1-الإسلام ومعناه اللغوي.

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 13/07/2021 - 03:07

 

الإسلام:

الإسلام دين الفِطرة بِلا مُنازع، أيّ أنّه الدّين الذي يتلاءمُ كُلَّ المُلاءَمَةِ مع الخليقةِ، ومن هُنا صَحَّ لنا أن نُسَمِّيهِ "دين البشريّة".

وما كان الإسلام ليُسَمّى "دين البشريّةِ" اعتباطًا أو تحمّسًا، ولكن ما جاء به هذا الدين من دستور يقبله العقل وهِداية يستنير بها القلب، وعُمق يرتكز عليه الإيمان، وتطوّر لكل زمان ومكان، وشريعة تُنَظّم أحوال المُجتمع ومُساواة تربط بين جميع النّاس.

والإسلام: عقيدةٌ بوحدانية الخالق  ، وإيمانٌ برسالة محمّد  إلى النّاس كافّة، تلك الرّسالة التي أخرجتهم من الظُّلُماتِ إلى النّور، ومِنَ الضّلالِ إلى الرّشاد، ومن الفوضى إلى النّظام والاستقرار.1

1- الإسلام ومعناه اللُّغَوي:

لفْظُ الإسلام في اللغة العربية، لدى مراجعة معاجم اللغة نرى أنّ معنى كلمة "الإسلام" تفيد الانقياد لأمر الآمِر ونَهيِهِ بِلا اعتراض.

وقد يُسَمَّى ديننا بالإسلام لأنّه طاعة لله وانقياد لأمره بلا اعتراض.

ويُطلقُ على العبادة والجَزاء، كما يُطلق على الاستسلام الانقياد2

والإسلامُ: إيمان وعمل، ومن هذا يرى المودودي3 "إنّ كُل شيء في هذا الكون مُنقادٌ لقاعدةٍ مُعَيّنةٍ وقانونٍ خاص".

فالشمس والقمر والنجوم مُسخّرات تحت قاعدة مُطّردة، لا قِبَلَ لها بالحَراك عنها والخروج عليها ولو قَيْد شعرة، والأرض تدور حول قُطبها، ولا يدبّ في قدرٍ لها من الزمن والحركة والطريق دبيب التغيير والتبديل، والماء والهواء والنّور، كُلّها مُذعِنَةٌ لنظامٍ خاص.

وللجمادات والنّباتات والحيوانات ضابطةٌ، لا تنمو ولا تنقص ولا تحيا ولا تموت إلّا بموجَبها، حتّى أنّ الإنسان نفسه لو تدبّرتَ شأنهُ لتبيّن لك أنّه مُذْعِنٌ لِسُنَنِ الله إذعانًا تامًّا. فلا يتنفّس ولا يحُسّ حاجته إلى الماء والغذاء والنور والحرارة إلّا وُفقًا لقانون الله المُنَظِّم لحياتِه. ولهذا القانون نفسُهُ، مُنقادٌ: قلبُ الإنسان في حركته، ودمه في دورانه، ونفسه في دخوله وخروجه، وله تستسلم جميع أعضاء جسده كالدماغ والمعدة والرّئَة والأعصاب والعضلات واليَدَين والرِّجلَيْن واللسان والعينَيْن والأنف والأُذن.

فليست الوظائف التي تُؤَدّيها هذه الأعضاء كُلّها إلا ما قدّرهُ الله لها.

وهي لا تقوم إلا حسب ما قرّرت لها الطريق.

فهذا القانون الشامل الذي يَستسلم له ولا يَنفكّ عن طاعته شيء في هذا الكون من أكبر سَيَّارة في السّماء إلى أصغر ذرّة من الرّمل في الأرض، هو مِن صُنعِ مَلكٍ جَليلٍ مُقتدر. فإذا كان كُلّ شيء في السماوات والأرض وما بينهما مُنقادًا لهذا القانون، فإنّ العالَمَ كُلّهُ: مُطيعٌ لذلك الملك المُقتدر الذي وضَعَهُ، متّبعٌ لأمرِه.

وتبيّن من هذه الوجهة أنّ الإسلام دينُ الكَوْنِ طرًّا، لأنّ معناه الانقياد والامتثال لأمر الآمر ونَهيِهِ بلا اعتراضٍ كما مَرّ، فالشمس والقمر والأرض مسلمة، والهواء والماء والحرارة والظلام مسلمة، والشجر والحجر والأنعام مسلمة، وإنّ الإنسان الذي لا يعرف ربّه ويجحد وُجُودَهُ ويُنكِر آياتِه أو يعبُدُ غيرهُ ويُشرك به، سواءٌ. هو مُسلمٌ من حيث فِطرته التي فُطِرَ عليها. كُلّ مولود يولد على الفِطرةِ، أي الطبيعة، وذلك أنّه لا يولدُ ولا يحيا ولا يموت إلا وفقًا لما وضع الله تعالى من قانون وِلادته وحياته وموته، وكذلك كُلّ أعضاء جسده لا تَدِينُ إلّا دينَ الإسلام.4

 

  • 1الدكتور مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب، ص39 وما بعدها - طبعة ثالثة 1979م بيروت.
  • 2السيد أمير محمد الكاظمي القزويني: الإسلام وواقع المسلم المُعاصر: ص18 -طبعة ثانية- مطابع الطليعة - كويت.
  • 3كتابة مبادئ الإسلام ص4-6 - دار الفكر - بيروت - لبنان.
  • 4أبو الأعلى الودودي: مبادئ الإسلام ص4-6 وما بعده - دار الفكر - بيروت - لبنان.