18. بنو بويه والعلويين

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 09/11/2010 - 00:57

الفِرْيَة الثامنة عشر

( جاء الخصيبي مع أستاذه من مصر إلى جنبلا وخلفه في رئاسة الطائفة ثم ترك جنبلا وقصد العراق ليكون تحت حماية بني بويه من الشيعة الغلاة الذين سيطروا على الدولة العباسيّة )

بما أنّ السيّدين الجنان والخصيبي لم يدخلا مصر طيلة حياتهما فهذا يعني أنّهما لم يأتيا منها إلى جنبلاء.

ومن المعروف بأن السيّد الخصيبي لم يتعرّض لضغط في جنبلاء حتى يضطر للذهاب مرغماً إلى بغداد لطلب الحماية من البويهيين.

وحينما انتقل شيخنا إلى بغداد فإنما قام بذلك بهدف متابعة ما بدأه من الوعظ والإرشاد وتوضيح أصول العقيدة العلوية الإمامية لأبناء هذه الولاية العلوية.

ومن المعروف بأنّه سُجن في بغداد بسبب وشاية مغرضة ألصقت به من قبل بعض المتذمتين تتهمه بأنّه من القرامطة.

فإذا كان الشيخ قد سجن وفي بغداد فكيف يصح القول بأنّه قصدها ليكون تحت حماية البويهيين؟!.

  أما بني بويه الذين بدأت دولتهم في شيراز في القرن الرابع الهجري، وسرعان ما سرى نفوذهم في كل بلاد إيران والعراق، بل امتدّ سلطانهم في جميع بلاد بني العباس، وكانت كلمتهم تحكم في كل الولاة والحكام، وليس للخليفة العباسي إلا مراسيم الخلافة، فقد كانوا من شيعة إيران، ومن المعتدلين في تشيّعهم، وليسوا غلاة كما يفتري البعض ويدّعي. وإنّ هذه التهمة ألصقت بهم من قبل فقهاء بني العباس المتعصبين وذلك انتقاماً منهم لسيطرتهم على الدولة العباسية التي فَقَدَت تألقها إبّان حكمهم ولا أسفاً عليها إذ أنّها (الدولة العباسية) قامت على جماجم الأبرياء والصالحين، واستغلت الدين شعاراً لها لاستعباد الرعية، وما جرى فيها من المظالم لهو أضعاف ما جرى في العصر الأموي.

ومع أنهم (أي بنو بويه) كانوا من شيعة أمير المؤمنين وبنيه(ع) فلم يحاربوا التسنن كما فعل الكثير من حكام بني أمية وبني العباس، ولم يتعصبوا للشيعة على السنّة وإنما أعطو الشيعة حرية إبداء العقيدة ورفعوا عنهم الظلم والحَيف الذي كان يُخيّم عليهم.

»   وأورد إبن الأثير في تاريخه المسمى بالكامل عن عضد الدولة مايلي:

وكان محباً للعلوم وأهلها، مُقرّباً لهم محسناً إليهم، وكان يجلس معهم يعارضهم في المسائل، فقصده العلماء من كل بلد وصنّفوا له الكتب، ومنها: الإيضاح في النجوم، والحجة في القراءات، والملكي في الطب، والناجي في التاريخ... إلى غير ذلك.

ونلاحظ من خلال كلام إبن الأثير من أنّ عضد الدولة لم يكن مُتعصّباً لأحدٍ على أحد، بل كان يحترم العلم والعلماء من دون تحيّز وتمييز، ولو كان منحازاً لجهة ما على حساب جهة لنوّه عن ذلك إبن الأثير المعروف بتعصّبه وبغضه للتشيّع.