خطبتا صلاة الجمعة في 6 حزيران 2014م

أُضيف بتاريخ الجمعة, 05/06/2015 - 14:34
(فيديو + مُلَخّص عن خطبتيّ صلاة الجمعة في 6 حزيران 2014م)

  موضوع الخطبتين:
- شهر شعبان شهر رسول الله ص وآله الذي قال فيه رسول الله: (إنّ شعبان شهري، فرحم الله من أعانني على شهري).
- كيف نعين رسول الله ص وآله على شهره شهر شعبان.
- هو الشهر الذي ولد فيه الإمام المهدي الذي تنتظر الأمّة الفرج على يديه..
- هو الشهر الذي وُلد فيه الإمام الحسين الذي خرج من أجل أن يحفظ سُنّة رسول الله ص وآله..
- الدين والإيمان.. الدين هو الحب والبغض الحب لله والبغض لله. وهل الدين إلاّ الحب!
- قول الشيخ عبد الكريم محمد رحمة الله تعالى ورضوانه عليه في الدين والحب.
- قول الشيخ محمود سليمان الخطيب رحمة الله تعالى ورضوانه عليه في الدين والحب والردّ على أنّ الذين حسبوا إنما الدين هو إنما هو كلامٌ أو زِيٌّ أو لباس.
- الحديث عن كلام الرئيس أنّ التعبير عن الفرح والإبتهاج لا يُسوّغ لنا اطلاق النار في الهواء وأنّ هناك من يُقاتل وهو أولى بهذا الرصاص..
- إذا كنت تحب رسول الله ص وآله فإنّ طاعته له هي دليل محبتك وإذا كنت تحب فلاناً من الناس فإنّ طاعتك له هي دليل محبتك.
- لن أدعوَ للرئيس على المنبر لأن الدعاء قد ألغاه الرئيس وأنا لا أريد أن أكون منافقاً كالذين كانوا يدعون له ثم يُحرّضوا الناس .
- كيف تكون وطنياً؟.


الخُطبة الأولى:

أصبحنا في شهر رسول الله (ص وآله) شهر شعبان الذي جاء فيه من الفضل العظيم والذكر الكبير ما جاء في أخبار رسول الله ص وآله من فضله وجلالته وكرامته.

هذا الشهر الذي من صام فيه يوماً وجبت له الجنة البتة، ومن صام فيه يومين نظر الله تعالى إليه في دار الدنيا وفي جنته، ومن صام فيه ثلاثة أيام زار الله عز وجل في عرشه وهو في جنّته.

هذا الشهر العظيم الجليل الذي قال فيه رسول الله: (إنّ شعبان شهري فرحم الله من أعانني على شهري).

كيف نعين رسول الله ص وآله على شهره شهر شعبان. وهل يحتاج (ص وآله) إلى معين منّا! نعينه باتباعنا أمره وبتسليمنا وبطاعتنا، فقد جاء في كثير من كلام الأئمة (فأعينونا بورعٍ واجتهاد).

الذي يريد أن يشفع له رسول الله ص وآله فليجتنب السيئات ليستحق شفاعة رسول الله (ص وآله) ليجتنب ما نُهي عنه، بهذا يكون ممّن أعان رسول الله ص وآله في شهره، يُعينه من أجل أن يشفع له.

لو أنّ أحدنا جاءه رجل يطلب منه أن يكون شفيعاً له عند رجل آخر، ينظر في عمله إذا وجد فيه شيئاً قبيحاً فإنه لا يرضى أن يكون شفيعاً لذلك الرجل عند مخلوق مثله، فكيف إذا كنت تطلب شفاعة رسول الله ص وآله عند ربّه!..........

إذا رأى أحدنا من رجل فعلا قبيحًا، حاول الابتعاد عنه ما استطاع، وإذا كان من الذين قالوا بأحدٍ من الناس مادحين أو موصين، ثم ظهر منه فعلٌ قبيحُ وجد الإنسان في نفسه ما يقتضي أن يعتذر وإن لم يكن فاعلًا ذلك الفعل، واجتهد  أن يبرأ منه، وأن يجتنب الدخول فيما فعل.

الذي يريد أن يشفع له رسول الله ص وآله، فليكن ورعًا، ليتورّع عن محارم الله عز وجل، من أجل أن يستحق شفاعة رسول الله، وأن ينظر أحدنا كما قلنا في نفسه، أنه لا يرضى أن يشفع لمذنب فعل القبيح، فكيف يرجو شفاعة رسول الله وهو لا يفعل من الفعل الحسن ما يستحق به أن يشفع له رسول الله ص وآله!

كلنا يقرأ أن هذا الشهر هو شهره، الذي يريد أن يُعين رسول الله فليجتهد أن يعمل عملاً صالحاً يستحق فيه شفاعته في شهره وفي غير شهره، لكن في هذا الشهر مزيّة عند رسول الله ص وآله ليست لغيره... هذا شهر يطّلع الله عز وجل فيه إلى خلقه، جاء في كثير من الأحاديث أنه يغفر لخلقه لجميع خلقه، إلّا مُشرك أو مُشاحن. المشرك بالله كل من فعل فعلا يريد به غير وجه الله عز وجل، والمُشاحن هو المُعادي، كل من في قلبه عداوة، أو في قلبه حقد، أو في قلبه حسد، فلا ينتظرنَّ أن يكون من الذين غفر الله لهم في هذا الشهر.
هو الشهر الذي ولد فيه الإمام المهدي ع الذي تنتظر الأمّة الفرج على يديه..

هو الشهر الذي وُلد فيه الإمام الحسين الذي خرج من أجل أن يحفظ سُنّة رسول الله ص وآله..

فضل هذا الشهر عظيم، نسأل الله عز وجل أن نكون ممّن عرف فضله وأدّى فيه حق الله. اللهم صل على محمد وآل محمد...

دعاء الإمام علي زين العابدين في كل يوم من شهر شعبان، شهر جدّه رسول الله ص وآله... وكان من دعائه


الخُطبة الثانية:
  قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ﴾ -أي لأثمتم ولأخطأتم- ﴿ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ الحجرات (7)
الحُب الذي جعله الله عز وجل في قلوبنا أن حبّب إلينا الإيمان وكرّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، هو الأمر الذي نحتاج إلى دليل من أنفسنا على تصديقنا بهذا الأمر وعلى اتباعنا له، نسمع أنّ الحب في الله والبغض في الله، حديث الإمام الصادق عليه السلام: (إنّ من أوثق عُرى الإيمان أن تُحب في الله وأن تُبغض في الله وأن تُعطي في الله وأن تمنع في الله).
تعطي في الله عز وجل وتمنع إذا منعت من لا تراه أهلاً أيضاً لله عز وجل.. إذا أحببت وإذا أبغضت وإذا أعطيت وإذا منعت ينبغي أن يكون عملك كله خالصاً لوجه الله.. لا تُعطي من أجل فلان ولا تمنع من أجل فلان فما كان لله فهو لله وما كان لغيره فلا نفع فيه...
فكيف كانت أعمالنا ونحن نرجو من هذا الذي ذكرناه.
﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ آل عمران (31)

  الدين والإيمان.. الدين هو الحب والبغض الحب لله والبغض لله، ليس من أجل غير الله عز وجل.
سُئل الإمام الصادق عن الحب والبغض إذا كانا من الإيمان؟ فقال: وهل الإيمان إلا الحب والبغض. ثم ذكر له قوله تعالى حبب إليكم الإيمان..
وسأله آخر عن الحب؟ فقال: وهل الدين إلاّ الحب!
الدين هو الحب، الدين أن تكون كريماً، الدين أن لا تكون حاسداً، والدين أن لا تكون حاقدا.
قال الشيخ عبد الكريم محمد رحمة الله تعالى ورضوانه عليه:

الحب في الله فرض واجبٌ أبداً***والبغض في لله فيه الأجر للرجُلّ
من يبتغي البَغيَ أو يَبسُط به يدهُ***لا بُدّ يُعقب ذاك البسط بالشلل
ولم يجد تاركُ الحزم الشديد سوى***فرْطِ الندامة والخُسران والفشل
ولم ينل طالبٌ من غير خالقه***في الدهر رزقاً سوى الحرمان والخجل

قال الشيخ محمود سليمان الخطيب رحمة الله تعالى ورضوانه عليه:

الحب جنّات العُلى وجليّها الداني الذلول
والدين عنوان السعادة بل ومصدرها الأصيل
والدين خيرٌ كلّه وسواه شرّ مُستطيل
والدين ما جاء الكتاب به وصدّقه الرسول
الدين حُبٌّ خالصٌ النور فيه والدليل
الدين يدعو للصلاح فلا يجورُ ولا يَميل
الدين في كف الضعيف في رد فيصله الصقيل
فيه يهون الظالم الباغي ويعتز الذليل

 

هذا هو الدين الذي أراده الله لعباده والذي أمر به عباده، أن نُعز الذليل في الحق وأن نُهين الظالم في الباطل.
الدين الذي أمر الله عز وجل به هو الصلاح أن تدعو أن لا تجور وأن لا تميل..
ثم يردّ على أنّ الذين حسبوا إنما الدين هو إنما هو كلامٌ أو زِيٌّ أو لباس:

ظنّوا بأنّ الدين دعوة كلها قال وقيل
ظنوا بأن الدين فرّقنا فشطّ بنا الزميل
ما ذنبُ دين الله إن نكذب ونُخلف ما نقول
ما ذنب دين الله إن نأتي المناكر ونَعول

ما ذنب دين الله يا عباد الله أن يكون أحدنا كاذباً أو جائراً أو ظالماً وهو يشهد أن فعله ليس من الدين وما أمره الله عز وجل به، فما ذنب دين الله؟! ليس هذا من دين الله وما بهذا أمر الله وما لهذا خلقتم وما بهذا أُمرتم..

  الحديث عن إعلان نتيجة الإنتخابات وانتخاب السيد الرئيس.. والحديث عن كلام الرئيس أنّ التعبير عن الفرح والإبتهاج لا يُسوّغ لنا اطلاق النار في الهواء وأنّ هناك من يُقاتل وهو أولى بهذا الرصاص.. من الذي التفت إلى هذا الأمر، من الذي اهتم بهذا الأمر؟!.
كنا نحدث القوم ونقول لهم قال الله عز وجل وقال لهم رسول الله ونقول قال الإمام الصادق (أدنى حدّ الإسراف إهراق فضل الإناء) لو أنكّ شربت ثم بقي في هذا الكوب شيئاً ثم ألقيت هذا الماء لكان هذا أول حد الإسراف..
نريد أن نعرف ما هو سبب ما جرى أهو حُبٌّ لذلك الرجل؟ إذا كان حُباً كان أولى أن يُطاع لا أن يُعصى.. إذا أحببت رجلاً فينبغي أن أُطيعه يقول لي لا تُطلق النار فأقول له أحبك ولكنني أريد أن أطلق النار!! ما هذا الحب ما هذا الولاء ما هذه الطاعة؟!!
إما أن نكون صادقين فنطيعه وإمّا أن نكون كاذبين فنُخالفه.
من أجل ماذا ولما وما علّة ذلك وما السبب فيه؟!..
  في طرطوس وحدها وبعد خمس دقائق قُتل طفل برصاصة في رأسه وأصيبت فتاة برصاصة في صدرها فمن الذي يحمل هذه الدماء في عروقه.؟!..
إذا كنت تحب رسول الله ص وآله فإنّ طاعته له هي دليل محبتك وإذا كنت تحب فلاناً من الناس فإنّ طاعتك له هي دليل محبتك.
اذكروا حديث الصادق عليه السلام حين قال: إنّ إبليس لمّا أمكره الله عز وجل بالسجود لآدم قال ربّي أعفني من السجود لآدم وأنا أعبدك عبادة لم يعبدكها ملك مُقرّب ولا نبيّ مُرسل. فقال الله عز وجل: إنّ العبادة من حيث أُريد ولا من حيث تُريد.
  إنّ الذي يفعل هذه الأفاعيل لا نستطيع أن نُصدّق أنّ فيه شيئاً من الحب لمنّ يدّعي ولا أنّ فيه شيئاً من الحب لهذا الوطن.. الذي يريد أن يكون وطنياً إنما يكون بفعله وليس بكلامه.

  استوقفني أحدهم يوم خطبت في مسجد غير هذا وسألني ماذا ستقول؟ ثم ذكرت له ماذا سأقول فقال بعد هذا الدعاء للرئيس . قلت له لن أدعوَ للرئيس لأن الدعاء قد ألغاه الرئيس وأنا لا أريد أن أكون منافقاً كالذين كانوا يدعون له ثم يُحرّضوا الناس . الذي يريد أن يدعو والذي يريد أن يعمل فليعمل وهو مخلص لا يتحدث ثم يكون بعد هذا من المنافقين. هو الذي قال ألغوا الدعاء أنا لا أريد تكلموا في محاسن الأخلاق الذي يريد أن يدعُوَ لنا فليدعو بقلبه. قلت له أنا لن أدعو لأن أكثر الذين كانوا وبشهادته كانوا يدعون له كانوا يُقدّموا له الناس على هذا صاحب فضل وهذا صاحب فضيلة وأكثرهم من المُهرّبين والمُجرمين. الذي يريد أن يكون وطنياً فليكن بفعله كُل هذا ينبغي أن يُنظر فيه.
لا تكون وطنيتك أن توقفنا في جنازة شهيد نصف ساعة من أجل أن تقول لنا قال فلان وقال فلان.
ولا تكون وطنيتك أن تكملأ الدنيا رصاصاً من أجل أن تدلّنا على هذا.
ولا تكون وطنيتك أن تُجامل.. تكون وطنيتك أن تعمل ومن كان على غير هذا فلسنا نعتمد عليه ولا نلتفت إليه.
من أراد أن يكون وطنياً فليعمل بما ينتفع به ثم ما ينفع به أهله وجيرانه وأصدقاءه، هكذا تكون الوطنية، أما أن نفعل بخلاف ما أُمرنا وأن نُبطن خلاف ما أظهرنا وأن نُظهر خلاف ما أبطنّا فهذا يجعلنا أقرب إلى المنافقين...