معاناة علمائنا والصبر على البلاء.. وعن تهمّة التشيّع.. وعن العلاقة بين علماء العلويين وعلماء الشيعة.. خُطبتا صلاة الجُمُعة في 9 أيّار 2014م

أُضيف بتاريخ الخميس, 09/04/2015 - 14:45
(فيديو + مُلَخّص عن خطبتيّ صلاة الجمعة في 9 أيّار 2014م)

موضوع الخطبة الأولى:
الصبر على البلاء.. فساد المجتمعات في الحِرص والإستكبار والحسد.. 
- تتمّة الحديث عن بعض مُعاناة من نقتدي بهم ومنهم العلّامة الشيخ سُليمان الأحمد رحمة الله تعالى ورضوانه عليه.

موضوع الخطبة الثانية: 
- عن الذين يُحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.
- عن تهمّة التشيّع وعن العلاقة بين علماء العلويين وعلماء الشيعة. 1



  الخُطبة الأولى:

... قال الله تعالى في كتابه الكريم: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَ‌ٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ صدق الله العلي العظيم..

البلاء الذي يُصيبنا والأذى الذي نسمعه كما تعلمون بما أوضحته هذه الآية الكريمة ودلّت عليه ينبغي أن نتمثّله في سلوكنا وفي أحوالنا، وأن نعلم أننا سنُبتلى في أموالنا وفي أنفسنا، وأننا سنسمع من الأذى كثيرًا من الذين أشركوا ومن الذين أسلموا، ولكن ينبغي أن نصبر على هذا، وأن نتّقيَ، فإنّ ذلك عند الله عز وجل من أفضل الأمور ومن خير الأمور..

الأذى الذى نسمعه أيها الآخوة ناجمٌ عن ثلاثة أشياء لا رابع لها هي الحرص والإستكبار والحسد. قال الإمام الصادق : (أصول الكُفر ثلاثةٌ: الحرص والإستكبار والحسد).

الحرص: أن تطلب شيئاً ليس لك ثمّ تجتهد في تحصيله وأنّك تعلم أنك قد نُهيتَ عنه.

والإستكبار: أن تجعل شريعة الله عز وجل كما تشتهي نفسك وأن تعمل بهواك الذي تُحب وليس بما أمر الله عز وجل.

أعظم حديثِ يُستدل به على أنّ الرجل تُعرف طاعته بخضوعه، وليس بخروجه عن الطاعة، أو بابتداعه رأيًا أو باستحسانه رأيًا، فقد يكون الأمر الذي تراه شاقًّا عليك ولكنك مأمور به، الإستكبار أن تُنكِر الحق لجهلك به، أو أن تدفعه لأنّ في نفسك هوىً تريد أن تُظهره وأن تعمل به وأن تُكلف نفسك ما لم تُكلف من البحث في عِلل الأشياء التي أُمرت بفعلها.. هذا الإستكبار الذي امتنع به إبليس عن السجود بأمر الله..

لو كان الله يقبل من أحدٍ أن يخرج عن رأيه لما يستحسنه لكان تقبّل من إبليس عبادةً لم يعبدها مَلَكٌ مٌقرّبٌ ولا نبيٌّ مُرسل.. إنّما العبادة من حيث أراد الله وكما أراد الله وليس من حيث ما نشتهي أو نستحن أو نستحب، وهل يملك أحدنا من الحق أن يجعل في أوقات الصلاة زيادة أو في فرائضها زيادةً! ليس له هذا الحق. كذلك إذا أُمِر فالواجب عليه أن يعمل بما أُمِر، وليس له أن يعمل بما يشتهي وإن كان ما أُمر به شاقًّا عليه.. بهذا يتقبل الله عز وجل أعمال عباده من حيث يُريد وليس من حيث نريد نحن.

والثالث الحسد: الذي قال فيه الإمام الصادق : (وأمّا الحسد فابنا آدم حين قتل أحدهما صاحبه).
وهو أن تتمنّى زوال النعمة عن غيرك لا أن تسأل الله عز وجل أن يرزقك كما رزقه.
والحاسد حين يتمنى زوال النِعمة فإنّ غضبه لا يكون على فُلان من الناس وإنكاره يكون إنكارًا لقضاء الله عز وجل، الذي رزق فلانا أو وهبه أو جعل له جاهًا في الدنيا، فإنكارك إنما هو إنكار لأمر الله عز وجل، ولقضاء الله عز وجل، أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله.. ومن الحسد قد يصل الأمر كما ذكر الإمام الصادق أن يقتل الأخ أخاه..

نحن اليوم نعاني هذا الأمر معاناة شديدة، لا تؤثر فينا المواعظ، ولا ننتفع بما علمنا، على ما قال مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : (لا ننتفع بما علمنا ولا نسأل عمّا جهلنا ولا نتخوّف قارعةً حتى تحلّ بنا).

وينبغي لنا أيها الأخوة، أن نصبر على ما نسمع من الأذى، فإنّ الله عز وجل قال في كتابه الكريم: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا. وَصَفَهُ بالكثير! فينبغي أيها الأُخوة أن نصبر على ما نسمع، فإنّ من يُقتدى به قد سمع من الأذى أضعاف ما سمعنا، ومع ذلك لم يكن هذا الأمر مُثبطا له ولا دافعًا له عن الطريق الذي سلكه، ولا حاملاً له للإنصراف عمّا اختاره للسير في طريق الهداية وفي طريق ابتغاء مرضاة الله عز وجل...

كلنا يعلم أنّ الزمن الذي عاش فيه العلاّمة الشيخ سُليمان الأحمد رحمة الله تعالى ورضوانه عليه كان زمنًا قد فَشَت فيه الخُرافات، وكثر فيه التنجيم والشعوذة، وابتُعد عن الدين وعن أصول الدين، وكان الناس في هرج ومرج وخلط، فقال رحمة الله تعالى ورضوانه عليه مُنبِّهًا وداعيًا ومُحذِّرًا، وله في ذلك كلامٌ طويل، ولمّا صدر منه ما صدر من التنبيه، قيل فيه من الأذى ما قيل، يوم قال:

أين الإخاء وأين الحِلمُ والرَّشَدُ***ألا يُجيبُ سُؤالي منكُمُ أحدُ

أشار رحمة الله تعالى ورضوانه عليه إلى ما لحقه من الأذى لكثرة ما نَبّه على الخرافات وهو القائل:

رويدًا بعض هذه التُرّهات***فقد بلغُ الزُبى سيلُ الحُزاتِ
أكُلُّ خُرافةٍ كُتبت بسطرٍ***كآيات الكتاب المُحكمات
وما تروونَ عن زيدٍ وعَمرٍ***يُعَدُّ من النصوص القاطعات

يقول لك أحدهم أستحسن هذا، وسمعت فلاناً يستحسن هذا، وأرى فعل هذا هو الصواب! أين الدليل الذي اعتمدت عليه؟! أكلما سمعت شيئاً حدّثك به زيدٌ وعَمر أنزلته منزلة النصوص القاطعة وتركتَ ما أمِرتَ به حتى كأن كلام فلان وفلان هو آيةٌ محكمة من كتاب الله عز وجل.

ماذا أتيتُ من الفِعلِ القبيحِ وما*** هذا اللجاجُ وهذا الغيظُ والحَرَدُ
أَكُلّ ذاك لقولي كُل حادثةٍ تُعزى***​​​​​​​ إلى سببٍ حتمًا وتستندُ
إن يُثبِتِ العلم شيئاً لا أُكابِره*** والدين منهليَ الأحلى الذي أرِدُ

ومع هذا أيها الإخوة، قيل فيه ما قيل، ولكنه صبر على ما قيل فيه، لأن الله عز وجل أمره بالصبر، وأنّ هذا من عزم الأمور، ولأنّا إن لم نصبر فإننا لن نستطيع أن نُغيّر أو أن نُصحّح من أخطائنا شيئا:

فلا وربِّكَ ما عندي لهم ضَغَنٌ*** ولا وربِّك ما لهم عندي حسدُ
والله يعلم لا فخرٌ ولا أشرٌ***​​​​​​​ ولا رياءٌ ولا عُجبٌ بها وَجدوا
لكنها حسرةٌ في النفسِ كامنةٌ*** مالي على حَملِها صبرٌ ولا جَلَدُ

وقال:

نرى الغَيَّ الصُراح فنقتفيهِ *** وننبِذُ جانباً نَهجَ الرَّشادِ
وأقبحُ ما بنا حسدٌ زميمٌ***رمى سوق النَّبَاهةِ بالكَسَاد
إذا نَبَغَ الذكيُّ بنا سَعَيْنا***لجعلِ صلاحِهِ عَينَ الفَسادِ
ونَغْمِطُ فضلهُ حسداً وبَغياَ***ونسلُقُهُ بألسِنَةٍ حدادِ
فيا عجباً لنا وبنا ومِنّا***على هذا التخاذل والعِنادِ

بمثلِ هذا الرجل أيها الإخوة يُقتدى.

فليعلم كُلّ منا أنّ كل يومٍ يمضي أنه يوم ينقص من عمره، وأن كل جمعة نقف فيها على هذا المنبر إنما ذهبت من أعمارنا ولن تعود، فلنجتهد أن نجعل بين هذه الجُمَع ما يُرضي ربّنا. إنّ الحكيم لا يبكي على ما فاته من الدنيا، إنما يبكي على العمر الذي يُضيّعه في غير طاعة الله وفي غير منفعةٍ تُصيبُهُ.

 

قال رحمة الله تعالى عليه:

ظنّت سُعاد وقد رأتني باكيًا***حُزني على تفريق ما جمّعتُُهُ
لم أبكي شيئاً فات منها إنّما***أبكي على عُمْري الذي ضيّعته

اللهم صلّ على محمد وآل محمد ...


الخُطبة الثانية:

قال الله تعالى في كتابه الكريم: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. صدق الله العلي العظيم. 

الذين يُحبون أن تشيع الفاحشة بالذين آمنوا، عذابهم وإن لم يُصبهم عاجلاً فسوف يُصيبهم آجلاً، عذابٌ في الدنيا، وعذابٌ في الآخرة، الله يعلم، ونحن لا نعلم ماذا أُعدّ لهؤلاء..

الذين يتعقّبون عثرات الناس، والذين يطعنون على الناس، والذين يعملون لتشيع الفاحشة، هؤلاء قد أعدّ الله عز وجل لهم ما هو كفيلٌ بأن يُذيقهم ألم ما فعلوه، عقوبةً لما كالوه وما اقترفوه وما اختلقوه....

سمعنا ما قال الله عز وجل في كتابه، ولكن متى العمل أيها الإخوة!

سمعنا النهي عن الغيبة وعن النميمة: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا الحجرات 12، ولكني أرى كثيرًا من الناس يُحبّون هذا، مع ما فيه من الإنكار، بل لا يُحبّون إلاّ أن يأكلوا لحوم إخوانهم، ولو تصوّروا أنهم يأكلون من الجياد لأنهم لا يُبالون ما يُدخلون في بطونهم.

العمل أيها الإخوة..

نقول لقد سبقنا فلان ولقد تقدّمت أُممٌ وتأخرنا، أكان ذلك من ظُلم عند الله عز وجل! ليس من ظلم عند الله عز وجل. (وما الدنيا غرّتك ولكنك بها اغتررت) كما قال أمير المؤمنين . ولكننا نتظلم لنواسيَ أنفسنا..   قال العلامة الشيخ سليمان الأحمد رحمة الله ورضوانه عليه:

شَهِدتُ أنّي مَلومٌ لا براءَةَ لي***فعنّفيني خلاك الذنب أو لومي
نفسي ظلمتُ وما الدنيا بظالمةٍ***وكم تظلّم منها غيرُ مظلوم
تقدّموا وتأخرنا وراءهُمُ مسافةًً***فدعِ التفصيلَ والجُمَلَ
ظِلنا ننازعهم هذي الحياة فقد***نلنا بها القول لكن أحرزوا العمل

هذه البَلِيَّةُ أيها الإخوة أننا نقول ولكن متى نعمل! ألا نتخوّف قارعةً حتى تحُلّ بنا..

ما هذه الفاحشة التي يعمل بعضهم أن تشيع في الذين آمنوا؟!..

سبق وذكرنا غير مرّة ومن هذا المنبر، وأوردنا على ذلك ما يُبطل وما يدحض حُجّة المُدّعين، اليوم إذا أردنا أن نتّهم رجلاً، أو أردنا أن نُسيء إلى رجلٍ على ما نظن وليس على ما هو في الحقيقة، فأوّل ما نقول له أنت مُتشيّع!

هذه هي التُهمة التي يعُدّها بعضهم أشد من أن تكون منتميًا إلى تنظيم القاعدة، أو إلى الموساد في إسرائيل، أو إلى جبهة النُصرة..

هذا مُتشيّع! ما هذه الجريمة التي فعلها! ما هو تشعّيه هذا! إنّه يُحبّ أهل البيت! هذه هي الجريمة التي فعلها! إنه يحب أهل البيت!

يا عباد الله، إذا أردنا أن نتأمل في هذه الحال، لا بد من كل شيء من سبب ومن مُثيرٍ ومن مُستفيد.. نريد أن نعرف ما سببُ هذا، ومن أثاره، ومن يستفيد منه!

ما سبب هذا الضِجاج وهذا الضَجاج (المُشاغبة والصياح)! ما سببه لما ومن أثاره ومن يستفيد منه؟!

هل نحن ممّن يستفيد من هذا؟ هل نحن ممّن يستفيد من وقوع التفريق بين المُسلمين؟

من الذي أثار هذا الأمر، وما وجه فائدته منه! ثم في الذي أوردناه من كلام العلماء في هذا الجبل علماء العلويين/ وسبق أن أوردنا كيف كانت صِلتهُم بعلماء الشيعة ورجالها.

الذي أُريد أن أقوله للقوم نحن بين أمرين: إمّا أن نكون على مذهب أهل البيت  ، فالذي يحمل إلينا هذا المذهب هو أخٌ لنا، لماذا نخاف منه! وإما أن نكون على غير هذا، فهو يحمل إلينا شيئًا ينبغي أن نشكره عليه، لأنه يحمل إلينا ما فيه النجاة..

والذي يأبى هذين الإحتمالين نُحيله على ما ذكرناه غير مرّة لنعرف منه تفسير ما كان من صِلة بين علماء هذا الجبل وبين علماء جبل عامل أو العراق أو غيرهم..

ما معنى قول الشيخ عبد اللطيف ابراهيم رحمة الله عليه للسيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي: لا الشمس مُحتاجة مدحاً ولا قمر......  شاهد الفيديو

ما معنى قوله: عبد الحُسين... شاهد الفيديو

ما معنى قوله: مولاي خُذ بيدي في منهجٍ ...  شاهد الفيديو

ما معنى هذا؟! إنّه والله ليشهد اللفظ الذي فيه أنّه بريء من النِفاق، فهل نقول إنّ هذا باطلٌ أم حق؟ إذا قلنا إنّه حق، فينبغي علينا أن ندخل فيما خرجنا منه، وإن قلنا أنّه باطل فينبغي أن نخرج فيما دخلنا فيه..

لا يكوننّ أحدنا ذا لونين! هل ترى لهذا الرجل من الفضل والمكانة ما تراه، أنت بين أمرين لا ثالث لهما، إما أن تقول أنه صادق فتُكذّب نفسك، وإمّا أن تقول أنه كاذب فتُكذّب نفسك أيضا بادعائك الإقتداء به.

ماذا نقول في مراسلة العلامة الشيخ سليمان الأحمد رحمة الله تعالى عليه للشيخ محمد رضى الشبيبي وهو يقول له:

ليشهد أنّ حُبّك في فؤادي***عليّ الكون أجمعُ والكِيانُ
وسِرُّ عبادة الإخلاص منه***يضيق بشرح معناها البيان
ولي ثِقةٌ بأنّا لو التقينا***لَصَدَّقَ صحّة الخَبَر العِيانُ

كان قد كتبها إليه رحمه الله في مجلّة العِرفان، وبماذا أجابه الشيخ لو تعلمون، هي لا تتجاوز ثمانية أسطر، كان ممّا أجابه الشيخ محمد رضا الشبيبي رحمة الله عليه أن قال له وتأمّلوا هذه الجُمَل: (إذا كُنت قد اتخذتُ منزلةً في قلبك، فالآن علمتُ أنّ في عملي شيئًا من الصِدقِ والإخلاص.)

لأن العلامة مدحه رحمه الله، فاستدل من تواضعه رحمهما الله جميعًا أنّ في عمله شيئًا من الصدق والإخلاص، ويعلم كل قارئ ما معنى أن تجعل عملك رهنًا بتكريم فلان، حتى تستدل على أنّك صادقٌ فيه.. لأن مثل ذلك القلب الطاهر لا يتّسع إلا للصدق والإخلاص والشِيَم الكريمة: (وما أنا يا مولاي، إلا كطالب المُحال، إن أردت أن أصوّر كيف أنّ كلمتك تجبر وهن الأديب، وتعالج داءً لا يُعالجه الطبيب، فالسكوت أجدر بي، أبقاك الله وأدام نعمتك والسلام.)

ما هذا الولاء أيها الإخوة ما هذا الولاء الذي كان بين هؤلاء العلماء ما هذا الولاء؟

والله لن تقبل أن يُضيّعه جاهلٌ لا يعرف معنى ما يقرأ ولا يفقه ممّا يقرأ شيئًا.

في رسالة من الشيخ محمد الحُسين آل كاشف الغطاء رحمة الله تعالى ورضوانه عليه وهو مؤلف كتب كثيرة كان منها كتاب (الدين والإسلام)، كتاب لم يكن بيت من بيوت العلويين في ذلك الزمن إلا وفيه نُسخة من هذا الكتاب، وقد شاهدته في بيوت كثيرين من كبار عائلات هذه الطائفة، لما فيه من فائدة ومن عِلمٍ ومن أدب. يقول رحمه الله الشيخ كاشف الغطاء يخاطب العلامة الشيخ سليمان الأحمد رحمه الله والشيخ إبراهيم عبد اللطيف رحمة الله عليهما يُخاطبهم في رسالة منها:

يا هُداة الأنام أنتم نجومٌ***بزغت يهتدي بهنّ الأنام
فسليمان كعبةٌ ولابراهيم***حجر مقدّس ومُقامُ
يا حياة الإسلام دامت عليكم***من بنيه تحيةٌ وسلامُ

ماذا قال بعدها: (أخي في الله وصِنْوي في وَلاية مظاهر الله.)

فتأملوا يا عباد الله هذا الذي ينبغي أن يُقرأ، وهذا الذي ينبغي أن يُسمع، وهذا الذي ينبغي أن يُعمل ليُحفظ، لا قال فلان، وروى فلان، ونحن نعلم أنه لا يعلم ممّا قال شيئًا:

أحقاً فِقتَ هذا الخلقَ علماَ***كما بشهادة الجَمِّ الغفيرِ
لقد غُرَّ الورى فعُدِدْتَ منهم***ولا في العيرِ أنت ولا النفير

ينبغي أن نعلم هذا أيها الإخوة، وأن لا نغترّ بما نراه من قيل وقال، فإنّا نُعظّم كما تعلمون بغير بيّنة ونكره بغير بيّنة..

نسأل الله لنا ولكم حُسن العاقبة اللهم صلّ على محمد وآل محمد...

  • 1 ننصح القارئ الكريم بالرجوع إلى الخطبة السابقة في 2 أيار 2014م فهي مرتبطة بهذه ودمتم بخير (أبو اسكندر)