4- العبادة في الإسلام. 5- الطاعة والمعرفة.

أُضيف بتاريخ الأربعاء, 14/07/2021 - 03:58

4- العبادة في الإسلام.

في المقياس اللُّغَوِي: باستطاعتك أن تُسَمّى عابدًا أو لا تُسَمّى، فإذا كنت في سلوكك مُطيعًا لشخصٍ أو إلهٍ، فأنتَ (عابدٌ)، وسلوكُكَ حينئذٍ (عِبادَة).

أمّا إذا كان سلوكك إطاعةٌ لأمر نفسك، وليس إطاعةً لأمر أحدٍ، فأنتَ لستَ بِعابِد.

ذلك أنّ كلمة (عَبْد) تعني في اللغة: مزيجًا من الطّاعة والخضوع. وكلمة (العبادة) تعني العمل الذي يُطاعُ به المعبود. 

كما نرى في مراجع اللغة العربية، ومن ذلك استعملوا كلمة (عَبَّدَ) التشديد، فقالوا: عَبَّدَ الطريقَ، وعَبَّدَ الشخصَ، بمعنى أخضعهما وذلّلهما.

أمّا التعبير الإسلامي فيقول: إنّكَ عابدٌ دائمًا، ولكَ معبودٌ، وسلوكُكَ عِبادةٌ، شئتَ أم أبَيْتَ. ففي المفهوم الإسلامي تتبع دائرةَ المعنى في (مادّة عبدٍ ومشتقّاتها) فتشمل كل سلوك الناس، فما السلوك البشري في رأي هذا المفهوم إلّا استجابةً خاضعةً، والاستجابةُ الخاضعةُ هي العبادة.1


5- العبادة ليست معنى واحد.

إنّ لفظ العبادة يدلّ على مَعْنَيَيْن:

  1. الأوّل: الطّاعة، والقِيام بفرائض الله تعالى التي شرّعها لعباده على ألسُنِ رُسُلِهِ ودُعاتِه.
  2. الثاني: معرفته وهو الذي ذكرهُ أهل التفسير لقوله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات 56] أي ليعرفوني.

وقد انقسم الناس في معرفته تعالى إلى أقسام لا يُمكن لبشرٍ شرخها وحصرها، لأنّها تتعدّد بتعدّد السالكين إليه فيما لم يزل ولن يزول، وذلك إنّ لكلّ منهم إشارةٌ إلى معرفة الحق، ولم تتجاوز إشارتهم حدّ عجزهم عن إدراك كمال المعرفة والإحاطة من علمه إلّا بما شاء.2

أقول: قوله (تتعدّد بتعدّد السالكين إليه)، هو نفس قول الصّوفيّة: (الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق).

 

  • 1علي محمد كوراني: فلسفة الصلاة ص19 طبعة أولى 1392ه 1972م دار الزهراء - بيروت.
  • 2المكزون ومعرفة الله ج2 ص283 - 27 - 1981 تحقيق الدكتور أسعد علي.