التعقيب على كتاب "منهج المسلمين العلويين عقيدة وشريعة وتصوفا" بقلم فضيلة الشيخ تمام أحمد..

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 13/02/2024 - 01:17

التَّعْقِيبُ عَلَى كِتَاب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ عَقَّبْتُ عَلَى هَذَا الكِتَابِ بِمَا يُثْبِتُ بُطْلانَهُ، وَكَانَ التَّعْقِيبُ فِي قِسْمَينِ.

  • القِسْمِ الأَوَّلِ: فِي بَيَانِ بُطْلانِ نِسْبَتِهِ إِلَى مَنْ نُسِبَ إِلَيهِم مَنْ شُيُوخِ العَلَوِيِّينَ.
  • وَالقِسْمِ الآخِرِ: فِي بَيَانِ أَخْطَاءِ وَاضِعِهِ.

القِسْمُ الأَوَّلُ

كِتَابٌ مُؤَلِّفُهُ مَجْهُولٌ، يَدَّعِي مَنْ نَشَرَهُ أَنَّهُ مِنْ تَأْلِيفِ نُخَْبَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ العَلَوِيِّينَ، وَأَنَّهُ طُبِعَ سَنَةَ 1951م.

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى بُطْلانِ هَذَا الادِّعَاءِ، أَنَّ أَكْثَرَ فُصُولِ الكِتَابِ مَسْرُوقَةٌ مِنْ كُتُبٍ مُؤَلَّفَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ التَّارِيخِ، وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ فِقْرَةً، وَأَذْكُرُ مِنْهَا، أَرْبَعَ سَرِقَاتٍ، وَمَنْ أَحَبَّ الاسْتِزَادَةَ، فَلْيُرَاجِعِ النُّسْخَةَ الوَرَقِيَّةَ مِنْ كِتَابِنَا ((السَّرِقَةُ وَالانْتِحَالُ فِي كِتَابِ مَنْهَجِ المُسْلِمِينَ العَلَوِيِّينَ عَقِيدَةً وَشَرِيعَةً وَتَصَوُّفًا)).

وَاللهُ المُسْتَعَانُ.


المِثَالُ الوَاحِدُ

فِقْرَةٌ مَسْرُوقَةٌ مِنْ مَقَالَةٍ مَنْشُورَةٍ سَنَةَ 1960م، أَي: بَعْدَ تِسْعِ سِنِينَ مِنَ التَّارِيخ الّذِي يَدَّعِيه مُؤَلِّفُ كِتَابِ ((مَنْهَج المُسْلِمِينَ العَلَوِيِّينَ))..

صُورة الكَلام فِي ص 134 مِنْ كِتَابِ مَنْهَج المُسْلِمِينَ العَلَوِيِّينَ:

صُورَةُ الكَلامِ مِنْ مَقَالَةٍ للشَّيخ رَاغب العُثْمَانِي، عُنْوَانُهَا (التَّقْلِيدُ وَالاجْتِهَادِ) مَنْشُورَةٌ فِي مَجَلَّةِ (دَعْوَة الحَقِّ) الّتِي تَصْدُرُ عَنْ وِزَارَةِ الأَوقَافِ فِي المَغْرِب، العَدَدُ العَاشِرُ للسَّنَةِ الثَّالِثَةِ، شَهْر تَمّوز سَنَة 1960م، رَقْم الصَّفْحَة: 15:


المِثَالُ الثَّانِي

فِقْرَةٌ مَسْرُوقَةٌ مِنْ كِتَابِ ((النَّبَأِ اليَقِين عَنِ العَلَوِيِّين)) للشَّيخ مَحْمُود الصَّالح، وَقَدْ طُبِعَ الكِتَابُ أَوَّلَ مَرَّةٍ سَنَةَ 1961م، أَي: بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ مِنَ التَّارِيخِ الّذي يَدَّعِيه مُؤَلِّفُ كِتَابِ ((مَنْهَج المُسْلِمِينَ العَلَوِيِّينَ)).

صُورَةُ الكَلامِ فِي ص50 مِنْ كِتَاب مَنْهَج المُسْلِمِينَ العَلَوِيِّين:

صُورَةُ الكَلامِ مِنْ ص 169 مِنْ كِتَابِ (النَّبَأِ اليَقِين عَنِ العَلَوِيِّينِ):


المِثَالُ الثَّالِثُ

فِقْرَةٌ مَسْرُوقَةٌ مِنْ كِتَابِ ((الشَّيخ الخَصِيبِيّ قُدْوَةٌ مُثْلَى يُحْتَذَى)) المَطْبُوع سَنَة 2002م، أَي: بَعْدَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ سَنَةً مِنَ التَّارِيخِ الّذِي يَدَّعِيه مُؤَلّف كِتَاب ((مَنْهَج المُسْلِمينَ العَلَوِيّينَ)).

صُورَةُ الكَلامِ فِي ص48 مِنْ كِتَاب مَنْهَج المُسْلِمِينَ العَلَوِيِّين:

صُورَة الكَلام فِي ص 27 مِنْ كِتَابِ (الشَّيخ الخَصِيبِيّ قُدْوَةٌ مُثْلَى يُحْتَذى):


المِثَالُ الرَّابِعُ

فِقْرَةُ مَسْرُوقَةٌ مِنْ كِتَابِ ((المُوجز فِي أُصُول الفِقْه)) للشَّيخ جَعفر السّبحاني، وَتََارِيخ الطّبْعَة الأُولَى 2011م، أَي: بَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً مِنَ التَّارِيخ الّذِي يَدَّعِيه مُؤَلِّف كِتَاب ((مَنْهج المُسْلِمِين العَلَوِيّين)).

صُورة الكَلام فِي ص 114 مِنْ كِتَاب مَنْهَج المُسْلِمين العَلَوِيّين:

صُورة الكَلام مِنْ كِتَابِ (المُوجَز فِي أُصُول الفِقْهِ) ، ص  147 ـ 148 ـ ، 149:


القِسْمُ الْآخِرُ

نحن في إدارة المكتبة الإسلامية العلوية سننشر تباعًا ما تيسّر من القسم الثاني والذي هو في ما يزيد عن أربعمئة صفحة، ولكن نقتبس من مقدمته حاليًا ما يلي:

مُقَدَِّمَةُ النَّظَرَاتِ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَأَصْحَابِهِ المُنْتَجَبِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَهَذِهِ نَظَرَاتٌ فِي كِتَابٍ عُنْوَانُهُ ((مَنْهَجُ المُسْلِمِينَ العَلَوِيِّينَ عَقِيدَةً وَشَرِيعَةً وَتَصَوُّفًا)) أَبْدَؤهَا بِالكَلامِ عَلَى عُنْوَانِ الكِتَابِ، ثُمَّ أُتْبِعُهُ  كَلامًا عَلَى بَعْضِ مُقَدِّمَاتِهِ وَأَبْوَابِهِ بِمَا أَرَى التَّنْبِيهَ عَلَيهِ ضَرُورَةً، وَاللهُ المُسْتَعَانُ، وَبِهِ العِصْمَةُ، وَإِلَيهِ القَصْدُ وَالمُبْتَغَى.

إِنَّ لِكُلِّ قَومٍ أَلْفَاظًا اصْطَلَحُوا عَلَى اسْتِعْمَالِهَا فِي مَعَانٍ مُحَدَّدَةٍ، وَخَصَّصُوهَا بِدَلائِلَ مُعَيَّنَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ لِكُلِّ لَفْظٍ دِلالَةً لُغَوِيَّةً أَصْلِيَّةً، فَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ النَّاسُ بِمَعْنىً آخَرَ، عُدَّ اسْمًا عُرْفِيًّا، وَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ الشَّرْعُ بِمَعْنىً آخَرَ عُدَّ اسْمًا شَرْعِيًّا. 

وَإِذَا أَرَدْتَ تَلْخِيصَ الفِكْرَةِ بِأَمْثِلَةٍ تُوضِحُهَا؛ قُلْتَ: لَفْظُ ((الصَّلاةِ)) يُعَدُّ اسْمًا شَرْعِيًّا؛ لأَنَّ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيَّ الدُّعَاءُ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ الشَّرْعُ بِمَعْنىً آخَرَ. وَلَفْظُ ((الغَائِطِ)) يُعَدُّ اسْمًا عُرْفِيًّا؛ لأَنَّ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ المَكَانُ المُنْخَفِضُ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ النَّاسُ بِمَعْنىً آخَرَ. 

وَالمُرَادُ مِنْ هَذَا التَّقْدِيمِ الدِّلالَةُ عَلَى أَنَّ مُرَاعَاةَ الاصْطِلاحِ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الكِتَابَةِ، وَمَنْ تَكَلَّمَ عَلَى شَيءٍ فَلَمْ يُرَاعِ دِلالَةَ الأَلْفَاظِ شَرْعِيّةً كَانَتْ أَمْ عُرْفِيَّةً؛ اخْتَلَّ كَلامُهُ وَاضْطَرَبَتْ كِتَابَتُهُ؛ وَلِذَلِكَ وَضَعَ أَهْلُ كُلِّ فَنٍّ كُتُبًا يَشْرَحُونَ بِهَا كَلامَهُم وَيُوضِحُونَ بِهَا مَقَاصِدَهُم، فَظَهَرَتْ مَعَاجِمُ المُصْطَلَحَاتِ النَّحْوِيَّةِ وَالنَّقْدِيَّةِ وَالأُصُولِيَّةِ وَالفَلْسَفِيَّةِ وَالصُّوفِيَّةِ؛ لِيَرْجِعَ إِلَيهَا مَنْ أَرَادَ الكَلامَ عَلَى شَيءٍ مِنْهَا، وَقُسِمَتِ الأَلْفَاظُ مِنْ جِهَةِ اسْتِعْمَالِهَا إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ، وَقُسِمَتِ الحَقِيقَةُ إِلَى لُغَوِيَّةٍ، وَشَرْعِيَّةٍ، وَعُرْفِيَّةٍ عُمُومًا، وَعُرْفِيّةٍ خُصُوصًا.

وَيَظْهَرُ أَنَّ مُؤَلِّفَ الكِتَابِ الّذِي ذَكَرْتُ عُنْوَانَهُ آنِفًا، تَجَاوَزَ هَذِهِ الأُصُولَ، فَلَمْ يَتَثَبَّتْ فِي أَمْرِهِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ وِجْهَتَهُ، غَفَرَ اللهُ لَهُ وَهَدَاهُ، وَسَامَحَهُ وَشَفَاهُ، وَعَافَاهُ مِمَّا ابْتِلاهُ، وَأَصْلَحَنِي وَإِيَّاهُ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي أَمَرٍ مِنْ غَيرِ مَدْخَلِهِ، وَتَكَلَّمَ عَلَى قَومٍ لَمْ يَنْظُرْ فِي آثَارِهِم، وَلَمْ يُحَقِّقْ دَقَائِقَ مَذْهَبِهِم.

وَمِنْ كَرَائِمِ الشِّعْرِ قَولُ دِعْبِلٍ الخُزَاعِيِّ ((148-246هـ)):

وَإِذَا حَلُمْتَ فَأَعْطِ حِلْمَكَ كُنْهَهُ***مُسْتَأْنِيًا وَإِذَا كَويتَ فَأَنْضِجِ
وَإِذَا الْتَمَسْتَ دُخُولَ أَمْرٍ فَالْتَمِسْ***مِنْ قَبْلِ مَدْخَلِهِ سَبِيلَ المَخْرَجِ 1

وَمِنْ لَطَائِفِ الأَدَبِ أَنَّ مِنْ أَمْثَالِ العَرَبِ: ((مَنْ دَخَلَ ظَفَارِ حَمَّرَ)) أَي: تَعَلَّمَ لَهْجَةَ قَبِيلَةِ حِمْيَرَ، وَمُلَخَّصُ قِصَّتِهِ: دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ عَلَى مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرَ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: ثِبْ، أَي: اقْعُدْ، فَظَنَّ الرَّجُلُ أَنَّ المَلِكَ يَأْمُرُهُ بِالقَفْزِ، فَقَفَزَ مِنْ مَكَانٍ عَالٍ فَتَكَسَّرَ وَانْدَقَّتْ رِجْلاهُ.

وَذَلِكَ أَنَّ كَلِمَةَ ((ثِبْ)) تَعْنِي فِي العَرَبِيَّةِ: اقْفِزْ، وَتَعْنِي فِي الحِمْيَرِيَّةِ: اقْعُدْ فَقَصَدَ المَلِكُ شَيئًا وَفَهِمَ الأَعْرَابِيُّ شَيئًا آخَرَ، فَكَانَ مَا كَانَ مِنِ اخْتِلافِ اللَّهْجَتَينِ.2

وَلَقَدْ كَانَ الأَولَى بِمَنْ أَلَّفَ ذَلِكَ الكِتَابَ؛ أَنْ يَتَعَلَّمَ لَهْجَةَ المَنْطِقِ العَلَوِيِّ، وَيَعْرِفَ لَحْنَ أَعْلامِهِ، وَيَتَنَبَّهَ لِدَقَائِقِ اصْطِلاحَاتِهِم وَلَطَائِفِ كَلِمَاتِهِم؛ لِيُخَاطِبَ العَلَوِيَّ بِالمُتَعَارَفِ عِنْدَهُ مِمَّا شَاعَ فِي بِيئَتِهِ وَجَرَى عَلَى أَلْسِنَةِ شُيُوخِهِ، وَتَتَابَعَ اسْتِعْمَالُهُ وَتَوَاتَرَ لَفْظُهُ، فَإِنَّ أَعْلامَهُ أَبْصَرُ بِمَذْهَبِهِم وَأَقْدَرُ عَلَى وَصْفِهِ، وَأَجْدَرُ بِتَحْدِيدِ مَا يَصْلُحُ فِي تَعْرِيفِهِ، وَيَصِحُّ فِي تَسْمِيَتِهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ مُؤَلِّفُ الكِتَابِ، فَأَهْمَلَ مَا لا يُعْذَرُ بِإِهْمَالِهِ، وَأَغْفَلَ مَا لا يَليقُ بِأَمْثَالِهِ...

يُتبع...
 


كَاتِبُهُ
تَمَّام أَحْمَد
كُتِبَ لِثَلاثٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَجَبَ سَنَةَ 1445هـ
المُوَافِق 7\2\2024م

 

  • 1دِيوان دعبلٍ الخُزاعي ص76.
  • 2يُنْظَرُ: تَاجُ العَرُوس مِنْ جَوَاهِر القَاموس.