11. التشكيك بوطنية العلويين - تواجد العلويين في لبنان منذ القدم..

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 09/11/2010 - 00:57

الفِرْيَة الحادية عشر

( في لبنان يتواجد النصيريون في سهل عكار شمال لبنان وضواحي مدينة طرابلس ومعظمهم نازح من سورية، ومن المعروف أنّ ولاءهم التّام هو للنظام النصيري وليس للبنان )

المراد من هذه الأكذوبة القول بأنّ العلويين حديثوا الوجود في لبنان، وكنت أتمنى من هذا الناقل بأن يُحَدّد لنا:
متى نزحوا إليه؟ وكيف تم ذلك؟ وما هي أسباب هذا النزوح؟

وأؤكدّ بأنه لن يستطيع الإجابة لعدم صحّة معلوماته المستوردة من ساداته الذين أملوا عليه ماذا يجب أن يقول كي يصلوا إلى ما يُريدون من خلال إشاعة هذه المفاهيم الخاطئة.

فالمسلمون العلويون قديمون في هذا البلد بقِدم أرضه ولا يُجادل في ذلك إلا مُكابرٌ يجهل أو يتجاهل الحقائق التاريخيّة.

وإننا لو رجعنا إلى كتب التاريخ لوجدنا كيف تعرّضت هذه الطائفة في هذا البلد إلى أبشع أنواع الفتك والإبادة وذلك في بداية القرن الثامن الهجري وتحديداً سنة 705هجرية من جرّاء فتوى ابن تيميّة، مما يدل ذلك على أنّ وجودهم كان قبل هذا التاريخ بكثير، وإنّ عددهم كان كبيراً لا يُستهان به، ويتّضح ذلك من خلال ضخامة الجيوش التي هاجمتهم والتي كان يُقدّر عددها بخمسين ألف مقاتل ما بين خيّال وراجل.

بالإضافة إلى ذلك فإنّ وجود عدد كبير من العلماء والفقهاء في القرنين الرابع والخامس الهجري من أدلّ دليل على قِدَم هذه الطائفة في هذا البلد. فعلى سبيل المثال وليس على جهة الحصر:

من الأعلام العلويين في مدينة طرابلس
  • السيّد الفقيه أبو محمد عبد الله بن قطّان الطرابلسي.
  • السيّد الفقيه أبو علي الحسن بن محمد بن مكبر الطرابلسي.
  • الناسخ والفقيه أبو القاسم الشيبني.
  • السيّد الفقيه أبو عبد الله محمد بن سلامة الطبري القلانسي.
  • السيّد الفقيه أبو القاسم الرهاوي.
  • السيّد الفقيه أبو عبد الله جعفر.
  • السيّد الفقيه أبو مطاوع الرهاوي.
  • السيّد الفقيه أبو ابراهيم بن ابن يحلا.
  • السيّد الفقيه أبو المرجى.

فهؤلاء الفقهاء كانوا من الأعلام العلويين في مدينة طرابلس.

ومن جملة أعلام صيدا

الشيخ أبو الحسن علي الحدا بذا النو. و الشيخ أبو الحسن علي الجنان بن عطاالله.

ومن أعلام صور وشيوخها
  • السيّد الفقيه أبو الحسن علي الدكاني الحلبي أو الجبلي.
  • السيّد الفقيه أبو الحسن بن محج.
  • الشاعر الفقيه أبو الحسن علي بن الحسن الصوري.

وغيرهم من السادة العلماء والشيوخ الفقهاء الذين كانوا مراجعاً لهذه الطائفة في تلك الأزمنة.

فوجود هؤلاء الأعلام دليل ساطع على قِدَم هذه الطائفة المسلمة في هذا البلد الذي نعتزّ بالإنتماء إليه والدفاع عن أراضيه.

ثم إنّ من جملة حُكّام هذا البلد أمراء علويون أمثال:

  • الأمير أبو الحسن رايق بن خضر الغساني والي طبرية وطرابلس.
  • وابنه محمد بن رائق الغساني المُسمّى بملك الملوك.
  • والأمير بدر بن عمّار بن اسماعيل.

وليس من المعقول وجودهم على رأس السلطة مع عدم وجودعدد كبير من أبناء مذهبهم!.
وأكتفي بهذا القدر من الأدلة التي لا تخفى على أحد ولكن لغايات عديدة تجاهلها المُغرضون.

أما القول:

(بأنّ ولاءهم التام هو للنظام النصيري وليس للبنان ) فعليه بعض الملاحظات:

  أوّلاً:

لا يوجد شيء اسمه نظام نصيري أو سني أو شيعي أو درزي أو اسماعيلي... وإنّ أبناء الأمة العربية لم ينضووا تحت هذه الأنظمة على هذا الأساس. بل على أساس نزاهة حكامهم ووطنيتهم وعدم تعصّبهم أياً كان مذهبهم، ومن الخطأ إطلاق إسم مذهب الرئيس على النظام الذي يُديره، فلسنا الآن في العصر الأموي أو العباسي أو العثماني أو الفاطمي حتى نستعمل هذه الصِيَغ، وإنّ الأنظمة الموجودة في العالم العربي إنما هي أنظمة عربية لا غير قائمة على أساس وطني وليس طائفي.

وإنّ السبب في إشاعة مثل هذه المُغالطات بهذه الصيغة الطائفية يعود إلى صمود الدولة السوريّة بقيادة رئيسها المناضل حافظ الأسد رحمه الله أمام المخططات الصهيونية، فثارت ثائرتهم لمواقفه الشجاعة والحكيمة، فأوعزوا إلى أجرائهم وعملائهم لبثَّ مثل هذه السموم القاتلة لغاية إحداث حالة من الإرباك تهدف إلى صرف هذه القيادة عن الإهتمام بالقضايا الكبرى والتفرغ لها، وإلهائها في مشاكل داخلية ضيّقة تُعرقل مسيرة البلاد التقدّمية، ولكن أبناء هذا البلد المناضل والصامد لم يلتفتوا إلى مثل هذه المُهاترات، وضربوا بها وبقائليها عرض الحائط، وانتصروا على مخططات الصهاينة، وأفشلوا مساعيهم بوعيهم القومي ووطنيتهم الصادقة.

  ثانياً:

وبالعودة إلى أصل الحديث لا يُشكّ في نزاهة وإخلاص العلوي لوطنه اللبناني وأمّته العربية منذ وجوده في هذا البلد وحتى الآن.

  ثالثاً:

لم يُدَنْ أي علوي في يوم من الأيام بخيانة عظمى ولا بغيرها.

  رابعاً:

إنّ احترام العلوي كمواطن لبناني أصيل للقيادة السورية حكومةً وشعباً يُعدّ أمراً بديهياً، لا بل واجباً قومياً لما قدمت هذه القيادة الحكيمة من التضحيات الجِسام في سبيل الشعب اللبناني بحيث أنها أعادت السلم الأهلي إلى ربوع هذا البلد، وساهمت في إعادة بناء مؤسسات الدولة، وآزرت قوى الأمن والجيش في الحفاظ على الأمن الداخلي والخارجي، وأفشلت كل المخططات الصهيونية الرامية إلى الإنفراد بلبنان وفصله عن المسار السوري الرافض لأي شكل من أشكال الإستسلام. كما أن هذه القيادة تمتاز عن غيرها من القيادات بصمودها أمام قوى الإستكبار العالمي وبعدم انصياعها لسياساتها الإزلالية.

وعلى هذا الأساس فالعلوي بكونه عربي من الصميم ولبناني لا يُشك بوطنيّته يكنّ كل الإحترام لهذه القيادة الشجاعة، ويفخر بانتمائه القومي إليها، ولا يُبالي بالتفسيرات الخاطئة التي يُروّجها المتآمرون.

  خامساً:

إنّ احترام العلوي لأخيه العلوي هو هدف علوي. وهذا الهدف لم ننفرد به بل هو موجود عند الجميع وهو من الأولويات المعمول على تحقيقها للإنطلاق منها إلى ما هو أكمل وأشمل، فلا يُلام المرء في محبّة أهله، لقول الإمام علي زين العابدين(ع): ( إنه ليس من العصبية أن يحب المرء قومه ). ولكن يبدو بأنّ هذا الأمر مُباح عند غيرنا ومُعيب عندنا أو مُحرّم علينا في نظر الأغيار:

أحرامُ على بلابلهِ الدوحُ   حلالٌ للطير من كلّ جنسِ


وفي الختام أقول

إنّ المسلمين العلويين متواجدون في هذا البلد منذ أمدٍ طويل، وقد تعرّضوا لأقبح ألوان القتل والتنكيل والتشريد والحرمان، ولكنهم صبروا وصابروا ورابطوا ودافعوا عن عقيدتهم وكرامتهم وأرضهم وهويتهم ووجودهم ووطنيتهم بكل ما أوتوا من قوة وعزيمة، ولولا تلك الحملات التي استهدفتهم عن قصد وتصميم لكانوا اليوم أضعافاً مضاعفة عما هم عليه.
وإنّ إخلاصهم لوطنهم واضح وصريح لاشك فيه ولا عيب يعتريه، فهم لم يتآمروا يوماً من الأيام عليه لمصلحة عدوّهم، ولم يكونوا أبداً أداة تخريب، وفي نفس الوقت فهم لا يُوالون الحاكم الظالم لأن ذلك يتناقض مع عقيدتهم العلوية. ولو فعلوا ذلك في ماضيهم لما تعرّضوا لكل تلك الهجمات السلطانية المتعصبة إبتداءً من الحكم الأموي ومروراً بالحكم العباسي وانتهاءً بحكومات الدويلات التي قامت على أنقاض العباسيين.
وإنّ من أهم مبادئهم هو أنهم لا يبخسون الناس حقوقهم ولو كانوا على غير مذهبهم كما يفعل البعض ومنهم أصحاب هذه المقالات، فالفضيلة عندنا مقدّسة، والإعتراف بها واجب، ونُكرانها خيانة وضعف وجهل ورزيلة، ونشرها فضيلة.