كلمة هادئة نخاطب بها العقلاء ونناشد الصلحاء (إنّ التجيـيش الطائفي والتحريض المذهبي جريمة كبرى ضد الإنسانية جمعاء..) 2006م.. بقلم فضيلة الشيخ حسين محمد المظلوم..

أُضيف بتاريخ السبت, 29/10/2011 - 17:52

كلمة هادئة نخاطب بها العقلاء ونناشد الصلحاء


في ظل هذه الظروف العصيبة التي يعيشها اللبنانيون، لا بد لنا من هذه الكلمة الهادئة نخاطب بها العقلاء ونناشد الصلحاء:

إنّ التجيـيش الطائفي والتحريض المذهبي جريمة كبرى ضد الإنسانية جمعاء تتنافى مع كل القيم والمبادئ والقوانين والأعراف، وإن الذين يمارسون هذا العمل لمآرب شخصية ومصالح ضيقة هم أعداء الوطن بكل ما في هذه الكلمة من معنى، وهم في ما يفعلون لا يعبرون إلا عن أنفسهم، لا عن طوائفهم لعلمنا بأن كل الطوائف في هذا البلد لا تدعو إلا إلى المحبة والوفاق والتآخي والاستقامة، فعلى رجال الدين مسلمين ومسيحيين أن يفعّلوا هذه القاعدة السامية خطابة وكتابة ونهجاً وسلوكاً في كل مناسبة من المناسبات الدينية والوطنية صغيرة كانت أو كبيرة.

إنّ أولئك الدعاة ــ دعاة الفتنة ــ ليسوا من هذا النسيج اللبناني المتميز بتنوعه الفريد والعريق بأصالته النادرة، بل هم أيادٍ مأجورة للخارج من حيث لا يشعرون ينفذون رغباتهم من دون وعي وإدراك، وللأسف فإنهم يتسترون خلف طوائفهم التي لا ينتمون إليها إلا بالاسم دون المضمون، لأن هذه الطوائف بريئة من هذه الأعمال التي لا تنسجم مع مبادئها العليا، فإذا قام فرد بفعل منكر فهو يعبر عن نفسه لا عن طائفته، وهذا أمر مفروغ منه ومسلم به، فلا يجوز تصويب سهام النقد على طائفته بل عليه.

إنّ الفتنة أشد من القتل، والسكوت عنها أشد منها، فعلى المخلصين من رجال دين وسياسة أن يعملوا جاهدين لرأب الصدع ومنع الفتنة لأن الشعب اللبناني بكل طوائفه لا يحتمل المزيد من النكبات التي اكتوى بها، وهو يريد الحياة الكريمة والتواصل السليم المبني على الإخلاص.

لبنان لا يقوم إلا بكل أبنائه الذين يشكلون بتعددهم وحدته المنسجمة، وبوحدتهم تعدده النادر الإيجابي، فالإلغاء منطق عقيم، يجب أن يلغى، والتفرد نهج ملتوٍ يفترض أن يُقَوَّم، والاستئثار مرض عضال علينا أن نستأصله بالمنطق العملي، والتوافق دستور سوي يجب ترسيخه وإلا فنحن في خطر سيصيب الجميع من دون استثناء أحد، ولكن يتحمل مسؤوليته التاريخية والأخلاقية من أسس له وعمل على تثبيته.

إنّ السلم الاهلي والعيش المشترك والانصهار الوطني قواعد ثابتة ومقدسة، وإن التلاعب بها خطر كبير يجر على البلاد والعباد من دون أدنى شك، ولكن يجب أن يترجم ذلك عملياً من خلال حكومة وحدة وطنية تجمع اللبنانيين ولا تفرّقهم وتؤمن المساواة بينهم وتُكرّس مبدأ العيش المشترك والكريم.

وإنّ المطالبة بهما دليل التزام بوحدة اللبنانيين، وليست انقلاباً كما يقول البعض، بل الانقلاب هو الاستئثار وإلغاء الآخر وخيانة المقاومة الباسلة التي رفعت راية لبنان خفاقة وحققت إنجازات باهرة قل نظيرها.

إنّ المحكمة اللبنانية ذات الطابع الدولي هي مطلب اللبنانيين كافة، وهناك إجماع عليها، ولكن لترسيخ العدل وتحقيق الحق، لا للابتزاز السياسي وغيره، فلا يجوز الاختلاف على الائتلاف ولا التلاعب بالمسلمات أو تحريف البيّنات.

فالحقيقة واضحة للجميع، ولكن من يجرؤ على قولها؟ وبقولها تنتهي الأزمة وتعود الأمور إلى نصابها.

إنّ العلاقات الجيدة مع سوريا هي لمصلحة البلدين من دون شك، فلا يجوز قصف المبادرات الهادفة إلى إرضاء بعض الأطراف الخارجية، وإن منطق إطلاق التهم جزافاً كلما وقع حادث هو منطق عقيم، وخصوصاً أنه يفتقر إلى الأدلة، وفي الوقت نفسه فإنه يلغي عمل القضاء، ويولّد الشحناء ويثير الحساسيات التي نحن بغنى عنها.

وفي الختام: لا بدّ لنا من توجيه تحية كبيرة إلى الجيش اللبناني الذي بذل جهودًا كبيرة وما زال في فرض الأمن ومنع الفوضى والحفاظ على السلم الأهلي.

عضو الهيئة الشرعية في المجلس الإسلامي العلوي
الشيخ حسين محمد المظلوم 1

  • 1هذا المقال نُشر في جريدة الأخبار اللبنانية بتاريخ الجمعة ١٥ كانون الأول 2006م.