14. العلويون والرفض - العلويون والمهدي (ع) - العلويون وأبو شعيب محمد بن نُصَيْر

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 09/11/2010 - 00:57

الفِرْيَة الرابعة عشر

( بعد وفاة الإمام الحسن العسكري ووفاة أو غيبة (كما يدعي الرافضة) ابنه محمد المهدي استقلَّ بزعامة الطائفة وادعى لنفسه خصائص الأئمة - يريدون السيد محمد بن نُصير - من أهل البيت فجمع بذلك الباب والإمامة وأنه الممثل الوحيد والمرجع للناس من بعده، وادعى النبوة والرسالة وغلا في حق الأئمة إذ نسبهم إلى مقام الألوهية)

إنّ لفظة الرافضة أو الروافض أطلقت في الماضي على كل من والى علياً وأبناءه المعصومين(ع) .

  • وعلى كل من رفض ما نتج عن سقيفة بني ساعدة.
  • وعلى كل من رفض ما جرى في الشورى.
  • وعلى كل من رفض أن يشتم عليا تلبية لأوامر معاوية.
  • وعلى كل من رفض أن يكون في جيش عائشة.
  • وعلى كل من رفض أن يُقاتل مع الفئة الباغية التي قتلت عماراً.
  • وعلى كل من رفض أن يبرر ما جرى من المخالفات.
  • وعلى كل من رفض الإنصياع لبني أمية وبني العباس.
  • وعلى كل من رفض طاعة الحاكم الجائر.
  • وعلى كل من رفض أن يأتمّ بالإمام الجائر.
  • وعلى كل من رفض أن يتمذهب بمذهب السلطان.

وفي كل الأحوال ومهما اختلفت الأسباب فقد أطلقت هذه اللفظة من قبل متعصبي تلك العصور المُظلمة على كل من تمسّك بمحبّة وولاية أهل البيت(ع) وبهذا المعنى يقول الشافعي شعراً:

يـا راكباً قف بالمحصب من مِنـى   واهتف بساكن خيفها والناهض
سَحَراً إذا فاض الحجيج إلى مِنى   فيضـاً كملتطـم الفـرات الفائـضِ
إن كـــان رفضــاً حــبُ آلِ محـمّــدٍ   فـليشهــد الثقـلان أنـي رافضـي


ومن وجهة نظري: فإني لا أرى في إطلاق هذه اللفظة أي إساءة حتى وإن كان المقصود بها الإساءة، لأن ولاية علي(ع) هي الأمان من النار والفوز بالجنة مع العمل الصالح، وفي سبيل هذه النعمة لا يُبالي المرء بما يُطلق عليه من الألقاب.

ثانياً

إنّ غيبة الإمام المهدي(ع) وكونه إبن الإمام الحسن العسكري(ع) وأنّه سيظهر آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً حقيقةٌ مسلمٌ بها في النهج الإسلامي العلوي حتى وإن استعظمها البعض وأنكرها آخرون فهذا لا يزعج إيماننا بهذه المُسَلّمَات ( فالمرء عدو ما يجهل).

ويتضح من خلال قولهم ( كما يدّعي الرافضة ) بأنّهم يتّهموننا والشيعة باختلاق هذه الأمور كما صرّح بعض الكتّاب.

ورداً على ذلك أقول:
إنّ السنّة والشيعة والعلويين متفقون على أنّ الرسول الأكرم(ص وآله) بشّر أصحابه بالمهدي(ع) وأعلمهم بأنه سيظهر في آخر الزمان. والدليل على ذلك.

»   ما جاء في سنن إبن ماجه الحديث رقم (4082) قال:
حدّثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا معاوية بن هشام حدثنا علي بن صالح عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: بينما نحن عند رسول الله(ص وآله) إذ أقبل فتية من بني هاشم. فلما رآهم النبيّ(ص وآله)، اغرورقت عيناه وتغيّر لونه. قال، فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه. فقال: " إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وطرداً حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يُعطونه، فيقاتلون فيُنصرون، فيُعطَوْنَ ما سألوا، فلا يقبلونه، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطاً كما ملؤوها جوراً فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حَبواً على الثلج".

»   وفي الحديث رقم (4085) قال:
حدثنا عثمان بن أبي شيبة أبو داوود الحفري، حدثنا ياسين عن إبراهيم ابن محمد ابن الحنفية، عن أبيه، عن علي، قال: قال رسول الله(ص وآله) : "المهدي منا أهل البيت،يصلحه الله في ليلة".

»   وفي الحديث رقم (4086) قال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا أبو المليح الرقي عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، قال: كنا عند أم سلمة. فتذاكرنا المهدي. فقالت: سمعت رسول الله(ص وآله) يقول: "المهدي من ولد فاطمة".

»   وروى الترمذي في صحيحه عن رسول الله(ص وآله) أنه قال:
" يلي رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يلي".

»   وممن أخرج حديث المهدي من كبار علماء محدثي السنة:
أبو داوود- الترمذي- إبن ماجة- الطبراني- أبي يعلى- البزاز- أحمد بن حنبل- الحاكم النيسابوري وغيرهم.

» وقال إبن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة: (والأحاديث التي جاء فيها ذكر ظهور المهدي كثيرة متواترة).

» وقال الشيخ عبد الحق في اللمعات: (وقد تظافرت الأحاديث البالغة حد التواتر في كون المهدي من أهل البيت من أولاد فاطمة).

فهذا غيض من فيض مما جاء في المهدي من قبل أهل السنّة والجماعة.

أما الشيعة الإمامية فهم مجمعون على حقيقة المهدي(ع) ووجوده حياً حتى اليوم، وأنه سيخرج في آخر الزمان.

  أما العلويون فإنّ شيخهم الخصيبي(ق) أفرد فصلاً كاملاً عن الإمام المهدي في الهداية الكبرى مما يدل ذلك على أنّ قضية المهدي تندرج في أصول العقيدة العلوية.

وربما يحتج من دأبُهُ الإحتجاج بأنّ المهدي المذكور في إصحاحات السنّة لم يولد بعد وليس هو محمد بن الحسن العسكري بل إنّ الله يُظهره لوقته. فأقول:
بأنّ الكثيرين من العلماء الكبار الذين لا يُستهان بهم يعتقدون بأنّ المهدي هو محمد بن الحسن العسكري الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت(ع)، وأنّه ولد وهو لايزال حياً وسيظهر في آخر الزمان ومنهم على سبيل المثال:

  • سبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص.
  • القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودة.
  • العارف عبد الرحمن في كتابه مرآة الأسرار.
  • عبد الوهاب الشعراني في كتابه عقائد الأكابر.
  • محمد البخاري الحنفي في كتابه فصل الخطاب.
  • إبن خشاب في كتابه تواريخ مواليد الأئمة ووفاتهم.
  • أحمد بن ابراهيم البلاذري في كتابه الحديث المتسلسل.
  • كمال الدين بن طلحة في كتاب مطالب السؤل
  • إبن صباغ المالكي في كتاب الفصول المهمّة.

فقضية الإمام المهدي حقيقة لا شك فيها وليست من تداعيات (الرافضة)، وإنّ تصديقنا بها نابع عن تصديقنا لرسول الله(ص وآله) وآل بيته(ع).

ثالثاً

إنّ السيّد أبا شعيب محمد بن نصير النميري (رض) لم يَدَّعِ لنفسه خصائص الأئمة، بل قام بواجباته البابية في حياة إمامه وبعد وفاته بالسم على يد الخليفة العباسي أبي العباس أحمد بن جعفر الملقب بالمعتمد على الله، فلم تتغيّر أحواله، ولم تتبدّل أقواله، ولم يَدَّعِ ما ليس له، ولم يَنسب للأئمة ما ليس لهم، وهو عندنا وعلى ما أجمع عليه علماؤنا باب الإمام العسكري ووكيله في حياته وبعد وفاته. وهنا نختلف مع أكثر علماء الشيعة في هذه القضية الإمتدادية، ونتّفق معهم في الأصول الإعتقادية والفروع الفقهية.

وقبيل الإنتقال إلى نقطة أخرى أتساءل بغرابة:
هل يؤمن هؤلاء القوم بخصائص الأئمة حتى يدّعون بأن أبا شعيب ادّعاها لنفسه؟
وكنت أتمنى لو أنّهم ذكروا لنا هذه الخصائص!.