كلمة العلويين في: الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة. خُطبة للشيخ عبد الكريم علي حسن الخطيب عفى الله عنه.

أُضيف بتاريخ الجمعة, 15/04/2011 - 15:49

خُطبة بعنوان (الكلمة وأمورها الثلاثة)، وقد أُلقيت من على منبر مسجد الإمام علي  في طرطوس في ستّينيّات القرن الماضي  وهي للمغفور له فضيلة الشيخ عبد الكريم علي حسن الخطيب .. وقد نقلناها من كتابه ""الكَلِمُ الطيّب" المطبوع سنة 1968م والذي يشتمل على خطب وبحوث إسلامية..

 

الحمد لله..................... وبعد

قوله تعالى: إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ.

من هذه الآية يتبيّن أنّ الكلمة التي بشّرت بها الملائكة مريم العذراء هي عيسى ، وإنّما سُمّيَ عيسى (كلمة) لأنه وُجِدَ من كلمة (كن)، قال سبحانه: إنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ.
فكلمة (كُن) هي الكلمة التي كان منها آدم وعيسى والوجود وكل شيء فيه، فالكلمة مصدر لوجود جميع الأشياء منها تتكوّن الأسطر، ومن الأسطر تتكوّن الكتب، وعن الكتب ينتج العلم، وعن العلم يكون كل خير وشر أيضًا.

والذي تجدر الإشارة إليه أنّ الكلمة لا بد لها من أمور ثلاثة حتى تتمّ بها الفائدة أو حتى يجب أن تُقال. والأمور ثلاثة هي: الزمان والمكان والأهل.
فإذا حضر: زمان الكلمة، ووُجد مكانها، واجتمع أهلها، وَجَبَ أن تُقال، وينتظر أن تأتي منها الفائدة المطلوبة.
أمّا إذا لم تتوفّر هذه الأمور الثلاثة -أي الزمان والمكان والأهل- فلا يجب قولها، وإذا قيلت فهي لغو ولهو لا كلام يفيد.

ومن ها هنا كان تقسيم الكلام إلى: كلمة طيبة وكلمة خبيثة.

ومُثّلت الكلمة الطيبة بـ: الشجرة الطيبة. والكلمة الخبيثة بـ: الشجرة الخبيثة. وإلى هذا أشارت الآية الكريمة: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ.

فالشجرة الطيبة تحتاج إلى: تُربةٍ طيّبةٍ يثبت أصلها فيها إلى فروع وأوراق وأثمار، ثم إلى وجود من يستفيد من هذه الخصائص وإلاّ: فما الفائدة منها أو من وجودها!.

والكلمة الطيبة تحتاج إلى:

  1. قلبٍ طاهرٍ تصدر عنه.
  2. وإلى لسانٍ مُهذّبٍ تنطق عن طريقه.
  3. وإلى أُذُنٍ واعيةٍ توّاقةٍ إلى الإفادة والإستماع.

وإذا لم تتوفّر لها هذه الأسباب فلا خير فيها ولا في قولها. قال سبحانه: لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ.

فالكلمة الطيبة إذًا هي واحدة من هذه الثلاثة:

  1. الأمر بالمعروف
  2. أو بالصدق
  3. أو بالصلاح بين الناس.

وقال رسول الله : على كل مسلم صدقة.
قيل يا رسول الله: أرأيت إن لم يجد!.
قال: يعمل بيده ويتصدّق.
قيل: أرأيت إن لم يستطع.
قال: بكلمة طيّبةٍ.

ومعناه أنّ المواضع التي يُحمد فيها الكلام لا تخرج عن هذه الأمور أو واحدة منها. والدلالة على هذا أنّ النبيّ  نهى أشدّ النهي عن الكلام بغير الخير فقال: (من كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو يسكت).

هذا ومعلومٌ أنّ الكلام الذي لا يفيد، أو بالأحرى الذي ينتج عنه الضرر والشر فهو: الكلمة الخبيثة المُمثّلة بالشجرة الخبيثة التي تنبت في أرضٍ طيّبةٍ وليس لها أصلٌ ثابتٌ ولا فروع ولا ورق ولا أثمار. وفيها قيل: (إذا كانت الشجرة بلا ورق فلا ظلّ لها ، وإذا كانت بلا ثمر فلا يُنتفع بها، وإذا كانت حطب فالنار أولى بها).

وعلى هذا:

  • فالكلام الطيب والكلمة الطيبة: ما كان في وقته وفي مكانه وعند أهله وجَلَب النفع.
  • والكلام الخبيث: ما كان في غير وقته، وعند غير أهله، وجَلَبَ الضرّ.

وعند فريق من الناس أنّ:

  • الكلمة الطيبة هي: وَلايَةُ أهل البيت سلام الله عليهم. وهم الشجرة الطيبة التي من أجلها كان آدم وذُرّيته، وعيسى وبشارته، ومحمد ورسالته.
  • والكلمة الخبيثة هي: عداوتهم والإعتداء على حقّهم. قوله تعالى: قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ. صدق الله العلي العظيم.