رسالتان في عيد الأضحى حتى تعرف معنى العيد، وحتى تبلغ فيه التقوى! 19 تموز 2021م

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 28/06/2023 - 06:09

رسالتان في عيد الأضحى حتى تعرف معنى العيد، وحتى تبلغ فيه التقوى! في 19 تموز 2021م

هذا يومٌ من الأيام التي أكرمَ اللهُ عزّ وجَلَّ بها عِبادَه، فجعلهُ علامةً على نهايةِ عِبادَة الحَج، أن يتقرّبَ الإنسانُ فيه مُضَحِّيًا إلى ربّه.

ويحملُ هذا العيدُ رسالتين:

  1. الأولى هي التضحيَةُ الحِسِّيَّةُ التي يُقَدِّمُها الإنسان من ذبائحَ، من ضحايا، من قرابين.
  2. والآخِرَةُ هي الأثر الذي يتركُهُ هذا اليوم في قلبِه.

يقول الله عزّ وجَلّ في كتابه الكريم: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴿الحج 36-37

الْبُدْنَ يقول الله عزّ وجَلّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ

أن يقسِمَ الإنسان هذه الأُضحِيَةَ ثلاثة أثلاثٍ:

  1. الأول يتبرّع به، يُطعِمُهُ للناس للفقراء،
  2. والثاني يأكُلُهُ،
  3. والثالث يُهديهِ لمن يُحِب.

بهذا يكون قد أدَّى أمرَ اللهِ سبحانه وتعالى، وساهمَ في إنقاذِ كثيرٍ من الناس لإيصالِ الطعامِ إليهم، ممّن لا يملكونَ طعامًا.

لم يُشرِّعِ الله عز وجل عبادةً إلّا لما فيها من نفعِ الإنسان. ولم يُشرّع شيئًا من حدوده إلّا لما يترتّبُ عليه من أثرٍ في صَونِ المُجتمع، وفي حِفظِهِ، لما يترتّبُ عليه من أثرٍ في أن يُعين الناس، أن يُعينَ بعضهم بعضًا في توادُّهِم وفي تراحُمِهِم، هذا التّوادُّ الذي جاء في الحديثِ النّبويّ: (مَثَلُ المؤمنين والمُسلمين كَمَثَلِ الجَسَدِ الواحِد) مَثَلُهُم في ماذا! مَثَلُهُم في تعاضُدِهِم، في توادُّهِم، في محبّتهم، في تراحُمِهِم. (إذا اشتكى منه عُضوٌ تداعى له سائرُ الأعضاء بالسهر والحُمَّى).

لو أنَّ هذا الحديث وجَدَ قلوبًا واعية، ووجَدَ أنفُسًا راضيَةً به، ووجدَ من يعمَلُ به، لما وجدتَ للضّيقِ أثرًا، ولا رأيتَ من يشكو قِلَّةَ شيء، لو أنَّ الناس صدقوا في إيمانهم لكانوا كالجسد الواحد.

الذي يملِكُ المال يُعطي من لا يملك، الذي يملِكُ الطعام يُطعمُ من لا يجِدُ طعامًا، الذي يملِكُ الماء يسقي من لا يجِدُ ماءً، يكونون بهذا كالجسد الواحد.

الجسد الواحد الذي أرادهُ الله من عِباده في هذا التشبيه. هذه هي صورة الإيمان، ولذلك قال الله عزَّ وجَلَّ: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا لن ينتفعَ الله عز وجل بهذه الضحايا والقرابين وهذه الذبائح، إنّما جعلها ليَبلُغَ الإنسان التقوى في قلبه، ليعلَمَ حِكمةَ الله فيما شَرَعَ له وفيما فَرَضَ عليه.

لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا ولكن اراد أن يكون بهذا، أن يترُكَ أثرًا في قلب الإنسان، يحمِلُهُ على أن يشعُرَ بجوع غيره، وبعَطَشِ غيره. فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ من يسألُ ولا يُلحِفُ يُلِحُّ في السؤال، ومَن يتعرَّضُ ولا يسأل، كُلُّ هؤلاء ممّن فرض الله سبحانه وتعالى في أموال بعضنا بعضًا حقًّا لبعضنا بعضًا.

وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿الذاريات 19﴾ وفي أموالهم جعل الله جعل الله سبحانه وتعالى حقًّا معلومًا للسائل والمحروم، مع أنّه لا يدخل في الزكاة بأنصبتها التي عُرفت لها.

وعلى هذا فالرسالة من العيد أن يعلم الإنسان كيف يُصبِحُ إنسانًا، متى تستفيقُ إنسانيّتُهُ! 

كُلَّما رانَ عليه الجشعُ والطّمع والمادَّةُ في هذه الدنيا، تأتي مُناسبةٌ من هذه المناسبات، يومٌ من أيام الله، ليُوقِظَ فيه ضميرَه ولِيُنَبِّهَ فيه إنسانيته، ولِيَرُدَّهُ إلى حيث أمرهُ الله عزّ وجَل أن يكون. 

لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا، وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ ۚ هاتانِ رسالتان حِكمتان في هذا العيد:

  1. الأولى أن يُخرجَ الإنسان من ماله ما يستطيع،
  2. والثاني أن يجعلهُ خالصًا لوجه الله عزّ وجَلّ، يبلُغُ فيه التّقوى، وكيف يبلُغُ التقوى هو أن يُعطي وأن يمنَح وأن يُكرِم وأن يُطعِم ليكونَ ممَّن عَرَفَ مَعنى العيد.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم مِمَّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّدٍ صلاةً تقبل بها صلاتنا، وتُجيب بها دُعاءنا وتغفر بها ذَنبنا، وتمحو بها سيّئاتنا، وتُغني بها فقرنا، وتجبُر بها كسْرنا، إنّك على كُلّ شيء قدير.

عباد الله، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ﴿النحل 90

اللهم اجعلنا ممّن ذكّرته فتذكّر، وزجرته فانزجر، وأسمعته فسمع وبصّرته فأبصر.

أقول قوليَ هذا وأستغفر الله لي ولكم.