18- هل الكون صُدفة.

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 03/08/2021 - 10:04

18- هل الكون صُدفة.


أقول: يرى بعض الناس [[إنّ الكون جاء صُدفةً، ونُظِّمَ صُدفَةً، ويسير بغير دليل. سبحان الله!!.

ما هذه الصدفة؟ هل يُمكن تفسيرها؟ أوَلا تعني الصدفة سوى أنّ حادثتين وقعتا في حالة واحدة، وكان لكل واحدة منهما سببها. إلّا أنّه كانت وقوعهما معًا حكمة جديدة.

هذه هي الصدفة التي نعرفها، ولا نعرف الصدفة عملًا بغير عامل، أو خَلْقًا بغير خالق، أو حادثًا بدون سبب!!.

الكون لم يحدث بل كان أزليًّا، هل هذا صحيح؟

كلّا!. 

إنّ جميع ما نُشاهده يدلّ على حدوثه، تطوّره، تناميه، تناقصه، حاجة بعضه إلى بعض، تركيب أجزائه بدقّة وتناسق. 

إنَّ في هذه آيات الحدوث.. بل كل اكتشافات العلم تهدي إلى أنّ للوجود عمرًا محدودًا.

فالحرارة المُتاحة للحياة تتناقص، وعمر النجوم محسوب، والأرض لم تكن ثم كانت، والوجود كان مركزًا ثم حدث فيه انفجار هائل، ثم أخذ يتباعد وأنّه سيرسو في نهايةٍ محدودةٍ.
إنّ لحظةً ما تكفي لمعرفة الحقيقة.

والله سبحانه يقول: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا [الأنبياء 30].

وهل هي بحاجة إلى لفتة نظر، حتى نعرف أنّ هناك من نحتار في كُنهه ولا نعرف إلّا أنّه شيءٌ فوق الأشياء، شيء لا يُشبهه الأشياء، وهو قادر عليم، وهو الذي أبدع الكون إبداعًا. 

هل هي الصدفة التي نسّقت علاقة الأشياء ببعضها، فصدفةٌ وبدون أي حِكمة أو تدبير كانت حركة كوكبنا (الأرض) حول الشمس منضبطة تمام الانضباط، بحيث لا يُمكن أن يحدث أدنى تغيّر في سرعة دورانها حتى بعد مرور قرن من الزمان.

وصدفة كان نظام القمر الذي يتبع في حركته الأرض يدور في فلكٍ مُقرّرٍ ومُنضبط مع تفاوت يسير يتكرّر بدقّة فائقة.

هل هي صدفة؟. 

نحن لا نفقه من لفظة الحكمة إلّا النظام الدقيق، فهل هم يفهمون منها ما يُرادف كلمة الصدفة.

إنّ الفضاء الكوني فسيحٌ جِدًّا تتحرّك فيه كواكب لا حصر لها.1  بحيث لو أُوتِيتَ -فَرَضًا- أجنحةً من نور وسارت بك ألف مليون سنة سرعة الضوء لما قدرت أن تحيط بالكون، لأنّه في توسّع مستمر يسبق أجنحتك الخيالية بالسرعة.

إنّ دقّة التنسيق وروعته تُبهران الإنسان وهو يتدبّر في آفاق السماوات التي تهتف به أنّها تُدَبَّرُ من لَدُنِ حكيم عليم.]] 2

فسبحان من له تدبير الخلق والأمر، ولا يُعجِزُهُ شيءٌ في الأرض ولا في السّماء.

  • 1أقوى تلسكوب في العالم يستقر في (ماونت بالومار) في الولايات المتحدة ويشاهد بلايين النجوم.
  • 2محمد تقي المدرسي: الفكر الإسلامي مواجهة حضارية (الدليل إلى الله) ص166-196 دار التربية - بيروت 1389.