كيفية بداية الثورة الساحلية ونهايتها بقيادة المجاهد الشيخ صالح العلي ضد المستعمر الفرنسي، وذكر مُختصر عن بعض معارك الثوّار مع الفرنسيين المحتلّين...

أُضيف بتاريخ الثلاثاء, 13/12/2011 - 12:42

كيف بدأت الثورة:

كان ذلك في 15\كانون أوّل\1918م حينما وجّه الشيخ صالح العلي دعوة إلى بعض زعماء ووجهاء الساحل السوري للإجتماع في الشيخ بدر قرية الرستة موطن المجاهد، وقد لبّى الدعوة فريقٌ كبيرٌ من أرباب الوجاهة والنفوذ نخصّ بالذكر منهم:

  • السيد أحمد المحمود عدرة،
  • السيد محمد إسماعيل،
  • الشيخ أحمد ميهوب،
  • الشيخ معلا غانم،
  • الشيخ محسن حرفوش،
  • الأستاذ عبد الكريم الخيّر،
  • الشيخ علي عبّاس،
  • اسبر زغيبي،
  • علي زاهر،
  • والسيدين حسان ومحيي الدين عدبا،..

وقد تحدّث إليهم الشيخ حديثًا مُسهبًا عن الأخطار المُحيقة ببلادهم من جرّاء احتلال الفرنسيين للساحل السوري، وعن خيانة الحلفاء ونكسهم بالعهود، ثم توجّه إليهم بالسؤال عمّا إذا كانوا يتضامنون معه لإشعال نار الثورة، وقد لقيَ هذا الأمر القبول من جميع المُشاركين وتمّ الإتفاق على التجهيز لذلك، وقد تسرّب خبر هذا الإجتماع إلى الفرنسيين، فوجّهوا حملتهم الأولى من القدموس إلى الشيخ بدر، وقد تصدّى لهم الشيخ في الغابة القريبة من قرية النيحا، وتمكّن هو وأربعة من المُجاهدين الأشدّاء من ردّ تلك الحملة وقتل أكثر من 35 جندي والحصول على الكثير من العتاد والأسلحة.

معركة وادي ورور:

في 15 حزيران 1919م في الوادي القريب من الشيخ بدر استطاع المجاهدون بقيادة الشيخ الفذّة قتل أكثر من ثمانمائة جندي، وأسر ستة عشر جنديًا والحصول على كميّة هائلة من الذخيرة، واستشهد في هذه المعركة مُجاهدون وجُرح آخرون، وكان من بين الشهداء: مصطفى خير بك وابنته الوحيدة التي كانت معه في القتال.

الهجوم على الفرنسيين:

في أواسط تمّوز 1919م زحفت قوة كبيرة من طرطوس واستقرّت في قرية عقر زيتي وفي القُرى القريبة منها، فشعر المجاهد بخطورة تواجد الفرنسيين في تلك المنطقة، فتمّ تجهيز المجاهدين والهجوم على مركز تلك الحملة، وقد استمرّت المعارك أيامًا طويلة انتهت بانسحاب الجيش إلى طرطوس، بعد أن تكبّد خسائر فادحةً في الأموال والأرباح.

الهجوم على طرطوس:

وذلك في 20 شباط 1920م بدأ الهجوم على مدينة طرطوس من ثلاث جهات: الشمال والشرق والجنوب، فأفاق الجيش الفرنسي لهذه المفاجأة الحاسمة ولم يشعر إلاّ وأحاط به الثائرون، ودارت بينه وبين بعض المجاهدين حرب عنيفة بالسلاح الأبيض، وكانت بعض فرق المجاهدين تستولي على السلاح والذخائر، وقد اشتدّ الحصار على الفرنسيين في ثكناتهم فقامت البوارج الحربية المتوضّعة قبالة الساحل بصبّ نيرانها في كل مكان، فاضطر الشيخ ورفاقه إلى الإنسحاب إلى الجبال القريبة.

احتلال القدموس:

وذلك في 3 آذار 1920م حيث زحف الشيخ برجاله على القدموس مُستفيدًا من فرصة الذعر التي تركها بين صفوف الفرنسيين من جرّاء هجومه المُفاجئ على طرطوس.

وكان الفرنسيون قد حوّلوا القدموس إلى قلعة حصينة منيعة، وكانت الحامية الموجودة فيها مُسلّحة تسليحاً قوياً، فحاصرها الشيخ عدّة أيام فاستسلمت الحامية وسيطر المجاهدون على القدموس وموقعها المهم في خدمة الثورة.

تشكيل محكمة الثورة:

لقد رأى الشيخ بصائب رأيه وثاقب بصره أن لا بُدّ من تشكيل محكمة عرفية عسكرية تُعاقب كل مُجترئ على خيانة الثورة أو متآمر على سلامتها، وتقوم بتحقيقات دقيقة وواسعة في كل ما له علاقة بالكيد لها أو التجسس عليها، وقد اختار لرئاسة هذه المحكمة السيد علي زاهر (حمام واصل)، وعضوية كل من محمود علي اسماعيل (الحيطانية) ومحمود ضوا (العصيبية)، وقد أعدمهم الفرنسيون في قرية القمصية ونكّلوا بكُتّابهم ومُساعديهم.

وهنا نذكر بعض المعارك وتاريخها فقط، ولمن أراد قراءة التفاصيل مراجعة كتاب الدكتور عبد اللطيف اليونس (الثورة الساحلية):
  1.  معركة السودا الكبرى في آخر آذار 1920م، وبعدها هجوم الفرنسيين المُعاكس في صباح 3 نيسان 1920م، واستمرار المعارك أكثر من ثلاثين يومًا.
     
  2.  الهجوم على بانياس في 1 تموز 1920م حيث تمّ الهجوم من القدموس بعد أن رسم الشيخ خُطّة الهجوم، ودارت معركة رهيبة تدخّل على أثرها الأسطول الفرنسي فتراجع الشيخ والمُجاهدون بعد أن حصلوا على الكثير من الغنائم والأسلحة.

وفي غمرة هذه الأحداث احتلّ الفرنسيون الشام ممّا أضعف تمويل الثورة وقطع الإمدادات.

وتوالت الأحداث فعيّنت فرنسا الجنرال غورو للقضاء على ثورة الشيخ في الجبال الساحلية، ورأى غورو بخبرته العسكرية أنّه من الصعب التغلّب على الثائرين من الأمام، فهيّأ حملةً هجمت على الجبل من الشرق عن طريق مصياف، وكان ذلك في 20 تشرين الثاني 1920م، وقد أدرك الشيخ أنّ احتلال الفرنسيين لمصياف وإبقائها في أيديهم يُشكّل خطرًا مباشرًا على الثورة، حيث يُصبح الثوار بين فكّي كمّاشة من الشرق ومن الغرب، فقرّر مهاجمة مصياف وقام بشن غارة كبرى في نهاية عام 1920م ولولا بعض الخيانات التي حدثت والنجدة التي أتت للفرنسيين، لكانت الثورة في وضعٍ مُغايرٍ تمامًا.

وقد اغتنم الفرنسيون فرصة غياب الشيخ وحصاره لمصياف بشنّ هجوم كبير على معقل الثورة في الشيخ بدر واحتلال المركز في قرية الرستة، وقد كانت هذه الخُطة من قِبَل الجنرال غورو بعد عِلمه من أنّ قسمًا كبيرًا من الثوار موجودون في مصياف، فكان لاحتلال الشيخ بدر الأثر الكبير في نهاية الثورة في تلك المنطقة، فقرّر الشيخ الذهاب مع من تبقّى من المُجاهدين إلى الشمال حيث أخواله في قرية بشراغي ليُشعل الثورة من جديد، ونذكر بعض معارك الشمال:

  1.  معركة وادي الفتوح.
  2.  معركة وادي جهنم.
  3.  معركة الدويلة.
  4.  وقعة الديميس القريبة من بارمايا.
  5.  معركة رأس ماسم.
  6.  معارك البودي.
  7.  معركة قرفيص.

الهجوم النهائي:

كان ذلك في 15 حزيران 1921م حينما هجم الجنرال نيجر بجيوشه الجرّارة الهائلة، وقذف بها في مختلف أنحاء الجبل وجعل أهدافها جميعًا الإلتقاء في معقل الشيخ الحصين.

وابتدأت هذه الجيوش بالتدفق من قرفيص إلى الدراب، إلى بشراغي، إلى بسمالخ، إلى عقبة الزرزار، إلى وادي جهنم، إلى الحيلونة، إلى جبل النبي صالح، إلى جبل النبي مَتّى، وفي جبهة طولها عشرات الكيلومترات. وفقدت قيادت المجاهدين إشرافها المُباشر على المعارك وأصبحت كُل فئة من المُجاهدين تعمل مُستقلّة، وفي تلك الآونة الحرجة نضب مَعين السلاح، وفُقِدَ فقدانًا تامًّا من أيدي المُجاهدين، وكان لتعذّر المواصلات مع بعضهم أثرٌ كبيرٌ في هذا الفقدان.

إنتهاء الثورة:

إنّ الثورة لم تنتهي دُفعة واحدة في جميع الأماكن، بل إنّ كتائب من المجاهدين ظلّت تُقاتل لوحدها حتى آخر ما في أيديها من طلقات، فاضطر المُجاهدون للتسليم تحت ضغط الفرنسيين الكبير ونفاذ الأسلحة وتآمر المتآمرين، وهكذا انتهت تلك الثورة الجبّارة الصاخبة وانطوت بانتهائها صفحة مَجيدة من صحائف المجد والجهاد والخلود. 1

  • 1في الفصل التالي سنقرأ معاً أين اختفى الشيخ مع نهاية الثورة وماذا حلّ به وماذا فعل الفرنسيون لاعتقاله..
    ونكرر بأنّ ما ننشره هو نقلاً عن الكتيّب الذي نشره ووزعه بالمجّان أهالي قرية الرستة معقل الشيخ وحاضنة رفاته... (إدارة موقع المكتبة الإسلامية العلوية)