله شُعيب عليه السلام يا ربي هؤلاء أشرار عرفنا حالهم يُعذّبون فما بالُ الأَخيار؟ قال: لأنهم داهنوا أهل المَعاصي فلم يغضبوا لغضبي.
  الذي يُداهن أهل المَعصية والذي يستحي أن يقول كلمة الحَق ولا يأمُرُ بالمعروف ولا يَنهى عن المُنكَر وهذا من أشدّ ما يجب أن يُنهى عنه.
  يقول الإمام الصادق عليه السلام: (ويلٌ لقومٍ لا يَدينون الله بالأمر بالمعروف والنَهي عن المُنكر).
دعاء....

الخُطبة الثانية:
  التبصّر في الدين وما يصيب بعضنا من يأس وإحباط ممّا يسمع من أذى من فلان وفلان..
علينا حين نسمع الأذى من فلان وفلان ونحن على بصيرةٍ من ديننا وعلى يقينٍ ممّا نحن فيه أن نذكر حال أنبياء الله كيف كانوا وماذا أصابهم وكيف كان السادة والكُبراء في أقوامهم ولم يكن الضعفاء والفقراء..
شيئاً من قصة نوح.. وقوله تعالى: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ﴾ (28)هود.
  إذا كان الرجل على بصيرةٍ من دينه وعلى يقين من أمره فلا يلتفت إلى ما يقوله فلان أو يطعن به فلان ويُسيء إليه فلان فإنّ كُلّ رجلٍ ينطق بكلمة الحق ويحملها إنما هو بمقام نبيٍّ ورسولٍ من رُسُلِ الله عزّ وجلّ.
  فهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع يقول: (أما أنكم لو قد عاينتم ما قد عاين من مات منكم لجزعتم ووهِلتم وسمعتم وأطعتم ولكن محجوبٌ عنكم ما قد عاينوه وقريبٌ ما يُطرحُ الحجاب ولقد أُسمِعتُم إن سمعتم، وهُديتم إن اهتديتم، وبُصّرتم إن أبصرتم، وزُجرتم بما فيه مزدجر، وما يُبلّغ عن الله بعد رُسُل السماء إلاّ البشر).
  من جاءك يحمل إليك الكلمة الطيبة فهو بمنزلة رسول من الله عز وجل بمنزلة نبي من أنبيائه، بشهادة أمير المؤمنين ع أنّه لا يُبلّغ عن الله عز وجل بعد رُسُل السماء إلاّ البشر.
  فإذا سمعنا طاعنا على من يحمل الكلمة الطيبة فلا يزهدنّ أحدنا فيما هو فيه، فإنّ نبي الله موسى عليه السلام قال يا رب أسألك أن لا يذكرني أحدٌ إلاّ بخير، فقال يا موسى: ما جعلتُ ذلك لنفسي.

  فلا يطمعنّ أحدٌ أن لا يسمع فيه إلاّ الثناء الحَسَن، سيسمع من التكذيب ومن الطعن وهنا يكون يقينه وهنا يبرز تصديقه بما قاله الأئمة عليهم السلام. هنا يبرز إيمانه بالله عز وجل ورسوله حين كان يصبر على الأذى..ما بقي من رسول الله ص وآله وما كان قبله وما يكون إلى يوم القيامة أن يسلم أحدٌ من طاعنٍ أو من قادحٍ عليه ولكنه لوكان ذلك الأمر يردّه ويمنعه لما بلّغ نبيّ دعوة ربّه ولما بلّغ مؤمن نيابةً دعوة ربّه، ما بقيَ أحدٌ إلاّ أُصيب بهذا.
  كان من الذين قيل فيهم ما قيل وطُعِن عليهم من أعلام هذه الجبال وعُلمائها العالم الجليل الشيخ عبد الهادي حيدر رحمة الله تعالى ورضوانه عليه، قيل فيه ما قيل كما قيل في غيره، فراسله من أراد التخفيف عنه مواسياً ومُلاطفاً له الشيخ كامل صالح معروف رحمة الله تعالى ورضوانه عليه فقال فيما قاله:

تخرّصوا وأثاروها مُجلجلةً   رعناءَ يغفو إليها كُل مفتون
وبوؤا بأحاديث ذكرتُ بها   ما قاله عمرو في أيام صفين

  البلية كُل البلية أن تُرفع الرماح اليوم وعليها مصاحف وإن لم تكن رماحاً من حديد كالتي رُفعت في أيام صفّين، البليّة كُل البلية أن تجوز علينا الخديعة، البلية كُل البلية أن لا نعرف ولا نميّز ما ينفعنا ممّا يضرّنا.
  ... لو أنّ أحدنا فقد من بيته شيئاً لتنبّه له ولكنه حين يفقد من دينه كثيراً لا يتنبّه له ..
هذا الذي كان في صفّين لمَّا ينتهي.. ما قاله عمرو في أيام صفين.. ماذا قال وماذا كان هذا ما يجب أن نستحضره وأن نتمثّله لأننا نعيشه.

  ثم كان من جواب الشيخ رحمة الله تعالى عليه:

لا تُلقي بالاً إلى إفك الشياطين   وما استحلّوه من عِرضي ومن دِيني
فهم أذلُّ وأخذى لا أبَ لهُمُ   من أن يحطّوا مقامي أو ينالُني
إني وإن لم أكُن بَرّاً أخا نُسُكٍ   فإنّني خُلُقاً لم يرضَ بالدوني
نشأتُ حُراً نقيَّ الجَيبِ من صِغَري   وشِبتُ عن خُلُقٍ سَمْحٍ وعن ديني
وما الذباب وإن أقذى مسالحَهُ   بطائلٍ وقعُهُ نَشْفَ الرياحين
وللآل فنونٌ في عداوتهم   وقد رَمَوْنِي بأنواعِ الأفاني
وما أُبالي ولي ذُخرٌ ومُعتمدٌ   حُبُّ النبيّ وحٌبِّ آل ياسين
أُفٍ لهم ولما يدعون من حَصَبِ   تاهوا على الناس أمثال البرازينِ
غُلفِ القلوب كأنّ الله شاهدهم   أن يشهدوه على علمٍ وتبييني
لو يعلمون غداً ماذا أُعِدَّ لهم   من العذابِ ومن أهوال سجّيني
شرُّ الطعام طعام الخاطئين بها   فما لهم غيرُ زَقّومٍ وغِسْقيني
مالي وللحاقدين الزرق إنّ لهم   كيداً يَحيقُ بهم ذَرهُم يَكيدوني
حَسبي من الناس أهلُ العقل إن   رضيَت عنّي فلستُ أُبالي بالمجانين

  هكذا ينبغي أن نقول لكل مُتقوّل علينا مدّعياً ومُختلقاً ومُتخرّصاً والحمد لله أنّنا أُصبنا بما أُصيب به أئمتنا وبما أُصيب به أعلامنا. ما دُمنا على الحق فلا نلتفتُ إلى أحد.

  قال الشيخ محمود سًليمان الخطيب رحمة الله تعالى ورضوانه عليه:

لئن قال الهُجاة عليَّ إفكاً   وصاغوا فِرْيَةً ورَوَوا كِذابا
فذاك لأنهم لم يُدركوني   ولو ركبوا لإدراك السحابا
شأوتُهُمُ إلى مجدٍ قديمٍ   فما عرفوا له بالقصدِ بابا
وإنّي أعذِرُ الخُفّاش يرضى   من النور الدياجر والضبابا
تجشّم جاهداً ليرى غُباراً   على ثوبي فأعياهُ طِلابا
ولمّا لم يجد لي قَطُّ عيباً   كساني من معايبه وعابا

  وحسبنا لمّا قيل في شيخنا الشيخ عبد اللطيف ابراهيم رحمة الله تعالى ورضوانه عليه أيضاً ما قيل فكان ممّا قاله:

لا أكرهُ الحُسّاد ليس بوسعهم أن   يغمطوا شمس الضُحى أفضالها
مَنَّت عليهم بالحياة وما رَضوا   منها ولو خلعت لهم سِربالها

  والله لو أنّ الذي ينتقدك لو قدّمت إليه روحك ما أرضيته لأنه لا ينتقدك إلاّ اتّباع الشيطان الذي كما قال أمير المؤمنين ع (دَبَّ ودبك في حجورهم وباض في صدورهم).. لا يرض الناس بالشمس يجحدون فضلها ولو خلعت لهم سربالها.
دعاء...