العلويون في لبنان، أين هم؟ نُشر سنة 2006 بقلم المهندس ربيع معين سليمان الحربوقي..

أُضيف بتاريخ الأحد, 23/10/2011 - 15:24

العلويون في لبنان، أين هم؟


في بلد كلبنان ، يتمذهب فيه الهواء والماء، تصبح الطائفية عنوان السياسة والإقتصاد وبوابة للظلم والحرمان أو الإمتياز والإحتكار.

في بلد كهذا يُسأل المرء عن طائفته فقط ليُعرف حضوره ورأيه وليُعطى درجة توصيفه وتصنيفه.

فأنت سني إذا أنت من طائفة البحث عن الحقيقة.

وأنت شيعي، إذاً أنت ذو مشروع يتخطى البلد ليتقاطع مع مشاريع إقليمية.

وأنت درزي، إذا أنت من نافخي البوق في الصف الأول..!!!..

وهكذا....

بهذه العناوين المُختصرة والمُقزَّمة يخوض الإعلام الرخيص والمُوَجّه معركة الاحتقان والتضاد، في سياق يوحي بغياب البُعد الوطني والحضور المُجتمعي والأخلاقي للطوائف في صناعة الوطن وصياغة استقراره وأمنه وحضارته، ويُصَوّر حالة الاختلاف الديمقراطي بأنها حالة خلاف عصبي لا يَقبل إلا نتيجة واحدة: الصِّدام.

في هذا الجو الذي يَقوده إعلامٌ رخيصٌ يُمارس التعتيم الإعلامي الذي لا يُضيء إلا على جوانبه المشبوهة، وفي ظل النظرية الديكتاتورية "نظرية الطوائف الأساسية أو الطوائف المُقرّرة"، وفي ظل (الخصوصية السياسية لطائفتنا الإسلامية العلوية) المتمثلة بإيصال نائبين عن الطائفة بغير أصواتها وإرادتها، و(الدينية) المُتمثلة بتعثر المخاض عن استكمال بُنية المجلس الإسلامي العلوي، نجد أنفسنا كمُثقفين في شارع يعجّ بالهموم والأفكار، مُكلّفين شرعاً ومدفوعين وطنياً إلى التعبير عن مواقفنا وآرائنا التي تحكُم فِعل وانفعال المجتمع العلوي بحالةٍ شِبه إجماعية، وتحديد موقعنا على خارطة الأحداث السياسية التي شَكّلَت جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري محوراً ومفصلاً لها، وذلك دفعاً للتقولات، وإيضاحاًَ للحقائق، وقطعاً للطريق على المُدعين اختصار وتمثيل الطائفة، ورداً على سؤال لطالما سمعناه: العلويون في لبنان أين هم؟

نُعَبّر عن وجودنا وقناعاتنا فنقول:

  • إنَّ لبنان بلد عربيٌّ الهوية والإنتماء، وسوريا هي بوابة الإنتماء وعُمقه وقراره، وإنَّ أيَّ محاولةٍ للهروب من هذا الواقع هي: جريمةٌ ضد الحقيقة وتَنَكّرٌ للهوية وتضييع للقيم والإنتماء الأصيل واستبداله بإنتماءٍ لمجهولٍ مظلم.
     
  • إنَّ إسرائيل هي عدوة التاريخ والمستقبل للأمة العربية بكل مُكوّناتها وبالتالي لبنان، وهي المُستفيدة والمسؤولة الرئيسة مع قوى الهيمنة والتسلط المُتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في العالم وعُملائها المُتغلغلين في الكيان العربي عن مُسلسل التخريب والتمزيق الذي يَتعرّض له هذا الكيان.
     
  • إنَّ المقاومة الباسلة هي حصن الوطن المَنيع ورَمز عزَّتهِ وكرامته وسلاحها قوة وحصانة وعنوان شرف للوطن، وإنَّ أية محاولة لنزع هذا السلاح هي محاولة آثمة وغدّارة تتكامل في خبثها وأهدافها مع مُخطط هزيمة الأُمّة واغتيال روح المقاومة وأدواتها، كما أنَّ أيّة محاولة في هذا السياق هي تعبيرٌ صارخٌ عن الغدر وعدم الوفاء وتعدٍّ على حقيقة وطنية وسياسية راسخة.
     
  • استناداً إلى هذه المقدمات نرى أنَّ جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري العربي الإنتماء والهوية والمشروع والممارسة، بحجمها وبشاعتها وهول تداعياتها هي جريمة شنعاء بحق الوطن والإنسان وانفجار استهدف القناعات والحقائق الوطنية، لذلك فإنَّ كشف اللثام عن أهداف هذه الجريمة وعناصرها وأدوات تنفيذها هي مطلب لكل حريصٍ على كيان الوطن وأمنه واستقراره وترتقي لتصبح إحدى الحقائق الوطنية التي يُجمع عليها اللبنانيون.

    غير أنَّ مسار الأحداث يبتعد عن هذا الهدف النبيل، فالجريمة ليست حدثاً مُستقلاً تتابعت بعدَهُ ردَّات الفعل، بل حلقة في سلسلة مُبرمجة ومُوجَّهة، تتكامل فيها عملية القتل مع حَملة إعلامية وسياسية مشبوهة ومشوِّشة تقود العاطفة الوطنية الصادقة ضد الحقيقة، فتقلب الحقائق وتُمَوِّه المجرم الحقيقي، وتُحوِّل أصابع الاتهام على إيقاع حملة مسعورة ومكثَّفة نحو جبهة الصمود والمقاومة، ابتداءً بسوريا وانتهاءً بحزب الله والمقاومة الفلسطينية، بهدف تخريب الإستقرار السياسي والشعبي بين دول الممانعة وشعوبها، بواسطة عناصر مشبوهة تقود عملية التخريب من الداخل، بدعمٍ صريح من أمريكا وإسرائيل متكاملة مع ضغطٍ من المنظمات الدولية التي تسيطر عليها هاتان الدولتان.

    والواضح أنَّ هذا المشروع قد تكشَّفت عناصره، فالنفوس مشحونةٌ والفتنةُ ناميةٌ، والوحدة الوطنية مزعزعة، والوطن مرتهن -من أكثريته الحاكمة- للغرب مُغلِقاً كلَّ نوافذ عروبته.
     
  • إنَّ الخطاب السياسي السائد هو مشروع انفلات من الحالة الوطنية و الأخلاقية، ومفاعيل الشحن التي ولَّدها أدت إلى توتُّر وتشنج الشارع مُهيِّئةً لإحداث الإنفلات الأمني والمجتمعي، ما لم يتم ضبط هذا الخطاب ضمن القواعد والأصول الوطنية والأخلاقية.

    ولعلَّ الهدف من هذا الخطاب هو إحداث الإنفلات كأحد أخبث حلقات المخطط التدميري، ولعلَّ جوقة التطبيل والتزمير الموكلة بهذا الدور لها خلفيات ووقائع تثبت الإرتهان والتبعية، وهي تقود حملتها في قيادة أكثرية لا يملك معظم أفرادها الأهلية السياسية والوطنية.
     
  • انطلاقاً من هذه المقدمات والأسباب نرى أنّ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ثمن كبير لمشروعٍ كبير يستهدف جبهة الحقائق الوطنية.


إنَّ العلويين - المغيبين ظلمًا عن مواقع القرار والحوار- يعتبرون أنَّ وجود الطائفة قائمٌ بذاتها لا بسواها، ونحن إذ نتقاسم قناعاتنا الوطنية مع الكثير من شرفاءِ لبنان ووطنييه نحمل معهم همَّ الخوف على هذه القناعات مضافًا إليها همَّ الحرمان والتهميش اللذين تعاني منهما الطائفة، مما يجعلنا معنيين أكثر من غيرنا بضرورة إحقاق الحق الكامل والحقيقة الشاملة مجنَّدِين لنصرة الحق مستنفَرين لإظهار الحقائق .

ملاحظة: إنَّ هذا الرأي ليس رأيًا مُلزمَا لجهةٍ رسمية بل هو قناعة راسخة تكتسب شرعيتها من شعبيتها .

عضو الهيئة العامة في المجلس الإسلامي العلوي
المهندس ربيع سليمان
- طرابلس – جبل محسن1

يليه بعد عدّة أشهر مقال (نداء علوي عاجل)..

  • 1هذا المقال نشر في جريدة الديار اللبنانية بتاريخ 10\05\2006م في باب (آراء حُرّة)