ما العلة وما الحكمة من تقديم الأضحية أو القربان؟ ومن هو القانع والمُعتَر؟ عيد الأضحى في 22 تموز 2022م

أُضيف بتاريخ الجمعة, 08/09/2023 - 05:29


ما العلة وما الحكمة من تقديم الأضحية أو القربان؟ ومن هو القانع والمُعتَر؟

هذه الخطبة الأولى من صلاة عيد الأضحى في 22 تمّوز 2022م
لفضيلة الشيخ تمّام أحمد حفظه الله
مسجد الإمام جعفر الصادق  \ قرية عين حفاض \ صافيتا

قال تعالى في كتابه الكريم: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿الحج 36

لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴿الحج 37

إنّما يُنالُ عفو اللهِ عزّ وجَلّ بتقوى الله، لا يُنالُ عفوُهُ إلّا بذلك.

هذه العِلَّةً التي جعل من أجلها وُجُوبَ تقديمِ الأضاحي في مثل هذا اليوم، إنّما ليأكُلَ الإنسانُ منها حاجته، ولِيَتَذَكَّرَ بذلكَ القانِعَ والمُعْتَرّ.

القانِعُ هو الذي يتعرَّضُ لك بالسؤال. أمّا المُعْتَرُّ فهو الذي لا يسألُكَ، وإنّما تنظُرُ فتَجِدُ وجهَهُ وكأنَّهُ يسألُكَ! تجِدُ في حركاته ذُلَّ السؤال.

وقيل أنَّ القانِعَ هو الذي لا يصِلُ إلى الناس لذلك يتعذَّرُ عليه أن يسألهم، ولذلك أوجَبَ اللهُ عزّ وجَلّ أن يتفقّدَ الإنسان أهلَ الحاجةِ من أُضحِيَتِهِ.

والحِكمَةُ منَ الأُضحِيَةِ ليست حِسِّيَّةً فقط، إنّما الحِكمَةُ منها أن يتحرَّمَ الإنسان من أهوائه، حين يُقَدِّمُ ضَحِيَّةً أو قُرْبانًا إلى الله عزّ وجَلّ، فإنّما يُرادُ بذلكَ أن يُجاهِدَ نفسه من أجلِ أن يخرُجَ من قيودِ الأهواءِ والشهوات، حتّى يصِلَ إلى الحالةِ التي يشعُرُ بها بحاجةِ غيرهِ، التي يَرِقُّ فيها على غَيرِهِ.

فإنَّ ما يُمَيِّزُ الإنسان من غيره من الكائنات، هو عقلُهُ الواعي الناطِق، ولكن إذا فَقَدَ ذلكَ العَقل، واستوى مع غيرهِ من الكائنات، إنّما يُمَيِّزُهُ ما في قلبهِ من رِقَّةٍ ومن لينٍ ومِن رُحمَة.

ولذلك رحمةُ الله عزّ وجَلّ تتخيَّرُ قلبَ العَبدِ المُؤمِن، وفي الحديثِ القُدسيّ: (ما وَسِعَنِي أَرْضِي ولا سَمائي، وإنَّما يَسَعُنِي قلبُ عبدي المُؤمِن)، لأنّ القلبَ يجب أن يكون مَحَلًّا لإشراقِ نورِ الله، ذلكَ يعني ظُهُورَ أثَرِ الرحمةِ والرِّفقِ واللينِ للخَلق.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المُتَّقين، وبفضل قوله الحق في كتابه المبين على لِسانِ نبيِّهِ الأمين: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (المائدة27).

اللهم إنّا نسألُكَ أن تتقبّلَ صلاتنا في يومنا هذا وفي عيدنا هذا، اللهم أن نَخرُجَ من هذا المجلس الكريم، ومن هذا الجَمع إلّا وقد غفرتَ ذنوبَنا، وأجَبْتَ دُعاءَنا، ويَسَّرتَ أُمورنا، وشَرَحتَ صُدورَنا.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّدٍ.

عباد الله، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿النحل 90﴾ 

اللهم اجعلنا ممّن ذكّرته فتذكّر، وزجرته فانزجر، وأسمعته فسمع وبصّرته فأبصر.

أقول قوليَ هذا وأستغفر الله لي ولكم.