النوايا المبيتة ظهرت
تحية طيبة من القلب صاحب الضمير الحي والمنطق الحر والكلمة الجريئة الاستاذ شارل أيوب ذلك الرجل الذي يقدر معنى الحرية ويعرف كيف يمارسها بعقلانية بحيث أنه نطق بصدق وجرأة في زمن الصامتين الهاربين من انفسهم المتخلين عن ماضيهم، وصمت في زمن النفعيين الذين امتهنوا تجارة المواقف السياسية فكان نطقه اليوم فضيلة كما كان صمته بالأمس فضيلة في زمن اصبحت فيه الفضائل اندر من الكبريت الأحمر.
من خلال جريدته الحرة ومنبره الجريء1 نقول لمن يهمه الأمر:
- بأن لبنان لا يمكن ان ينفصل عن محيطه العربي لأن ذلك سيؤدي الى تقسيمه وانقسام أبنائه على بعضهم البعض وبالتالي الى فقدانه لأهم خصائصه التي امتاز بها عبر العصور ومن يعمل او يراهن على ذلك فلن يحصد سوى الفشل الذريع وفي نفس الوقت فإنه يؤسس لفتنة كبيرة من حيث يدري أو لا يدري، ونذكر البعض بأن بيروت كانت وستبقى رمز النضال والعروبة.
- إنّ المقاومة الاسلامية الباسلة هي درع الوطن وسياجه المنيع وعزه وكرامته وان اضعافها اضعاف لكل لبنان بأرضه وشعبه وتاريخه البطولي الذي يفخر به، والانقلاب عليها انقلاب على المبادئ لما في ذلك من جحود للتضحيات الجسام التي قدمتها وما زالت وستبقى.
- إنّ سوريا العروبة بقيادتها الحكيمة والشجاعة قدمت للبنان ما قدم نقيضه بعض اللبنانيين الذين شاهدناهم في خنادق العدو الصهيوني يتآمرون على وطنهم.
قدمت آلاف الشهداء الابطال دفاعا عن أرضه.
ساهمت وبسخاء في بناء مؤسسات الدولة.
أعادت الأمن الى ربوعه، فلا يجوز التنكر لكل هذه التضحيات الكبيرة والانقلاب عليها لاسباب لا تمت الى الحقيقة بصلة بل صنعت في الخارج ونفذت في الداخل، وهنا نقول للذين يراهنون على الخارج بان الديموقراطية التي تطمحون اليها من الغرب قد تجلت بوضوح في العراق من خلال ما يجري في السجون والمعتقلات، وبانه لا فائدة للبنانيين الا باستقرار المنطقة ككل لأن اي حدث سلبي في الجوار سينعكس سلباً مضاعفاً على الداخل اللبناني.
- إنّ لبنان لا يقوم الا بكافة ابنائه لانه من الثابت والمؤكد بان هذا البلد لا يدار من خلال فريق واحد بل بكل افرقائه وقواه، وان العمل على الغاء اي شريحة من شرائحه انما هو الغاء للوطن بأسره، لانه غني بتنوعه الفكري، قوي بتضافر جهود ابنائه المخلصين يمتلك فلسفة نادرة تميزه عن بقية الاوطان فوحدته لا تقوم الا بالكثرة المؤتلفة، وكثرته لا تحيا الا بالوحدة المنسجمة، وان المقولة الدارجة عند البعض (الطوائف الاساسية) هي مقولة خاطئة لان كل الطوائف في لبنان اساسية ولا يوجد طوائف ثانوية، كما ان الديموقراطية الايجابية التي يجب ترسيخها وتفعيلها هي ديموقراطية التوافق البناءة لا ديموقراطية العدد التي تلغي الكثير من الاراء والافكار المطلوبة وتغيب قوى عديدة لا يستهان بها مما يؤدي ذلك الى خلق ازمات خطيرة لبنان في غنى عنها لانه ذاق ويلاتها في الماضي.
- نستغرب اعتراض البعض على المساعي الحميدة من قبل الاشقاء العرب الهادفة الى ما فيه الخير للبنان بينما لا نسمع لهم اي اعتراض على التدخلات السافرة في كافة الشؤون اللبنانية من قبل بعض السفارات الغربية وبطريقة فاضحة، فلا مانع من حل الازمة في الخارج ما دام ذلك على ارض عربية وقمم عربية فلبنان يفخر بعروبته، كما اننا مع كل حوار داخلي ينصب في خدمة الوطن وضد كل حوار داخلي يهدف الى الحاق الاذى بالاخوة والاشقاء، وبالتالي يؤذي الوطن.
- إنّ تلك التصريحات المتشنجة التي يطلقها السياسيون لا تخدم البلد بل تعرقل حركته وتهدد امنه وتعطل مصالحه وتسيء الى منطق العيش المشترك بما تحمل في اكثر الاحيان من افكار سلبية تثير الضغائن وتولد الاحقاد، فعلى السياسيين ان يتصرفوا بحكمة وروية ويراقبوا كلامهم قبل اطلاقه على شاشات التلفزة، فالتعدد المذهبي امر طبيعي لكن التعصب المذهبي فهو غير طبيعي واستعماله في الخطاب السياسي ينتج حالة من التأزم والتنافر.
- وبالنسبة الى الحقيقة فالكل يطالب بها ويصر على معرفتها كما هي مع رفض توظيفها لاغراض سياسية تحرفها عن مسارها الطبيعي ومن دون ان يؤدي ذلك الى تعطيل الحياة العامة في البلد لان ذلك هو اغتيال ثاني للرئيس الشهيد واغتيال حقيقي للبنان وهذا لا يخفى على احد.
وختاماً أقول بأنّ الأشياء باتت في غاية الوضوح، والنوايا المُبَيَّتة ظهرت للجميع والصورة القاتمة أضحت جلية وذلك نقول بان المراوغة لن تنفع أحدًا بل ما ينفع هو الرجوع إلى الثوابت الوطنية المُتفق عليها والتي على أساسها قام لبنان.
- 1هذا المقال نُشر على صفحات الديار بتاريخ العدد 15\01\2006م في باب قضائيات.
- 2310 مشاهدات