الجنة والنار وعدل الله.. إن الوعد الصادق بالجنة حافز للعبد ليقوم بالطاعة كما يجب، والوعيد بالنار حاجرٌ ورادعٌ عن فعل المعاصي وارتكاب المُوبقات، وهنا تكمن الحكمة ويتجلى العدل الإلهي.. على المخلوق واجبات وفرائض عليه أن يؤديها كما يجب فبها تكمل إنسانيته...

أُضيف بتاريخ الجمعة, 18/07/2014 - 16:20

المرسل: فاطمة في 26\02\2014م

السلام عليكم وبارك الله جهودكم وأثابكم الجنة
إن الغاية التي خلق من أجلها الإنسان هي معرفة الله التي توصله إلى السعادة الأبدية والحياة السرمدية ، وبالتالي خلقنا ليرحمنا
ولكن يتبادر إلى ذهني لماذا هذه النار التي خلقها الله ، وهو ما خلقنا إلا ليرحمنا ...؟!
فلماذا يعذبنا بذنوبنا وجهلنا وتقصيرنا وهو غير محتاج إلى طاعتنا؟
هل أن النار منفعة لنا ؟ كيف ذلك ؟
أنا جئت إلى هذا العالم من غير إرادتي واختياري فلماذا هذا الرب الذي يتسم بالكمال والجمال المطلق يعذبني بتقصيري وجهلي بنار وصفها يتعبني ويؤرقني فلا أستطيع الجمع بين هدف وجودي (معرفة الله )ونار نزاعة للشوى .
ولكم فائق الامتنان .. 1
الجـواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته المعصومين وأصحابه المنتجبين.

  إنّ الله سبحانه وتعالى خلق الكائنات بأسرها ليعرفوه فيعبدوه لقوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ . ولا تصح العبادة من دون معرفة فبيان الآية أي ليعرفون، فمن عرف الله وجب عليه عبادته كما أمر وهو الغني عن ذلك، فلا يضره معصية العاصي ولا طاعة المطيع، إنما المعصية والطاعة فيعود مردودهما إلى صاحب الفعل، لقوله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت:46]، وقال تعالى: ﴿ قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ ﴾ [الأنعام : 104]
  فعلى المخلوق واجبات وفرائض عليه أن يؤديها كما يجب فبها تكمل إنسانيته وتتجوهر ذاته ويحظى برضا ربه ورضوانه، أما التقصير والجهل فلا يؤديان بصاحبهما إلى النار بل يُجازى عليهما في دار الدنيا بنزول النوائب وركوب المصائب لأنه بتقصيره فقد استخَفّ بأوامر الله الذي خلقه لهذه الغاية النبيلة.

  أما عقوبة النار فقد أبان الله عن مستحقها لقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة:39] وقال تعالى: ﴿ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة:217] وآيات كثيرة تبين لنا مستحقي النار، فليس كل ذنبٍ أو تقصيرٍ أو هفوةٍ تؤدي إلى النار، فالله أعدل من ذلك بل للذين يُصِرّون على الكفر من بعد ما أتاهم الهُدى ويقتلون النبيين ومن أقتفى أثرهم من الصالحين، أما بقية الذنوب فيُذهبها التمحيص لقول أمير المؤمنين عليه السلام (الاستغفار يحت الذنوب حت الورق).

  وبالنتيجة فالجنة حقٌ ولها أهلها، والنار حقٌ ولها أهلها ويجب التسليم بذلك لورود ما يؤكده من الكتاب والسُنّة، ولا يجوز اتهام الباري بالظلم أو فعل غير الحكمة، قال تعالى: ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾ [الزلزلة:7 - 8]
  ثم أن الوعد الصادق بالجنة حافز للعبد ليقوم بالطاعة كما يجب، والوعيد بالنار حاجرٌ ورادعٌ عن فعل المعاصي وارتكاب المُوبقات، وهنا تكمن الحكمة ويتجلى العدل الإلهي، فلولا الثواب لما فُُعِلَت الطاعات، ولولا العِقاب لكثُرَت المعاصي، نسأل الله تعالى أن يوفقنا للقيام بطاعته ويَحْجُرَنا عن معاصيه.

حسين محمد المظلوم
17\7\2014



هنا إعلان هذا الموضوع على صفحتنا في الفايسبوك.