النسب العربي في الفكر العلوي

أُضيف بتاريخ السبت, 18/01/2025 - 07:19

النَّسَبُ العَرَبِيُّ فِي الفِكْرِ العَلَوِيِّ

ذَلِكَ النَّسَبُ الذّي دَافَعَ عَنْهُ العَلَوِيُّونَ دِفَاعَ الأُمِّ عَنْ وَحِيدِهَا، عَلَى مَا احْتَفَظُوا بِهِ فِي تُرَاثِهِم الدّينِيّ وَالوَطَنِيِّ.

 وَمِنْهُ مَا جَاءَ فِي مُذَكّرة العَلَوِيّينَ إِلَى وزارة الخَارجيّة الفَرنسيّة فِي 27 تمّوز سَنَة 1936م: 

((إِنَّنَا دُونَ أَنْ نَرْغَبَ بِالدُّخُولِ فِي بَحْثٍ عِلْمِيٍّ عَنْ أَنْسَابِ العَلَوِيِّينَ، فَإِنَّهُ لا يَسَعُنَا البَتّة إِلاّ أَنْ نَدْحَضَ دَحْضًا مُطْلَقًا الرَّأْيَ الانْفِصَالِيَّ القَائِلَ: إِنَّ العَلَوِيّينَ مُنْحَدِرُونَ مِنْ أَقْوَامٍ غَيرِ عَرَبِيَّةٍ.

وَإِنَّ فِي السُّكُوتِ عَنْ هَذَا الادِّعَاءِ الانْفِصَالِيِّ الوَهْمِيِّ ثَلْمَةً لِكِبْرِيَائِنَا وَلِكَرَامَتِنَا.

مِنَ الثّابتِ أَنّ العَلَوِيّينَ نَزَحُوا إِلَى جِبَالِهِم مِنَ العِرَاقِ، الذّي هُو مَهْدُ التّشَيُّعِ، كَمَا هُو بِذَاتِ الوَقْتِ وَلِذَاتِ الأَسْبَابِ التَّارِيخِيَّةِ، مَوطِنٌ مِنْ مَوَاطِنِ العُرُوبَةِ.

وَكُلُّ شَيءٍ يُقِيمُ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ العَلَوِيّينَ عَرَبٌ أَقْحَاحٌ.

وَهَذِهِ تَقَالِيدُنَا وَعَادَاتُنَا وَأَخْلاقُنَا وَشَكْلُ هَيئَتِنَا الاجْتِمَاعِيَّةِ وَلُغَتُنَا وَأَمْيَالُنَا وَثَقَافَتُنَا، وَالرّوَايَاتُ الشَّفويّة المُتَنَاقَلَةُ فِي كُلِّ عَشِيرَةٍ مِنْ نَشْءٍ إِلَى نَشْءٍ، تُؤَيِّدُ انْتِسَابَنَا إِلَى العَرَب كَمَا يُؤَيِّدُهُ التَّارِيخُ.

وَمَا العَلَوِيُّونَ سِوَى أَحْفَادِ القَبَائِلِ العَرَبِيَّةِ  التّي نَاصَرَتِ الإِمَام عَلِيّ كَرَّم اللهُ وَجْهَهُ فَوقَ صَعِيد الفُرَاتِ...))1  


 وَمِنْ أَجْلِهِ أَرْسَلَتِ الطَّائِفَةُ العَلَوِيَّةُ تَقْرِيرًا إِلَى اللّجنة الدّوليّة فِي 5 أيّار سَنَة 1938م ، احْتِجَاجًا عَلَى سِيَاسَة الحِزب الكمالي فِي تركيا، التّي تُحَاوِلُ سَلْبَهُم صِفَةَ العُرُوبَةِ.

وَمِنْهُ: 

(( مَا بَرح أعضَاء الحزب الكَمَالِيّ يَخْلُقونَ فِي كُلّ يومٍ وَسِيلةً للتّضْلِيل وَالخِدَاعِ بُغْيةَ الحُصُولِ عَلَى أَكْثرِيّةٍ مُصطنعة.

وَآخِرُ وَسِيلةٍ تَذَرَّعُوا بِهَا أَنَّهُم عَمَدُوا إِلَى طَبعِ وَرَقةٍ.... وَضَعُوا فِي صَدْرِهَا وَبِأَحْرُفٍ كَبِيرَةٍ ضِمنْ إِطَارٍ عِبَارة ( عُنصري ترك ) وَبِذَيلِهَا عِبَارة ( المَذْهب . مُسلِم عَلويّ ).

وَأَخَذُوا يُوَزِّعُونَهَا بَينَ أَبْنَاء الطَّائِفَة العَلَوِيَّةِ؛ لِيُدَوِّنَ كُلٌّ مِنْهُم اسْمَهُ فِيهَا، وَيُقَدِّمَهَا لِحَضَراتِكُم كَبَيانٍ وَجَوابٍ لِمَا وَرَدَ فِي المَادّة (19 ) مِنْ نِظَامِ الانْتِخَابات.

وَيُبَيِّنُونَ لَهُم بِأَنَّهم فِي عَمَلِهِم هَذَا لا يُغَيِّرُونَ دِينَهُم كَمَا يَقُولُ النَّاسُ بَلْ يُؤَيِّدُونَهُ، وَلَكِنَّهُم يَنْتَمُونَ فَقَط إِلَى العُنْصُرِ التّركِيّ.

وَفِي  انْتِمَائِهِم إِلَى هَذَا العُنْصُرِ خَيرٌ جَزِيلٌ وَنَفْعٌ عَمِيمٌ، وَوِقَايَةٌ لَهُم مِنَ الاضْطِهَادِ وَالقَتْلِ الذّي يَنْتَظِرُهُم عِنْدَمَا تَحْتَلّ تركيا هَذِهِ المَنْطقة.

إِلَى آخِرِ مَافِي هَذَا البَابِ مِنْ عِبَارَاتِ الإِغْوَاءِ وَالإِغْرَاءِ وَالوَعِيدِ...))2  


فَمَا كُنَّا أَيُّهَا الأَخُ الكَرِيْمُ لِنُبْدِلَ نَسَبًا بِالعُرُوبَةِ، وَلا ثَقَافَةً بِالوَطَنِيَّةِ، وَلا دِيْنًا بِالإِنْسَانِيَّةِ، وَمَا أَصَابَ مَنِ اتَّهَمَنَا بِشَيءٍ مِنْ هَذَا.

قَالَ الشَّيخ مُحَمّد يَاسِيْن: 

(( العَلَوِيُّونَ أُمَّةٌ عَرَبِيَّةٌ لَمْ تَنْفَصِلْ عَنِ العَرَبِ وَالعُرُوبَةِ فِي عَهْدٍ مِنَ العُهُودِ.

وَقَدِ اسْتَطَاعَتِ الأَيَّامُ وَالحَوَادِثُ أَنْ تَسْلُبَهَا شَوكَتَهَا وَعِزَّتَهَا، وَلَكِنَّهَا لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَسْلُبَهَا أَنْسَابَهَا وَلا لُغَتَهَا وَلا تَارِيْخَهَا وَلا تَقَالِيْدَهَا...

أَفَلَيْسَ مِنَ المُخْجِلِ أَنْ يَقُولَ عَنَّا دُعَاةُ السِّيَاسَةِ: أَنَّنَا تَارَةً حثّيّونَ، وَطَورًا صَلِيْبِيّونَ، يُرِيْدُونَ بِذَلِكَ سَلْخَنَا عَنِ العَرَبِ... 

إِنَّنَا عَرَبٌ لا نَرْضَى بِالعَرَبِ وَالعُرُوبَةِ بَدَلاً...

فَنَحْنُ نَتَحَمَّلُ كُلَّ مُصَابٍ وَغُرْمٍ، وَلا نَتَحَمَّلُ هَذِهِ الوَصْمَةُ الشَّائِنَةَ... 

لا نُرِيْدُ بِمَا قُلْنَا فِيْمَا تَقَدَّمَ أَنَّنَا نُبْغِضُ سِوَانَا مِنْ تُركٍ وَإفرنج وَغَيْرِهِم، كَلاَّ.

بَلِ الّذِي نُرِيْدُهُ إِثْبَاتَ عَرَبِيَّتِنَا، وَرَفْضنَا كُلَّ الرَّفْضِ الانْتِسَابَ إِلَى أَيِّ شَعْبٍ كَانَ، وَاسْتِحَالَةَ انْفِصَالِنَا عَنِ النِّجَارِ العَرَبِيِّ الصّمِيْم..)) 3  


إِنَّهُ الفِكْرُ الذّي يُفَاخِرُ بِعُرُوبَتِهِ، وَيَعْتَزُّ بِنَسَبِهِ، وَيُبَاهِي بِإِسْلامِهِ، وَمِنْهُ قَولُ الشَّيخ مَحْمُود سُلَيْمَان الخَطِيب:

عَرَبٌ نَحْنُ مُسْلِمُوْنَ وَمَا الإِسْـ***ـلامُ إِلاَّ هُدىً وَمَحْضُ وِفَاقِ 
وَأَدَاءُ الشَّهَادَتَيْنِ بِإِخْلا***صٍ عَلَيْهِ إِجْمَاعُنَا بِاتِّفَاقِ
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ لا تَسْمَعُوا صَوْ***تَ افْتِرَاءٍ فِي جَمْعِكُم وَاخْتِلاق
أَيُّهَا المُسْلِمُوْنَ لا تَتْرُكُوا الإِيْـ***ـلافَ فِيْكُم لِعِزَّةٍ وَشِقَاقِ 4

وَقَولُ الشَّيخ عليّ حُسين حرفوش: 

عَرَبٌ نَحْنُ فَهَلْ تُنْكِرُنَا***قَادَةُ العُرْبِ وَرُسْلُ الإتّحَادِ
وَلَنَا مِنْ دَمِنَا فَوقَ الثَّرَى***شَاهِدٌ يَهتِفُ فِينَا وَيُنَادِي
جَمَعَتْ يَعْرُبُ فِي أَنْسَابِنَا***وَاشِجَ القُرْبَى وَأَرْحَامَ المَبَادِي 5

إِنَّ العَلَوِيِّينَ شِيعَةٌ مُسْلِمُونَ، وَقَدْ بَرْهَنوا طوال تَارِيخِهِم عَنِ امْتِنَاعِهِم عَنْ قَبُولِ كُلِّ دَعْوَةٍ مِنْ شَأْنِهَا تَحْوِيرُ عَقِيدَتِهِم، فَهُم يَحْتَفِظُونَ بِشِدَّةٍ بِالعَقِيدَةِ الشّيعِيّة الإِسْلامِيّة....

مُذَكّرة العَلَوِيّينَ إِلَى وِزَارَة الخَارِجِيّة الفَرنسيّة فِي 27 تموز سَنَة 1936م


 

  • 1المراحل 4\296.
  • 2المراحل في الانتداب الفرنسي ونضالنا الوطني 4\369.
  • 3مجلة النهضة، العدد التاسع آب 1938 ، ص 423 ـ 427.
  • 4دِيْوَانُ الخَطِيْب ص 324.
  • 5تكريم الشّيخ صالح العلي.