المقدمة

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 09/11/2010 - 00:57

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي شرفنا بنعمة الولاية العلوية، وكرمنا بالأخلاق الهاشمية، وتوّجَنا بأكمل الفضائل الإنسانية، والصلاة والسلام على مُنقِذ البشرية، وصاحب الشريعة الربانية، سيدنا محمد بن عبد الله الذي بُعثَ ليُتمِّم مكارم الأخلاق النقية صلى الله عليه وآله خير البرية.

قال تعالى:

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ فصلت\33\34\35.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ الحجرات\11.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ النور\19.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ الحجرات\6.

﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ النحل\125.

وبعد هذا البيان المحكم من كتاب الله أقول وما توفيقي إلا بالله

لو أنّ المسلمين إلتزموا بمضمون هذه الآيات، وما فيها من البينات، والدلالات، والحكم الباهرات، والآداب الساميات، قولاً وفعلاً، وسلكوا من خلالها في عباداتهم ومعاملاتهم لما وصلوا إلى هذه الحالة المؤلمة التي لا يُحسدون عليها من تكفيرهم لبعضهم البعض من دون وجه حق يُذكر (باستثناء بعض الأسباب الوهمية التي اختلقها فقهاء حاقدون وأمراء متعصبون لغايات تخدم مصالحهم المحدودة) ومن المعيب والمخجل أن يتذرعوا بها وخصوصاً بعدما اتضحت عِللها وعُرفت أسبابها.

ولا أعني بمستهل كلامي جميع المسلمين . لأن الساحة الإسلامية ما زالت تشهد - والحمد لله- رجالاً مُصلِحين ودُعاةَّ صادقين يعملون بكل جهد وإخلاص إلى رأب الصدع، ويتفانون للوصول إلى وحدة الصف والموقف بكل الوسائل المُتاحة لهم ولا بُدّ أن يُوَفقوا إلى ما يَسَعون إليه وذلك لوجود نفوس طيّبة تطهّرت من داء التعصب، وعقول راجحة تتقبل هذه المبادرات الإيمانية، وتؤمن بها، وتُسَرّ لوجودها، وتدعمها بكل إمكانياتها المتوفرة.

ولكنني أعني بقولي هذا تلك الفئات الحاقدة المنغلقة على نفسها ، والتي ما زالت تقبع بكليتها في أوكار الماضي العقيم، وتعيش في مستنقعات التعصب الذميم، ولا ترى الإسلام إلا ممثلاً فيها، مع أنها في الواقع من أبعد الفئات عن الإسلام ومبادئه القيِّمة لما تقوم به من إثارةٍ للنعرات الطائفية وتحريك للعصبيات المزاجية.

إنّ هذه التناحرات المؤذية، والمشاحنات المُخذية، والمهاترات المُذرية، لا تخدم العقيدة الإسلامية بل تنصبّ في خدمة أعداء هذا الدين من الصهاينة المُجرمين وأعوانهم الملحدين. وإنّ العاملين على تحريكها وتأجيجها بين الحين والآخر ما هم إلا أياد تخريبية تعمل بقوة متناهية لمصلحة هذا العدو المغتصب، الذي يسعى منذ زمن بعيد وبكل جهد إلى ضرب الإسلام والعروبة كي يتسنى له استعباد العباد واستغلال الغلال.

فالإسلام يُهاجَم من قبل عدوَّين حاقدَين: عدو داخلي وعدو خارجي.

  • فالعدو الداخلي يتمثل بمجموع دعاة الفتنة والتفرقة.
  • والعدو الخارجي يتمثل بقوى الإلحاد والشر التي تحرك عملاءها في الداخل كي تكمل المهمة فيما بعد.

والغريب في الأمر أنّ هؤلاء الدعاة الذين يدّعون الإسلام، يعلمون ذلك علماً يقينياً ويُدركون خطر أفعالهم وأقوالهم، ولكنهم يُصِرّون على المُضيّ قُدُماً في هذا السبيل المُظلم، غيرَ مُبالين بعواقبه الوخيمة، ونتائجه الذميمة، وكأنهم أرادوا أن يُعلِنوا على الملأ بأنهم أداة تخريبٍ لا دعاة تقريب.

بالإضافة إلى ذلك ورغم كل ما يقومون به فَهم يُبَرِّرون أفعالهم هذه بحجج واهية، مفادها بأنهم يُنبِّهون المسلمين، ويُرشدونهم إلى مواطن الخطر كما يَدَّعون، وما درى أولئك الجهلاء بأنهم يُدللون على أنفسهم وهم لا يشعرون.

ومن المعروف لدى الجميع بأن هؤلاء الدُّعاة يَسعون إلى تحقيق هدفين أساسيين لا ثالث لهما:

  • أولاً: ضرب أهل الولاية التي يُكِنّون لها العداء المتوارث عن آبائهم وأجدادهم.
  • ثانياً: كسب رضى أعداء الدين من خلال تنفيذ مخططاتهم. ولا شيء غير هذا، وإلا فليَشرحوا لنا بصدق وتجرد سبب هذا العداء السافر - نعوذ بالله ممن هذه صفاتهم!.
وإن السبب في وضع هذا الكتاب هو

أنّه وصلني منذ بضعة أسابيع مقالات نُشرت على شبكة الإنترنت. تتضمن تكفيراً وتشهيراً بحق المسلمين العلويين. منها ما هو قديم اعتدنا عليه كلما أراد كاتب أن يُبرِز نفسه، ومنها ما هو حديث لم نستغربه لأن القوم امتلأت قلوبهم حقداً على الولاية وأهلها، ولكني رأيت أنه من الواجب والضروري أن أضع رداً مُختصراً لدَحض هذه المُفتريات الجائرة، كي لا يَعتبر بعض الجهلاء بأنّ السكوت عنها علامة للرضى بها، ولكي لا يَظن أهلُ الظنون من المتبجِّحين بأننا عاجزون عن دفع هذه السخافات مع أنني كنت قد كتبتُ مقالات عدة بهذا الخصوص، وأصدرت كتاباً من جزئين تحت عنوان " المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام " وفيه تصديت لأكثر المفتريات التي أُلصقت بهذه الطائفة المؤمنة بإسلامها الصادقة بإيمانها، وقد أيّده وقرّظه مجموعة كبيرة من العلماء والفقهاء والأدباء العلويين، وهذا دليل على وحدة الرأي والموقف في القضايا الجوهرية بين أجلاّء هذه الفرقة المسلمة المؤمنة.

وكنت عازماً على سلوك سبيل ثانٍ في الكتابة يتعلق بالأصول الإعتقادية، والفروع الفقهية، وعِلمَيّ الحديث والرجال، ولكنني رأيت أنّ الرجوع ولو قليلاً إلى رَد هذه الشبهات أولى وأجدر في الوقت الحاضر، وذلك لكثرتها عسى أن يوفقني الله جلّ وعلا إلى إخراج ما عزمتُ عليه في وقت لاحق إن شاء الله.