موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والحركات الإسلامية للدكتور عبد المنعم الحفني

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 10/11/2010 - 18:02

لقد عرّف الدكتور عبد المنعم حنفي في معرض حديثه عن كتابه بأنّه ( كتاب في الفكر ) ولم يعتبره كتاباً تاريخياً أو عقائدياً أو ما شابه.

وقد استعرض فيه أفكار 759 فرقة وجماعة وحزب، وقال أنّ ( هذا العدد حصيلة ما استطاع جمعه ) . وطلب من أصحاب المذاهب والجماعات والأحزاب أن يبعثوا إليه بكُتيّبات عن فكرهم مُعتبراً ذلك مفيداً للجماعة.

وأكّد على أنّ ( العناية بالفكر الفرقي كانت ظاهرة إيجابية كبيرة الأثر وجليلة القيمة ) مُعَللاً ذلك بكثرة كتب الفرق، ومُعترفاً بانحياز أصحابها وعدم موضوعيتهم، ومتناسياً أيضاً كم سبّبت هذه الكتب من المِحَن والإِحَن على بعض الفرق وكم شجّعت بعض أصحاب الفتاوى باستنادهم إليها إلى تكفير فئات إسلامية مِمّا سبّب لهم القتل والتشريد من قِبَل حُكام نلك العصور.

وختمَ حديثه بأنّ كتابه ( تناول الفِرق من زاوية رؤية موضوعية شمولية ) وأكّد على حِرصه بـ ( إيراد فكر هذه الفِرق كما ذكرته المصادر ) مع أنّه اعترف سابقاً بـ ( انحياز أصحاب هذه المصادر ) ، ولم يكتف هذا الكاتب بنقل أباطيل أولئك المؤرخين المُغرضين بل خاض في التأويل بحسب فهمه القاصر كما اعترف بنفسه في مقدمة الطبعة الأولى.

وقبل أن نخوض في مُتناقضات أقواله وتفنيد مزاعمه نعود إلى مقدمة كتابه التي استهلها بحمد الله من دون بَسملة الكتاب، والصلاة على النبي صلاة بتراء من دون ذكر الآل 1 ثم راح يَصف أمّة الإسلام بمُختصر الكلام على أنّها كانت في عصر الرسول (ص وآله) هي الأمة النموذج إلى أن توفيَ رسول الله (ص وآله) ( فاختلفت الأمة، وتباينت الآراء، وظهرت الأطماع، وانفرقت الأهداف، وعادت الجاهلية، واشرأبّت الشعوبية فكان ما كان من المذاهب والفِرق والجماعات والحركات والأحزاب، وكلها تدّعي أنّها تنشر الإسلام ديناً.. الخ ) .

نقول

لا خلاف في أنّ الأمّة الإسلامية خير أمةٍ أخرجت للناس، وهي الأمّة الوَسط وأنّ هذا الدين هو خير الأديان وخاتمها وأكملها وأعدلها. ولكن نسأل الدكنور الحفني:

  • متى اختلفت الأمّة؟
  • وبماذا تباينت آراؤها؟
  • ومتى ظهرت الأطماع؟
  • وممّا انفرقت الأهداف؟
  • وكيف عادت الجاهلية؟..

ونجيب عنه بالقول :
إنّ الأمّة اختلفت في أيام رسول الله ص وآله وبعده، اختلفوا في أيامه حينما عقد لواءً لأسامة بن زيد لحرب الروم وأمّرهُ على الجيش ولم يبقَ أحدٌ من وجوه المهاجرين الأوّلين والأنصار إلا انْتُدِبَ فيه، فعسكر بـ ( الجرف ) وهو موضع على ثلاثة أميال من المدينة، فتكلم قومٌ فقالوا: ( يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين ) .
فغضب رسول الله ص وآله غضباً شديداً، وخرج معصّباً، عليه قطيفة، فصَعد المنبر وقال:
( ما مقالة بلغتني عن بعضهم في تأميري أسامة، ولقد طعنتم في إمارة أبيه قبله، وأيمُ الله أنّه كان للإمارة خليقاً، وأنّ ابنه من بعده لخليق للإمارة ) ، ثم نزل، وجاءه الذين يخرجون مع أسامة يُودّعونه ويَمضون إلى المُعسكر.
وثقل رسول الله ص وآله وجعل يقول: ( أنفذوا بعث أسامة ) فلمّا كان يوم الأحد اشتدّ برسول الله ص وآله وجعه.
وفي يوم الأثنين أمَر أسامة الجيش بالرحيل، فجاءهم الخبر أنّ رسول الله ص وآله يموت، فأقبل بعضهم عائداً إلى المدينة.

فهذا خلاف جرى في حياة الرسول ص وآله، وقد وقع غيره ولسنا بحاجة إلى تعداد تلك الخلافات.

واختلفوا أيضاً في حضرته قبيل وفاته بقليل " وهو ما يُعرف برزية يوم الخميس " .
واختلفوا حين وفاته وقبل دفنه في سقيفة بني ساعدة، وظهرت الأطماع وقتها .
واختلفوا بعده حول الخلافة وهل أنّ الرسول أوصى بخليفة لقيادة الأمّة أم أنّه تركهم هملاً ليختاروا من يشاؤون، وتباينت آراؤهم حول الخليفة الشرعي ومن يكون، وظهرت الأطماع كما قدّمنا وكما هو معلومٌ يوم السقيفة وانْفَرَقَت أهداف الأمّة عُقيبها، وعادت الجاهلية واشرأبّت الشعوبية في العصر الأموي على يد معاوية ومن يَليه من الحُكّام الأمويين والعباسيين وغيرهم.

ولمعرفة الخليفة الشرعي الذي اختلفت الأمّة حوله نقدّم هذه التحفة السنيّة والدُّرَة العَلوية التي أورَدها سيادة العلامة الفقيه والمُحدّث النبيه المغفور له فضيلة الشيخ عبد الهادي حيدر ، وأرسلها إلى الشيخ عبد القادر العلواني أستاذ التجهيز في حماة، وهي على أثر مناقشة جرت بينهما حول إثبات النص على خلافة مولانا أمير المرمنين عليه السلام وهي هذه:

  • 1 عن النبي ص وآله قال: لا تصلوا عليَّ الصلاة البتراء ، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟
    قال: تقولون اللهم صل على محمد وتُمسكون، بل قولوا: اللهم صلّ على محمد وآل محمد . (الصواعق المحرقة)
    » وفي سنن البيهقي عن ابن مسعود قال: (لو صليت صلاة لا أصلّي فيها على آل محمد لرأيت أن صلاتي لا تتم) .
    » ورواه أيضا الدارقطني في سننه، وروى الدارقطني ايضاً في سننه عن أبي مسعود قال: قال رسول الله ص وآله:
    ( من صلّى صلاة لم يُصلّ فيها عليَّ ولا على أهل بيتي لم تُقبل منه ) .