نهاية المطاف: هل العلويون مسلمون؟

أُضيف بتاريخ السبت, 06/11/2010 - 19:12

من الغباء المُفرط، والجهل المُطبق أن يُطرح هذا السؤال التشكيكي، وخصوصاً في عصرنا هذا الذي تحرّرت فيه العقول من قيد التقليد وتنوّرت به الأفكار على أكثر من صعيد 1 ، والتقت الأنفس المتجافية القريب منها مع البعيد، ومع هذا كله فما زال يُطرح بإصرار بين الحين والآخر من هنا وهناك وهنالك، حتى كاد أن يكون لغزاً من ألغاز 2 الكون وخفاياه استعصى حلّه على الكثيرين (كما زعموا) فحيّر العلماء والفقهاء والأدباء ودَق فهمه على الباحثين والمؤرخين والمتكلمين. وما ذلك بتصوّري وتصديقي إلا لأن طارحيه أبوا أن يعترفوا بالحق والحقيقة من ألسنة وأقلام أصحابها.

وقد انقسموا إلى أقسام عدّة:

  • قسم لا يرى الإسلام إلا متمثلاً فيه، أي من خلال المذهب الذي يتمذهب به، فمن الطبيعي أن لا يعترف بإسلام الآخرين. فهذا قسم سيطر عليه التعصب وبلّده الحقد، وقتله الحسد، فلا يُعبأ به، ولا يُلتفت إليه.
  • وقسمٌ لا يعرف شيئاً عن الإسلام والمسلمين، إلا من خلال ما يُنقل إليه من الزور المبين، فيتلقنه كالببغاء ويردّده على السامعين. فهذا قسم قد أعماه التقليد، وأصمّه الجهل، وأبكمه الضعف، فنسأل الله تعالى شفاءه من هذا الداء القاتل.
  • وقسمٌ ليس من المسلمين، همّه الأكبر أن يزرع بذور الشكوك ويُثير الشبهات، ويُحرّك الحساسيات، وينبش الدفائن، ليحقق من خلال ذلك مآرب سياسية بإضعاف المسلمين وتفريقهم، ليسهل عليه السيطرة عليهم وعلى خيراتهم. وهذا قسم المستشرقين المدسوسين من قبل أعداء الدين.

وبعد هذا التعريف الظريف بأقسام السائلين نجيب على سؤالهم بسؤال يؤول إلى جواب.

ما هو الإسلام؟؟؟
  • الإسلام هو التسليم
  • والتسليم هو التصديق
  • والتصديق هو اليقين
  • واليقين هو الإقرار
  • والإقرار هو الأداء
  • والأداء هو العمل.

بهذه الكلمات الخالدات عرّف أمير المؤمنين عليه السلام الإسلام ونسبه نسبة لم يسبقه إليها سابقٌ، ولن يلحقه بها لاحق. والعلويون كما بيّنا ينتسبون إليه بالولاية الصادقة، والنسب الشريف الطاهر، ويفهمون الإسلام من خلال أقواله وأفعاله، وعلى هذا فهُم:

  • مسلمون في تديّنهم
  • علويون في عقيدتهم
  • إماميون في نهجهم
  • إثنا عشريون في مذهبهم

وإسلامهم هو التسليم لله بالقلب السليم، والطاعة المطلقة للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال:
لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما، فقال أبو ذر: يارسول الله وما الإسلام؟
فقال:

  • الإسلام عريان
  • ولباسه التقوى
  • وشعاره الهُدى
  • ودثاره الحياء
  • وملاكه الورع
  • وكماله الدين
  • وثمرته العمل الصالح
  • ولكل شيء أساس وأساس الإسلام حبنا أهل البيت

فتبيّن بأنّ الإسلام مقرون بـ:

  • التقوى
  • والهُدى
  • والحياء
  • والورع
  • والدين
  • والعمل الصالح

وأساسه حب آل البيت عليهم السلام لأنّهم أنصاره لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
إنّ الله خلق الإسلام: فجعل له عرصةً، وجعل له نوراً، وجعل له حصناً، وجعل له ناصراً.

  • فأما عِرصته فالقرآن
  • وأما نوره فالحكمة
  • وأما حصنه فالمعروف
  • وأما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا

فأحبّوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم. (تحف العقول لإبن شعبة ).

وهذا الحب الذي دعا إليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يَكمل إلا بأصوله التي صَرّح بها في مواضع عدّة، وهي التمسك بالثقلين (القرآن والعترة الطاهرة) قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( إنّي مُخلفٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعُترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً ) .

فهذا هو الإسلام عند العلويين وأما علاماته فهي: الإيمـــان والعلـــم والعمـــل.
وقد أوضح معناهم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله:
أما علامة الإيمـــان فأربعة:

  • الإقرار بتوحيد الله
  • والإيمان به
  • والإيمان بكتبه
  • والإيمان برسله

وأما علامة العلـــم فأربعة:

  • العلم بالله
  • والعلم بمحبيه
  • والعلم بفرائضه
  • والحفظ لها حتى تؤدّى

وأما علامة العمـــل:

  • فالصلاة
  • والصوم
  • والزكاة
  • والإخلاص

وأما قواعد الإسلام فهي سبعة، شرحها الإمام علي عليه السلام لكميل بن زياد بقوله:
قواعد الإسلام سبعة:

  • فأولهـا العقل وعليه بُنيَ الصبر.
  • والثانية صون العرض وصدق اللهجة.
  • والثالثة تلاوة القرآن على جهته.
  • والرابعة الحب في الله والبغض في الله.
  • والخامسة حق آل محمد(ص) ومعرفة ولايتهم.
  • والسادسة حق الإخوان والمحاماة عليهم.
  • والسابعة مجاورة الناس بالحسنى.

فهذا هو الإسلام الذي يُقرّه ويَعمل به ويَعتقده كل علوي، وهذا هو أساسه القائم على التمسك بولاية أمير المؤمنين وأبنائه المعصومين.
وهذه هي علاماته التي تجمع أصول الدين وفروعه من اعتقاد وطاعة.
وهذه هي قواعده الحاوية لأرفع المبادئ الإنسانية، والصفات الحميدة التي تسمو بصاحبها إلى أوج الكمالات الأخلاقية، وتطهّر نفسه من جميع الربائث الدنياوية التي تُعيقها عن طلب الكمال.
وبعد هذا المقال فهل هناك من سؤال؟؟

قِوام الشريعة

رواية عن العلامّة الأوحد الشيخ سليمان الأحمد (ق):

إنّ الشريعة مشرّع التقوى ومنهاج الهدايـــة
وقوامها الإيمان والإيمان إخلاص الولايــــــة
وبقيّة الأعمال كالعنوان وهو لهنّ غايـــــــــة
وبذاك قد صحّت عن الهادي وعترته الرواية.

  • 1 ما نلاحظه أنّ بعض العقول لم تزل مقيّدة بأغلال التقليد الأعمى، وأنّ بعض الأفكار مازالت قابعة في ظلامها الحالك تأبى الخروج إلى الحقيقة لتستنير بنورها الدائم.
  • 2 هذا المصطلح أطلقه الكثيرون من الكتاب كفيليب حتّي الذي قال: وهي إلى الآن اللغز الديني الذي لم يُحلّ حلا كاملا في الشرق الأدنى (ويريد العلويين).
    وكمصطفى غالب الذي قال: ولكن هذا لا يعني أنّ أحداً قد استطاع حتى الآن -بالرغم من اكتشاف الذرة والفضاء- أن يرسم خطاً بيانياً واضحاً للمعتقدات النصيرية.
    وهذا دليل جهل أو تجاهل.