حديث الفرقة الناجية والتحقق من قطعيته.. تحديد مدلول الفرقة الناجية.. هل يعقل أن يتلفظ النبيّ بحديث يكون منشأ للتكفير والتنفير!.. الفرقة الناجية ليست مذهبا معينا ولا طائفة بذاتها.. بل هي ذلك المجموع من الأفراد الذين أخلصوا لله في أقوالهم وأفعالهم...

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 19/06/2012 - 13:10

المرسل: رضوان \05\05\2012م

هل تقولون بأن الطائفة الناجية هي العلويون أم الطائفة الشيعية الإمامية الاثني عشريةالجعفرية بتوجهاتهم الأربعة؛ الأصوليون والإخباريون والشيخية والعلويين؟ 1
الجـواب
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين وأصحابه المنتجبين.

أخي الكريم إنّ ما سألت عنه يدفعنا إلى تناول قضيتين مُتلازمَتَين:

  • الأولى: التحقق من قطعية الحديث.
  • والثانية: تحديد مدلول الفرقة الناجية.

  وفي حال ثبت الحديث وصح فلا بدّ من تحديد الفرقة الناجية كتفسير منطقي لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله.
وفي حال انتفت قطعيته فيكون مَبحث الفرقة الناجية مبحثاً عاماً لا خاصاً.
والفرق بين المبحثين هو:
أنّ الأول يتناول تحديداً خصصه النبي للفرقة الناجية، والثاني يتناول بحثاً عاماً عن وسيلة مُثلى للنجاة.

  وفق قراءتي لهذا الحديث من عدة مصادر وجدت:
اضطراباً واختلافاً في ألفاظه في الموسوعات الحديثية.
وتبايناً في تفسيره عند العلماء والفقهاء.
وضعفاً في سنده لتنافر الرواة.
وتسابقاً في استغلاله من قبل الحُكّام وفقهائهم.
ولكن الأغرب من كل ذلك هو سكوت العلماء عن تناوله من حيث القطعية والوضع حتى أصبح من المُسَلّمات عند الجميع إلا القليل.
ومما لا خلاف فيه أنّ النبي الأعظم أخبر عن الكثير من الأمور المُغَيّبَة التي تحدث بعد مُضِيّه، وقد حدث أكثرها وما زلنا ننتظر الباقي، ولكن هل يُعقل أن يتلفظ بحديثٍ يكون مَنشأً للتكفيرِ والتنفيرِ! هذا ما لا يستقيم مع المفهوم الجَلي للدعوة وغايتها.

  فهذا الحديث هو من الأحاديث الموضوعة التي تم استغلالها استغلالاً بشعاً، وأُريقَ بسبب هذا الاستغلال الدماء البريئة، وكُفّر هذا، وفُسّق ذاك، وما زال الأمرُ سارياً حتى يومنا هذا من كثرة ما نُشاهده من كُتب تكفيريّة انطلقت من مُتون هذا الحديث.

  لن أخوض في التفاصيل الواسعة لأن الموضوع يحتاج إلى كثير بحثٍ وتقصّي، ولكن سأقفُ عند نقطةٍ أُلزم بها نفسي وهي أنّ هذا الحديثُ موضوعٌ من قِبَلِ فقهاءِ السُلطة بأمرٍ مِنَ الحُكّام.

  أما تحديد مدلول الفرقة الناجية فإلَيْكَهُ:

  يظن البعض أنّ الفرقة الناجية هي طائفةٌ بعينها، أو مذهب من المذاهب الإسلامية، وهذا ظنٌ لا يرتقي إلى درجة اليقين، بمعنى أنّه ليس في مَحَلّه، ويَظن الكُلّ أنّ الفرقة الناجية هي طائفته، والدليل على ذلك هو تمسّكه التقليدي بكل ما يَصدر عن علمائه.

  وفي الحقيقة: فالفرقةُ الناجيةُ ليست مَذهباً مُعَيّناً مع تبايُن فقهائه، أو طائفةً بذاتها مع مجموعها غير المُتجانس في النّهج والسلوك. بل الفرقة الناجية: هي ذلك المجموع من الأفراد الذين أخلصوا لله في أقوالهم وأفعالهم، وفي سِرّهم وجَهرهم، وهم الذين عَناهُمُ الله سبحانه وتعالى في قوله: ﴿ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة:177] فكُلّ مُسلمٍ اعتقد ذلك وأخلص في عمله واتقى الله فهو فَردٌ من تلك الفرقة الناجية.

  وبالعودة إلى الحديث فالمسلمون انقسموا إلى قسمين: قسمٌ أخلصَ لله، وقسمٌ انقلبَ على عقبَيهِ، فالأوّل في الجنة، والثاني في النار، بغضّ النظر عن الكَثرة والقِلّة.

  فهذا ما أردت بيانه والسلام على من اتبع الهدى.

حسين محمد المظلوم
في: 9\6\2012