ليس للعلويين مذهبٌ باطنيٌّ ولا سِرّيَةٌ عقائديةٌ.. إن التعرّف على عقائد الآخرين لا يطلب في الشوارع والأزقة بل يُطلب ويُؤخذ من علماء المذهب وفقهائه ومن مراجعه المعتبرة.. صلاة القائد العربي الكبير الدكتور بشار الأسد صحيحة.. نحن لا نُطلق الكُفرَ على أحدٍ...

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 04/01/2012 - 09:01

المرسل: حسين \28\12\2011م

(هل تصلون وتصومون؟)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
معك اخوك حسين من الكويت انا شيعي اثناعشري والحمد لله، ولدي كم من الأسئلة اتمنى ان تجيبوني عليها،
1- الذي اعلمه ان العلويين النصيرية يتبعون مذهبا باطنيا فلماذا ذلك هل هو قانون يسري لقيام يوم الدين ام فقط في اوقات الاضطهاد، وماهي التعاليم السرية لكم؟
2- سمعت من احد الثقاة انهم تحدث الى احد العلويين بعد ان رآه يفطر في نهار رمضان فرد العلوي انهم لا يصومون، وان صلاتهم تختلف عن صلاة المسلمين لأن صلاتهم تكون بتلاوة اشياء عند شيخهم، فهل كل النصيرية على هذا ام هناك منهم من يصلون ويصومون كما يصوم المسلمين؟ ولماذا نرى القائد بشار الاسد اذا صلى يصلي متكتفا كما اهل السنة؟
3- ماهي كتب النصيرية وهل هي نفس كتب الشيعة مثل بحار الانوار والكافي؟
4- هل هناك تكفير للشيعة من قبل النصيرية او تكفير للنصيرية من طرف الشيعة؟
5- لماذا لا نرى النصيريين في كربلاء والنجف؟ وهل تحجون؟ 1
الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين.

  الأخ السائل حسين المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  بالنسبة للسؤال الأول، فالمسلمون العلويون من أكثر الناس تفانياً بولاء أهل البيت عليهم السلام، وبسبب ذلك فقد تعرّضوا للكثير من المَجازر الوحشية من قبل أعداء الإسلام، فالعلوي لا يَشتم إمامه ولا يَتبرأ منه حتى وإن تعرّض للموت لأنه لا يرى صحةً للحديث المنسوب إلى أمير المؤمنين: (أما السب فسبوني فإنه لي زكاة ولكم نجاة. وأما البراءة فلا تتبرأوا مني فإني ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الايمان والهجرة)، والصحيح عندنا ما رويناه عن الثقات إنه قال: (إذا دُعِيتُم إلى سَبّي فلا تسبّوني، وإذا دُعيتم إلى البَراءة مِنّي فمُدّوا الأعناق).

  وليس لهم مذهبٌ باطنيٌّ كما يظن البعض، لأنّ مذهبهم في العبادات والمعاملات هو مذهب أهل العصمة عليهم السلام فهم يرجعون إليهم في العقائد والأحكام.

  وما قيل عن سِريّة عقائدية فمبعثه الجهل المُرَكّب والتعصّب الذَميم وما نتج عنهما من تراشق بالتهم جزافاً من دون بَيّنةٍ تُذكر، فإذا كان المُراد بالسريّة (التقية) فهذا مُشترك بيننا وبين الشيعة وسبب العمل بها هو جَهل الطرف الثاني واستغراقه في دائرة التعصب المَقيت، أمّا إذا كان المُراد بها (الباطنية السلبية) التي اتهمنا بها المُتعصبون ونسبها إلينا الحاقدون فنقول: لا أثر لها عندنا وليست من منهاجنا، ومن أراد أن يَطّلع على مُعتقداتنا فعليه بنهج البلاغة لإمام البلاغة والفصاحة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقد قعّد الأصول وأصّل القواعد من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله.

  وبالنسبة إلى السؤال الثاني أقول: إن التعرّف على عقائد الآخرين لا يُطلب في الشوارع والأزقة بل يُطلب ويُؤخذ من علماء المذهب وفقهائه ومن مَراجعه المُعتبرة، فالمسلمون العلويون يُؤمنون بوجوب العمل بالأركان الخمسة من: صلاة وزكاة وصيام وحج وجهاد، وما يُقال عنهم بخلاف ذلك فيُضرب به عرض الحائط كائناً من يكون القائل، وعلينا أن نَخرج من هذه الدوائر الضيّقة إلى رِحَابِ الإسلام الواسع الأفاق، ومن المُؤسف أن نَحكُمَ على شعبٍ بأكمَلِهِ من خلال مَعتوهٍ لا يَعرف شيئاً عن أصولِ مَذهبه هذا في حال حصول ذلك ووجود هذا المَعتوه والذي لا نعرف حقيقة مذهبه.

  فأدب الدين قبل الدين ومن لا أدب له لا دين له، ومن جملة الآداب الدينية: التبيّن والتثبّت قبل الحُكم، وغير ذلك يَدخُلُ في دائرةِ الظن الذي لا يُبطِلُ اليَقين.

  وأما حديث عن التلاوة عند الشيخ، فهذه نكتة المَوسِم ولكنها ليست مهضومة، وفي الحقيقة: لا تلاوة عندنا إلا لكتاب الله، ويُستحب قراءة الأدعية المأثورة عن المعصومين وهي كثيرة كالصحيفة العلويّة والسَجّادية وغيرهما مما لا حَصرَ له.

  أما صلاة القائد العربي الكبير الدكتور بشار الأسد فهي صحيحة لصحة نيته، ولا مشكلة فقهية عندنا في أن يَعقد الرجل أو يَسبل، لأنّ هذه الصورة ليست رُكناً من أركان الصلاة، بل جزءاً من فرعٍ، وبالتالي فهي لا تدخل في حُكم بُطلان الصلاة أو صِحّتها، لأنّ الغاية هي التوجّه الصحيح والقراءة الصحيحة بالإضافة إلى القيام والركوع والسجود والذِكر، أما القنوت والتعقيب فمُستحبان.

  أما سؤالك عن مراجعنا المُعتمدة والكتب التي نرجع إليها فعلى رأسها وفي مقدمتها: كتاب الله المنزل على النبي المرسل، وما صَحّ قطعية صدوره عن المعصوم نبياً أو إماماً، ونهج البلاغة لأمير المؤمنين، وتحف العقول لأبن شعبة الحراني، والمحاسن للبرقي، والهداية للشيخ الخصيبي، وما دون ذلك من الكتب الأخرى كالكافي والفقيه والاستبصار وتهذيب الأحكام والبحار والوافي وغيرها فإنها تخضع لموازين التمحيص فما تيقنّا صُدوره عَمِلنَا به، وما لم نتيقن صدوره أعدناه إلى أهله.

  أما بالنسبة لموضوع التكفير فنحن لا نُطلق الكُفرَ على أحدٍ ما لم يُعلنه، ولأن هذا الحكم لله تعالى لا يَجوز لمخلوقٍ أن يَخوض فيه وقد تجرأ الكثيرون عليه، وفي كل الأحوال فنحن لا ننظر إلى الخلف ولا نخوض فيما لا يعنينا.
وبالعودة إلى تحديد سؤالك فنحن لم نُكَفّر أيّ فِرقة شيعيّة مع وجود الكثير من المُلاحظات التي وقفنا عليها وخصوصاً في كتب العرفانيين منهم ولكن كما قلت فالموضوع لا يعنينا، أما الأخوة الشيعة فقد تجرأ الكثيرون من علمائهم ووَصَمُونا بما نحن بُراء منه وقد قُمت بالرّد على تلك التُرّهات، وفي كل الأحوال فلا قيمة لتلك الأقوال فهي بمُطلقها أَلصَق.

  أما موضوع الحج فهو ركن إسلامي مُعَظَّم، وهو واجب عَينٍ على كُلّ مُسلم ومُسلمة لمن استطاع إليه سبيلاً، ومن استطاع من أهلنا أن يؤدي هذا الواجب المقدس فإنه لا يتوانى عن ذلك، أما المشاهد المُكرّمة في كربلاء والنجف فقد زارها الكثيرون من شيوخنا وأهلنا ولا إشكالية في ذلك رغم الكلام السَلبي الذي سَمِعُوه من بعض المُتزمّتين.

  أخي الكريم علينا أن نتخلّص من هذه العقلية المَريضة  التي دَأَبَ عليها الكثيرون وهو أن يعتقد المرء أنّه على حق وغيره على باطل، فمن آمن بالله ورسوله واليوم الآخر ووالى أهل البيت وعمل بأركان الإسلام فهو مُؤمنٌ رُغم أنوف الخرّاصين والدّجالين، فكفى هَرجاً ومَرجاً وخُروجاً عن آداب الإسلام والإيمان، لقد سَئِمنا هذا المَنطق السَخيف والعقلية المُتحجرة الرّجعيّة، فالعلوي من الإسلام في الصّميم وشهادته الإيمانية أخذها من نبيّ الأُمّة صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)، فبعدَ هذه الشهادة المَعصومة لا نَبغي شهادةً من أحد، وعلينا جميعاً أن نعود بتسليمٍ إلى كتاب الله القائل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾ [النساء:94].

  والسلام عليكم

حسين محمد المظلوم
3\1\2012

  • 1القارئ الكريم: في موضوعنا (أنت تسأل والشيخ العلوي يُجيب) السؤال مُتاح للجميع فلا تتردّد و اتصل بنا .
    ومن أحب الإطلاع على بقية الأسئلة فإليكم: فهرس الأسئلة مُصنّفة حسب إسم السائل. 
    من المفيد أن يطّلع القارئ على محتويات هذه المكتبة قبل أن يطرح سؤاله فإن لم يجد ما يريد عندها فليسأل وعلى الرحب والسِعَة. وقد أشبعت هذا الجواب بربطه بمواضيع تتعلق به (انقر على العبارات الزرقاء) لأسهّل على القارئ وصوله إلى أكبر عدد ممكن من المعلومات فيحصل على مزيد من الفائدة، ودمتم بخير... (أبو اسكندر)