ردا على مقال الكاتبة رندة حيدر في جريدة النهار سنة 2011م.. ما يحدث في سورية هو مؤامرة كبرى.. لا صراع طائفي على السلطة في سورية.. ردود بالجملة على المفتريات التي ذُكرت في المقال.. الكثيرين امتهنوا الكذب والتضليل دون حياء مقابل دراهم بخس..

أُضيف بتاريخ الأحد, 20/11/2011 - 06:59

المرسل: أبو إسكندر \11\11\2011م

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم شيخنا الفاضل حسين المظلوم ورحمة الله تعالى وبركاته

عندما كانت ثورة المجاهد الشيخ صالح العلي ضد المستعمرين العثمانيين ومن بعدهم الفرنسيين ما زالت قائمةً، كانت تكثر الفتاوى والمناشير والمقالات المُغرضة التي تطعن بإسلام العلويين، وتروّج للكثير من الأباطيل بحقهم، وكان غرض المستعمر وأعوانه من ذلك في وقتها: النيل من الثورة وقائدها، عبر إضعاف عزيمة الثوار، وإحياء الفتن الطائفية والمذهبية، تحقيقاً لمبدأ (فرّق تَسُد)، فيهون عليه الوصول لأهدافه الإستعمارية... وهذه الحالة تكرّرت مرّات ومرّات عبر التاريخ... فما أشبه اليوم بالأمس...

سؤالي لكم سيدي العزيز هو التكرّم علينا برد مفصّل بالعلم والمنطق السليم وبالحجج والبراهين، على ما ورد من مفتريات وأباطيل، في مقال (سياسي ديني) مُغرض ومشبوه بمضمونه وتوقيته، للكاتبة رندة حيدر، والذي نُشر في جريدة النهار، بتاريخ 06\11\2011م، تحت عنوان (من هم العلويون؟) 

وذلك تيمناً بقولكم في مقدمة كتابكم اتبّاع الإجماع في الرد على الإبتداع :
...وإنّي لما رأيتُ أنّ البعض قد جنح عن المنقول والمعقول، وخالف المحكم والأصول، وعمل بالمتشابه والمجهول، واستبدل العرض بالطول، واستعاض عن الفاعل بالمفعول، رأيت أنّ الردّ عليه واجب كي لا يعتقد البعض بهذه العجائب فتجر علينا المثالب وتأتينا من كل جانب.......
وأيضاً قولكم في مقدمة كتابكم الحجة الكاملة بالأدلة الشاملة :
...وصلني منذ بضعة أسابيع مقالات نُشرت على شبكة الإنترنت. تتضمن تكفيراً وتشهيراً بحق المسلمين العلويين. منها ما هو قديم اعتدنا عليه كلما أراد كاتب أن يُبرِز نفسه، ومنها ما هو حديث لم نستغربه لأن القوم امتلأت قلوبهم حقداً على الولاية وأهلها، ولكني رأيت أنه من الواجب والضروري أن أضع رداً مُختصراً لدَحض هذه المُفتريات الجائرة، كي لا يَعتبر بعض الجهلاء بأنّ السكوت عنها علامة للرضى بها، ولكي لا يَظن أهلُ الظنون من المتبجِّحين بأننا عاجزون عن دفع هذه السخافات مع أنني كنت قد كتبتُ مقالات عدة بهذا الخصوص، وأصدرت كتاباً من جزئين تحت عنوان (المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام) وفيه تصديت لأكثر المُفتريات التي أُلصقت بهذه الطائفة المؤمنة بإسلامها الصادقة بإيمانها.....

ودمتم للحق ناصرين، وللباطل هازمين، ودام قلم عزيمتكم جاهزاً للإنقضاض دفاعاً عن طهارة هذه الرياض، وما التوفيق إلاّ بالله العلي العظيم. 1

الجـواب

 

الحمد لله رب العالمين المنزه عن أوهام المتوهمين والبريء من أقوال الشاكين، والصلاة والسلام على الصادق الأمين محمد وآل بيته المعصومين وأصحابه المنتجبين.

أخي الكريم الغيور على دينه السيد أبو إسكندر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد سئمنا هذه التُرّهات السخيفة والأقلام القذرة التي تمتح من قليب الفساد، وتبث سمومها من حبره العفن كمُحَرّكيه.

وإنّ هذا المقال الذي طلبتَ مني دحضه من أسخف وأتفه ما قرأتُ وما كُتب عن هذه الطائفة الكريمة بأخلاقها العظيمة بإيمانها، وإن دلّ هذا على شيء فإنّما يدل على تدني مستوى مُدَبّجه.

ومن المؤسف أن تتحوّل جريدة النهار إلى مُستودعٍ يَحوي هذا العَفن التاريخي.

وأعتقد أنّ هذا المقال لا يحتاج إلى كثير بحثٍ وتقصّي لهامشيّته، ولكن نزولاً عند رغبتك الكريمة لا بُد من المرور على بعض النقاط:


  • بداية: أقول بعدمِ وجودِ ثوراتٍ عربيةٍ كما يتوهّم البعض لأنّ الثورة لها مفهومٌ مغايرٌ لما يَحدث على أرض الواقع في أكثر الدول العربية، نعم هناك تحرّكات شعبية عارمة تطالب بحقوق مشروعة في البحرين والأردن والسعودية والكويت وغيرها من الدول العربية وصولاً إلى سوريا التي قابلت قيادتها الحكيمة تلك التحركات بآذانٍ صاغيةٍ واستجابت لها وأصدرت المراسيم الهادفة إلى الإصلاح على كل الصعد، ولكنّ قوى الاستكبار والتآمر أطلقت عُملاءها وزودتهم بالمال والسلاح لعرقلة وتعطيل حركة الإصلاح، وهذا مَعلوم.

      والدليل علن أنّ ما يحدث في سورية هو مؤامرة كُبرى: سُكوتُ القوى الغربية عن المجازر التي تحدث في بقية الدول العربية واختلاقها لأحداث تقع في سورية غير موجودة على أرض الواقع.

    فلا يوجد ما يُسمّى الثورة السورية كما يزعم الواهمون، بل هناك مؤامرة كُبرى تُحاك ضدّ هذا البلد العربي المُمَانع والمُقاوم، ونحن على ثقةٍ بأنّ هذه المؤامرة مع شراستها ستسقط كما سقطت المؤامرات التي سبقتها إبتداءً من قيام الحركة التصحيحية وحتى يومنا هذا.


  • ثانياً: لم يكن هناك أيّ صراع طائفيّ بين العلويين والسُنّة على السلطة في سورية، فحين قام الرئيس الراحل حافظ الأسد بحركته التصحيحية لم يكن وحيداً ، بل سانده مجموعة من رفاقه البعثيين وهم من مختلف الطوائف، وهذا بديهيٌّ يعرفه الجميع.

    ثم إنّ الأسباب المذكورة في مقدمّة هذا المقال العَفن الداعية إلى كتابته غير صحيحة، ولا رابط بينها وبين النتائج المعكوسة التي انتهى إليها.


  • ثالثاً: إنّ السؤال عن إسلام العلويين خبيثٌ بامتياز، وهو كَمَن يسأل عن الشمس هل هي مضيئة؟ فبالطبع هي مضيئة إلاّ عند العمي الفاقد الإحساس فهو لا يرى ضوءها ولا يتحسّس حرارتها، والمُضحك أنّ الذي يسأل عن إسلام العلويين لا يعرف من الإسلام إلا إسمَه.!!

    يتحدثون عن: الطابع السري للديانة العلوية، مع وجود مئات الكتب لعُلماء وأدباء علويين، ومع كل ذلك فـ السرّية ما زالت قابعة في أوهامهم المريضة لأن من مصلحتهم الوضيعة أن يقتنع الناس بهذه السِريّة.

    وأعجبُ لهذه (القريحة الثرّة) التي أتتنا بديانةٍ جديدةٍ تُسمى: الديانة العلوية، وما ذلك إلا لإيهام الآخرين بعدم إسلام العلوي.

    وسأكتفي في هذا الصدد بعبارةٍ واحدةٍ وهي: إنّ الإسلام هو العلوية بالفعل، والعلوية هي الإسلام بالقوة، لأنّ الإسلام هو مُحمّدي الوجود، علوي البقاء والإمتداد.


  • خامساً: إنّ إطلاق اسم النصيرية عل العلويين نسبة إلى الإمامي الجليل محمد بن نصير رضوان الله عليه، وهو اسمٌ نعتز ونفخر به، إلاّ أنّه لا يُلغي الأصل وهو: العلويون، نسبة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

    أما القول أن ابن نصير وضع أسس هذا المذهب فخطأ مقصود وغير بريء، والغاية منه فصل العلويين عن نبيّهم الأكرم صلى الله عليه وآله وأئمتهم المعصومين عليهم السلام.

    فالمذهب العلوي هو المذهب الجعفري طرداً وعكساً، وهذا المذهب الشريف يقوم على ركنين أساسيين هما: الكتاب الكريم والسنة المعصومة، وبالتالي فأساسه وحيٌ من الله تعالى يتجلى في قوله تعالى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً  [النساء:59] فهذا هو الأصل المُحكم الذي يعتقده ابن نصير وسائر العلويين وأساسه تشريعي إلهي وليس لمخلوق أن يقول برأيه في هذا المجال.

    فابن نصير هو الباب الشرعي للإمام العسكري ومن بعده الخلف المهدي غير الموهوم إلا عند الذين يعيشون في أوهام تحجب عنهم الحقائق الساطعة، وقد أقرّ بوجوده الكثيرين من علماء السنة وأجمع على ذلك الشيعة والعلويون، ومن أراد التوسّع فليُراجع كتابنا الحجة الكاملة بالأدلة الشاملة .

    والقول أنّ ابن نصير عاصر ثلاثة من الأئمة فصحيح ولكننا لم نسمع بإمام اسمه عبد الهادي! بل هو الإمام علي الهادي عليه السلام، وهذا الخلط يدل على جهل مُرَكّب لا بسيط، فمن لا يعرف حتى أسماء أئمة أهل البيت عليهم السلام أفلا يخجل من إقحام نفسه في بحوث تتعلق بهم وبأتباعهم!.


  • سادساً: ورد في هذا المقال المُغرض الكثير من الغرائب المنقولة عن كُتّابٍ مأجورين كنتُ قد رددتُ عليهم ودحضتُ مزاعمهم في عدّة مُناسباتٍ وكتاباتٍ وأبرزها المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام ولا حاجة إلى إعادتها من جديد، فمقالٌ يعتمد على ما قاله: هنري لامنس وفابريس بلانش ولويس ماسينيون يجب أن يُلقى في سلة النفايات لما يحمل من عفن الحاقدين والمُستشرقين.

    وأقصد بهذه الغرائب تلك التُهم التضليلية التي نعتنا بها الحاقدون وردّدها الغافلون واعتمدها الجاهلون.

  • سابعاً: إنّ اسم العلويين بدأ من عهد أمير المؤمنين عليه السلام وما زال مستمراً ولم يُعطى لنا مِنّةً من أحد، أقول هذا رداً على تلك الهرطقة القائلة: إنّ الغزاة الفرنسيين أطلقوه علينا لتمييزنا عن الأخوة المسيحيين.

      أما القول: إنّ الانتداب الفرنسي حرّرنا من اضطهاد العثمانيين! فهو يُضحك الثكلى ويطرّح الحُبلى لأنّهما وجهان فاسدان لعملة واحدة ولا فرق بينهما إلا بالإسم، فقد تعرّضنا مع بقية أبناء العروبة من مسلمين ومسيحيين إلى الكثير من المظالم والقهر في ذينك العهدين الفاسدين.

    أما الكيانات السياسية المستقلة على أساس طائفي فمرفوضة في منهاجنا قديماً وحديثاً بل كنا وما زلنا من دعاة الوحدة لأنها تنصب في أصول عقيدتنا الإسلامية.


  • ثامناً إنّ ما تضمّنه هذا المقال في أخره من هلوسات مُشتتة ومُضطربة لا صِحّة له والغاية من بث هذه السموم والأكاذيب سياسية، فلا يوجد صراع طائفي في سورية، إنّما الأحداث التي يعانيها هذا البلد العربي الحبيب هي وليدة مؤامرة كُبرى، وستنتصر سورية كما انتصرت في الماضي، ستنتصر بإباء شعبها ووحدة وبسالة جيشها وحكمة قائدها، وستسقط كل المؤامرات الخبيثة وسيسقط المتآمرون.

أخي الكريم السيد أبو إسكندر لو أردنا ان نتوسع في تقصينا لأفردنا كتاباً في هذا الخصوص ولكنني رددت في الماضي كما تعلم على كل هذه المفتريات المغرضة وقد سئمنا تكرارها فمن أراد التوسع فعليه بكتاباتنا التالية:

المحكمة العلوية في دحض مفتريات ابن تيمية، العلوية والمناهج الأخرى ، العلوية تاريخاً وعقيدة ومذهباً ، الدعوة ذات الشبهة ، منارة الرشاد إلى صحة الاعتقاد ، الأدلة المرفوعة ، وغيرها من المقالات العديدة التي صدرت في وقتها وما سيصدر قريباً سيجلي الحقائق بصورة كاملة.

وبالنتيجة فتوقيت هذا المقال في أول أيام الأضحى المبارك وفي ظل هذه الظروف العصيبة غير بريء وهو ينصب في دائرة التحريض الإعلامي التي تتعرض له سورية من قنواة الشر والفتنة.

ومن المؤسف أنّ الكثيرين امتهنوا الكذب والتضليل دون حياءٍ مُقابل دراهم بخس معدودة، وما نُشاهده يومياً على بعض الفضائيات ( العربية ) خير دليلٍ على صِحّة ما نقول.

أسأل الله أن يقينا شرور المتآمرين والحاقدين، وأن يُوَحّد أُمّة العرب لما فيه الخير للجميع، إنّه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

وتحيتي إليك وإلى الأخوة المشاركين في هذه المكتبة الإسلامية العلوية الصادقة .

والحمد لله رب العالمين

حسين محمد المظلوم
19\11\2011