أن تذهبَ إلى الحجِّ فذلكَ يعني أن تكونَ مُتَّجِهًا إلى اللهِ عزّ وجَلّ في سلوكِك، وفي جميعِ أخلاقِك، وفي قِيَمِك. عيد الأضحى في 22 تمّوز 2022م

أُضيف بتاريخ الجمعة, 08/09/2023 - 05:17


أن تذهبَ إلى الحجِّ فذلكَ يعني أن تكونَ مُتَّجِهًا إلى اللهِ عزّ وجَلّ
في سلوكِك، وفي جميعِ أخلاقِك، وفي قِيَمِك.


هذه الخطبة الأولى من صلاة عيد الأضحى في 22 تمّوز 2022م
لفضيلة الشيخ تمّام أحمد حفظه الله
مسجد الإمام جعفر الصادق  \ قرية عين حفاض \ صافيتا

هذا يومٌ يأتي بعد عبادة من جُملة العبادات التي شَرَعَها الله لعباده، وهي عبادةٌ أراد بها امتحان صبرِ الإنسان، وامتحان أخلاقه، إن كان يُغالِبُ نفسه ويُجاهدها في سبيل طاعةِ ربّه، فقال عزّ وجَلّ: ...وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ (آل عمران97)

أمّا السبيل الذي يُستطاعُ إليه، فهو أن يملكُ الرجل زادًا وراحلةً، يستطيع بها أن يتنقّل من مكانٍ إلى مكان، حتى يصِلَ إلى البيت الحَرام الذي جعله الله سبحانه وتعالى علامةً على طاعته.

هذا المقامُ الذي أرادَ الله سبحانه وتعالى أن يَتَعَبَّدَ خَلْقَهُ به، إنّما أراد منهم بذلك أمرَيْن:

  1. أوّلَ أمرٍ: هو اختبارُ طاعتهم، إن كانوا يخرجون إلى الله عز وجل من أموالهم وأنفسهم وأولادهم.
  2. والثاني: إن كانوا يعلمون حقيقةَ تلك العبادة.

أما تلك العبادةُ فحقيقتها بعد القصد والتوجّه إلى الله عز وجَل هي أن يُهدى الإنسان نفسه معنى الحِجّ، ذلكَ المعنى الذي تدُلّ عليه الآيات، هي أن يرجِعَ إلى إنسانيَّتِهِ كُلَّما طَغَت عليه المادّيات، وكُلَّما أخرجته من قِيَمِهِ أو مِن أخلاقه.

أن يذهبَ إلى الحجِّ فذلكَ يعني أن يكونَ مُتَّجِهًا إلى اللهِ عزّ وجَلّ في سلوكِهِ، في جميعِ أخلاقِهِ، وفي قِيَمِهِ.

كما أنَّ الصلاة تعني أن يتّصل بربّه، بطاعتِهِ، ليصِلَ إلى عفوِهِ، وغُفرانه.

كما أنَّ عِلَّةَ الصِّيام هي أن يرِقَّ قلبُهُ من أجلِ أن يشعُرَ بالفقيرِ وبِالمُحْتاجْ.

كذلك عِلَّةُ الحَجِّ، أن يتجَرَّدَ من شهواتِهِ، ومِن أهوائِهِ، ومِن نزواتِهِ، وأن يسيرَ إلى ربِّهِ مُخلِصًا نقِيًّا لا يبتغي شيئًا غير وجهه الكريم.

هذه العِبادةُ ليست مُقَيَّدَةً بيومٍ أو بِشهر، إنّما جعلها الله سبحانه وتعالى تذكيرًا بالعام مرَّةً، كما جعل الصلاةَ تذكيرًا في كُلِّ يومٍ خَمسَ مَرَّات، من يُريدُ أن يتوبَ من ذنبهِ ومَن يُريد أن يرجِعَ إلى ربِّهِ.

كُلُّ عِبادةٍ من هذه العبادات إنّما هي مُذَكِّرٌ باللهِ عز وجل، ومُذّكِّرٌ بأوامره، ومُذّكِّرٌ بنواهيه.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم مِمَّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّدٍ صلاةً تقبل بها صلاتنا، وتُجيب بها دُعاءنا وتغفر بها ذَنبنا، وتمحو بها سيّئاتنا، وتُغني بها فقرنا، وتجبُر بها كسْرنا، إنّك على كُلّ شيء قدير.

عباد الله، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿النحل 90﴾ 

اللهم اجعلنا ممّن ذكّرته فتذكّر، وزجرته فانزجر، وأسمعته فسمع وبصّرته فأبصر.

أقول قوليَ هذا وأستغفر الله لي ولكم.