المذهب العلوي : البحث في أصول المذهب وفروعه طويل ومتشعب.. الفروع مبثوثة في الكتب الحديثية وتحصيلها يتطلب دراية بالرواية ومعرفة الرجال أي أحوالهم.. تُعرف الرجال بالمقال لا المقال بالرجال.. أبرز الضوابط لمعرفة الحديث الصحيح..

أُضيف بتاريخ الأثنين, 26/05/2014 - 13:43

المرسل: 3abdoollah في 23\10\2013م

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسئلتي ببساطة
ما هي أصول دينكم، وفروعه إجمالا
ما هي المصادر المعتمدة لديكم في الروايات، وكذا الرجال
أثبتوا لنا كليات معتقداتكم وفروعكم من هذه المصادر
جزاكم الله خيرا 1
الجـواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين وأصحابه المنتجبين.

لطالما طرحت علينا مثل هذه الأسئلة منها على جهة الاستفهام ومنها لغاية التشكيك.

فالبحث في أصول المذهب وفروعه طويل ومتشعب، فمن حيث الأصول فقد قمت بذلك في كتابي منارة الرشاد إلى صحة الإعتقاد،2 وقد سبقني الكثير من العلماء إلى ذلك وأبرزهم الفيلسوف الشيخ يونس حمدان ، فلا حاجة إلى تكرير المُكَرّر، وأما الفروع فهي مبثوثة في الكتب الحديثية وتحصيلها يتطلب دراية بالرواية ومعرفة الرجال، أي أحوالهم، وبما أنه ورد أكثر من سؤال في هذا المجال فلا بد من تفصيل التالي:

أصول الدراية

دأب الكثيرون من أدعياء العلم والفقه والدراية إلى التصدّي لفضائل الأئمة المعصومين وإنكارها ورمي رواتها بالوضع والدّس، وإتهامهم بالغلو بحجة الدفاع عن أصول المذهب وتهذيب فروعه دون أن يعلموا أنهم يردَّون على أئمتهم ويجحدون فضائلهم ويطعنون بهذا المذهب .
من هنا نلاحظ أنّ أكثر كُتب الرجال والتراجم تعُجّ بالتضعيف والتكفير لجُملةٍ من أرباب الفضل والوثاقة والقدر الرفيع.

إن هؤلاء الأدعياء نواصبٌ من حيث لا يعلمون، فقد ناصبوا العداء لكُل من روى فضيلة عن معصوم وجحدوها بحجة أنها تدل على الغلو، يُريدون بذلك تقييد وتحديد عطاء الله ومَدده ولطفه ورحمته التي يختص بها من يشاء، وكأنهم هم من يُحدّد المَدد الإلهي كَيْفًا وكَمّاً.
لو شاء الله سبحانه وتعالى لَأَجرى على يد أدنى خلقه ما يُبهر العقول ويُحَيّر الألباب وهو القادر على ذلك - وليس لمخلوقٍ أن يخوض في هذا المجال المُمتنع - فكيف بأعظمهم وأجَلّهم مَقامًا وسُمُوًّا من الذين عَصَمَهم بلُطفِهِ، وفضّلهم على سائر بَريّتِهِ وجعل لهم حق التقدم في كافة المجالات.
إنّ أمرَ هؤلاء الأدعياء في غاية الغرابة !، فكيف ينظرون إلى الإمام؟ وما الفرق بينه وبينهم في حال سُلبت هذه الفضائل، أو انتَفَت تلك الخصائص.

إنّ الكثيرين من رجال الفضل والدراية لم يُترجم لهم، وما ذلك إلا لأنّهم رَوُوا ما تيقّنوا صدوره عن أئمتهم من جهة الفضائل، ومن جهة الحديث العلمي، فأغفلهم أولئك الدُعاةُ القاصرون، وأبرزوا رجالاً مشبوهين وأضافوا إليهم محاسن من أُُغفل، فتشوهت الصورة وغابت الحقيقة ووقع الالتباس.
أما الرجال الذين لم يستطيعوا طمسَ أسمائهم وآثارهم فقد نسبوا إليهم الكبائر المُنكرة والفواحش المُستنكرة التي يشيب لها الطفل الصغير.

إنّ علم الرجال علم قديم لا بل هو متقدم على غيره، بدأ مع النبي  والأئمة  لكن المتأخرون وضعوا له ضوابطًا، منها ما هو مقبول، ومنها ما أنزل الله به من سلطان.
فلو سُئِلنا كيف بدأ مع النبي  والأئمة  ؟ لقلنا :
حين عُرِفَ عن رسول الله  حَمْدَهُ لأقوامٍ وذمّه لآخرين، وكذلك الأمر فقد عُرف عن أئمتنا  ذلك.
لقد حَمَدَ النبيُّ أقوامًا صادقين في إسلامهم مخلصين له مُصَدّقين نبَّوته مُتّبعين قوله وفعله وتقريره، لم يخالفوه طرفة عين فأثنى عليهم وقَرَّبَهم من مقامه الشريف، وأسدى إليه النصح والإرشاد والعلم والأدب بما لا يحصى.
وذّم رجالاً عرف نفاقهم ولحقه منهم ما لا يجوز أن يلحق بنبي.
والأئمة المعصومون  أثنوا على رجال وقرّبوهم وصنّفوهم من خواص أصحابهم، وجعلوهم خزان علومهم، وذَمّوا رجالاً عَرفوا نفاقهم وبُغضهم وكثرة شكّهم وسوء ظنهم.

  وبالنتيجة فقد برزت قائمةٌ كبيرةٌ من المحمودين والمذمومين كان لا بد من معرفتها لأنّ جهلها يُوقِعُ في المحظور ويُؤَدّي إلى مَحق الدين، فاضطر علماءُ الحديث أن يتفحصوا عن أحوال الرجل قبل قبول حديثه أو رفضه، فكان علم الرجال القائم على معرفة الأمين من الخائن، والمُقتفي آثار أئمته من الُمَحّرف الوَضّاع.

  1.  فالضابطة الأولى:
    كانت عدم سماع ذموم بحقه من قبل الإمام، وفي حال صدر ذمٌ وجب التحقق من غايته، هل هو على سبيل الطعن والذم، أم هو من باب حمايته وحفظه من شر السلطة الغاشمة التي عرفت قربه من الإمام، فذمه المولى لصرف الأذى عنه، فإذا كان الذم من باب الطعن مع ظهور القرين وجب التبيّن من حديثه، ولم يجز طرحه إبتداءً خوفًا من صحته بمنأى عن حال الرجل، والتبين يكمن في صدور الحديث نفسه عن رجل محمود السيرة، أو عرضه على أصول المعصومين فإذا وافقها أو حظي براوٍ ثانٍ مأمون أُخذ به، وإن لم يصح طُرح جانبًا، وإن كان ذلك الذم لجهة صرف الأنظار عنه قُبل الحديث وعُمِل به وأخذ الطعن على محمله الصحيح، وليس كما فعل البعض من اعتبار الطعن حقيقة ثابتة بحق الرجل.
     
  2. والضابطة الثانية: تكمن في اشتهار فضل الرجل إلى حد الشيوع الذي لا يلتبس على أحدٍ أمثال: سلمان، والمقداد، وأبو ذَرٍّ، ورشيد الهجري، وقنبر بن كادان، وعثمان بن مظعون، ومالك بن الحارث الأشتر، وغيرهم من عِلِّيَّةِ الأصحاب الذين كانوا في عصر النبي وأمير المؤمنين، وإذا كان الرجل مجهول الحال من حيث الحمد أو الذم من قبل المعصوم أو أجلاء الأصحاب عُرض حديثه على متونهم  فإن وافق أستُدل به على فضله وعُمل بالحديث.
    وفي مقابلة فضل الرجل إلى حد الشيوع من حيث القبول يبرز قبح الرجل إلى درجة الشيوع من حيث رفض الحديث.

وخلاصة لما تقدم فإنّ أحاديث المعصومين التي تُحدث عن العقيدة والفقه والآداب تدل على نفسها من حيث موافقتهم أو مخالفتهم بغض النظر عن الأحاديث التي تخالفهم، ولكنها صدرت عنهم من باب التقية حقنًا لدماء شيعتهم، فهذه صحيحة الصدور ولا يُعمل بها إلا إذا وجبت التقية.
أما الاختلاف فقد وقع أكثره فيما يتعلق بالأصحاب والنوادر والخوارق.

بيان ذلك:

الأصحاب

لقد وردت نصوصٌ قطعية عن المعصومين عليهم السلام في حمد رجالٍ أجلاء، فوُضِعَ بإزائها نصوصًا كاذبةً في ذمّهم، منها:

  • وُضع من قبل السلطة الغاشمة بواسطة مأجورين مدسوسين.
  • ومنها وُضع من قبل حاسدين شاكين، فوقع الخلاف ودبَّ النزاع ما بين مُصدّق ومُكَذّب لكلا الحديثين الصحيح والموضوع، فامتلأت الكتب بالُمتشابهات، فترى رواياتٍ متضاربةٍ في ترجمة الرجل الواحد، فيُقال في حقه: حَدَّثَ فلانٌ عن رجاله أنّ الإمام أثنى عليه، ويقال في نفس الموضع: حَدَّثَ فلانٌ عن رجاله عن الإمام أنه قدح بفلان.. إلى أخر ما هُنالك من التضارُب الغريب والتبايُن العجيب الذي لا يُظهر حقًّا ولا يَدحض باطلاً.
    فمن قال بحمده ضعَّفَهُ قومٌ واعتمده آخرون، ونفس الشيء في ذمّه.

  وفي باب النوادر وقع نفس الخلاف فإذا أستعجم الحديث على بعض الضعفاء طعن برُواتِهِ، وإن وافق مَذهَبَهُ أثنى عليه دون الوقوف على المُتون الثابتة والتي هي الضابط الأساس في القبول أو الرفض.

أما أحاديث المعاجز والخوارق فهي أُمُّ الخلاف وأَبُوه كما قدمنا:

  • فالبعض يُنكر ظهور المعاجز مُطلقًا على أيدي المعصومين فيَرمي من اعتقدها أو مُجَرَّد رواها بالغلوّ.
  • والبعض الآخر يَضَعُ لها حدودًا على مِزاجه فمن تجاوزها رموه بالغلو، وكأنه والعياذ بالله واهِبها ومُحَدّد حُدودَها.
  • ومنهم يقبلها من طريق بعض الرواة المخصوصين، ولا يقبلها من طريق آخرين وهي عينها، فيمدح رجاله ويقدح آخرين، والقضية واحدة وهذا من أعجب العجب ومُنتهى السخافة، فكيف يَقبل الحق من جهة ويرفضه من أخرى؟! وفي الحقيقة فإنه لم يَقبَلِ الحق بل قَبِلَ رجالاً تعصبًا لهم.
  • والذي يقبل ويُصَدّق هذه الخوارق إيمانًا منه إنّ الله  كَرَّمَ بها خاصة أوليائه وإنه واهبها وسالبها ومُقَدّر حدودها كمًّا وكيفًا، فإنّه يُرمى بالغلو من قبل قاصرين شاكّين، مع العلم أنّه رواها عن ثقاتٍ صادقين وهي متواترة بما لا مجال للشك في صدورها.

هذا أقل ما يُمكن أن نقوله في هذا المجال فهو واسعٌ ويتطلب بُحوثًا واسعةً، وتَقَصّيًا دقيقًا عن كافة الرجال والروايات وعرضها على الأصول الثابتة.

  أما الرجال فيُحكم عليهم بما ظهر منهم وصفًا، وصدر عنهم عِلمًا، لا بما يُنسب إليهم من قبل مُفترين وحاسدين ومُضلّلين.

- فالطبقة الأولى التي أثنى عليها الإمام ثقات ميامين لا انقسام فيها، وهم معرفون بسيماهم لا يلتبس أمرهم إلاّ على القاصرين والمُقلدين والمُشكّكين.

- والطبقة الثانية يُقسمون إلى قسمين:

  • قسمٌ اعتمد على الطبقة الأولى وروى عنهم وصدقهم أكان الأمر خارقًا للعادة أم لم يكن، فهم التابعون للأصحاب بإحسان وتصديق.
  • وقسم التبَسَ الأمرُ عليه وتوهّم بالروايات الموضوعة بحقهم من قبل المدسوسين فطرح أحاديثهم وضعفهم. ومنهم من لم يقبل أو يحتمل غرائب ما أوردوه فرفض ما صدر عنهم وشكك فيهم .

- والطبقة الثالثة هم المتلقون على اختلاف درجاتهم وتفاضل رتبهم علمًا وفهمًا، أو قبولاً ورفضًا على مقتضى ما لديهم من قواعد للتوثيق والتضعيف، وهذا كله يعود إلى تفاوت العقول وتفاضل الأذهان.

وأنوَّه إلى أن الطبقة الأولى هم الذين عاصروا المعصومين  وشاهدوهم ورووا عنهم مباشرة من دون وسيط، والذين لم يشاهدوهم نقلوا عن المباشرين ورووا عنهم وصولاً إلى المعصوم.

ثم أن الذين شاهدوا المعصوم ينقسمون إلى قسمين:

  • قسم أثنى عليهم الأمام الذي عاصروه وهم الذين عَنيتهم بأصحاب الطبقة الأولى الثقات.
  • وقسم لم يرد بحقهم حمدٌ أو ذمٌ لعدم المناسبة، ولا يخلو الأمر من أفراد مدسوسين قدح بهم الإمام لأسباب كثيرة، وهؤلاء يُدرجون في قسم مستقل.

  فالشيخ الخصيبي (ق) ومن عاصره من الثقات هم من أصحاب الطبقة الثانية التابعين للأصحاب بإحسان وتصديق يعقبه تحقيق، ورجاله الأطهار الذين عاصروا الإمامين  هم من أصحاب الطبقة الأولى الذين أثنى عليهم الإمام وقربهم وجعلهم من خواصه، ومنهم لم يذكر ثناء بحقهم لكن القرائن تدل على صدقهم وصحة حديثهم، وإنّ عدم قدحهم من قبل الإمام أو الأصحاب ورواية ثقات الطبقة الثانية عنهم يوثق ذلك.3

"تُعرف الرجال بالمقال، لا المقال بالرجال"

هذه القاعدة تُؤيّد ما ذهبنا إليه، ولو اعتُمِدَت لاتضحت كافة أصول المذهب وفروعه، ولما اختلف فيه اثنان، فإنكار بعض المتون لعدم الثقة بالراوي أضاعَ الكثير من الحقائق الثابتة الواردة عن المعصومين، فالبعض يعمد إلى إسقاط أصول مُعتبرة لعدم ثقته بالراوي فيَحْرِم نفسه نِعمة الحق الذي أضاعه لفرط تعصّبِه، ولتقليده رجالاً في ذم رجالٍ، فالحق لا يُعرف بالرجال، بل الرجال يُعرفون بالحق، وكلامُ المعصومين معصومُ المنشأ والغاية، وهو يدلّ على نفسه، لأنّ لَحْنَهُم واضحٌ لشيعتهم ولا يخفى إلا على مُرتابٍ من نفسه ضعيفِ اليقين بمَدَد ربه ولطفه في بريته.

قديمًا قيل: "لا تنظر إلى من يقول، بل أنظر إلى ما يُقال"، لأن النظر إلى القائل يحجب عن القول، فالتثبّت غيرُ جائز من الصادقين ولم يَأمر الله به، بل أمر بالتثبّت من الفاسقين، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات 6] مع عدم جواز طرح الخبر إبتداءً إلا بعد التبيّن منه، لأنَ المَوَالي أمروا بأخذ الحكمة أينما وُجِدَت فلا يُقصيك عنها من لا يعتقدها، ولا يُدنيك من غيرها من غيّبَها وحَرَّفَها، "ورُب حامِلِ فِقهٍ إلى من هو أفقه منه"، فهذه الحكمة حجة عليه ورحمةٌ بالواصلة إليه، وهذا مما لا يخفى على أرباب النظر الثاقب من الذين لا يَغرُبُ عنهم وجه الحق، فالعاقل من عقل عن الله أمره ونهيه، والجاهل من اتّبع هواه واستبدل بصيرته بعَمَاه، فليس لمخلوقٍ مهما اجتهد أن يَحمد مَذمومًا، أو يَذُمَّ محمودًا تعصُّبًا وجهلاً وتقليدًا.

إنّ الطعن بحملة الحديث ومفاتيحه هو طعن صارخٌ بالإمام الذي اختار لنفسه أمناءً حدّثهم، وأدلى إليهم بما فيه نجاتهم، فنقلوا عنهم ما سمعوه بكل أمانة إلى التابعين، وبَثّوه في صدورهم، ودوّنوه في صحائفهم، لأنّها صالحةٌ لكل مكان وزمان، فمن طَعَنَ بأحدهم فقد تجاوَزَ إمامَهُ وخَطّأَهُ في اختياره، وهذا من الكَبائِر المُهلكة، فالإمام أولى بمعرفة الثقات من التابعين، فكما إنّ الإمامة بتعيين من الله وليس لمخلوق أن يدنو من هذا الحَرَم الُمَحّرم، وكذلك توكيل الثقات وتعيينهم فهو مَنوطٌ بالإمام دون سواه، وما على التابعين إلا القبول بتسليمٍ، والالتزام بتصديقٍ.

  فالواجب يُحَتِّمُ على علماء الحديث أن يُعيدوا النظر في الأحاديث التي تحمل طعونًا ببعض الأصحاب، ويتحقّقوا من مصدرها أولاً، ويحملوها على الوجه الحَسَن الذي صدر عن الإمام وليس على حسب الأهواء والميول.

فيجب إسقاط ما صدر عن قاصرين والتمييز بين ما قيل توريةً وبين الطعن الحقيقي، فالظلم من أقبح القبائح، والتبيّن واجبٌ مقدسٌ، وردُ المُتشابه إلى الُمْحَكم جهادٌ لا يَسقط عن العلماء، والتسليم للمعصوم دليلُ إيمانٍ وقبول، والاعتراضُ عليه خروجٌ على الولاية، وتحديدُ المَدَد الإلهي شِركٌ بالله لأنّه من الغيب الذي لم يَطّلع الله عليه أحد، فطوبى لمن عرف حَدّهُ ووقف عنده لأنه العالم العامل، عالمٌ لأنه يَعرفُ حَدَّهُ، وعامِلٌ لأنّه وقف عنده وقليلٌ ما هُمْ.

أبرز الضوابط لمعرفة الحديث الصحيح

  • أولها: أن يكون مُوافقًا للكتابِ الكريم، لقول الإمام جعفر الصادق : "اعرضوها – الرواية – على كتاب الله فما وافق كتاب الله عزَّ وجل فخُذُوهُ، وما خالف كتاب الله فرُدَّوه".
    هذه القاعدة الكُليّة الجامعة يُترجمها ويُوَثّقها حديثُ الثقلين المَروي عن رسول الله   بأسانيد صحيحة بلغت حَدّ التواتر، وهو يدل دلالةً قطعيةً على أنّ ما صَدَرَ عنهم فمن وحي الكتاب وأنّهم لم يغادروه في صغيرةٍ ولا كبيرةٍ.
     
  • ثانيها: أن يكون الحديث مُوافقًا أصولهم المُشتهرة التي لا تلتبس على شيعتهم المُستبصرين لأنّه لا يصدر عنهم ما يُناقض أصولهم إلا من باب التقية وهذا النوع من الحديث قليلٌ ومعروفٌ لموافقته أقوال العامة، ولا يُعمل به إلا في حالات مخصوصة تُقَدّر في وقتها من قبل مُباشريها وفق طاقاتهم.
     
  • ثالثها: أن يكون الحديث مَرويًّا عن الصادقين من دون خلاف بينهم فإن وجد خلاف أُخذ برأي الأوثق والأشهر فضلاً، وإن التبس ذلك وغرب الفحص أُخضِعَ للشرطين السابقين.
     
  • رابعها: أن يكون الحديث مُتَّفِقًا مع غايته، بمعنى؛ إذا كان في التوحيد فلا يصح أن يحمل ما يؤدي إلى التشبيه والتعطيل، وإذا كان في العدل فلا يصح أن يحمل ما يدل على الجَوْر، وإذا كان في النبَّوة والإمامة فلا يُعقل أن يخدش بمقامهما، أو ينفي عصمتهما وما إلى ذلك.

  فبهذه الضوابط الثابتة تُعرف الأحاديث القطعية الصدور من المَظنونة أو الموضوعة، ويُمَيّز بين الُمحكم والمُتشابه، وبالنسبة للأحاديث المتشابهة فيجب أن تُرَدّ إلى الُمحكم وإن تعذّر الأمر فتُرَدّ إلى الموالي دون الرد عليهم.

أبرز الضوابط لمعرفة وثاقة الرجال

  • أولها: القطع بحمده من قبل الإمام.
  • ثانيها: إجماع الأصحاب على فضله ووثاقته.
  • ثالثها: توافق رواياته مع روايات الصادقين المشهورين في حال جُهل أمره.
  • رابعها: توافق رواياته مع أصول المعصومين.
  • خامسها: اعتماده روايات الثقات.
  • سادسها: اعتماد الثقات رواياته.
  • سابعها: عدم ورود قدح بحقه من قبل المعصومين.
  • ثامنها: اشتهار فضله إلى حد الشيوع.

فبهذه الطرق السليمة والضوابط المستقيمة تُعرف الرجال الصادقين من غيرهم، أما الذُمُوم المَوضوعَة بحق بعضهم فلا عِبرَة بها، وهي كثيرةٌ وتَدُلُّ على جَهل أصحابها وضعفهم وقصورهم في العلم والمعرفة.

  والحمد لله وصلى الله على رسوله وأهل بيته أئمة الدين وعماد اليقين.

حسين محمد المظلوم
23\5\2014م