حافظ الأسد.. يهزم داعش! بقلم م. ربيع معين الحربوقي

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 10/06/2015 - 10:23

حافظ الأسد ... يهزم داعش!

 

عندما أنهى (باتريك سيل) كتابه (الأسد والصراع على الشرق الأوسـط) سأل القائد حافظ الأسد: كيف تريد أن ننهي هذا الكتاب سيدي الرئيس؟ فقال له : اُكتب:

"ويبقى الصراع مستمرا"

هكذا وبعد مرور خمسة عشر عامًا على الرحيل يطل علينا الرئيس القائد حافظ الأسد بقامته المُمتلئة عِزًّا وشموخًا وعنفوانًا، أشدّ ألقًا وأكثر عبقًا، وهو الذي دمغ اسمه على تاريخ حُكمِهِ واقترن اسم الزمن باسمه فكان زمنه بحق "زمن حافظ الأسد "، ليُعلن انتصاره في هذه الجولة من الصراع بين الحق والباطل.

ولكن لماذا وكيف يظهر العظيم أكثر عظمة ؟

وكيف يعلن انتصاره والمعركة لم تنته بعد؟

ولماذا حافظ الأسد دون سواه؟


داعش نشأتها وأهدافها

فالجميع اليوم بات شاهدًا على مشهد الخزي والعار بحق الإنسانية جمعاء على وقع المجازر الهمجية والوحشية التي تشهدها بلاد العرب وتحديدًا سوريا، والذي يقوم به تحالف قوى الشر والشيطنة العالمية رغم تناقضاتها واختلاف أشكالها وانتماءاتها لكن باتّفاقها على جوهر واحد هو الشر؛ تحالفٌ اجتمعت فيه كل عناصر وقوى الظلام والجاهلية فوظفت كل مكوناتها من دول ومنظمات داعمة بالمال والسلاح والنفوذ السياسي، تقودها الصهيونية العالمية بتحالفها مع الإسلام الصهيوني المتمثل بالانقلابيين على الإسلام، والذين اندسوا في صفوفه منذ زمن غابر فعاثوا فيه فسادًا وتشويهًا وزرعوا الفتاوى الحاقدة المنقلبة على الدين وجذبوا إليهم أحفاد الجاهليين الأوائل وأبناء المنافقين والخوارج الذين حقنوا حقدهم في صدورهم طيلة قرون استعدادًا لإطلاقه عندما يطلق الشيطان نداءه، وهم النفوس المظلمة التي امتنعت عن قبول النور وأعلنت يأسها من رحمة الله فباعت نفسها للشيطان وباتت مرتزقة في جيشه فتحولت إلى أدوات الخراب التي ينفذ بها الشيطان مخططاته السوداوية.

ونتج عن هذا التحالف بين قوى الشر وأدواته ما اصطلح على تسميته "داعش" والتي زعموا أنها اختصار لدولة الإسلام في العراق والشام؛ ولكنها في فعلها ومضمونها وتسميتها تنطبق أكثر على كونها "داعش : دعوة الشيطان" فأصبحت داعش هذه رمزًا للشر والظلام والحقد، وخُلاصة الكراهية والكفر، وانقلابًا جاهليًا على الإسلام الحقيقي، ومَثّلت أسفل الهمجية وقاع الرذيلة، انحدرت وتجمعت فيه الفلول الهاربة من الإنسانية إلى الحيوانية الحقة، فجمعت في صفوفها كل الذين تقيأتهم مجتمعاتهم بعد أن كفروا بالأديان وشوهوا حقيقتها، وانقلبوا على القِيَم والمبادئ الإنسانية وعادوا بها إلى زمن الهمجية الأولى، حيث الغريزة الحيوانية هي عقلها ومنهجها.

وكان لا بد لتجميع كل هذه القوى والمُكوّنات المتناقضة في مظهرها والمتفقة في جوهرها على عنصر الشر والظلام من استحضار عدوٍ وهدفٍ كبيرٍ يُبَرّر ضخامة القوى المجتمعة يستنفر مكوناتها، ويستفز عناصرها أدوات تنفيذ هذا المخطط الإجرامي ويختزن اسمه وتاريخه كل العوامل التي يمكنها إطلاق حقدهم وكفرهم وشرهم، ويمثل ضدًّا لذواتهم المظلمة ويناقص حقيقة وجودهم ، فكان حافظ الأسد.


لماذا حافظ الأسد؟

فحافظ الأسد هو الصخرة التي تحطمت عليها كل المؤامرات ومخططات الهيمنة والإستعباد وكسر الإرادة وتمزيق الأمة العربية التي قادتها دول الاستعمار والطغيان العالمية، فهي بذلك تكيد له ثأرًا، فهو الصوت العقائدي الوَحدوي الإنساني العميق الذي سمعت نفوس الخير صدى نداءاته وانقادت لحكمته، فحفظ بذلك الأمة من الانقسام والانهيار وبعث فيها روح الأمل.

وهو القائد الشجاع الذي احتضن ودعم حركات التحرر والمقاومة في الأمة العربية والإسلامية وشعوب العالم الحر فكان أحد أبرز رموزها وقياداتها.

وهو المُفَكر الكبير الذي تنبه ونبه الأمة الإسلامية من خطر الفكر التكفيري الانقلابي على الإسلام وعمل على كبح جماحه ووقف تمدده.

فكان حافظ الأسد بذلك هو شعلة النور والحكمة الإنسانية التي أضاءت لشعوب المنطقة والأمة جمعاء طريقها، وحاضن قيم الخير والحق والعدل، فهو الذي انطوت نفسه على الفضيلة وعظمة الإنسانية.

ولما كانت داعش قد قامت على الظلم والظلام والحقد والكراهية والبَغي والسِفاح والجاهلية والهمجية فقد جعلت نفسها المظلمة ضدًّا لعنصر النور والحق الذي يمثل القائد العظيم حافظ الأسد أحد أبهى تجلياته.


إسقاط النظام

وقد أعلنت حركة الشر منذ بداية عورتها /تصحيحا جوهريا لكلمة ثورتها/ أن هدفها هو إسقاط نظام الأسد والذي هو صنيعة وإرث وتِركة القائد الخالد حافظ الأسد، وخلاصة مبادئه وحكمته وفكره النَيّر، هذا النظام الذي لا يخلو أدق تفصيلاته ومكنوناته من فكره وروحه، فهو الذي صاغ بأدق وأعمق التفاصيل كل مكوناته الفكرية و منطلقاته النظرية، وهو واضع أسس عمل مؤسساته وطريقة إدارتها؛ ولا يستطيع أحد فك الارتباط العميق بين حافظ الأسد والنظام الذي أرساه بمختلف وأدق تفاصيله؛ وهذا ما تدركه جيدًا القوى الشيطانية التي أوعزت إلى أدواتها منذ بداية تحركاتهم بنداء إسقاط النظام، ولم تستطع هذه الأدوات الرخيصة كبت غرائزها وتأجيل حقدها فأعلنت صرختها وأخرجت سمومها وألقت حقدها الدفين بإطلاقها الشتائم والسباب لروح حافظ الأسد.

فُعمق الإرتباط بين نظام الحكم القائم حاليًا وبين روح حافظ الأسد هو ارتباطٌ وثيقٌ لا يُمكن لأحدٍ فصله أو فك عُرَاه، فهو القائد الحكيم الفيلسوف الذي تمكّن من إنزال النظريات الفلسفية من رُتبة الخيال الفكري إلى إمكانية التطبيق، فتحقق ما يشبه إسقاطًا لجمهورية أفلاطون أو المدينة الفاضلة في نطاق حكمه، بحيث أبقى على ألق تلك النظريات وجوهرها مع إمكانية اقتباس ما يُمكن أن يلائم واقعًا يعاني التخبط والفوضى ليرتقي به إلى مستويات الأمم الراقية و تجعله برزخًا وسطًا بين الحلم والتطبيق، وقد نجح في كثير من مجالات حكمه في ذلك وهو الأمر الذي بات السوريون يُدركون قيمته بعدما عصفت بهم رياح الجاهلية فأدركوا عظمة وقيمة ما خسروه.

فالنظام القائم بعد القائد العظيم حافظ الأسد هو امتداد طبيعي يمكن فيه القول أن الأسد هو الحاكم الفعلي القائم على سُدّة الحكم باختلافٍ بسيط تفرضه مُتغيرات الزمن.

فالنظام السياسي الحاكم حاليًا بمكوناته يمثل امتدادًا لحكم حافظ الأسد، ابتداءً من شخص السيد الرئيس بشار الأسد الوريث الطبيعي والسياسي لنهج القائد الخالد والذي يُعتَبَر بصلابته وتماسكه وتمسكه بالمبادئ واستحالة التفريط والمساومة بالحقوق والمكتسبات استمرارًا طبيعيًا لنهج الوالد القائد؛ والفريق السياسي المُمسك بزمام الأمور يستمد وَحيه وتعاليمه من مدرسة حافظ الأسد.

أما حركات التسلل التي شهدها بعض مواقع القرار والتي حاولت تخريب تراث القائد العظيم وتشويه صورته باءت بفشلٍ ذريعٍ وأدّت إلى إقصاء أصحابها عن الحياة السياسية والوطنية وحتى عن هوية الإنتماء إلى الوطن سوريا.


الإنسان السوري

والإنسان السوري الذي جعله حافظ الأسد "غاية الحياة ومنطلق الحياة" هو ذاته الإنسان الممتلئ وطنيةً وعزًا وكرامةً تجعله يقاوم بإرادةٍ وعزيمةٍ حركةَ إخراجهِ من عرش إنسانيته الذي عزز له حافظ الأسد مُلكه فيها، ممّا يجعله عصِيّا على إرادة وسيطرة قوى الهيمنة والخراب.


الجيش العربي السوري

والجيش العربي السوري الوطني الجبار يستمد قوته وأسباب صموده من تعاليم مُعلمه ومُؤسّسه وصانع مجده وكبريائه، فهو الجيش العربي السوري الذي أسّسه القائد الخالد على الروح القتالية والوطنية، وخَطَّ له نهج الكرامة والإباء وبَذَلَ في سبيل تجهيزه وتدريبه ما يجعله من أقوى وأعتى جيوش العالم وأكثرها قُدرة على التحمّل والفِداء وإيماناً بقضيته الأخلاقية والوطنية والسياسية.. وهذا سبب صمود هذا الجيش العقائدي البطل الذي قاوم وصمد وأعطى لجيوش العالم دروساً في الصبر والقتال والتضحية والفِداء ما يعجز عنه أي جيش في العالم.

هذا الجيش وروحه العقائدية والقتالية كان هدفًا أولاَ لقِوى الشرّ باعتباره الحامي للوطن والضامن لحدوده واستقلاله، فحاولت اجتذاب النفوس التي استجابت لنداء همجيتها، كما عمدت إلى ضرب أسباب قوته ومنعته واستهداف مواقعه العسكرية، لكنها فشلت بذلك لعمق انتماء الجيش لوطنه وقائده ولأن مخزون الوطنية لديه أكبر من أن ينال منه الأشرار.


النسيج الاجتماعي

والنسيج الاجتماعي الفُسَيْفُسائي المُتناغم الذي قَلَّ نظيره في العالم أجمَعَ جهد حافظ الأسد في تحقيق أمنه واستقراره وتحويل الاختلاف الى حالة تناغم وتنافس فعّالة ومُنتجة جعلت منه مُجتمعًا حيويًا غزيرَ المعاني والقِيَم؛ وهو ما فشلت داعش وقِوى الشر بكل ما بذلته وارتكبته من فتن لإشعال العداوة والفرقة بين أطياف المجتمع الواحد وزرع بذرة الشقاق وتحويله من مُجتمعٍ منسجمٍ متناغمٍ الى مجتمعٍ تقوم علاقة مُكوّناته على الصراع، لكن إرادة العيش المشترك كانت أقوى وأعمق من نزعة الصدام والنزاع التي تحاول داعش زَجَّهَا في البيئة السورية.


الحالة الدينية

والحالة الدينية التي رعاها القائد الخالد حافظ الأسد بقلبه المؤمن الكبير جعل من سوريا مركزًا للإشعاع الديني ازدهرت فيه دور العبادة ومعاهد تحفيظ القرآن الكريم وترميم المساجد والأديرة القديمة فكانت سوريا مركزًا للإشعاع الديني المُعتدل وواحةً دينيةً تمارس فيها الأديان طقوسها بكامل الحرية، وهذا ما جعل هذه الحالة الفريدة هدفًا لداعش الحاملة فكر التطرف والتكفير، غير أنّ الأديان التي عاشت حريتها واستقلالها تُقاوم هذه النزعة وتُطالب بالعودة إلى زمن الأسد الذي يَكفلُ حريتها.


الاقتصاد

والاقتصاد الذي بناه القائد حافظ الأسد كفل لكل مواطن حاجته وحقق كرامة عيشه وحفظ للوطن أمنه الإقتصادي وسيادته واستقلاله باعتماد الكفاءات الوطنية وتطويرها بحيث اكتسبت مهارات وإمكانات حققت به مكانة مرموقة للاقتصاد الوطني الحر وجعلتها هدفًا مُتقدمًا لداعش، عمدت مع بداية الحرب إلى ضرب مقومات نجاحه وتخريب المصانع والآلات لتهديد المواطن بلقمة عيشه وضرب اقتصاد الوطن وإعادة سوريا إلى زمن الاقتراض والارتهان للبنوك الدولية في جهد لإعادة استعمار الوطن من خلال القروض والإعانات.


قضية فلسطين والوحدة العربية

وأما قضية فلسطين والوحدة العربية التي كان حافظ الأسد رائدها وقائدها تبكي اليوم راعيها ووالدها التي كنفها بالرعاية ومَدَّها بأسباب القوة والصمود، وتأتي اليوم داعش لتُلغيها من عقول المجتمع السوري وتعمل على استبدالها بقضايا غرائزية وانفصالية، لأن هاتين القضيتين تناقضان وتلغيان فكرة قيامها ووجودها، ولا يزال الشرفاء يُقاومون هذا المَدّ البربري لاستعادة دور سوريا الريادي في رعاية وحماية قضايا الأمة.


دور سوريا وريادتها في المنطقة

أما دور سوريا وريادتها في المنطقة فمنه شبكة التحالفات التي بناها العظيم حافظ الأسد مع دول وقوى التحرر العربية والإسلامية والعالمية هي اليوم حصن سوريا الخارجي /وتبقى قوتها الأساسية في قلعتها الداخلية التي يزود عن أسوارها الجيش العربي السوري يسانده الأحرار والشرفاء من أبناء سوريا/ وهي ترد الوفاء بالوفاء للقائد الكبير الذي ساندها أيام مِحنتها ضد قوى الاستعمار والإمبريالية؛ ها هي هذه الدول ترد دَيْنَ حافظ الأسد الذي تركه في أعناق الشرفاء وطلاب الحرية.


هذا هو حافظ الأسد

  • هذا هو حافظ الأسد ببعض ما ذكرناه من مَحاسن خصاله وجنبات عظمته الذي أفاض على أبناء بلده مَجدًا وكبرياءً وشرفًا يلتحق بإرثه من استحقوا هذه المعاني.
  • هذا هو حافظ الأسد، الرابض على قمة مجد سوريا والمتربع على عرش الكبرياء.
  • هذا حافظ الأسد الذي اجتمعت به معاني العظمة والإباء.
  • هذا هو حافظ الأسد الذي اجتمعت عليه قوى الشر في حياته لتهزمه فهزمها، وها هي الآن تستعيد عدوانها عليه بزخمٍ وهمجيةٍ أكبر، ممتلئةً حقدًا وظلامًا، وكُفرًا وشرًّا، ظنًّا منها أنّ غيابه سيُتيح فرصة الانتقام من تاريخ هزائمها معه، فإذا بحافظ الأسد يُجَدّد عَهد هزيمتهم.

رغم كل ذلك التجمع الشيطاني، وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على الحرب الأكثر سوادًا ووحشيةً وهمجيةً ورغم اجتماع شياطين الأرض وتسلحهم وتزويدهم بكل أسباب القتل والترويع والظلم .

  • لم يتمكن الشيطان من هزيمة حافظ الأسد.......
  • ولم تتمكن دولة الشيطان من هزيمة دولة حافظ الأسد.......
  • ولم يتمكن جنود الشيطان من هزيمة جنود الأسد.......
  • ولا يزال صوت حافظ الأسد هو الأقوى والأعلى رغم ارتفاع صوت سلاحهم.......
  • ولا يزال نور حافظ الأسد هو الأشدُّ وَهَجًا وبَريقًا رغم الظلام الحالك.......
  • ولا يزال بقايا ما تركه حافظ الأسد أقوى من كل ما جمعه أشرار الأرض.......

في ذكرى رحيلك أيها القائد العظيم حافظ الأسد:

أنت الأقوى حضوراً والأشدّ نورًا.......

وأنت الأرفعُ والأمنعُ.....

أنت الإباءُ والكبرياءُ.......

يا سيد الرجال.......

عند أقدامك، سقطَ المحالُ.......

﴿ سلامُ الله على روحك ﴾

 

ربيع معين الحربوقي
10 حزيران 2015م