التّوحِيدُ فِي الأَدَبِ العَلَوِيِّ
مِنَ المَعْلُومِ بِبَدَائِهِ العُقُولِ أَنَّ اتِّحَادَ الأَشْيَاءِ يُقَوِّيهَا، وَافْتِرَاقَهَا يُضْعِفُهَا، وَإِذَا أَرَادَ الإِنْسَانُ وَصْفَ شَيءٍ اسْتَعْصَى عَلَيهِ، وَصَفَهُ بِالوَاحِدِ الذّي لا يَنْقَسِمُ، فَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْتَرِقَهُ إِلاَّ إِذَا فَرَّقَ أَجْزَاءهُ، وَلِذَلِكَ يَسْتَعِينُ بِكُلِّ وَسِيلَةٍ تُمَكِّنُهُ مِنْ إِضْعَافِهِ.
وَالسُّلُوكُ صُورَةُ الفِكْرِ البَشَرِيِّ، وَمَا اخْتِلافُ المَوَاقِفِ إِلاَّ نَتِيجَةُ تَصَادُمِ فِكْرَتَينِ فِي العَقْلِ بَينَ مَا وُلِدَ عَلَيهِ فَكَانَ أَصِيلاً فِيه وَبَينَ مَا يُعَارِضُهُ مِمَّا يَكْتَسِبُهُ مِنَ الأَفْكَارِ، فَالغَالِبَةُ لَهَا الظَّفَرُ بِالتَّحَكُّمِ بِسُلُوكِ الإِنْسَانِ.
وَعَلَى مَا يَكْتَسِبُهُ الإِنْسَانُ مِنَ البِيئَةِ التّي يُولَدُ فِيهَا، تَخْتَلِفُ طُرُقُ تَعْبِيرِه عَمَّا فُطِرَ عَلَيهِ، فَكُلٌّ يُلَوِّنُهُ بِصِبْغَةٍ وَيُصَوِّرُهُ بِشَكْلٍ، ثُمَّ تَتَقَارَبُ الأَلْوَانُ فِي دَرَجَاتِهَا أَو تَتَبَاعَدُ بَينَ الكَثَافَةِ وَاللُّطْفِ.
وَتَخْتَلِفُ المَوَاقِفُ مِنْ هَذَا التَّعَدُّدِ بِاخْتِلافِ قُدْرَةِ أَصْحَابِهَا عَلَى اسْتِيعَابِ هَذَا التَّدَاخُلِ فِي الثَّقَافَاتِ وَالتَّبَايُنِ فِي أَشْكَالِهِ.
فَمِنْهُم مَنْ يُحَدِّدُهُ بِاتِّجَاهٍ وَاحِدٍ لِيَكُونَ شَرْطًا فِي قَبُولِ غَيرِهِ، فَيُمَيِّزُهُ بِانْتِمَائِهِ إِلَى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ مِنَ المَذَاهِبِ الفِكْرِيَّةِ؛ لاعْتِقَادِهِ بِأَنَّ التَّسَامُحَ فِي شَيءٍ مِنْ هَذِهِ القُيُودِ يُلْغِي هُوِيَّتَهُ وَيَطْمِسُ انْتِمَاءَهُ الفِكْرِيَّ.
وَمِنْهُم مَنْ يُطْلِقُهُ غَيرَ مُقَيَّدٍ بِمَذْهَبٍ وَإِنَّمَا يَكْتَفِي بِوَحْدَةِ الإِنْسَانِيَّةِ لِقَبُولِ انْدِمَاجِهِ فِيهَا؛ لاعْتِقَادِهِ بِأَنَّهَا الجَامِعُ الأَعْلَى وَالوَحْدَةُ الأَسْمَى؛ لأَنَّهَا الأَصْلُ الذّي لا تُغَيِّرُهُ أَلوانُ الانْتِمَاء.
فَإِذَا فُرِّعَ مِنْ هَذَا الأَصْلِ مَذْهَبٌ أَو اتِّجَاهٌ فَتَبَاعَدَا، فَإِنَّ الأَصْلَ ضَمِينٌ بِجَذْبِهِمَا إِلَيهِ، مَتَى جُرِّدَا مِمَّا عَلِقَ بِهِمَا مِنَ الاكْتِسَابِ العَارِضِ.
وَهَذَا هُوَ المَنْطِقُ الغَالِبُ فِي الفِكْرِ الدِّينِيِّ العَلَوِيِّ فِي كُلِّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ انْتِمَاءِ أَهْلِهِ، غَيرَ أَنَّهُ مُهْمَلٌ فِي كَثِيرٍ مِنَ المَوَاطِنِ، وَمُغَيَّبٌ عَنِ المَوَاضِعِ التّي خُلِقَ لَهَا.
وَمَنْ يُعَرِّفُهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا يُعَرِّفُ نَفْسَهُ، وَيُبَيِّنُهُ بِأَفْصَحَ مِنْ إِفْصَاحِ أَهْلِهِ، عَلَى ضَرُورَةِ ذَلِكَ التَّعْرِيفِ فِي زَمَنٍ أَصَمَّ عَنِ المُنَادِي، فَكَيفَ عَنِ الصَّامِتِ، حَيَاءً كَانَ صَمْتُهُ أَم تَقْصِيرًا، وَيَأْسًا كَانَ سُكُوتُهُ أَمْ عَجْزًا، فَإِنَّ عَاذِرَ نَفْسِهِ مِنْ غَيرِهَا، جَانٍ عَلَى نَفْسِهِ.
وَلَعَلَّ فِي الإِيْمَاءِ إِلَى مَلامِحِ هَذَا الفِكْرِ مَا يُنْصِفُهُ مِمَّنْ ظَلَمَهُ اعْتِبَاطًا، وَهُوَ الفِكْرُ الذّي دَانَ بِالإِسْلامِ عَلَى أَنَّهُ دِينُ وَحْدَةِ الإِنْسَانِيَّةِ وَحُرِّيَّةِ أَبْنَائِهَا.
وَفِي هَذَا المَعْنَى قَال الشَّيخ كَامل حَاتم:
((... دَعَا الإِسْلامُ إِلَى وَحْدَةٍ إِسْلامِيَّةٍ خَاصَّةٍ، وَوَحْدَةٍ إِنْسَانِيّةٍ عَامَّةٍ. بِدَلِيلِ قَولِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [سورة النساء 1]
وَدَعَا الإسْلامُ إِلَى نَفْي الرِّقِّ وَإِثْبَاتِ الحُرِّيَّةِ للإِنْسَانِ، بِدَلِيلِ قَولِ الإِمَامِ الأَعْظَمِ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِب : ((لا تَكُن عَبدًا لِغَيرِكَ وَقَدْ خَلَقَكَ اللهُ حُرًّا))....
أَمَّا الاشْتِرَاكِيَّةُ: فَالإِسْلامُ مَصْدَرُهَا وَالدَّاعِي إِلَى تَحْقِيقِهَا، وَهَذَا مُمَثِّلُهُ وَخَلِيفَةُ رَسُولِهِ يَقُولُ: ((مَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلاَّ بِمَا أُتْخِمَ بِهِ غَنِيٌّ، وَمَا رَأَيتُ نِعْمَةً مَوفُورةً إِلاَّ وَإِلَى جَانِبِهَا حَقٌّ مُضَيَّعٌ)).....))1
فَمِنْ تَوحِيدِ الخَالِقِ، وَوَحْدَةِ الإِنْسَانِيَّةِ، نَشَأَ مَفْهُومُ وَحْدَةِ الوَطَنِ فِي مَنَاهِجِ المَدْرَسَةِ العَلَوِيَّةِ.
وَكَمَا كَانَ الإِسْلامُ فِي الفِكْرِ العَلَوِيِّ وَحْدَةً إِسْلامِيّةً خَاصّةً، وَوَحْدَةً إِنْسَانِيّةً عَامّةً، فَكَذَلِكَ كَانَتْ وَحْدَةُ البَلَدِ وَوَحْدَةُ الأُمَّةِ، وَحْدَةً صُغْرَى وَوَحْدَةً كُبْرَى.
وَمِنْ هَذَا قَولُ الشَّيْخ مَحمُود سُلَيْمَان الخَطِيْب:
وَحْدَةٌ لا يَحُولُ بَينَ أَبْنَائِهَا، لَونٌ وَلا لُغَةٌ وَلا مَذْهَبٌ، وَفِي هَذَا المَعْنَى قَولُ الشَّيخ مُحَمّد حسن شعبان:
إِنَّهَا الفِطْرَةُ التّي لا يُزِيلُهَا اخْتِلافُ الأَلْوَانِ، وَلا يُغَيِّرُهَا تَعَدُّدُ اللُّغَاتِ، كَأَنَّهَا الصَّوتُ الذّي تَخْتَلِفُ دَرَجَتُهُ وَهُوَ عَلَى طَبِيعَتِهِ.
وَفِي هَذَا المَعْنَى قَولُ الشَّيخ كَامل الحَاجّ:
الفِكْرُ الذّي يُوَحِّدُ اللهَ فَلا يَجْعَلُ لَهُ شَرِيكًا فِي مُلْكِهِ، وَكَمَا يُوَحِّدُ اللهَ فَكَذَلِكَ يَسْعَى إِلَى وَحْدَةِ الوَطَنِ الذّي يَنْتَمِي إِلَيهِ.
وَفِي هَذَا المَعْنَى قَولُ الشَّيْخ مَحْمود سُلَيْمَان الخَطِيْب:
وَكَمَا أَنَّ اخْتِلافَ المَذَاهِبِ لا يَعْنِي تَعَدُّدَ الإِسْلامِ، فَكَذَلِكَ اخْتِلافُ الأَدْيَانِ لا يَعْنِي تَعَدُّدَ الوَطَنِ، فَلا يَنْقِسمُ الإِسْلامُ لاخْتِلافِ الطُّرُقِ إِلَيهِ، وَلا يَنْقَسِمُ الوَطَنُ لاخْتِلافِ السُّبُلِ إِلَيهِ.
وَذَلِكَ هُوَ الوَطَنُ فِي الفِكْرِ العَلَوِيِّ: وَحْدَةٌ وَإِخَاءُ، وَكَمَا يُوَحِّدُ الإِسْلامُ الخَلْقَ فِي الغَايَةِ التّي يَنْتَهُون إِلَيهَا، فَكَذَلِكَ يُوَحِّدُ الوَطَنُ أَبْنَاءه فِي الغَايَةِ التّي يَصِيرُونَ إِلَيهَا.
إِنَّ أَعْلَى دَرَجَاتِ اليَقِينِ فِي الانْتِمَاءِ الرُّوحِيِّ الوَفَاءُ بِعَهْدِ اللهِ، وَأَعْلَى درَجَاتِ الانْتِمَاءِ الوَطَنِيِّ الوفَاءُ بِعَهْدِ الوَطَنِ.
وَمِنْهُ قَولُ الشَّيْخ عَبْد اللّطِيف إِبْرَاهِيْم:
وَكَمَا يَقْتَضِي التّوحِيدُ إِجْلالَ الخَالِقِ، فَلَيسَ فَوقَ أَمْرِهِ أَمْرٌ لِمَخْلُوقٍ، فَكَذَلِكَ يَقْتَضِي الوَفَاءُ للوَطَنِ، أَنْ يَكُونَ فَوقَ الأَشْخَاصِ، وَفَوقَ القَبَلِيَّةِ، وَفَوقَ الطَّائِفِيَّةِ، فَلا نَرَى تَفَانِيًا فِي غَيْرِهِ، وَلا تَضْحِيَةً فِي سِوَاه.
فَإِذَا فَاخَرْنَا بِتَارِيْخِنَا فَاخَرْنَا بِهِ، وَلَمْ نُفَاخِرْ بِشَيءٍ إِلاَّ فِي سَبِيْلِهِ، وَمِنْ أَجْلِهِ.
مَنْ وَحَّدَ اللهِ فَهُوَ مِنْ عِبَادِهِ، عَلَى أَمْرَينِ لا ثَالِثَ لَهُمَا مِنْ طَاعَةٍ أَو مَعْصِيَةٍ، وَمَنْ وَحَّدَ الوَطَنَ فَهُوَ مِن عَبِيدِهِ، عَلَى حَالَينِ لا ثَالِثَ لَهُمَا مِنْ حِفْظِهِ أَو إِضَاعَتِهِ.
فَمَنْ نَازَعَهُ أَهْلَهُ لِيُسْلِمَهُ إِلَى غَيْرِهِم، أَوْ يَسْتَرِقَّهُ للأَجْنَبِيِّ، فَهُوَ فِي رَأْيِنَا مِنْ عَبِيْدِ المُسْتَعْمِرِيْنَ.
وَمِنْ هَذَا قَولُ الشَّيْخ مَحمُود سُلَيْمَان الخَطِيْب:
وَعَلَى هَذَا كَانَتْ مَكَانَةُ الوَطَنِ فِي الفِكْرِ العَلَوِيِّ، مَكَانَةَ المُقَدَّسِ، وَفِي هَذَا المَعْنَى قَولُ الدكتور وجيه محي الدّين:
وَحْدَةُ سُورِيا عَلَى وُجُوبِهَا فِي رَأْيِنَا وَحْدَةٌ صُغْرَى، وَوَحْدَةُ العَرَبِ جَمِيْعًا هِيَ الوَحْدَةُ الكُبْرَى، وَإِنْ أَنْفَقَ بَعْضُ الحُكَّامِ أَمْوَالَ شُعُوبِهِم فِي قَتْلِنَا، وَقَطَعُوا أَرْحَامَنَا، وَوَصَلُوا أَعْدَاءَنَا.
وَمَا فِتِئْنَا نُرَدِّدُ مَا رَدَّدَهُ المُجَاهِدُ الشَّيْخ صَالح العَلِيّ :
فَمَنْ عَقَّ وَطَنَهُ، فَقَدْ عَقَّ أُمَّهُ وَأَبَاهُ، وَمَنْ أَشْرَكَ بِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ.
وَنَعْمَلُ بِهِ؛ لأَنَّهُ دَينٌ مُسْتَحَقٌّ.
وَمِنْهُ قَولُ الدكتور وجيه مُحي الدّين:
حَتَّى صَارَتْ وَحْدَةُ الوَطَنِ سُلُوكًا وَمَنْهَجًا؛ لأَنَّهَا الدِّينُ الذّي اتَّخَذْنَاهُ وَالكِتَابُ الذّي آمَنَّا بِهِ.
وَفِي هَذَا المَعْنَى قَولُ الشَّيخ مُحمّد حسن شعبان:
الفِكْرُ الذّي قَرَنَ الدِّينَ بِالأَخْلاقِ، وَقَصَرَ اسْتِحْقَاقَ الوُجُودِ الإِنْسَانِيِّ عَلَى نَقَاءِ الفِطْرَةِ، بِمَا يَتَأَثَّرُ بِهِ القَلْبُ مِنْ مَشَاعِرِ العَطْفِ وَالرِّقَّةِ.
وَفِي هَذَا المَعْنَى قَولُ الشَّيخ عَبد اللّطِيف إِبْرَاهِيم:
الفِكْرُ الذّي جَعَلَ العِبَادَةَ أَوسَعَ مِنَ التَّعَبُّدِ، فَكَانَ كُلُّ وَاجِبٍ إِنْسَانِيٍّ عِبَادَةً، وَفِي هَذَا المَعْنَى قَولُ العَلاّمة الشَّيخ سُلَيمَان أَحْمَد:
وَعَلَى هَذَا كَانَ الدِّينُ فِي الفِكْرِ العَلَوِيِّ، دِينَ وَحْدَةٍ وَرَحْمَةٍ، تِلْكَ الرَّحْمَةُ التّي وَسِعَتْ كُلَّ شَيءٍ، وَلَمْ يَكُنْ دِينَ تَشْتِيتٍ وَفُرْقَةٍ.
وَفِي هَذَا المَعْنَى، قَالَ الشَّيْخ إِبْرَاهِيم سَعّود:
إِنَّ اسْتِعْمَالَ الأَلْفَاظِ المَذْهَبِيَّةِ فِي العَمَلِ الوَطَنِيِّ، وَجَعْلَهَا مِقْيَاسًا للوَطَنِيَّةِ، لَمْ يَكُنْ غَيْرَ ذَنْبٍ يَرْتَكِبُهُ بَعْضُنَا جَاهِلاً عَاقِبَتَهُ، أَوْ مُتَعَمِّدًا ضَرَرَهُ.
وَقَلَّ مَنِ اسْتَعْمَلَهُ مُكْرَهًا عَلَيْهِ أَو مُضْطَرًّا إِلَيْهِ، فَرُبَّمَا غَرَّ لَفْظٌ وَاسْتَهْوَتْ كَلِمَةٌ، وَظَنَّ مَنْ أَسَاءَ أَنَّهُ قَدْ أَحْسَنَ، وَتَوَهَّمَ مَنْ أَخْطَأَ أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي إِهْمَالِ هَذِهِ التَّسْمِيَاتِ شَيءٌ غَيْرُ إِهْمَالِ مَنْ دَسَّهَا، وَاجْتِنَابِ مَنْ دَلَّسَهَا، لَكَفَى بِهِ خَيْرًا.
وَلَو لَمْ يَكُنْ فِي اسْتِعْمَالِهَا شَيءٌ غَيْرُ مَسَرَّةِ مَنْ أَرَادَهَا دَاءً فِي تَفْكِيْرِنَا، وَاعْوِجَاجًا فِي ثَقَافَتِنَا، لَكَفَى بِهِ شَرًّا.
فَكَيْفَ وَقَدْ سُفِكَتْ عَلَيْهَا دِمَاؤُنَا، وَقُطِّعَتْ بِهَا أَعْنَاقُنَا، وَمُزِّقَتْ بِهَا أَشْلاؤُنَا، وَذُبِّحَتْ بِهَا أَبْنَاؤُنَا.
فَأَيُّ فَائِدَةٍ أَفَادَتْنَا؟ وَأَيَّ مَكَانَةٍ أَنْزَلَتْنَا؟ وَبِأَيِّ هَاوِيَةٍ أَوْقَعَتْنَا؟
وَأَيُّنَا لا يَدْرِي مَا أَوْرَثَتْهُ مِنَ الجُمُودِ، وَلا يَعْرِفُ مَا أَعْقَبَتْهُ مِنَ التَّخَلُّفِ، وَلا يَعْلَمُ مَا خَلَّفَتْهُ مِنَ الأَذَى، وَمَا تَرَكَتْهُ فِي النُّفُوسِ، حَتَّى صِرْنَا إِلَى اسْتِعْمَالِهَا فِي مَعْرِفَةِ خَصَائِصِ مَنْ سُمِّيَ بِهَا أَحْوجَ مِنْ إِنْكَارِهَا.
لَكَأَنَّهَا عَلَى مَا قَالَ الشَّاعِرُ القَرَوِيُّ:
فَمَا رَأْيُكَ بِالسُّمِّ الّذِي لا يُخْرِجُهُ إِلاَّ السُّمُّ؟
إِنَّنِي بِهَذِهِ المُقَدِّمَةِ أُقَدِّمُ لَكَ الفِكْرَ الدِّينِيَّ العَلَوِيَّ، ذَلِكَ الفِكْرَ الغَنِيَّ بِأَخْلاقِهِ، وَالثَّرِيَّ بِإِيمَانِهِ.
وَبِهَذَا اغْتَنَى شُيُوخِهِ، وَاكْتَفَى عُلَمَاؤهُ، وَفِي هَذَا المَعْنَى قَولُ الشَّيخ حُسين سعُّود:
إِنَّ العُرُوبَةَ وَحْدَهَا بِخِلافِ أَيَّةِ نَزْعَةٍ سِوَاهَا
هِيَ الحَقِيقَةُ الخَالِدَةُ فِي وُجُودِنَا
بَيان مَشايخ العلويّين
15\تموز\1945
- 1الله واجب الوجود والفكر الدّيني 20.
- 2ديوان الخطيب ص 210.
- 3نفحات العرفان 162.
- 4ديوان الشيخ كامل الحاج 61.
- 5ديوان الخطيب ص 35.
- 6التراث الأدبي للعلامة الشيخ عبد اللطيف إبراهيم 1\96.
- 7ديوان الخطيب ص 210.
- 8كتاب وجيه محي الدين. عنوان يقظة ووجه جيل، 51.
- 9كتاب وجيه محي الدين. عنوان يقظة ووجه جيل، 77.
- 10نفحات العرفان 166.
- 11التراث الأدبي للعلاّمة الشيخ عبد اللطيف إبراهيم 1\400.
- 12كتاب الإِمَامُ الشَّيْخُ سُلَيْمَان الأَحْمَد ص185. اسْتَنْبَطَ: اسْتَخْرَجَ. ذَادَ عَنِ الشَّيءِ: حَمَاهُ. السِّرْب: القَطِيْعُ. الاعْتِدَادُ بِالشَّيءِ: الاهْتِمَامُ بِهِ.
- 13الأعمال الكاملة الشعر 242.
- 105 مشاهدات