جواب السؤال السابع (الحجاب - المساجد - التقميص - الإسلامية التقليدية..)

أُضيف بتاريخ السبت, 06/11/2010 - 13:44
السؤال السابع:

ثلاثة أشياء لاحظتها شخصيًا عند العلويين تتنافى مع الإسلامية التقليدية:

1. الحجاب: صحيح أنّ بعض المسلمات غير العلويات خلعن الحجاب لكن الغالبية بما في ذلك الشابات ما تزال تحافظ عليه كأصل في العقيدة. لكن العلويات المسلمات الشابات تحديدًا تَخَلَّيْنَ في المدن والقرى عن الحجاب دون أن يُنقص ذلك من الشعور الإيماني .

2. المساجد: في كثير من القرى العلوية التي زرتها لم أجد مساجد رغم أن بعضها (القرى) كبير الحجم وتعداد السكان. من تلك القرى : المخرم الفوقاني – الناعم - جب الجراح – الغسانية – لفتايا – شطحا - دوير رسلان – بستان ديب – يمنة - بعمرة.

3. التقميص: وهو عقيدة علوية معروفة تمامًا وقد حدثني بها حتى بعض المثقفين العلويين والتقميص غير موجود في الإسلامية التقليدية.

كيف تفسّر وجود هكذا ظواهر في المذهب العلوي؟ وما هو التعليل الديني التاريخي لها؟


مُلَخَّصُهُوكأنك لم تثق بكل ما جاء في الأخبار وحوت الموسوعات من البراهين على عدم إسلامهم فرحت تدعمها بمشاهداتك الشخصية وملاحظاتك الذاتية لتستنبط براهين ثلاثة جديدة تستدرك بها على كل من سبقك وتكمل كل ما فات وهي:
ا. عدم التقيد بالحجاب. 2. فقدان الجوامع. 3. القول بالتقميص.


جواب السؤال السابع

وكذلك لم تطمئن إلى كفاية كل ما قدّمت لنفي العلويين من الإسلام فتبرز سافرًا للميدان لتكمل ما فات كل من قبلك فتقول: (ثلاثة لاحظتها شخصيًا عند العلويين تتنافى مع الإسلامية التقليدية):

1. عدم تقيّدهم بالحجاب

ولكن هل هم وحدهم الذين لا يتقيّدون به حتى تستنتج من ذلك حُجّة كافية دامغة؟

وهل كل من تحَجّبت أو تتحَجّب من النساء مسلمة؟

فإلى وقتٍ قريبٍ لعلّه حتى الآن لا تزال في بعض المناطق نساءٌ مسيحياتٌ يتحجّبن فهل أصبحن لذلك مُسلمات؟

ولا نُطيل فنسألك، هل أنت مِمَّن يحسبون الحجاب رُكنًا سادسًا أغفلَ عَدّه المُسلمون، فجِئتَ تُضيفه لهم حتى يَتُمّ إسلامهم!

وألم تبلغ كل المسامع الضجة الكبرى التي قامت حول السُفور والحجاب، وكيف إنّ فئةً كثيرةً من المسلمين أزالت عنه القُدسية إلى مرتبة زَي مِنْ أزيَاء المُجتمع اقتضتهُ ظروف خاصّة، وتُطَوّرُه ظروفٌ أخرى، وما كان ولم يكن بالشكل الذي هو عليه من مُستلزمات الإسلام، اللهم إلا إنْ اقتصر على لِباس الحشمة الذي تتطلّبه كل الأديان، ولا أظن أنه يَخطر ببال امرأة غربية الحضور (وفي كنيسة الفاتيكان) بلباس (الميفي) المَعروف، ها إنّ كل راهبات الدنيا يلتزمنَ باللباس المُحتشم دون أن يُسْلِمْنَ، لذلك مع الملاحظة بأنّ الزيّ المُمَيّز للعلويين والمُسمّى بلغة العصر (الفلكلوري) تتحقق فيه الحِشمة على أتمّ وَجه.

2. إفتقاد الجوامع في قراهم

ولإثبات ذلك وإثبات دقّتك العِلمية تُشمّر عن ساقيك، وتَجوب سعيًا على قدميك، قُرى تعَدّدُ أسماءَها لم تجد بها جامعًا!.

وقبل أيّ جواب، هل تسمح بسؤالك، عن السّر في أنّ قدميك لم تحملاك إلا إلى قُرى ليس فيها جوامع؟!

وما عساه يبقى من حجتك هذه لو أنّا قُدناك إلى عَشر قُرى بدلاً من كل قرية تعُدُّها، وأريناك الجامع والإثنين وأكثر.!

وإنّ التعليل الحق إنّهم مَرّوا بفترة عُزلة تامّة وجَهل مُطبق وفَقر مُدقع، فسَبَّبَ هذا النقص والعيب اللذين نعترف بهما، ولكنهم ما إن خرجوا من العُزلة إلى التواصل، ومن الفقر إلى شيءٍ من الكفاف، حتى رأينا مشائخهم وأولي السِعَةِ منهم، يتسابقون لبناءِ الجوامع، ورُغم كل العقبات وقبض يد المعونة عنهم.

3. التقميص

وثالث براهينك على عدم إسلامهم ما لمست عندهم من قول بالتقميص!

وإنّ أول ما ندفع به ذلك هو أنّ القولَ بالتقمّيص أو عَدَمه، لا يُمكن أن يُتّخذ مِقياسًا لصحّة الإسلام، لمخالفته (الإسلامية التقليدية) كما تقول.

وسامح الله فقهاءَ، ومُتكلمي كلّ الأديان، فكم بَدَرَ منهم من مُسارعاتٍ ضَيّقت آفاق دينهم، بما أطلقوا من أحكام، وقننوا من أشكال للإيمان، بحسب ما يُدركون ويَتصوّرون، ممّا خلق الكثير من الأزمات والإحراجات بين العلم والإيمان، وكان الخاسر فيها الإثنين.

العلم بما وضع أمامه من عراقيل، والإيمان بما تخلخل وترجرج منه في الصدور.

وفي الحرب الطاحنة التي بقيت عقودًا من الزمن بين الكنيسة والعلم، حول القول بدوران الأرض أشهر شاهد وواعظ، ورحم الله أبو نواس بما حذّر ونبّه:

لا تحظر العفو إن كنت امرءًا فطنًا
فـإنّ حظــرك فـي الديـــــن إزراءُ
 

الإسلامية التقليديّة

وقبل الإسترسال في الجواب لنتفق أولا على معنى الكلمات، فما الذي تقصده بــ (الإسلامية التقليدية)؟

أفيكون ثمّة إسلام غير تقليدي فيصير إسلامَيْن؟! وذلك ما لا يقرّه أي ديّان حق ولأيّ دين انتمى، إذ لا يُمكن أن يكون الدين بالنسبة له إلا واحدًا - حقًّا وجِد واقعيًّا من قسّمه هذه القِسمة، جَريًا وراء أهواء ومَصالح جرّت الاختلاف والاحْتِراب بين مُختلف الديانات، وحتى بين فِرق الدين الواحد، تحقيقًا للفتنة، والتجربة التي يحذر المسلم قرآنه.
بسم الله الرحمن الرحيم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ 2 العنكبوت.

والتجربة التي يستقيل منها المسيحي في صلاته (ولا تدخلنا في التجربة) لم يعصم من ذلك إلا رسله المُصطفَوْن، وصفوةٌ قلائلٌ مَشوا على قدمهم، تُعرَفُ منازلهم بقدر ما يَشعّ منهم من تسامح ومَرحَمة وحُب في الله يحتضن الإنسانية بأسرها بل والوجود كُلّه، وإنك لتُفاجأ وأنتَ تُنَقّبُ في آثار هذه المَنارات التي أضاءت للإنسانية دربَها الطويل المُظلم، أنها كلها تنتهي إلى نبذِ التعصّب والدَعوَة إلى التسامح والتراحُم والمَحبّة وكأنها من مَعينٍ واحدٍ منشدة:

جلا نورك الدنيا لعيني وسيمـة
فلم يبـق حتى في الهموم رميـم

فحُقَّ لنا أن نستخلص بأن ذلك جوهرُ وفحوى كل دين.

ولكي يُمكن الإرتفاع بكل الناس إلى مستوى هذا الجوهر ويستطيعوا إدراك فحواه وُجدت (السلوكات)، التي عَرَّفت عن كل دين وطقوسه التي تنوّعَت واختلفت صُوَرُها تبعًا لاختلافِ المَدارك ومستوى التطوّر، وقد قادنا إغفالنا لعامل التطور هذا إلى تصوّرات مُتسرّعة، فأحكامٌ خاطئةٌ ولّدت فينا الهُزء والإستخفاف بطقوس الديانات.

بل ما نحن إلا مُتجنّون لجَهلنا، ما يُقصد بها من مَعانٍ ساميةٍ، وحتى الآن مثلاً فإنّ فيما نمارسهُ من ركوعٍ وسجودٍ وتعفيرٍ للجبين والتقيّد بمواعيد مُحدّدة للصلاة لن نجد له قيمة أو يظهر لنا معناها إلا إذا اقترن الجبين بذهننا بأقصى ما نملكُ أن نُعبّر عن الخضوع والذِلّة للخالق العظيم، وإلا إذا فهمنا تحديدَ مواعيد الصلاة على أنّه مواقيتٌ يَضربُها لنا سبحانه لنَمْثُلَ بين يديه فيَصدُق عليها تعريفها أنّها صِلة بين العبد وربه.

ولعل في الكثير مما يُروى عن فضل آدائها في أول وقتها والحَض على ذلك ما يُراد به تمكين هذا المعنى في النفوس.

ألا ترى كيف نخف بل ونسبق موعدًا ضَرَبَهُ لنا عظيمٌ من هذه الدنيا، فكيف بنا إذا كان هذا العظيمُ رَبُّ العِزّة.

وقد حَدَثَ لكل الأديان نظرًا لتفاوت المَدارك واختلافها، إن ضاع وفُقِدَ هذا الربط بين الشكل والمعنى، وبين العرض والجوهر، خير ما يشهد لهذا التحذير الوارد عن النبي :

(رب امرئ ليس له من صلاته إلا التعب، وصائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش).

ولكن هذا الربط لم يُفْقَدْ عندَ الكُل، فتولّى تأمينَ استمراريّته أناسٌ مُهَيّئون نفسيًا وفِكريًا، وهكذا وُجِدَ في كلّ العصور وفي كل الأديان نوعان من التعبير لم يَشُذْ عن ذلك ولا واحد منها، منذ ما نُسَمّيه بالأديان الوثنية القديمة (بأسرارها)، واليهودية (بقبالتها)، والمسيحية (بغنوصها)، والإسلامية (بباطنيته).

وهكذا نجد في كل دين شَكلين خاص وعام، وسُميَ العام (بالتقليدي)، لأنّ من طبعِهِ أن يشتمل على العدد الأكبر لسهولة تمثل الشكل الحِسّي، ولا يَعني ذلك قَطعًا إنّهما صارا اثنين وغَيْرَيْن!.

وأكبرُ دليلٍ تَمَسُّك كل أعلام الباطنية ومؤسّسيها وأعاظم الحُكماء الربّانيين والمُتصوّفين الحقيقيين بحذافيرها وما نصته شرائعُ أديانهم، وقد حَفظت لنا بسيرته كبرهان على ذلك هذا الحوار بينه وبين السيدة عائشة، وقد أشفقت عليه مِمّا رَأتْ من توَرّم قدمَيه وهو قائمٌ يتهجّد، فاستعظمَتْ مِنهُ كل هذا الإرهاق سِيمَا وإنّه سبحانه قد مَنحه غُفرانَ ذنوبِهِ ما تقدّم منها وما تأخّر. وما أروع ما اختتم به هذا الحوار حين أجابها: (أفلا أكون عبداً شكورًا).

فعلمنا أنّ ما مَرتبة في العِبادة أعلى من مَرتبة أداء الواجب، هي الشكر على ما أنعم، أو (عبادة الرغب لا الرهب)  كما يُسمّيها الإمام علي .

وبديهي أنّ ذلك التقسيم لم يُلغِ وحدتهما، ولكن عامل التفاوت يبقى فاعلاً، ما سبّب تنوّعًا في كل منها، بدليل تعدّدِ المَقالات والآراء والمذاهِبِ في كليْهما، مِمّا أفضى في كثيرٍ من الأحيان إلى الإحترابِ الدامي.

على أنّ الدارسين قد لاحظوا أنّ الوحدة والتماثل أقوى وأظهر في الباطنية مِمّا في أختها، مُدلّلين على ذلك بشدّة التشابه، لدرجة التوحّد أحيانًا في المشاهدات والأحاسيس والتعبير عند متصوفة كل العصور، ومن حيث ما كانوا وأيًّا كانوا، ولنقفل هذه المُعترضة التي تحتمل الكثير مما لا داعي لنا به. لنخلص إلى القول:

بأنّه قد شاع في الأذهان تَصَوّرٌ عن البَعث وكيفيّته، واستعصَت مُطابقتها مع صورة ما في الذهن عن التقمّص، فرَفَضَهُ لاهوتيّون واعتبروا القول فيه خروجًا على الدين، على إنّ هذه المنافاة بينه وبين الدين لم يصادق عليها الكل، بل قامت على ذلك اعتراضات، وثار جَدل ونِقاش، واستشهد على صِحّة رأيِهِ بآياتٍ قرآنيةٍ عُورضَت بأخرى. وذلك قبل زمن مؤسس طريقتهم بقرون، فلا يذهَبَنّ الظن إلى أنّ العلويين هم البَادئون، ولا وَحدهم القائلون بهذا القول، وقد بقيَ كلٌّ عند رأيه ولا يزال الفَصْلُ مُعلقًا.

وقد جَرّ ذلك فتحَ أبواب نقاشاتٍ عديدةٍ جَرَت في ميادينَ مُختلفة أهَمُّها ما دار حَول تحديدِ المسؤولية أهي في الروح أم الجوارح؟

وقد وُجِدَ مَن حَصروا المسؤولية بالروح مَخرجًا لتكوين تصوّر عن البعث (الذي يُقِرّ به الكُلّ)، وليس فيه تناقض مع تنقّل الروح، ولو تتفتت درّاتُ الجِسم المَيّت وتتحَلّل وتنتقل إلى النباتات فالحيوانات فالبشر، لوقع من يُشرك الجوارح فيُنكر التقميص بحرجٍ، أما سُئِل عن مصير ذرّة انتقلت من جسمِ كافرٍ إلى جسمِ مؤمنٍ أو بالعكس.

حَرَجٌ سيلجأون للخروج منه بالإحالةِ على قدرة الله التي يُقِرّ كلُّ مُؤمنٍ بأنّه لا يُعجزها شيء، ومع ذلك سيبقَوْن في الحَرَج لِمَ قضى بهِ سبحانه من أنْ لا يجزي قدرته إلا بالأسباب (وجعلنا لكل شيء سببا).

لسنا بمقام الفصل بين القولين أو الحُكم لأحَدِهِما على الآخر، إنّما فقط لإثباتِ أنّ تصوّر مُنكري التقمّص الذين سَيَبْنُون عليه إنكارَهم، ليس بأقرب للعقل والتصديق من تصوّر القائلين به وبالتالي، فلا علاقة للقول فيه أو نفيه بصحة الإسلام أو عدمها، وإنّ صِحَّة الإسلام هي في ما وراء ذلك وفوقه بكثير.

وبأيّ الأحوال إنّ القول بالتقميص غير خاص بالعلويين، بل يقول فيه أكثر من نصف العالم، ويَكسب كل يوم أنصارًا. وحتى في أميركا وأوروبا فإنا نرى ورغم أنّ المسيحية التقليدية ترفُضُه بنفسِ القوّة التي يَرفُضُه بها الإسلام التقليدي، كما تُحِبُ أنْ تُسَمّي، بأنّ الكثير من العُلماء والباحثين يقولون به، وتتألف الجمعيات وتُعقد المحافل وتجمع المشاهدات المُوَثقة للتدليل والبَرهنة عليه.

ومن يدري فقد يأتي الزمن الذي يُلغي فيه الإسلام التقليدي تكفير من يقول بالتقميص، كما أتى على المسيحية فألغت تكفير من يقول بدوران الأرض، وقد لا يكون بعيدًا الزمن الذي يَقبَله فيه كما قبلت المسيحية ذاك، وهكذا تستريح وتُريح العلويين أنت من كثرة تَعداد البراهين على عَدم إسلامهم، - وهم بسقوطِ هذا البُرهان، ولنلاحظ لك بأنّ جميع أسئِلتك تطرَحُها من مُنطلق فِئَوي، وبمنطق تزمّت مَذهبي، ويا ليتك تعلَمُ لو أنّ المسيحية والإسلام عُومِلا بمقتضى هذا الفهم، كم من مَفاخرهما وبَناتهما الحقيقيين سيُلقَوْنَ خارجهما- بل إنهم خرجوا واضطُهدوا، ولكن تطوّر الزمن وتقدّم المدارك انتصر لهم، وأعاد لهم ألَقَهُم ومَقامَهم.

ولكن ما لنا نُعلمك ما تعلم، وأنك لتعرفُ جيدًا ما هو الأجْدى لغَرَضِكَ،  فنسجل لك إنك أحْطتَ بكلّ مُحتملات التشكيك بإسلام العلويين من وجهَة النَّظر هذه، ولكن لتغفر لنا إنْ لم نرَ فيه إلا جُهدًا ضائعًا ما كان أغناك عنه إذ لم يُخفِ العلويين يومًا من الأيام إنهم لا يَرون لـ عليّ في المسلمين نِدًّا، ولا لغَمْطِ حَقّه عُذرًا، ولم يُغَمْغِمُوا بشجبهم وسَخطهم على ما جرى في كربلاء، لا يَستزيدون بعدها بعجيبةٍ من العجائبِ، كما يقول أبو العلاء:

أرى الأيـام تفعـلُ كل نكيـر
فمـا أنا بالعجـائب مستزيد
أليس قريشكم قتلت حسينا
وصـار على خلافتكم يزيـدُ

ولا برفضهم لشرعيّة ما قام في الإسلام بعده. ولكن لا يُحَمِّلونَ الإسلامَ شيئًا منه، ولا يَرون في كل ما جرى عليهم من ظلمٍ وحروبٍ وفتنٍ دخلاً للعقيدة ،فظلوا جُندَه الأوفياءَ، لم يتخلفوا عن نَصرٍ له أو جهادٍ في سبيلهِ منذ أوّل الأمر..

فنرى المقداد، هذا العلوي الأمثل، ومن كان من ألصق الناس بالإمام، يُبادر تلبية أوامر الخليفة الثاني، فكان رابع أربعة مِمَّن كان يَعدّ كل واحد منهم بألف، أنجدَ بهم عمر بن العاص في مِصر، وهكذا استمرّوا في كل المَواقف التي لا مَضارّة فيها للإيمان والوجدان، جُنودًا أبطالاً وقادَة مُجرّبين في سَرايا الفتح أو حَمَلات الدّفاع عن الإسلام، مُستمدين سلوكيَتهم من روحانية مَطلب الإمام الحُسين من مُناجزيه في كربلاء (ويا ليته أُجِيبَ إذاً لجَنْبِ الإسلام أكبرَ مَعَرّة لحِقَت في تاريخه) وهو أن يُعفى من البَيعة ويَلحق بأحَدْ الثغور مُرابطًا يَحميها بقيّة حياته...

ولنغلق باب هذا الحديث، فهو ذو شجون، وليس غرضنا إثارة كوامن أناس وتزكية آخرين، بل جُل ما ينبغي أن نوفّق لدفع أذى ما تثيره بأسئلتك..

ولننتقل لسؤالك الثامن ...