تعقيب يخص الرد على الكاتب اللبناني عماد شمعون

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 10/11/2010 - 18:02

لقد استند إلى هذه الموسوعة بعض الكتـّاب المعاصرين، وأخص منهم بالذكر الكاتب اللبناني عماد شمعون، في كتابه المطبوع سنة 1955م، تحت عنوان "آية الله السيد حسين فضل الله.. داعية حوار.. أم ذمية"، والصادر عن دار بيسان للنشر والتوزيع والإعلان، بطبعته الأولى.

ناقش هذا الكاتب قضية (الحوار الإسلامي المسيحي) المطروحة على أرض الواقع في الساحة اللبنانية، وذلك من خلال نقض فكر السيد محمد حسين فضل الله، وعالج الموضوع من وجهة نظره الخاصة واعترض على ما اعترض عليه، ولسنا الآن بصدد تقييم أفكاره واستنتاجاته، ومناقشة كتابه، فأفكاره تخصّه، واستنتاجاته تعود إليه وتُلزمه، وكتابه لا يهمّنا، وكذلك لسنا بوارد طرح وجهة نظرنا في هذه القضية المعقدة سياسياً، والبسيطة اجتماعياً، ولكننا بصدد مناقشة ما يتعلق بنا ويخصنا.

  تعرّض هذا الكاتب للطائفة الإسلامية العلوية بطريقة مباشرة ومرفوضة ، وذلك من خلال عرضه موجزاً عن النشأة التاريخية للتيار الشيعي وأبرز الفِرق التي تشعّبت عنه، تمهيداً لبحثه كما قال.
ولكن هل التزم هذا الكاتب بأصول البحث والكتابة والتاريخ كما يُفترض به؟
والجواب وبكل بساطة...لا.

فبدل من أن يستند على مصادر القوم للتعريف عنهم كما فعل مع غيرهم، انتقل بفكره إلى السعودية، وتربّع في أحضان الوهابية، واستقى مصادره من (كرمهم الوافر)، فوقع بما لم يَحسِب حسابه، وذلك من خلال نقله لأكاذيب تدحضها الوقائع. وسأضرب على ذلك مثلاً:

»   فقد نقل عنهم بأنّ العلويين ( لا يُصلّون الجمعة وليس لهم مساجد ) ...
وكل لبناني يستطيع أن يفند هذه المزاعم بزيارة سريعة إلى مدينة طرابلس لمشاهدة المساجد العلوية، وخصوصاً يوم الجمعة حيث يسمع الخطبة، ويعلم بأنّ هذه المساجد عامرةٌ بذكر الله رغماً عن أنوف الوهابيين وغيرهم.
وكذلك في عكار يوجد عدة مساجد أخرى تُقام بها الصلاة اليومية والجمعة والأعياد والمناسبات الرسمية.
وهذا دليل على أنّ هؤلاء الكتاب دأبهم تكذيب الوقائع، وتحريف الحقائق، بغضاً وتعصباً.

» وألفت النظر إلى أنّ هذا الكاتب حينما عرف الشيعة استند إلى مصادرهم المعتمدة، ولكنه حينما كتب عن العلويين أهمل مصادرهم وهي كثيرة واستند على أصحاب هذه الموسوعة الوهابية، المليئة بالأباطيل وهذا أمرٌ لا يخلو من غايات لا حاجة إلى ذكرها، فالضالعون في هذه القضايا يعرفونها.

»   وقضيتنا مع هؤلاء الكتّاب تذكرني بالقصة التالية:
أنّ رجلاً بلغه موت أحد أصدقائه في السفر فحزن عليه حزناً شديداً وجزع لفقده، واتفق أنّ صديقه عادَ من سفره سالماً، فلقيه يوماً في الطريق، فسلم عليه وهو يبكي ويقول:
عظّم الله أجورنا فيك أيها الأخ العزيز فلقد شقّ علينا موتك، فإنا لله وإنّا إليه راجعون.
فضحك صديقه وقال: وها أنا بحمد الله رجعت سالماً.
فقال: إنّ الذي أخبرني بموتك أصدق منك أيها الأخ!!!.

وها نحن نبرهنُ عياناً عن حقيقتنا فيأبى أولئك المُقلّدون تصديقنا لأنّ الحاقدين والمُتربّصين بنا شرّاً أملوا عليهم ما يُريدون.
وأقول لهذا الكاتب الذي حمّل نفسه مشقة التعريف عنّا من ألسِنة الحاقدين وكذّب العيان بالبهتان:
هدّئ من روعك أيها المُتحَامِل ودع القوم وشأنهم والتفت إلى ما يَعنيك فهم بغنى عن تعريفك وتحريفك...
وكنّا نتمنى أن تخوض في الحوار المسيحي المسيحي بدل من الحوار الإسلامي المسيحي لتخبرنا وتوضّح لنا معنى قول، ول ديورانت:
(أنّ أتباع المسيح انقسموا في القرون الثلاثة الأولى إلى مئة عقيدة وعقيدة.
أمّا الشِيَع الضالة الأخرى فقد كانت مِمّا يُخَطّئه العد والحصر، كالمتخيلة، والثيودوتية، والمتبنية، والظاهرية، والسابلية وغيرهن) 1 .

وهذه القضايا والخلافات العقائدية في الديانة المسيحية لا تهمّنا وليست من شأننا فلها أهلها والعاملون عليها، ولكن ما نتمناه من أصحابها عدم التدخل في شؤوننا وليهتموا فيما يهمّهم حتى لا يسمعوا ما يغمّهم، فالإسلام والمسلمون رغم ما جرى بينهم بألف خير بالنسبة لغيرهم.

وختاماً أخاطب صاحِبَنا بقول السيد المسيح عليه السلام:

لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك وأما الخشبة التي هي في عينيك فلا تفطن لها.
أو كيف تقدر أن تقول لأخيك يا أخي دعني أخرجُ القذى الذي في عينيك وأنت لا تنظر الخشبة التي في عينك.
يا مُرائي
أخرِجْ الخشبة من عينك وحينئذٍ تبصرُ جيداً أن تخرج القذى الذي في عين أخيك.
(انجيل لوقا: الإصحاح السادس 41-42).

مع أننا والحمد لله لا يوجد قذى في أعيننا ولا خلافاتٍ في عقيدتنا...

قبيحٌ من الإنسانِ ينسى عيوبـهُ   ويـذكـرُ عيباً في أخيه قد اختفى
ولو كان ذا عقلٍ لما عابَ غيرهُ   وفيه عيوبٌ لو رآها، بها اكتفى

  • 1 قصة الحضارة: ج11، ص 194. وقد أوضح صاحب الكتاب أنّ:
    المتخيلة : هي التي تقول أنّ جسم المسيح لم يكن لحماً ودماً، بل شبحاً وخيالاً.
    الثيودوتية : التي لم تر في المسيح أكثر من إنسان.
    المتبنية : التي ترى أنّ المسيح كان بمولده رجلاً عادياً.
    الظاهرية : القائلة أنّ الأب والإبن والروح القدس ليست أقانيم منفصلة، بل هي صور مختلفة يظهر الله بها للإنسان.
    وبعد أن ذكر عدة فرق غيرها وشرح معتقداتها ختم قائلاً:
    وهكذا بدأ الجدل الذي دام مئتا عام سينتهي إلى إفناء شخصية المسيح إفناءً تاماً.