8. العلويون ورفض فكرة الدويلة

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 09/11/2010 - 00:57

الفِرْيَة الثامنة

( يستوطن النصيريون جبال سوريا الغربية في اللاذقية وطرطوس وهي أهم مناطقهم، وقد انتشروا مؤخراً في المدن الساحلية المجاورة لهم مثل منطقة حمص التي أقاموا فيها مؤخراً عدداً من المشاريع العسكرية والإقتصادية لجعلها عاصمة لدويلتهم )

  أولاً

إنّ المسلمين العلويين متواجدون في سائر أنحاء سوريا منذ القديم وحتى الآن، وإنّ كثافتهم الملحوظة في بعض المدن يعود إلى طبيعة عملهم، وهذا أمرٌ بديهي ليس بحاجة إلى الإستغراق في التعاليل التي تُخرجه عن مضمونه البسيط لغايات سلبيّة يُريد بها القوم الإساءة المباشرة.

  ثــانياً

إنّ إقامة المشاريع في المدن الكبرى لهو أمرٌ طبيعي وضروري ليس في سوريا فقط بل في سائر بلدان العالم، فالكثافة السكانية وموقع المدينة وطبيعة أرضها تتطلب ذلك وتقتضيه، وإنّ هذا الإستنتاج المليء بالإعوجاج الذي تخرّص به القوم يُغاير الواقع ويُنافيه لأننا نجد أضعاف هذه المنشآت في مدن أخرى، لأن توزع المشاريع في سورية تبعاً لحاجة البلد لها ويسري ضمن خطط مدروسة من قِبل كبار المختصين.
وإنّ أصحاب هذه المقالات يمتلكون خيالاً خصباً يصلح لكتابة وتأليف الروايات السينمائية!.

  ثــالثاً

إنّ أبناء هذه الطائفة المسلمة من رجال دين واجتماع واقتصاد وسياسة وعمّال وفلاحين كانوا وما زالوا ضدّ فكرة الدويلات الطائفيّة، لعلمهم بسلبياتها التي تخدم أعداء الدين والوطن، ولتيقّنهم منافاتها للشرع الحنيف، وتناقضها مع مصلحة الإسلام العُليا. ولهذه الأسباب ولغيرها رفضوا في الماضي هذه الخطط التقسيميّة والتدميريّة للأمة العربيّة، وحاربوها بكل وسيلة متاحة ووقفوا في وجهها ووجه صانعيها، وسيرفضونها أيضاً في كل وقت من الأوقات لإيمانهم بالوحدة العربيّة وضروراتها التي تحفظ كرامتهم، وتُحصّن ثغورهم، وتُوحّد صفوفهم، وتُرهِب أعداءهم، وتُسقط مخططاتهم الهمجيّة الرامية إلى استعباد العباد واستغلال الغلال.

  وللأمانة والتاريخ وللتدليل على ما ذهبنا إليه نُسجّل مايلي:
من المعروف بأنّ من أبرز الشروط التي كان يفرضها الشيخ صالح العلي على الفرنسيين إبان المفاوضات التي كانت تجري بينهما: إعادة الجبل إلى الشام . وهذا أمرٌ لا يخفى على أحد.

وفي مقابلة أجريت مع العماد أول مصطفى طلاس. قال لمجلة المستقبل:

كان ذلك في تموز سنة 1936م والوفد السوري في باريس يُفاوض.. وتصل إلى العاصمة الفرنسيّة مذكرة من بعض من يدّعي تمثيل الجبل.. تتنكر للوفد، وتطالب بتكريس الإنفصال، وتتعرّى من العروبة والإسلام، وينتفض الجبل ويتداعى إلى القرداحة في أكبر حشد شعبي وبإسم مئتيّ ألف علوي رُفعت مذكرة ونشرتها جريدة القبس الدمشقيّة في الثلاثين من تمّوز عام 1936م وفيها وُضِعت النقاط على الحروف حول تكامليّة الجبل مع القطر، وإنّ الجبل العلوي مسلم ويعمل على المذهب الجعفري الذي هو أحد مذاهب الإسلام الخمسة، وأنّه لا بديل عن عروبته، وإنّ العلويين لا يرضون بغير الوحدة. وكان رأس من قاد هذا التجمّع هو علي سليمان الأسد والد الفتى حافظ الأسد الذي كان عمره يومها لا يتجاوز ستّ سنوات على أن لي مع والد الرئيس موعداً آخر كان قبل شهر من مؤتمر القرداحة فقد عثرت منذ سنتين وأنا أترأس لجنة تضمّ عشرة مؤرّخين كبار من أساتذة الجامعة مهمّتها كتابة تاريخ سورية الحديث. وكنت قد طلبت من الأستاذ يوسف زخور والدكتور جوزيف حجّار أن يقوما بتصوير كل أرشيف فترة الإنتداب من وزارة الخارجيّة الفرنسيّة. أقول:
عثرت على وثيقة تقول أنّ علي سليمان الأسد مع ستة بينهم الشيخ صالح العلي كانوا أوّل من طالب فرنسا بإعادة اللاذقية إلى حضن الوطن الأمّ سورية.
وهذه الوثيقة تحمل الرقم 3547 ومؤرّخة في 15 حزيران عام 1936 أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية بند العرائض.