للكون بحكمة الله نظام يحفظه، فما هو نظام إيمان العقلاء والأتقياء الذي يعصمهم ويضمن لهم عَفوَ الله ومغفرته؟ الجمعة في 1 تموز 2022م

أُضيف بتاريخ الجمعة, 11/08/2023 - 04:44


للكون بحكمة الله نظام يحفظه،
فما هو نظام إيمان العقلاء والأتقياء الذي يعصمهم ويضمن لهم عَفوَ الله ومغفرته؟


هذه الخطبة الآخرة من صلاة الجمعة في 01 تمّوز 2022م
لفضيلة الشيخ تمّام أحمد حفظه الله
مسجد الإمام جعفر الصادق (ع) \ قرية عين حفاض \ صافيتا

في كل شيء في هذه الدنيا نِظامٌ يحفظُ بقاء ذلك الشيء، وكُلُّ شيءٍ يختلُّ نِظامُهُ يسقط، وكُلُّ شيءٍ يهوي نظامه يختلّ.

الإنسان كالكَون في هذه الدنيا، الكون بحكمة الله سبحانه وتعالى يجري على قواعِدَ وعلى سُنَن، لا يختل منها شيء، إذا اختل منها شيء تداعى كل ما كان دونه.

كذلك حياة الإنسان، والمجتمع الذي يعيش فيه، والأرض التي يقوم عليها، كل هذه الأشياء مُؤَيَّدَةٌ بنظامٍ إلهيّ، بقانونٍ تسير عليه، ذلك القانون لا يختل ولا يتبدّل، ولا يتغيّر بقدرة الله سبحانه وتعالى.

كُلُّ إنسانٍ علِمَ وِجْهَتَه، وكُلُّ إنسانٍ حَيّ عَلِمَ الغايةَ التي ينتهي إليها، وعلم الطريق الذي يسير عليه، وعلم النهاية التي سيصل إليها.

جسد الإنسان يعمل وَفْقَ أنظمةٍ عصبيّةٍ وهضميةٍ ونفسيّةٍ، إذا اختلّ منها شيء تسرّب المرض فيه، وإذا اختل منها شيء توقّف ذلك العُضوُ عنِ العمل وعُطِّلَ حتى يُداوى ليسترد عافيته وليستعيد قوته ونشاطه، لا يعمل حتّى يُدارى ليسترِدَّ عافيته، ومن أجل أن يخرُجَ من خُمولِهِ الذي أصابه بسبب الجراثيم التي دخلت إليه.

فما عِصمةُ العقلاء والأتقياء؟

عِصمةُ العقلاء والأتقياء أن يعلموا أنّ نظام إيمانهم يجب أن يكون مبنيًّا على أركانٍ، فإنَّ رسول الله  حين أرادَ أن يُبيّنَ كيف بُنِيَ الإسلام، قال: (بُنِيَ الإسلامُ على خَمْسٍ).

شبّههُ بالبيت، هل البيت يرتفع بغير عَمَدٍ، وهل من شيء يقوم بغير أساس، كذلك كان الإسلام مُؤَسّسًا على عباداتٍ هي: الصلاة والزكاة والحج والصيام والجهاد.

كذلك من أراد أن يكون قريبًا من رسول الله، مُقبلًا على طاعة الله، مُدبرًا عن معصيته، فليذكُر حديث نبيّه  حين قال: "من كان عِصمَةَ أمرهِ شهادةَ أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله". هذه التي تعصِمُهُ وتحفَظُهُ وتصُونُهُ، إذِ اللهُ عزّ وجَلَّ خاطب نبيّه، (والله يعصمك من الناس) فبماذا يعتصم المسلم الذي يريد أن يقتديَ بنبيه

قال عليه الصلاة والسلام:

أربعٌ من كُنَّ فيه كان في نور الله الأعظم؛

  1. من كان عِصمَةُ أمرهِ شهادةَ أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله،
  2. ومن إذا أصابتهُ مُصيبةٌ قال إنَّا لله وإنّا إليه راجعون،
  3. ومن إذا أصاب خيرًا قال الحمد لله،
  4. ومن إذا أصاب خطيئةً قال أستغفر الله.

هذه عِصمَةُ أمر المسلم، من أراد أن يكون جِوارَ نبيّه، مُرافقًا للشهداء والأولياء والأنبياء والصالحين، فليَجعَل عِصمَةَ أمره، شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا  خاتم النبيين وتمام عِدَّةِ المُرسلين، هو رسول الله المُبَلِّغُ عن ربّه الهادي البشير النذير، فإنّهُ إذا اعتصمَ بهذا ضَمِنَ عَفوَ الله وضَمِنَ مغفرة ربّه.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم مِمَّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّدٍ صلاةً تقبل بها صلاتنا، وتُجيب بها دُعاءنا وتغفر بها ذَنبنا، وتمحو بها سيّئاتنا، وتُغني بها فقرنا، وتجبُر بها كسْرنا، إنّك على كُلّ شيء قدير.

عباد الله، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿النحل 90﴾ 

اللهم اجعلنا ممّن ذكّرته فتذكّر، وزجرته فانزجر، وأسمعته فسمع وبصّرته فأبصر.

أقول قوليَ هذا وأستغفر الله لي ولكم.