25. النبّوة والولاية عند العلويين النصيريين

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 09/11/2010 - 00:57

الفِرْيَة الخامسة والعشرون

( يزعمون أنّ الولاية أعلى من النبوة لأن الإمام المعصوم مصدر الإرادة الإلهية من دون وحي أو واسطة لأنه تحت تأثير الإرادة الإلهية مباشرة ﴾

إنّ إطلاق هذه التهمة يدل على تخبّط القوم وتعمّدهم الكذب:

  • فقد قالوا في الفِرْيَة الرابعة بأنّنا (نزعم بوجودِ جزءٍ إلهي في علي).
  • وقالوا في الفِرْيَة الرابعة عشر بأنّ أبا شعيب -مؤسس المذهب كما زعموا- (غالى في الأئمة إذ نسبهم إلى الألوهية).
  • وقالوا في الفِرْيَة الثانية والعشرين أننا (جعلنا علياً إلهاً).
  • وفي هذه الفِرْيَة قالوا بأننا نزعم (بأنّ الولاية أعلى من النبوة، وأنّ الإمام المعصوم مصدر الإرادة الإلهية، وهو تحت تأثيرها مباشرة!).

فهل يوجد تناقض أكثر من هذا؟
وهل يوجد دليل أوضح من هذا الدليل على بطلان مزاعمهم، وبأنّهم يعتمدون على الكذب المفرط لإلصاق التهم بنا؟.
فكيف يتفق أن يكون إلها وفي نفس الوقت فيه جزء من الألوهية، بالإضافة إلى أنّه تحت تأثير الإرادة الإلهية؟!

فإن دلّ هذا التناقض على شيء فإنما يدل على سقوط مُفترياتهم الغير مُنسجمة مع بعضها البعض والغير مُتفقة مع عقائدنا الحَقَّه، لأنّ الحق هو فيما نقوله ونُعلنه بملئ إرادتنا، لا خوفاً من هذا ولا طمعاً وتقرّباً من ذاك، بل إعلاناً للحق الذي نكنّه ونعتقده ما دام فينا عرق ينبض بنعمة الولاية.

فالولاية (الإمامة) عندنا وفي منهاجنا المستوحى من كتاب الله وسنّة رسوله(ص وآله) تأتي بعد النبوة الخاصة (المراد بالنبوة الخاصة نبوة سيّدنا محمد(ص وآله) لأنه خاتم الأنبياء والمرسلين) ودونها في المنزلة لقوله تعالى ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ المائدة\55.

لقد أجمع العلماء على نزول هذه الآية في علي بن أبي طالب(ع) حينما تصدّق بخاتمه وهو يصلي في المسجد. 1

وهي (الولاية) فوق النبوة العامة (المراد بها كافة الأنبياء والمرسلين باستثناء سيّدنا محمد).
فإن احتج قائلٌ بقوله: وهل هناك تفاضل بين الأنبياء والله تعالى يقول ﴿ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ﴾ البقرة\285؟
قلنا له: نعم هناك تفاضل بينهم بيَّنه الله تعالى في كتابه بقوله وهو أصدق القائلين ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ﴾ البقرة\253. وإنّ سيّدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله هو أرفعهم درجة وأعظمهم عند الله منزلة.

وأما معنى الآية ﴿ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ﴾ فالمراد أي لا نفرّق بين أحد من الرسل بأنّهم مبعوثون من عند الله إلى أُمَمِهِم، وبأنّهم متساوون بالسمع والطاعة ﴿ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ البقرة\285.

»   أما علو ورتبة الإمام صاحب الولاية على مراتبهم فدليله حديـث المنزلــة المروي بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله(ص وآله) : قال رسول الله(ص وآله): يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيَّ بعدي. 2

والدّال بمضمونه ومبناه على أنّ أمير المؤمنين خير الخلائق عند رب العالمين بعد النبي الأمين (ص وآله)، والدّال أيضاً على أنه الخليفة بعد الرسول (ص وآله)، وعلى قربه منه، وعلى عصمته المقترنة بعصمته (ص وآله)، وعلى وجوب طاعته (ع) كطاعته (ص وآله).

»   ودليل آخر على أنّ الإمامة أعلى من النبوة العامة قوله تعالى مخاطباً إبراهيم الخليل ﴿ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ﴾ البقرة\124، وذلك بعد أن كان نبياً مرسلاً.

وعن سبط ابن الجوزي (وهو من أعلام السنّة) : قال رسول الله (ص وآله) :

الصدّيقون ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجار مؤمن آل يس، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم.
وحزقيل كان نبياً من أنبياء بني إسرائيل مثل يوشع، فدلّ على فضل علي(ع) على أنبياء بني إسرائيل .
(ابن الجوزي \ تذكرة الخواص ص\52 ط نجف)

  • 1 فمنهم:
    الواقدي في"ذخائر العقبى"   - الحافظ الصنعاني في "تفسير إبن كثير"   - إبن أبي شيبة الكوفي في تفسيره   - أبو جعفر الإسكافي المعتزلي في رسالته التي ردّ بها على الجاحظ   - الحافظ عبد بن حميد الكشي في تفسيره كما في "الدر المنثور"   - أبو سعيد الأشبح الكوفي في تفسيره   - النسائي في صحيحه   - الطبري في تفسيره   - الرازي   - أبو القاسم الطبراني في "معجمه الأوسط"   - الحافظ أبو بكر الجعاص الرازي في "أحكام القرآن"   - أبو الحسن علي بن عيسى الرماني في تفسيره   - أبو الحسن الواحديالنيسابوري في "أسباب النزول"   - إبن المغازلي الشافعي في" المناقب من خمس طرق"   - شيخ المعتزلة عبد السلام بن محمد القزويني في تفسيره الكبير   - البغوي الشافعي في تفسيره " معالم التنزيل هامش الخازن"   - الزمخشري الحنفي في "الكشاف"   - الخوارزمي في "المناقب"   - إبن عساكر في "تاريخ الشام" بعدّة طرق   - إبن الجوزي الحنبلي وغيرهم.
  • 2 أخرج هذا الحديث البخاري في صحيحه من كتاب المغازي ومن كتاب بدء الخلق.
    وأخرجه مسلم بن حجاج في صحيحه في كتاب فضل الصحابة.
    وأحمد بن حنبل في مسنده.
    وقد صرح بعض علماء السنّة بأنّ هذا الحديث متواتر كجلال الدين السيوطي في كتبه الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة، وإزالة الخفاء وقرة العينين.
    وقال الكنجي الشافعي في كتابه كفاية الطالب: هذا حديث متفق على صحته رواه الأئمة الأعلام...الخ.