الدعاء عند الصباح والمساء.. عن الإمام علي زين العابدين (ع)

أُضيف بتاريخ الخميس, 26/09/2013 - 11:43
 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ بِقُوَّتِهِ، وَمَيَّزَ بَيْنَهُمَا بِقُدْرَتِهِ، وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدًّا مَحْدُودًا، وَأَمَدًا مَمْدُودًا، يُولِجُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ، وَيُولِجُ صَاحِبَهُ فِيهِ بِتَقْدِيرٍ مِنْهُ لِلْعِبَادِ فِيمَا يَغْذُوهُمْ بِهِ، وَيُنْشِئُهُمْ عَلَيْهِ.

  • فَخَلَقَ لَهُمُ اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ مِنْ حَرَكَاتِ التَّعَبِ وَنَهَضَاتِ النَّصَبِ، وَجَعَلَهُ لِبَاسًا لِيَلْبَسُوا مِنْ رَاحَتِهِ وَمَنَامِهِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ لَهُمْ جَمَامًا وَ قُوَّةً، وَلِيَنَالُوا بِهِ لَذَّةً وَشَهْوَةً.
  • وَخَلَقَ لَهُمُ النَّهَارَ مُبْصِرًا لِيَبْتَغُوا فِيهِ مِنْ فَضْلِهِ، وَلِيَتَسَبَّبُوا إِلَى رِزْقِهِ، وَيَسْرَحُوا فِي أَرْضِهِ، طَلَبًا لِمَا فِيهِ نَيْلُ الْعَاجِلِ مِنْ دُنْيَاهُمْ، وَدَرَكُ الْآجِلِ فِي أُخْرَاهُمْ.

بِكُلِّ ذَلِكَ يُصْلِحُ شَأْنَهُمْ، وَيَبْلُو أَخْبَارَهُمْ، وَيَنْظُرُ كَيْفَ هُمْ فِي أَوْقَاتِ طَاعَتِهِ، وَمَنَازِلِ فُرُوضِهِ، وَمَوَاقِعِ أَحْكَامِهِ، لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا، وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى.

اللَّهُمَّ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا فَلَقْتَ لَنَا مِنَ الْإِصْبَاحِ، وَمَتَّعْتَنَا بِهِ مِنْ ضَوْءِ النَّهَارِ، وَبَصَّرْتَنَا مِنْ مَطَالِبِ الْأَقْوَاتِ، وَوَقَيْتَنَا فِيهِ مِنْ طَوَارِقِ الْآفَاتِ.

أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَتِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا بِجُمْلَتِهَا لَكَ سَمَاؤُهَا وَأَرْضُهَا، وَمَا بَثَثْتَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، سَاكِنُهُ وَمُتَحَرِّكُهُ، وَمُقِيمُهُ وَشَاخِصُهُ، وَمَا عَلَا فِي الْهَوَاءِ، وَمَا كَنَّ تَحْتَ الثَّرَى.

أَصْبَحْنَا فِي قَبْضَتِكَ يَحْوِينَا مُلْكُكَ وَسُلْطَانُكَ، وَتَضُمُّنَا مَشِيَّتُكَ، وَنَتَصَرَّفُ عَنْ أَمْرِكَ، وَنَتَقَلَّبُ فِي تَدْبِيرِكَ.

لَيْسَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ إِلَّا مَا قَضَيْتَ، وَلَا مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا مَا أَعْطَيْتَ.

وَهَذَا يَوْمٌ حَادِثٌ جَدِيدٌ، وَهُوَ عَلَيْنَا شَاهِدٌ عَتِيدٌ، إِنْ أَحْسَنَّا وَدَّعَنَا بِحَمْدٍ، وَإِنْ أَسَأْنَا فَارَقَنَا بِذَمٍّ.

اللَّهُمَّ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَارْزُقْنَا حُسْنَ مُصَاحَبَتِهِ، وَاعْصِمْنَا مِنْ سُوءِ مُفَارَقَتِهِ بِارْتِكَابِ جَرِيرَةٍ، أَوِ اقْتِرَافِ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ، وَأَجْزِلْ لَنَا فِيهِ مِنَ الْحَسَنَاتِ، وَأَخْلِنَا فِيهِ مِنَ السَّيِّئَاتِ، وَامْلَأْ لَنَا مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ حَمْدًا وَ شُكْرًا وَ أَجْرًا وَ ذُخْرًا وَ فَضْلًا وَ إِحْسَانًا.

اللَّهُمَّ، يَسِّرْ عَلَى الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ مَئُونَتَنَا، وَامْلَأْ لَنَا مِنْ حَسَنَاتِنَا صَحَائِفَنَا، وَلَا تُخْزِنَا عِنْدَهُمْ بِسُوءِ أَعْمَالِنَا.

اللَّهُمَّ، اجْعَلْ لَنَا فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِهِ حَظًّا مِنْ عِبَادِكَ، وَنَصِيبًا مِنْ شُكْرِكَ وَشَاهِدَ صِدْقٍ مِنْ مَلَائِكَتِكَ.

اللَّهُمَّ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاحْفَظْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا وَمِنْ خَلْفِنَا وَعَنْ أَيْمَانِنَا وَعَنْ شَمَائِلِنَا وَمِنْ جَمِيعِ نَوَاحِينَا، حِفْظًا عَاصِمًا مِنْ مَعْصِيَتِكَ، هَادِيًا إِلَى طَاعَتِكَ، مُسْتَعْمِلًا لِمَحَبَّتِكَ.

اللَّهُمَّ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَوَفِّقْنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا وَلَيْلَتِنَا هَذِهِ وَفِي جَمِيعِ أَيَّامِنَا لِاسْتِعْمَالِ الْخَيْرِ، وَهِجْرَانِ الشَّرِّ، وَشُكْرِ النِّعَمِ، وَاتِّبَاعِ السُّنَنِ، وَمُجَانَبَةِ الْبِدَعِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَحِيَاطَةِ الْإِسْلَامِ، وَانْتِقَاصِ الْبَاطِلِ وَإِذْلَالِهِ، وَنُصْرَةِ الْحَقِّ وَإِعْزَازِهِ، وَإِرْشَادِ الضَّالِّ، وَمُعَاوَنَةِ الضَّعِيفِ، وَإِدْرَاكِ اللَّهِيفِ.

اللَّهُمَّ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاجْعَلْهُ أَيْمَنَ يَوْمٍ عَهِدْنَاهُ، وَأَفْضَلَ صَاحِبٍ صَحِبْنَاهُ، وَخَيْرَ وَقْتٍ ظَلِلْنَا فِيهِ، وَاجْعَلْنَا مِنْ أَرْضَى مَنْ مَرَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مِنْ جُمْلَةِ خَلْقِكَ، وَأَشْكَرَهُمْ لِمَا أَوْلَيْتَ مِنْ نِعَمِكَ، وَأَقْوَمَهُمْ بِمَا شَرَعْتَ مِنْ شرَائِعِكَ، وَأَوْقَفَهُمْ عَمَّا حَذَّرْتَ مِنْ نَهْيِكَ.

اللَّهُمَّ، إِنِّي أُشْهِدُكَ وَ كَفَى بِكَ شَهِيدًا، وَأُشْهِدُ سَمَاءَكَ وَأَرْضَكَ وَمَنْ أَسْكَنْتَهُمَا مِنْ مَلائِكَتِكَ وَسَائِرِ خَلْقِكَ فِي يَوْمِي هَذَا وَسَاعَتِي هَذِهِ وَلَيْلَتِي هَذِهِ وَمُسْتَقَرِّي هَذَا، أَنِّي أَشْهَدُ:

  • أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، قَائِمٌ بِالْقِسْطِ، عَدْلٌ فِي الْحُكْمِ، رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ، مَالِكُ الْمُلْكِ، رَحِيمٌ بِالْخَلْقِ. 
     
  • وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وخِيَرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، حَمَّلْتَهُ رِسَالَتَكَ فَأَدَّاهَا، وَأَمَرْتَهُ بِالنُّصْحِ لِأُمَّتِهِ فَنَصَحَ لَهَا.

اللَّهُمَّ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، أَكْثَرَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَآتِهِ عَنَّا أَفْضَلَ مَا آتَيْتَ أَحَدًا مِنْ عِبَادِكَ، وَاجْزِهِ عَنَّا أَفْضَلَ وَأَكْرَمَ مَا جَزَيْتَ أَحَدًا مِنْ أَنْبِيَائِكَ عَنْ أُمَّتِهِ، إِنَّكَ أَنْتَ الْمَنَّانُ بِالْجَسِيمِ، الْغَافِرُ لِلْعَظِيمِ، وَأَنْتَ أَرْحَمُ مِنْ كُلِّ رَحِيمٍ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيَارِ الْأَنْجَبِينَ.