العيد يكون في عدم المعصية. ما تُعطيه يُرافقكَ إلى يوم القيامة والدين، وما تدّخره في دُنياك يبقى لأهل الدنيا. 19 تموز 2021م

أُضيف بتاريخ الخميس, 29/06/2023 - 11:05

العيد يكون في عدم المعصية. ما تُعطيه يُرافقكَ إلى يوم القيامة والدين، وما تدّخره في دُنياك يبقى لأهل الدنيا.!
في 19 تموز 2021م

جاء في كلام مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب  لمن كان يُهَنِّئُهُ في عيد من الأعياد، أن قال له:

إنّما هو عيدٌ لمن قَبِلَ اللهُ صِيامَه، ولمن شكر الله قيامَه، وكُلُّ يومٍ لا يُعصى الله عز وجل فيه فهو عيد.

فالعيدُ، ما يكتسب به الإنسان الحسنات، وما يُجدّد به الطاعات.

في كُلّ يومٍ تُشرق فيه الشمس، تُذهِبُ فيه يومًا من عُمُرِهِ، يكون مسؤولًا بين يَدَيّ ربّه عمّا سيُقدّم في هذا اليوم، وعمّا يُسلِفُ في هذا اليوم. 

(كُلُّ يومٍ لا يُعصى الله سبحانه وتعالى فيه فهو عيد).

فمعنى العيد على هذه الرواية أن يكون للإنسان في كُلِّ يوم سعيٌ إلى اكتسابِ حسنةٍ، سعيٌّ إلى استجلاب عملٍ صالحٍ، سعيٌ إلى ادخار شيءٍ من الباقيات الصالحات.

كما يسعى في دُنياه ليدّخرَ شيئًا لأيام جوعه، ولأيام ظمئه، ولأيام فقره، وقد يُصيبُ عارضٌ ما هذه المُدّخرات بالتلف، قد يتلفها، قد يُفسدها، قد يُذهبها، قد يُضيّعُها، ولكنّ ما يدّخره الإنسان من العمل الصالح في خزائن الله عزّ وجَلّ فذلك الذي لا يفنى ولا يتبدّل ولا يضيع، ولا يُصيبُهُ ما يُفسدهُ، ولا يأتيه ما يُتلفهُ.

ما من إنسانٍ يدّخرُ شيئًا إلا ويُعِدُّ له وسائل الحماية ووسائل المُحافظة عليه.

لو ادخر أحدُنا طعامًا لم يستقِم له، لما استقام له أن يحتفظ به حتى يجعله في مكان مُخصّصٍ لحِفظِه.

من ادّخر الطعام جعله في مكان يُبرّدُهُ فيه لِئَلّا يُصيبهُ شيءٌ من العفن، ولِئَلّا يأتي عليه ما يُفسدُهُ، وما يُتلِفُهُ.

وكذلك إذا ادّخرَ شيئًا لأيام فقره من المال، جعله في خزائن من حديد أو استودعه عند من يثِقُ به، أو في المكان الذي يطمئنُّ إليه.

وكُلُّ هذا من كُلِّ هذه الوسائل من صَوْنٍ وحفظٍ وحِمايةٍ، تكون عُرضَةً للتلف، من نارٍ تأتيها، من لِصٍّ يُغِيرُ عليها، كُلُّ هذه الاحتمالات لا يستطيعُ أحدٌ نفيَ وُقوعِها.

فأين الذينَ يجمعون في خزائن الله مِعشار ما جمعوا في خزائن هذه الدنيا.

ما تدّخره في هذه الدنيا ستأكُلُ منه حاجتك، ولن تستطيع أن تزيد على حاجتك، ولا يُعطيكَ أحدٌ طاقةً ولا قُدرة، على أن تحمِلَ منه شيئًا إذا خرجت من هذه الدنيا!

ما تُخَبِّئُهُ في الدنيا يبقى، وما تُعطيه يُرافقكَ إلى يوم القيامة والدين.

ما تتركهُ في دُنياك يبقى لأهل الدنيا، وما تُعطيه هو النور الذي تجدُه في قبرك، هو الأُنسُ الذي تجدُه في قبرك، تكون أنتَ آمنًا إذا كان من حَولَكَ فَزِعًا، تكون ضاحكًا إذا كان من حَولَكَ يبكي.

هذا يومٌ أرادَ الله عز وجل فيه للعباد أن يتواصلوا، وأن يتحابّوا، وأن يُعينَ بعضُهُم بعضًا.

فلنعمل لنكُن من أهل الله عز وجل في هذا اليوم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم مِمَّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّدٍ صلاةً تقبل بها صلاتنا، وتُجيب بها دُعاءنا وتغفر بها ذَنبنا، وتمحو بها سيّئاتنا، وتُغني بها فقرنا، وتجبُر بها كسْرنا، إنّك على كُلّ شيء قدير.

عباد الله، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ﴿النحل 90

اللهم اجعلنا ممّن ذكّرته فتذكّر، وزجرته فانزجر، وأسمعته فسمع وبصّرته فأبصر.

أقول قوليَ هذا وأستغفر الله لي ولكم.