خُطبتا صلاة الجُمعة في 25 نيسان 2014م

أُضيف بتاريخ الخميس, 26/03/2015 - 13:43
(فيديو + مُلَخّص عن خطبتيّ صلاة الجمعة في 25 نيسان 2014م)

  موضوع الخطبتين:
- عن الغِيبة والنَميمة والسِعاية ..
- وعن العلّامة الشيخ سُليمان الأحمد رحمة الله تعالى ورضوانه عليه.
- وعن غنائم الحرب وفتوى العلّامة فيها..  

الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ (الحجرات\6)
قرأناها وحفظها كثيرٌ منا.. ما أكثر سماعنا لهذه الآية وما أقلّ عملنا بها..
ما أقلّ عملنا إذا جاءنا فاسق بنبأ ، ما أقل تبيّننا للنبأ الذي يأتينا به، وما أكثر ما نستعجل في التشنيع قبل أن نتحقق ما جاءنا!
هذه الآية يجب أن تكون قانوناً ومقياساً نسير عليه ونستضيء بنوره.. إذا جاءنا فاسق بنبأ أن نتبيّن لأن استعجالنا بالعيب واستعجالنا بالذم والقدح أعظم عند الله عز وجل من فعل العيب فإنّ خيراً من الخير فاعله وإنّ شراً من الشر فاعله..
 

 


  ما أكثر جرأتنا على الله وعلى رسول الله ص وآله وسلم وعلى هذا المذهب الشريف الذي ندّعي اتباعه حين يعيب بعضنا بعضا..
  لا أدري عن أي إمام نأخذ حين نفعل هذه الأفعال! أننسى ما نحن فيه ونبحث عن عيوب غيرنا! وإذا وجدنا عيباً لمخلوق أنجعل ذلك العيب حديثاً وننسى ما نحن فيه من أخطاء ومن عثرات! كيف يرجو أحدنا أن تصحّ وَلايته إذا آخا رجلاً ثم بعد هذا لم ينصح له وإنما جلس يحفظ ما يُخطئ فيه من أجل أن يُعنّفه به يوماً ما!

 

 

  من سمع قول الإمام الصادق عليه السلام: (إنّ أقرب ما يكون العبد إلى الكُفر أن يُؤاخِيَ الرجل على الدين فيُحصي عليه عثراته وزلاته ليُعنّفه بها يوماً ما)

 

  أين فاعل هذا من قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: (وإنّما ينبغي لأهل العِصمَة والمصنوع إليهم في السلامة أن يرحموا أهل الذنوب والمعصية ويكون الشُكر هو الغالبَ عليهم والحاجزَ لهم عنهم، فكيف بالعائِب الذي عاب أخاه وعَيّره ببلواه، أما ذَكَرَ موضع سَتر الله عليه من ذنوبه ما هو أعظم من الذنب الذي عابَه به، وكيف يذمّه بذنبٍ قد ركب مثله، فإن لم يكن قد رَكِبَ ذلك الذنب بعَيْنه فقد عصى الله فيما سواه ممّا هو أعظم منه).
  ولو افترضنا وهذا افتراضٌ من الخيال أنّ رجلاً لا يُذنب ولا يعصي الله عز وجل في صغير ولا كبير، يقول أمير المؤمنين عليه السلام: (وأيم الله لإئن لم يكن عصاه في الكبير وعصاه في الصغير لجُرأته على عيب الناس أكبر، يا عبد الله لا تعجل في عيب أحد بذنبه فلعلّه مغفور له ولا تأمن على نفسك صغيرَ مَعصيةٍ لعلّك مُعَذّب عليه، فليَكفُف من عَلِمَ منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه وليكن الشُكر شاغلاً له على معافاته ممّا ابتُلي به غيره).

  هذا أيها الأخوة لمن كان أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب ع أسوةً له وقُدوة..

  ما بال ذلك العائب ترك ذنوبه وبحث عن ذنوب غيره! أفلا يدري لو أنّه يدري أنّ ذلك من الله عز وجل مَكرٌ واستدراج، ومن يأمن مَكر الله!.. يقول الإمام الصادق ع: (إذا رأيتم العبد مُتفقداً لذنوب الناس ناسياً لذنوبه فاعلموا أنّه قد مُكر به).
  ذلك الإستدراج أيها الإِخوة في الذي جاءنا عن الأئمة الطاهرين عليهم السلام أن يكون العبد عاصياً ولكن الله عز وجل يُجدّد له النِعَم حتى تُنسيه تلك النِعَم أن يستغفر ربّه ممّا جَنَاه فإذا جاء عذاب الله عز وجل لم يكن له من مَرَدّ.
  إن لم يكن أمير المؤمنين عليه السلام قُدوَةً ولم يكن الإمام الصادق قُدوة فبمن نقتدي وعمّن نأخذ!؟ عمّن تأخذون!؟ وبأيّ إمامٍ تتوجهون إلى الله عز وجل وأنتم فيما أنتم فيه من أحقادٍ وأضغان؟!.
قال العلامة الشيخ سليمان الأحمد رحمة الله تعالى ورضوانه عليه آخذاً من هذه المعاني:

تركت البحثَ عن عيبِ البرايا   كفاني شاغلاً عن ذاك عَيبي
فـمـا فتّشـتُ عن جـيـبٍ لأدري   خفـاياه كفى ما ضَـمَّ جيبـي
وكفى بربّك بذنوب عباده خبيراً بصيرا

فعن أي إمام يا عباد الله نأخذ!؟
فعن أيّ إمام أيها العائِبُ المُتَقَوِّل قبل أن تتحقّق وقبل أن تتبيّن !؟
عن أيّ إمامٍ أنت تأخذ؟ وإلى أيّ إمامٍ أنت ترجع !؟
كيف وقوفك إذا سألك الله عز وجل عن ما أسلفت من غِيبةٍ ومن نميمة ومن سِعاية؟!.
  ليَقُل أيها الإخوة كُلُّ قائلٍ ما يشاء، الذي شرح الله عز وجل صدره لدينه ولمحبة وصيّه فإنّه لا يَضُرّه ما قيل فيه، لا يَضُرّه ما يَطعن به فلان وفلان فإنّ الناس كما تعلمون يُكثرون الكلام بما لا يعلمون وما لا يعرفون وما سَلِمَ أحدٌ من هؤلاء، ما سلم أحدٌ من المتقوّلين..
  تذكرون أنّ نبيّ الله موسى عليه السلام كان قد سأل الله عز وجل أن لا يذكره أحدٌ إلا بالخير فأوحى الله تعالى إليه (يا موسى ما جعلت ذلك لنفسي)
ما جعل الله عز وجل لنفسه أن يسكُتَ عنه الناس، ولا يقولون فيه شيئاً، فكيف ترجو أيها المخلوق أن يسكُتَ عنك الناس ولا يقولون فيك شيئاً إلا حَسَنا؟!. لم يجعل الله عز وجل هذا الشيء لنفسه.
  ما نحن فيه أيها الأُخوة ينبغي لنا أن نُبيّنه لنعرف على أيّ طريق نسير وأين نمضي وكيف نتوجّه.. هذه السِعايات والوِشايات والنَّميمة والغِيبة والحِقدُ والحَسَد ليسوا من دين الله عز وجل في شيء، ومن زعم أنّه يتولّى علياً عليه السلام ثم يُقبل إلى الغِيبة والنَّميمة والسِعاية فهو مُتَوَهّمٌ في هذا الوَلاء لأنّ الله عز و جل حين أمرَ نبيّه أن يُبيّن للناس وَصِيّه أمرَ ذلك الوصيّ مَن أحبّه أن يقتدِيَ به، وما جُعل الأمر من أجل أن نقوله بألسنتنا دون أن يكون لنا فعلٌ يُصَدّق قولنا..

  لقد أُسيء إلى كثيرين من علماء هذه الطائفة من بعض الجاهلين الذين لا يعرفون ممّا يقولون غير الحِقد والحَسد، كان منهم العلّامة الجليل الشيخ سُليمان الأحمد رحمة الله تعالى ورضوانه عليه وطالما دعا الناس وطالما حرّض الناس إلى الرجوع إلى مذهب آل البيت عليهم السلام:

 

أين الإخاء وأين الحِلم والرَّشَدُ   ألا يُجيـبُ دُعـائـي مُنكُـمُ أحـدٌ
دعوتكـم وفؤادي ملؤه شجـنٌ   لما دهاكم ونفسي مِلؤها كَمَدُ
أكُـلّـمـا قـام بالإصـلاح داعيــةٌ   بيـن الأنامِ مُنـاواةً له قَـعَـدوا
وإن أتتهُـم على دعـواه بيّنــةٌ   ولم يرَوْ قوّة في ردّها اضطهدوا
أمــا لكم بكتـابِ الله مُعتصَـمٌ   أمـا لكـم برسـول الله مُعتقـدُ
أما لكم ببَني الزهراء فاطمةٍ   وتابعيهم من الإخوان مُعتمدُ
ديـنٌ شريـفٌ وأفعـالٌ مُغايرةٌ   لما يُقال ودعوى ما لها أمدُ
كـأنّ كُلّ امرئٍ منكـم لِنَفْرَتِـهِ   بمذهبٍ غير هذا القول يعتقد

  كيف يتبيّن أيها الأخوة أنّ هذا يُحب فلانا وأنّ هذا يكره فلاناً، أنلبس لباس الأعداء ثم نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أوليائه؟!..
وفي الحديث القُدسيّ: قُل لعبادي لا يلبسوا لباس أعدائي ولا يطعموا طعام أعدائي لئلّا يُصبحوا من أعدائي. إن لم نخلع عنّا هذا اللباس الذي أُلقيَ علينا من بعض الجاهلين فكيف نرجو مخرجاً ممّا نحن فيه.. ما هذا من نشر العيوب:

نشرتَ عيبي لكي تنحط مرتبتي   ليت انحطاط مقامي كان أعلى

.......
  الذي نحن فيه أيها الأخوة أننا إذا أحببنا أفرطنا، وإذا كرهنا أفرطنا، ولسنا في حبنا ولا في كرهنا على بيّنة من بُغضٍ ولا من ولاء.
(لا تثقنّ بأخيك كُلّ الثقة فإنّ صرعة الإسترسال لا تُستقال) وضربنا بذلك عُرض الحائط، ثم نرجع بعد هذا ونقول ما لنا أُصبنا في هذا وابتلينا بهذا..

 

يقول شيخنا العلامة الشيخ سليمان الأحمد رحمة الله تعالى ورضوانه عليه:

لقـد أطلتُــم علـى زيـدٍ ثنــاءكُــمُ   والمـرءُ يَرفـعُ من مدحُ جيرتـه
دعوا المُغالاة إن صدقاً وإن كذباً   فسيرة المرء تُنبي عن سريرته

.....
  الذي ابتُلينا فيه أيها الأخوة من الأحقاد والأضغان يُذكرنا ما ابتُليَ به السابقون، وأنا أُريد أن أُكثر اليوم من الإستشهاد بشعر الشيخ سليمان الأحمد رحمة الله تعالى ورضوانه عليه لما كان له يوم كان في هذه الجبال من لا يُحسن القراءة لما كان له من مكانةٍ علمية عظيمة وجليلة بين المسلمين على اختلاف طوائفهم:

 

ندّعي أننـا على الحق حُزنـا   عن يقيـنٍ وبالوَلايـة فُزنـا
بصدورٍ ملئ حُقوداً وضِغنا   ذاك ممّا ييُفطّرُ القلبَ حُزنا
ويُثيـرُ الكـآبـةَ المَخفيّـة
إنّما المؤمنون يا قوم إخوة   ولنـا في أئمّـةِ الحـق أُسـوة
كُلّنـا يجـذبُ المنـافعَ نَحـوه   طارحاً أمر دينه الحقَ نجوا
طامعاً في نوالِ دنيا دنيّة
أيّهاذي العِصابة المَهدِيَّة   دعوةٌ من أخٍ سليمٍ طويّة
مُنشـداً بالأخـوة الدينيّـة   أن تَحاموا حَميّة الجاهلية
باضطراح الشِقاق والعصبيّة
أنـتُــمُ شيـعـةُ الإمـامِ الـوَصِـيِّ   ومَـوالـي مُحَـمّـدٍ وعَلـيِّ
قد سَلَكتُم على الصِراطِ السَويِّ   وبحبل الله المتين القويِّ
قد تمسّكتُمُ ونِعْمَ المَزِيَّة
لم يكن أمرُكُم عليكُم بغُمَّة   فالوفاق الوفاق يا خير أُمّة
طـاعـةً منكُـمُ لأمرِ الأئمّـة   فبها ندفـعُ الخُطوبَ المُلِمَّـة
وبصدقِ الإخلاصِ والوطنيّة
ودعـوا الفخر بانتسابٍ قبيـحِ   من صريحٍ من وغيرِ صريحِ
أيُّ قُربى ما بينَ جِسمٍ وروحِ   حسبُنا نِسبةُ الولاءِ الصحيحِ
للمَوالي والعِترَةِ الأحمَديّة

تابع مشاهدة الخُطبتين لتعرف فتوى العلّامة في غنائم الحرب..