فليستقم لسان من يَفِد على الله ويتّجه إليه، وليتعطّر بالاستغفار لئلا تفضحه روائح الذنوب. عيد الأضحى في 1 أيلول 2017م

أُضيف بتاريخ الجمعة, 30/06/2023 - 13:39

 


فليستقيم لسان من يفد على الله ويتّجه إليه،
وليتعطر بالاستغفار لئلا تفضحهُ روائحُ الذنوب.

الخطبة الأولى من صلاة عيد الأضحى في 1 أيلول 2017م
فضيلة الشيخ تمّام أحمد حفظه الله
مسجد الإمام جعفر الصادق (ع) \ قرية عين حفاض \ صافيتا
قال الله تعالى في كتابه الكريم: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ۚ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ ﴿البقرة 197﴾ 

إذا أراد أحدنا أن يَحُجَّ إلى البيت الذي أمر الله سبحانه وتعالى به، فقال عّزَّ من قائلٍ: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ ﴿آل عمران 97

من استطاع أن يحُجَّ البيت الذي أمر الله سبحانه وتعالى عباده بقصدِه، فعليه حين يُحرم أن يجتنب الرّفثَ والفسوق والجدال، أن يجتنب كُلَّ كلمةٍ قبيحة، أن يُصرِّحَ بها، أو أن يُجْرِيَها على لِسانه، وإن استطاع أن يتجنّب الاستماع إليها أو أن تَمُرَّ بِسَمعِهِ، كان ذلكَ أحَبَّ إلى الله تعالى، وأَجَلَّ عندَهُ، وأَكْرَمَ عَملًا، وأعظَمَ حسنةً وأجَلَّ منزلةً. فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ.

الذي يُريد أن يحُجَّ البيت الذي أمر الله سبحانه وتعالى به، فعليه أن يُقَوِّمَ لِسانه. إن استقام لسانُهُ، فذلك أوّلُ ما أوجَبَ اللهُ سبحانه وتعالى عليه، أن يستقيم لسانه. فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ.

إذا كان في شوّال وفي شهر ذي القِعدة وفي الأيام التي يكون فيها الحج والتلبية من شهر ذي الحِجَّة، هذه أيامٌ أمر الله سبحانه وتعالى فيها من أَحْرَمَ قاصدًا أن يحُجَّ البيت الذي جعله الله سبحانه وتعالى قِبلةً للأنام، أمره سبحانه وتعالى، أن يقتصِرَ إذا نَطَقَ، على كلمةٍ طيّبة. فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ.

هذا لتعظيم الحَجّ الذي تكون فيه قاصدًا بيتًا أمر الله سبحانه وتعالى وأوجَبَ عليك قَصدَه، وأنت في كُلِّ صلاةٍ إذا صَلَّيْتَ أو أتيتَ الجُمُعَةَ التي جعلها الله سبحانه وتعالى حَجَّ المساكين والفقراء، فأنتَ في كُلُّ جُمُعَةٍ، وأنت في كُلِّ وقتٍ تتوجّهُ به إلى القِبلَةِ التي أمر اللهُ سبحانه وتعالى رسوله أن يتَّجِهَ إليها.

إذا حَضَرتَ الصلاةَ على ميِّت فأنتَ تتَّجِهُ إلى القِبلةِ التي أمر الله سبحانه وتعالى أن تتوجَّهَ إليها.

إذا أردتَ أن تجلس خير مجلسٍ فإنَّ أفضلَ المجالِسِ ما استٌقبِلَ به القِبلَة.

وإذا كان لديك ميِّتٌ فإنَّكَ تُوَجِّهُهُ إلى القِبلة. إذا كان لديك من يُحتَضَر فأنتَ تُوَجِّهُهُ إلى القِبلة لِيُقبِلَ الله عز وجل برحمته عليه.

فإذا كُنتَ في كُلِّ وقت من هذه الأوقات تستعين إذا أردتَ قضاء الحاجة بأن تُوَلِّيَ وجهَك القِبلةَ التي أمر الله سبحانه وتعالى أن تتّجِهَ إليها، فانظر كيف تكون وأنت تتّجِهُ إلى الله عز وجل!

إنَّ أحَدَنا ليختارُ أفضَلَ ثوبٍ وإنّهُ لَيَتَطَيَّبُ بأفضَلَ ما يملكُ من الطيب، يختار أجمل وأطيب وأحَبَّ شيءٍ يريدُ أن ينظُرَ الناس إليه وهو يرتديه ويَلبَسُه، إذا ارادَ أن يَصِلَ مخلوقًا في الدنيا، وإذا أرادَ أن يتَّجِهَ مُسافرًا إلى مكانٍ له حُرمَتُهُ أو له شأنُهُ في هذه الدنيا، استعدَّ وأعَدَّ وارتدى وتطيَّبَ ولبس أجمل ما يمتلك من الثياب إذا أراد الوفود على ذي جاهٍ في هذه الدنيا، فكيف تكون حالهُ إذا أراد أن يَفِدَ على اللهِ عزّ وجَلّ!

إذا ارادَ أن يتَّجِهَ إلى بيتٍ أمرَ الله سبحانه وتعالى الناس أن تتجه إليه، إذا دخل المسجد أو إذا توجَّهَ إلى القِبلة فليَنظُر كيف يكون، فإنَّهُ مُتَّجِهٌ إلى الله عز وجل.

إذا كان في هذه الدنيا يحفَظُ طعامهُ أن يَنْتِنَ فيحتفِظُ به في ثلاجةٍ أو يجعلهُ في مكانٍ يأمنُ فيه عليه الفساد، فلينظُر كيف تكون ريحُهُ من الكلمةِ التي تخرُجُ من فَمِه، إنَّهُ كما يحفظُ طعامه أن يَنتِنَ، وكما يحفظه لئلا يكون أكلُهُ ضارًّا فعليه أن ينظُرَ في قلبِهِ، ما الذي يجعلُهُ فاسدًا لِيُطَهِّرَه ولِيُبَرِّرَه، ولِيَجعلَهُ أهلًا لأن يَفِدَ على من أمره بالصلاة وأمره بالزكاة وأمره بالحج وشرح صدره بكتابه وجعل له بصرًا وجعل له سمعًا وجعل له قلبًا، وأكرمه إذا خلقه، وأكرمه حين عَلَّمَه، فليَنظُر كيف يكون الوفود على ربّه.

وكما يتعطَّرُ في كُل يوم يريد أن يخرُجَ به ليلقى أحدًا من الناس فليتعطر بالاستغفار لئلا تفضحهُ روائحُ الذنوب.

نسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولكم حُسنَ العاقبة. 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّدٍ صلاةً تقبل بها صلاتنا، وتُجيب بها دُعاءنا وتغفر بها ذَنبنا، وتمحو بها سيّئاتنا، وتُغني بها فقرنا، وتجبُر بها كسْرنا، إنّك على كُلّ شيء قدير.

عباد الله، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ﴿النحل 90

اللهم اجعلنا ممّن ذكّرته فتذكّر، وزجرته فانزجر، وأسمعته فسمع وبصّرته فأبصر.

أقول قوليَ هذا وأستغفر الله لي ولكم.