حكم صلاة التراويح مع الدليل..

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 23/06/2015 - 14:21

 

السُّؤَال: ما حكم صلاة التراويح مع الدليل لو سمحت؟

بَيَانُ الإِجَابَةِ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّيْنَ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِيْن.

أَمَّا بَعْدُ: فَالسَّلامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.

التَّرَاوِيْحُ فِي اللُّغَةِ جَمْعُ تَرْوِيْحَةٍ (( وَتَرْوِيْحَةُ شَهْرِ رَمَضَانَ: مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الرَّاحَةِ.... وَصَلاةُ التَّرَاوِيْحِ مُشْتَقَّةٌ مِنْ ذَلِكَ، سُمِّيَتْ بِهَا لاسْتِرَاحَةِ القَومِ بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، أَو لأَنَّهُم كَانُوا يَسْتَرِيْحُونَ بَيْنَ كُلِّ تَسْلِيْمَتَيْنِ...)) 1

وَهِيَ نَافِلَةٌ تُصَلَّى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، إِلاَّ أَنَّ لَنَا فِيْهَا قَولاً، وَلِغَيْرِنَا قَولاً.

فَفِي مَذْهَبِ أَهْلِ البَيْتِ يَتَنَفَّلُ المُصَلِّي فِي شَهْرِ رَمَضَان مَا اسْتَطَاعَ، وَمِنْهُ قَولُ الإِمَام الصَّادِقِ :

(( لِشَهْرِ رَمَضَانَ حُرْمَةٌ وَحَقٌّ لا يُشْبِهُهُ شَيءٌ مِنَ الشُّهُورِ، صَلِّ مَا اسْتَطَعْتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ تَطَوُّعًا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ....)) 2

وَالزِّيَادَةُ المُحَدَّدَةُ عَلَى الصَّلَواتِ فِي كُلِّ يَومٍ، عَلَى قِسْمَيْنِ، عَلَى اخْتِلافِ الرِّوَايَاتِ فِي تَفْصِيْلِ العَدَدِ.

  1. فَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ رَمَضَان إِلَى العِِشْرِيْنَ مِنْهُ، ثَمَانِي رَكَعَاتٍ بَعْدَ المَغْرِب، وَاثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً بَعْدَ العِِشَاءِ.
    وَمِنَ العِِشْرِيْنَ إِلَى الثَّلاثِيْنَ مِنْهُ، اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً بَعْدَ المَغْرِب، وَثَمَانِي عَشْرَة رَكْعَةً بَعْدَ العِشَاءِ. 3
     
  2. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ رَمَضَان إِلَى العِِشْرِيْنَ مِنْهُ، ثَمَانِي رَكَعَاتٍ بَعْدَ المَغْرِب، وَاثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً بَعْدَ العِِشَاءِ.
    وَمِنَ العِِشْرِيْنَ إِلَى الثَّلاثِيْنَ مِنْهُ، ثَمَانِي رَكَعَاتٍ بَعْدَ المَغْرِب، وَاثْنَتَانِ وَعِشْرِيْنَ رَكْعَةً بَعْدَ العِشَاءِ. 4

وَعِنْدَ إِخْوَانِنَا تُصَلَّى جَمَاعَةً فِي المَسَاجِدِ، عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَهِيَ سُنَّةٌ فِي مَذْهَبِنَا وَلَكِنَّهَا لا تُصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ، وَالاخْتِلافُ فِي ذَلِكَ، أَنَّهُم يَرَوْنَ صَلاتَهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَنَرَى صَلاتَهَا فُرَادَى، عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ العَدَدِ.

وَفِيْمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ مِنْ طَرِيْقِ أَهْلِ البَيْتِ أَنَّهُ لَمَّا صَلَّى فِي شَهْرِ رَمَضَان، اصْطَفَّ خَلْفَهُ النَّاسُ، فَقَالَ:

(( إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ نَافِلَةٌ، وَلَنْ يُجْتَمَعَ للنَّافِلَةِ، وَلْيُصَلِّ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُم وَحْدَهُ، وَلْيَقُلْ مَا عَلَّمَهُ اللهُ مِنْ كِتَابِهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لا نَافِلَةَ فِي جَمَاعَةٍ...)) 5

وَعِنْدَ إِخْوَانِنَا، وَفَّقَهُمُ اللهُ:

(( التَّرَاوِيْحُ: سُنَّةٌ للرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَصَلاتُهَا بِالجَمَاعَةِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ.
وَوَقْتُهَا: بَعْدَ صَلاةِ العِشَاءِ، وَيَصِحُّ تَقْدِيْمُ الوِتْرِ عَلَى التَّرَاوِيْحِ، وَتَأْخِيْرُهُ عَنْهَا، وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيْرُ التّرَاوِيْح إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ، وَلا يُكْرَهُ تَأْخِيْرُهَا إِلَى مَا بَعْدَهُ عَلَى الصَّحِيْحِ، وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بِعَشْرِ تَسْلِيْمَاتٍ، وَيُسْتَحَبُّ الجُلُوسُ بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعٍ بِقَدْرِهَا، وَكَذَا بَيْنَ التّرْوِيْحَةِ الخَامِسَةِ وَالوِتْرِ، وَسُنَّ خَتْمُ القُرْآنِ فِيْهَا مَرَّةً فِي الشَّهْرِ عَلَى الصَّحِيْحِ... وَلا يَتْرُكُ الصَّلاةَ عَلَى سَيِّدِنَا النَّبِيِّ (ص) فِي كُلِّ تَشَهُّدٍ مِنْهَا...))
6

وَمِمَّا اخْتَلَفَ فِيْهِ المُصَنِّفُونَ فِي الفِقْهِ الجَعْفَرِيِّ، أَمْرُ النَّافِلَةِ فِي جَمَاعَةٍ، فَذَهَبَ بَعْضُهُم إِلَى عَدَمِ جَوَازِهَا بِشَاهِدٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ : (( لا جَمَاعَةَ فِي نَافِلَةٍ ))7 .

وَذَهَبَ بَعْضُهُم إِلَى جَوَازِهَا بِشَاهِدٍ عَنِ الإِمَامِ الصَّادِقِ : (( صَلِّ بِأَهْلِكَ فِي رَمَضَانَ الفَرِيْضَةَ وَالنَّافِلَةَ، فَإِنِّي أَفْعَلُهُ ))8 .

وَفِي أَلْفَاظِهِ تَقْيِيْدٌ بصَلاةِ الرَّجُلِ بِأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِ؛ لاشْتِمَالِ الأَهْلِ عَلَى النِّسَاءِ، مِمَّا لا يَبُتُّ أَمْرَ جَوَازِهِ فِي الجَمَاعَةِ.

وَمُلَخَّصُ مَا وَرَدَ فِي كُتُبِ الفِقْهِ الجَعْفَرِيِّ: لا تَجُوزُ النَّوَافِلُ فِي جَمَاعَةٍ إِلاَّ فِي صَلاةِ العِيْدَيْنِ، وَفِي صَلاةِ الاسْتِسْقَاءِ، وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِهَا فِي صَلاةِ عِيْدِ الغَدِيْرِ.

وَمِنْهُ فِي كِتَابِ مِفْتَاح الكَرَامَةِ:

(( الجَمَاعَةُ مُسْتَحَبَةٌ فِي الفَرَائِضِ، خُصُوصًا اليَومِيَّةَ.
وَلا تَجِبُ فِي غَيْرِ الجُمُعَةِ وَالعِيْدَيْنِ، وَلا تَجُوزُ فِي النَّوَافِلِ إِلاَّ الاسْتِسْقَاءَ وَالعِيْدَيْنِ ..))
9

وَفِي الرَّوْضَةِ البَهِيَّةِ:

(( وَاجِبَةٌ فِي الجُمُعَةِ، وَالعِيْدَيْنِ مَع وُجُوْبِهِمَا، وَبِدْعَةٌ فِي النَّافِلَةِ مُطْلَقًا إِلاَّ فِي الاسْتِسْقَاء وَالعِيْدَيْنِ المَنْدُوبَة وَالغَدِيْرِ...)) 10

وَفِي فِقْهِ الإِمَام جَعفر الصّادق :

(( وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الجَمَاعَةَ لا تَجُوزُ إِطْلاقًا فِي صَلاةِ النَّوَافِلِ.
قَالَ الإِمَامُ الرِّضَا حَفِيْدُ الصَّادِقِ : لا يَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى تَطَوُّعًا فِي جَمَاعَةٍ...))
11


وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [ سورة يوسف 76 ]

ثُمَّ الحَمْدُ للهِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ.

كَاتِبُهُ 
تَمَّام أَحْمَد
20\6\2015

 

  • 1تاج العروس من جواهر القاموس 4\64.
  • 2الكافي 2\157. تهذيب الأحكام 3\63.
  • 3الكافي 2\158. الاستبصار 1\459. تهذيب الأحكام 3\67.
  • 4الكافي 2\157. الاستبصار 1\460. تهذيب الأحكام 3\63.
  • 5الاستبصار 1\461 ـ 462.
  • 6سبيل الفلاح في شرح نور الإيضاح، للشرنبلالي. دار البيروتي.
  • 7تهذيب الأحكام 3\64. الاستبصار 1\462. وسائل الشيعة 8\32.
  • 8تهذيب الأحكام 3\237. الحدائق النّاضرة 11\82.
  • 9مفتاح الكرامة 3\438.
  • 10الروضة البهيّة 1\377.
  • 11فقه الإمام جعفر الصادق للشيخ محمد جواد مغنية 1\232.