14- عناية الإسلام بالعلم.

أُضيف بتاريخ الخميس, 22/07/2021 - 04:37

14- عناية الإسلام بالعلم.

النّاظر بعين البصيرة يرى عَيانًا ويُؤَكّد جَزمًا، ومنذ بعثه الرّسول  والوحي إليه في غار حَرَّاء، أوّل آية نزلت عليه  تُعطي المُؤَشّر الصحيح على اهتمام الإسلام وعنايته بالنّواحي العلمية والتفكير العقلي والتأمّل والمعرفة بدليل الآية الأولى من وحي السّماء على خاتم الرّسل وسيّد الأنبياء من لَدُن حكيمٍ خبير.

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ 1 خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ 2 اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ 3 الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ 4 عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ 5 [العلق]

والإسلام هو الدّين الصالح لكل زمان ومكان وأُمَّة كما هو مهما تطوّر الإنسان، وتقدّم في الاكتشافات العلمية، فهو يسير معه جنبًا إلى جنب، ليس كما ظنّ بعض الجهلة من أبناء هذا العصر! 

الإسلام ليس مُعاديًا للعلم، ولا للتجربة الحسيّة الآليّة التي يقوم عليها، وليس مُعاديًا للصناعة ولا للتطوّر الصناعي، بل هو يدفع إلى الأمرين معًا دفعًا قويًّا لأنّه من الله والله   يقول: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ 11 [الأنعام]، وقوله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ 15[الملك].

فحثّ القرآن الكريم المؤمنين به على إجراء الاختبار والامتحان للأحداث يستخلصوا منها، كما حثّهم على النّظر في السّماء والأرض حتى يقفوا على ما فيها من قِوًى وانسجام بينهما، فيشهدوا بذلك على الخالق الذي خلقهما، وكما حثّهم على السَّيْر في الأرض والتنقيب عمّا فيها من مصادر الثروة ليضمنوا لأنفسهم الرزق بعد أن أخبرهم بأنّهم مُمَكَّنونَ منها وإنّ لهم السيّادة عليها.

وكُل هذا يدفع المؤمن بالإسلام إلى أن يختبر القضايا، ويُجري من التجارب ما يشاء ليصل إلى حُكمٍ دقيقٍ، كما يدفعه إلى إحكام النظر ليس فقط وقت نزول القرآن، وإنّما على الدّوام بعد ذلك، وفي كُلّ جيل من أجيال المؤمنين، إلى كشف طبيعة السماء وطبيعة الأرض، وكما يدفعه إلى الاستمرار في الكشف عن مَواطِن الرّزق في الأرض، وهي عديدة، وليست وَقفًا على الزراعة وحدها، ولا على الثروة الحيوانية القائمة على سطح الأرض وإنّما ما في باطنها قبل ما فوق ظاهرها، هذا الذي يقوله القرآن هنا، وكما يقول  في الآية الكريمة: وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 14 [النحل]، ويقول في آية أُخرى: ..وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ.. 25 [الحديد].

فكما جَعَلَ للإنسان الأرضَ ذَلولًا ومَكَّنَهُ منها، وجَعَلَهُ ذا سيادةٍ عليها، ينتفع بالسّير فوقها والتفتيش عمّا في بطنها مُسَخَّرٌ له البحر، وجعله مصدر ثروة وقوّة، ثروة تُعينه على البقاء، وقوّة تُعينه على الاستمرار فيه، وجعله أيضًا ذا قوّةٍ وبأسٍ عن طريق إعلامه وإرشاده إلى الحديد كمادّة للصناعة وكمركز للقوّة المّاديّة.