أسئلة زين العابدين: إيضاح البيان - موازين الحديث - العلويون والشيعة طائفتان مستقلتان - قضية التقليد وولاية الفقيه - العلوية فوق الشيعية - أسماء أبواب الأئمة .....إلخ

أُضيف بتاريخ الجمعة, 19/08/2011 - 00:27

المرسل: زين العابدين علي علي \07\05\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم اللَّهم صلِّ على محمدٍ و آل محمد و قدِّس اللهم أرواح عبادكَ المؤمنين الصالحين ثقتُنا المفخَّم و عالِمُنا الموقَّر فضيلة الشيخ حُسين محُمد المظلوم سلامٌ تتعطَّر بشذاه النفوس و يعبقُ أريج عبيره بالأنوف و رحمة الله و بركاته على تلك النفس القدسية و على اللائذين بها من أهل الولاية الصادقة. قرأتُ كتابكَ ( الدعوة ذات الشبهة ) فأردتُ أنْ أستفسرَ عمّا اشتكل عليَّ معرفته

ورد في الملاحظة الثانية:
يقول في معرض حديثه عن البيان الذي كتبه العلماء العلويون في السبعينيات:
كان هذا البيان هو البارقة التي ألهمتني إلى الطريق الذي يمكنني من قول الحقيقة، ودفع الظلم عن هذه الفرقة الكريمة.

بيان الخطأ :
صحيحٌ هذا القول فالبيان يوضح عقيدة القوم المفترى عليهم ولكن الشيخ البادياني ناقضه في متون كتابه وحرفه عن مساره الطبيعي بعلم أو بغير علم، وهذا البيان تناول الكليات دون الجزئيات وهو بحاجة إلى إيضاح لا بد منه وخصوصاً في بعض الجوانب، ومنها ذكر البيان للمراجع الفقهية كالكتب الأربعة فليس كل ما ورد فيها قطعي الصدور عن الأئمة المعصومين، بل يخضع الحديث فيها لموازين عدة ليتم العمل به فيما بعد، أو طرحه جانباً إن كان شاذاً عن نهج الأئمة المعروف عند الخلصاء من أشياعهم، أو رده إليهم إن كان متشابهاً دون الرد عليهم.
أما المُقلِدين فلهم الرسائل العملية وهي فتاوى الفقهاء المراجع العلويين دون سواهم

1- فمتى سيكون هذا الإيضاح ؟ و يا ريت لو تأتي على ذكر بعض من هذا الإيضاح ؟
2- و ما هي الموازين التي يخضع لها الحديث ؟

و في الملاحظة الثالثة عشر:
أوضحنا مراراً وأكدنا تكراراً إنّ العلويين والشيعة طائفتان مستقلتان عن بعضهما،... حين وقَّع علماؤنا على هذا البيان لم يلغوا هويتهم العلوية كما يفتري البعض بل أصروا عليها وترجموها ترجمةً جليةً لا لبس فيها، ونحن بغنى عن استعراض المسائل المُختلف عليها بين الطائفتين، بل نكتفي بذكر هذه الخطوط العريضة، ونترك التفصيل إلى حينه مع أنني نبهت على بعضه في كتابي (العلوية والمناهج الأخرى ).

3- أتمنى عليكَ فضيلة الشيخ أن تأتي على ذكر المسائل المختلف عليها فقد سَئمنا من تصرفات و أقوال الكثير من مشائخهم و عمومهم، فتارة يكفروننا و تارةً يمنون علينا بالاعتراف بإسلامنا و كأننا بحاجة لاعترافهم . فإننا بحاجة إلى قولٍ فصل ٍ يضع النقاط على الحروف و يزيل الالتباس و يرفع راية الحق

و ورد في الملاحظة الخامسة عشر قولٌ لكَ :
( ... بل نباشر القضايا إبتداءً ونحققها بقاءً،... )

4- ما معنى هذا القول ؟
و ورد في الملاحظة العشرون:
حول توجيهه نصيحة إلى العلماء والمثقفين العلويين ليتصلوا مباشرة بمراكز العلم والثقافة في الحوزات العلمية كي لا يتجرأ أحد أن يفتح ملف القيل والقال بحقهم، وهنا أقول:إنه لا مانع من الاتصال بأهل العلم والإنصاف أينما كانوا، وهذا أمر إيجابي مفيد لكل الأطراف فالإسلام يدعو إلى التلاقي وينهى عن التخاصم، ولكن هل يمنع هذا الاتصال القيل والقال من قبل الحاقدين ؟ بالطبع لا وهل توقف القيل والقال بحق الشيعة ونحن نقرأ عشرات الكتب الناصبية الهدامة تطعن بالعلويين والشيعة على حدٍ سواء.

فإذا كانت الدعوة لمنع القيل والقال فلن تنفع، وإذا كانت لتقليد أولئك العلماء والمراجع فنحن بغنى عن ذلك، ولا نقلد إلا من صحت لنا عدالته وأعلميته، وإذا كانت لاعتناق فكرة ولاية الفقيه فهي غير ثابتة في منهاجنا

5- فيا حبذا أن تأتنا بشرح واف و كاف عن قضية التقليد ؟ و ولاية الفقيه ؟ و ما هي حجتهم على ولاية الفقيه ؟ و لماذا يدعوننا إلى اعتناق معتقداتهم و آرائهم الخاصة ؟

و في الملاحظة الثانية والعشرون:
مع العلم إن العلوية بما تمتلك من صفات وخصائص فوق الشيعية لأن العلوية تمثل عمق الاتصال مع المعصومين وكمال الولاء وصحة الرسوخ في الانتماء، أما الشيعية فهي بداية السير والانتماء ويعقبه الانحراف أو الاستقامة، فإذا حصلت الاستقامة كانت العلوية

6- فضيلة الشيخ ما هي هذه الصفات و الخصائص التي جعلت العلويّة فوق الشيعية ؟

و ورد قول لكَ في الملاحظة الخامسة و العشرون:
ومذهبنا قطعي الصدور لا مظنون ولا مستورد.

7- أتمنى عليكم فضيلة الشيخ شرح هذا القول ؟

و في الملاحظة التاسعة والثلاثون:
( ... فيما يتعلق بقضية الأبواب المنصوبة من قبل الأئمة فقد لاحظنا تغييراً كبيراً واختلافاً يناقض منهجنا، فالمسلمون العلويون يعتقدون أن الباب الشرعي للإمام العسكري هو السيد أبو شعيب محمد بن نصير وليس عثمان بن سعيد العمري وأبنه محمد بن عثمان كما أورد في شرحه ، وهذه نقطة خلافية بيننا وبين الشيعة،.... ) ( .... وقد لاحظت تقديماً وتأخيراً في بقية الأبواب المنصوبة لأئمة الهدى تتناقض والنهج العلوي ، ... )

8- فضيلة الشيخ هل لكَ أن تأتي على ذكر أسماء أبواب الأئمة في منهاجنا ؟

هذا ما أردتُ معرفتهُ ... و حيَّاكم الله و بَاركَ فيكُم ... و الحمدُ لله 1

الجـواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين وأصحابه المنتجين.

الأخ الفاضل السيد زين العابدين المحترم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  البيان الذي كتبه العلماء واضحٌ من حيث المبدأ والهدف، فمتونه العقائدية مستقاة من كتاب الله وسنة المعصوم، ولكن ما يجب إيضاحه يتعلق بالموارد المعصومة – الأحاديث - وكيفية التحقق منها، فكل طائفة لها أصول تعتمدها لتصحيح الحديث كي يتمّ اعتقاده إن كان عقائدياً أو العمل به إن كان فقهياً، ولكل طائفة موازينها لمعرفة الرجال من حيث الجرح والتعديل، والبحث في هذا المجال يطول ويحتاج إلى تفصيل، وقد باشرت في وضع موسوعة حديثية جامعة في هذا المجال من كل الجوانب العقائدية والفقهية والأخلاقية.

وكذلك الأمر يجب إيضاح أدلة التشريع والتفريق بين الأصل والفرع وتعلقهما ببعضهما البعض لمعرفة الحكم.


  أما الموازين التي يخضع لها الحديث فموافقته لكتاب الله وفق منهاج أهل العصمة، فهل يُعقل قبول حديث يُثبت الجور على الباري مع اعتقادنا بعدالته المطلقة! وهل يصح حديثاً يحوي تشبيها للخالق مع إيماننا بتنزيهه عن الشبيه والنظير! وهل من المنطق تصديق حديث يخدش بعصمة النبي والأئمة عليهم السلام مع قولنا اليقيني بعصمتهم! وعلى هذا السياق.

وفي سياق ثان هل نقبَلُ حديثاً رواه ضعيف بسند مشبوه مفاده الطعن بأجلاّء أصحاب المعصومين! كتلك الروايات التي تطعن بالمفضل بن عمر أو محمد بن سنان أو جابر بن يزيد الجعفي وغيرهم من الثقات الميامين من الذين عاصروا الأئمة وأدّوا الأمانة بأمانة من دون تقصيرٍ بل تفانوا في سبيلها ولاقوا ما لاقوه من عَنَتٍ وتنكيل !!؟.


  أما سؤالك عن المسائل المختلف عليها فقد ذكرت أكثرها في كتابي العلوية والمناهج الأخرى، والعلوية تاريخاً وعقيدةً وسلوكاً كمسألة تقسيم الحديث إلى أنواع ووسائل الاستنباط وتوثيق الرجال أو عدمه وطريقة العرض على المتن وآليته وأصول التقليد وصفات المُقَلد وولاية الفقيه وعدم التوافق على كلية قواعد علم أصول الفقه وتفاوت في تحديد دراية الروايات وغير ذلك والتفصيل يأتي في وقته وموضعه.


  وأما سؤالك عن قولي (نباشر القضايا ابتداءً ونحققها بقاءً) فالمراد واضح وهذه الألفاظ يستعملها الفقهاء في المسائل العملية، فـ(مباشرة القضايا ابتداءً) أي بحثها في البداية والفحص عن صحتها فإذا تم ذلك فـ(نعتقدها بقاءً) أي دائماً من دون أدنى شك أو تردد في صحتها لأنه لا يصح اعتقادها ابتداءً من دون تحقق لأن الأصول تشترط البحث والنظر ولا يجوز التقليد فيها.


  أما سؤالك عن التقليد فهو اقتداء من لا يعلم بمن يعلم وإليك بيانه:
المرجعية وأصول الإقتداء
قال تعالى ﴿ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ﴾
وقال تعالى ﴿ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ﴾
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: [ طلب العلم فريضة على كل مسلم، فاطلبوا العلم من مظانه، واقتبسوه من أهله.]

انطلاقاً من هاتين الآيتين الكريمتين والحديث الشريف يتضح لنا بأن الشريعة الإسلامية الغراء حضت على طلب العلم من المهد إلى اللحد ، والمراد بالعلم هنا معارف الإسلام وأحكامه ليتسنى للمسلم القيام بوظائف العبودية حتى يستحق اسمها ،ثم إننا نلاحظ بأن النبي الكريم صلى الله عليه وآله من خلال هذا الحديث قيد هذا الإطلاق بوجوب اخذ العلم من مظانه، واقتباسه من أهله بدليل حديث الثقلين وأحاديث كثيرة تدل بمجموعها على وجوب الأخذ من كتاب الله وسنة رسوله ونهج أهل بيت النبوة.

والآيتان الكريمتان دلتا بوضوح على عدم التساوي بين أفراد المجتمع الإسلامي في العلم والمعرفة ، فهناك العلماء وهناك طلاب العلم، وهناك الجهلاء، ومن الطبيعي أن لا يتسنى للجميع استخراج أصول المعارف وفروعها من الكتاب الكريم والسنة الشريفة بطريقة مباشرة لأن هذه العملية الدقيقة والمعقدة لا تتيسر إلا للعلماء الراسخين في هذا المجال المعبر عنه بالواجب الكفائي، فكان من البديهي أن يرجع المتعلم على سبيل النجاة إلى العالم العامل كي لا يسلك بنفسه إلى ارتكاب المآثم بالفهم الخاطئ والتصور المحدود، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله:[من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح.]،فالعالم القادر على استخراج الأحكام الدينية من مظانها والوصول إليها يسمى فقيهاً، والمتعلم منه والآخذ عنه يسمى مقتدياً، ولا يجب عليه الاقتداء به إلا من بعد التحقق من أهليته، لأن الفقيه المرجع يجب أن تنطبق عليه شروط ومواصفات لا بد منها ولا غنى عنها ليصح الوثوق به.


  من شروط الفقيه المرجع:

  • طهارة المولد: لعدم جواز الرجوع إلى ابن الزنا.
  • الذكورة: لبطلان إمامة المرأة على الرجل.
  • البلوغ: لأن القاصر لا يولى على نفسه، فكيف يولى على غيره.
  • العقل: لأن غير العاقل لا يكلف، ولأن القلم رفع عنه.
  • الإسلام والإيمان: لعدم جواز الرجوع إلى غير المسلم المؤمن.
  • العدالة: لعدم جواز ولاية الفاسق.
  • الأعلمية: لعدم جواز إمامة المفضول بوجود الفاضل.

فمن حوى هذه الصفات وجب الاقتداء به وصحت مرجعيته.

  أما حقّه على من اقتدى به فقد أوضحه مولانا علي زين العابدين عليه السلام حيث يقول: [وأما حق سائسك بالعلم فالتعظيم له والتوقير لمجلسه، وحُسن الاستماع إليه والإقبال عليه والمعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم بأن تفرغ له عقلك وتُحضره فهمك تذكي له قلبك وتُجلي له بصرك بترك اللذات ونقص الشهوات وأن تعلم أنك فيما ألقى إليك رسوله إلى من لقيك من أهل الجهل فلزمك حُسن التأدية عنه إليهم ولا تخنه في تأدية رسالته والقيام بها عنه إذا تقلدتها].

فهذا ما نراه استناداً إلى النصوص المعتبرة ولسنا مكلفين بتصورات غير تصديقية في منهاجنا.


  أما ولاية الفقيه
فلم تثبت في منهاجنا لقوله تعالى ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ [المائدة:55] وكلمة (إِنَّمَا) من أقوى أدوات الحصر وتفيد أن الولاية من اختصاص الله عزّ وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأبنائه المعصومين عليهم السلام فلا تمتد إلى غيرهم لا حقيقة ولا مجازاً لقول أمير المؤمنين عليه السلام: (يا كميل الدين لله فلا يقبل الله من أحد القيام به إلا رسولاً أو نبياً أو وصياً، يا كميل هي نبوّة ورسالة وإمامة وليس بعد ذلك إلا موالين متبعين أو عامهين مبتدعين إنما يتقبل الله من المتقين).

كما أنه لا يصح وفق نصوصنا المعتبرة إطلاق النيابة على أي كان إلا بتعيين مباشر من صاحب العصر عليه السلام.

  أما الأخوة في الطائفة الشيعية فيقولون:
إن المجتهد الجامع للشرائط نائب الإمام في حال غيبته وهو الحاكم والرئيس المطلق له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس والراد عليه راد على الإمام والراد على الإمام راد على الله تعالى وهو على حد الشرك بالله، فليس المجتهد الجامع للشرائط مرجعاً في الفتيا فقط بل له الولاية العامة.
وقالوا إن هذه المنزلة أو الرئاسة العامة أعطاها الإمام للمجتهد الجامع للشرائط ليكون نائباً عنه في حال الغيبة لذلك يسمى ( نائب الإمام )

وفي كل الأحوال فلا يحق لنا التعرض للآخرين ولا يحق لهم إلزامنا بما لم يصح عندنا.

  أما دعوتهم لنا فهي قضية قديمة متجددة وهذا المرض سئمناه ومللناه فمن أراد النجاة فعليه بالبيت العلوي المشرق الذي يغني عن الوسائط الوضعية قال رسول الله أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فعليه بالباب.


  أما سؤالك عن العلوية والشيعية والخصائص التي جعلت العلوية فوق الشيعية فله بيان مفصل سأصدره قريباً.


  ومعنى القول إن مذهبنا قطعي الصدور أي أن أصوله وفروعه وآدابه مأخوذة عن المعصومين عن رب العالمين فهو ليس مظنوناً أي لا نعتمد الأحاديث الضعيفة التي يشك بصحة صدورها ولا نستورد معارفنا من الآخرين بل نشرب الماء من معينه الصافي.


  أما أبواب الأئمة: 
فالباب الشرعي في عصر أمير المؤمنين هو سلمان الفارسي.
وفي عصر المجتبى قيس بن ورقا.
وفي عصر الشهيد رشيد الهجري.
وفي عصر سيد العابدين عبد الله بن غالب الكابلي.
وفي عصر الباقر جابر بن يزيد الجعف.
وفي عصر الصادق محمد بن أبي زينب.
وفي عصر الكاظم المفضل بن عمر.
وفي عصر الرضا محمد بن المفضل.
وفي عصر الجواد عمر بن الفرات الكاتب.
وفي عصر الهادي والعسكري فبابهما محمد بن نصير.

فهذا ما رأيت إيضاحه باختصار ودمت بخير

حسين محمد المظلوم
13/8/2011