العلويون في سورية والدعوة الأزلية إلى : الإلفة وترك التفرقة ، والسعي والعمل.. لفضيلة الشيخ عبد الكريم علي حسن الخطيب غفر الله له..

أُضيف بتاريخ الأحد, 27/03/2011 - 04:51

خُطبة بعنوان (الإلفة وترك التفرقة ، والسعي والعمل)، وقد أُلقيت من على منبر مسجد الإمام علي  في طرطوس في ستّينيّات القرن الماضي  وهي للمغفور له فضيلة الشيخ عبد الكريم علي حسن الخطيب .. وقد نقلناها من كتابه ""الكَلِمُ الطيّب" المطبوع سنة 1968م والذي يشتمل على خطب وبحوث إسلامية.. 

الحمد لله............................ وبعد

قال الله سبحانه: وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ (النجم\39\40\41).

هذه الآية الكريمة، وكثيرٌ من أمثالها في كتاب الله تحضّنا على السعي نحو الخير والعمل الصالح. ومن جهة ثانية تنبّهنا أنّ كل إنسان لا بُدّ أن يُلاقي جزاء سعيه وعمله، ويُحاسب عليه، وأنّه لا يتمكّن من الحصول على الخير إلاّ من سعى للخير. ولا ينال السُؤدُدَ والمجد، إلاّ من يعمل في سبيل السؤدد والمَجد.

فكُل إنسانٍ في هذا الوجود مُقيمٌ بالإطار الذي يضع نفسه فيه ومُحاسبٌ على الأعمال التي يعملها، إن خيراً، وإن شرّاً، قال تعالى: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.

فيا أيّها الأخوة:

إلى متى هذا التأخّر عن العمل؟

وإلى متى هذا الوقوف دون السَعي؟؟

لقد سار الناس، وأوغلوا في السير، حتى قطعوا مراحل ومراحل، ومسافاتٍ ومسافات، في العلم والعمل، وأنتم.. أنتم في مكانكم وحيث خلّفتكم عصور الإنحطاط لا تبرحون، أفلا تعتبرون؟ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ.

وإلى متى هذا الجمود، وهذا الثواء في الحضيض، وقد تحرّك الناس وارتفعوا بأعمالهم، طاروا في الفضاء، وأنتم لا تزالون على مكانكم في الأرض، لم تتقدّموا ولم تنهضوا، فأين أنتم يا مسلمون، ويا عرب؟؟

نحن مُبتلون بفوضى الأخلاق، ومرض الطائفيّة والإقليمية والعشائرية وحتى العائلية، وهذه الفوضى، وهذه الأمراض، ما حَلَّت بشعبٍ في التاريخ إلاّ حوّلت عزّه إلى ذلّ، وقوّته إلى ضعفٍ، وعمرانه إلى خراب، وبلاده إلى دمار.

لقد تحوّلنا في هذا العصر الأخير إلى مُقلّدين، ولكن بماذا؟! بما يضرّنا لا بما ينفعنا. قلّدنا بالملابس والأزياء التي لا تستر عورة ولا تتمشّى مع الحشمة والأخلاق، ورفضنا تعاليم الدين وأهملنا الأوامر الإلهية وليت هؤلاء يعلمون ماذا رفضوا؟ وبماذا يتمسّكون.

ليتهم قلّدوا بالعلم والعمل. ليتهم قلّدوا بالإختراعات وإدارة المصانع وإنشاء المعامل. ليتهم تنازلوا عن خلافاتهم وتفرّقهم وشحنائهم..

لقد تقدّم الناس، ونحن على ما نحن، كلّما أراد مُنحرف سياسيًا أن يوقظ فتنةً، أو كُلّما بدرت بادرة طيشٍ من متغرّضٍ أرعنٍ، أو كلّما هبّت ريحٌ من ناقمٍ، أو حاقدٍ، أو مُخرّبٍ، نبشنا الماضي البغيض ونشرنا بقايا عصور الجاهلية.

أما لهذا الليل الحالك من فجرٍ مرتقب!

أما لهذه الدرب الوعرة الشائكة من آخر!

أما لهذه الخصومة البغيضة المُجرمة من نهاية؟!!

إلى متى نُعبّد الطريق للأجنبي المُستعمر؟ ليمُرَّ عليها إلى وطننا. ويتدخّل في قضايانا، ويستذلّ شعوبنا، وينهب خيراتنا وثرواتنا؟

إلى متى نفتح الباب على مصراعيه؟ لتتسلل منه إسرائيل، وتنفذ إلى خفايا الأزقـّة، وزوايا البيوت، فتنشر الذعر وتُخرّب وتُدمّر وتزيد في التوسّع والإحتلال..

يا عرب يا مسلمون:

يجمعنا في هذه الرقعة من الأرض، دينٌ عظيمٌ هو الإسلام.

وتجمعنا قبل الدين وبعده أمّة واحدة، هي الأمّة العربية الخالدة إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ.

ويجمعنا الوطن والمصالح والمنافع المشتركة، وضرورة العيش والأمن والرخاء، فلماذا لا نعمل بحسن الجوار؟

ولماذا لا نتعاون على صون المصالح المشتركة؟؟

ولأي سببٍ لا نمشي يداً بيد للحصول على العيش الكريم؟

ولماذا لا نعمل متكاتفين متساندين للوقوف صفاً واحداً في وجه العدو الغاصب، الذي لا يُفرّق في تنكيله وجرائمه بين أبناء طائفة وأخرى، ولا بين أبناء دين ودين..

فيا أيها الأخوة:

علينا كمسلمين، أن نستعين بمبادئ ديننا التي هي من أسمى المبادئ والتي من مزاياها أنّها لا تفرّق بين الأسود والأبيض وبين العربي والأعجمي إلاّ بالتقوى والعمل الصالح، علينا أن نستعين بها لنتغلّب عل كل ما فينا من جراثيم وعِلل وامراض.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم إنّه هو الغفور الرحيم.1

  • 1هذه هي الدعوة الأزلية السرمدية الواجبة على كل مسلم مؤمن، وهي دعوة العلويين في سورية ، ودعوة العلويين في لبنان ، ودعوة العلويين في كل زمان وفي أي مكان من هذا العالم...
    هي دعوة طيّبة إلى الإلفة والمحبة، هي دعوة إلى تعاليم الإسلام السمحاء لا غير.
    فالعلويون يمقتون التعصب وينبذون الطائفية ويؤمنون إيمانًا تامًّا بأنّ الدين لله والوطن للجميع.
    الله يحمي سورية ولبنان وهذه الأمة العربية والإسلامية كلها من شرور الطامعين والغزاة ويُفشل فتنهم ويردّهم على أعقابهم خاسئين.. وسورية تحديدًا بكل طوائفها رفضت تقسيم سورية إلى دويلات طائفية ومذهبية بل حاربت المحتل الفرنسي وطردته بعد أن روت تراب سورية بدماء شهدائها من كل الطوائف والأطياف..
    هذه هي سورية الأسد كانت وستبقى عصيّة على الفتن والتقسيم وشعبها مُحصّن وواعي وحكيم كما قائدهم وسيُحبطون معًا كل المؤامرات الصهيونية وبشّر الصابرين فـ سورية الله حاميها...
    (إدارة موقع المكتبة الإسلامية العلوية)