الإسلام : هو الإقرار بالشهادتين وأوّل مراتب العبودية 1
.
وجوهره: التسليم 2
الذي لا يكون إلا بقلب سليم.
وعلاماته: الصدق 3
والشكر 4
والحياء 5
وحسن الخُلق 6
.
كما أوضح الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم 7
، وهو مقرون بالتصديق المُعبّر عنه بالإيمان والذي لا يتمّ إلا باليقين 8
الخالي من الظن والتخمين.
لأنّ للإيمان 9
درجات متفاوتات واليقين أعلاها وأسماها، وهو (أي اليقين) يُترجم بالإقرار الصادق الذي يتطلّب أداءً خالصاً 10
، وعملاً كاملا بسائر شرائع الإسلام.
فالإسلام إذاً علـــمٌ وعمـــلٌ. والعلـــم إيمان ويقين. والعمـــل إقرار وطاعة.
ولهذا قسّم الفقهاء أحكام الدين إلى قسمين: أصول وفروع.
- فالأصول اعتقادٌ يؤول إلى اليقين.
- والإعتقاد مقرّه القلب، وترجمانه اللسان، ودليله العمل.
- أما اليقين فهو غاية الإعتقاد وأساسه.
والفروع: عبادات ومعاملات.
- فالعبادات 11 هي علاقة بين المخلوق وخالقه، وهذه العلاقة الوثيقة والصلة الدقيقة تكون في كل عمل يتقرب به الإنسان إلى الله بنيّة 12 صادقة وقلب مطمئن.
- أما المعاملات فهي علاقة المخلوق بالمخلوق ضمن قوانين إلهية، وقواعد شرعية، وَجَبَ مراعاتها وعدم خرقها.
وقد أبان الإمام الصادق عليه السلام عن أصول المعاملات بما ليس عليه من مزيد. قال عليه السلام:
أصول المعاملات تقع على أربعة أوجه: معاملة الله ومعاملة النفس ومعاملة الخلق ومعاملة الدنيا.
وكل وجه منها منقسم على سبعة أركان.
أما أصول معاملة الله فسبعة أشياء:
- أداء حقه
- وحفظ حدّه
- وشكر عطائه
- والرضا بقضائه
- والصبر على بلائه
- وتعظيم حرمته
- والشوق إليه
وأصول معاملة النفس سبعة:
- الخوف 13
- والجهد 14
- وحمل الأذى
- والرياضة 15
- وطلب الصدق والإخلاص
- وإخراجها من محبوبها
- وربطهـا في الفقـر 16
وأصول معاملة الخلق سبعة:
وأصول معاملة الدنيا سبعة:
- الرضا بالدون
- والإيثار بالموجـود
- وترك طلب المفقود
- وبغض الكثرة
- واختيار الزهد
- ومعرفة إفادتها
- ورفض شهواتها مع رفض الرياسة
فإذا حصلت هذه الخصال في نفس واحدة فهو من خاصة الله وعباده المقربين وأوليائه حقاً.(مصباح الشريعة)
وتوضيحاً لمعنى قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ( وأساس الإسلام حبنا أهل البيت ) .
أختم هذا الفصل بما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في وصف المحبة لأهل البيت عليهم السلام.
دخل عليه رجلٌ فقال عليه السلام: مِمّن الرجل؟
فقال: من محبيكم ومواليكم.
فقال له الإمام جعفر الصادق عليه السلام: لا يحب الله عبداً حتى يتولاه، ولا يتولاه حتى يوجب له الجنة.
ثم قال له: من أيّ محبينا أنت؟ فسكت الرجل.
فقال له سدير: وكم محبوكم يابن رسول الله؟
فقال: على ثلاث طبقات:
- طبقة أحبونا في العلانية ولم يحبونا في السر. وطبقة يحبونا في السر ولم يحبونا في العلانية. وطبقة يحبونا في السر والعلانية هم النمط الأعلى شربوا من العذب الفرات وعملوا بأوائل الكتاب، وفصل الخطاب وسبب الأسباب، فهم النمط الأعلى، والفقر والفاقة وأنواع البلاء أسرع إليهم من ركض الخيل، مسّتهم البأساء والضراء وزلزلوا وفتنوا، فمن بين مجروح مذبوح متفرقين في كل بلاد قاصية، بهم يشفي الله السقيم ويغني العديم، وبهم تُنصرون، وبهم تُمطرون، وبهم ترزقون، وهم الأقلون عدداً، والأعظمون عند الله قدراً وخطرا.
- والطبقة الثانية النمط الأسفل أحبونا في العلانية وساروا بسيرة الملوك فألسنتهم معنا وسيوفهم علينا.
- والطبقة الثالثة النمط الأسود أحبونا في السر ولم يحبونا في العلانية فهم الصوّامون بالليل ترى أثر الرهبانية في وجوههم، أهل سلم وانقياد...الخ. " تحف العقول عن آل الرسول لإبن شعبة الحراني (ق) "
- 1 قال الإمام الصادق عليه السلام:
العبودية: بذل الكل، وسبب ذلك منع النفس عمّا تهوى، وحملها على ماتكره، ومفتاح ذلك ترك الراحة وحب العزلة، وطريقة الإفتقار إلى الله تعالى. - 2 التسليم:
لغة هو الإنقياد، ومعناه إرجاع المرء كل ما هو منسوب إليه إلى الله تعالى. - 3 الصدق:
هو مطابقة القول للواقع وهو الإستقامة في القول والإستقامة في العمل وفي كل الحالات والأوضاع. - 4 الشكر:
هو عرفان النعمة من المنعم أولاً وشكره عليها بالحمد والثناء ثانيا، ثم استعمال هذه النعمة وصرفها في مرضاته ثالثاً. قال أحد الحكماء الشكر ثلاث منازل: ضمير القلب، ونشر اللسان، ومكافأة اليد. - 5 الحياء:
انقباض النفس عن القبائح واجتنابها عن كل مايعيبها. قال الإمام الصادق عليه السلام: الحياء والإيمان مقرونان في قرن فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه. - 6 الخُــلق:
بالضم عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية، فإن كان الصادر عن تلك الهيئة أفعالا جميلة محمودة عقلا وممدوحة شرعاً سُمّيت تلك الهيئة(خُـلقاً حسناً)). - 7 وذلك حين قوله (ص): ( ياعلي أربع من يكنَّ فيه كمُلَ إسلامه: الصدق والشكر والحياء وحسن الخلق ) .
- 8 اليقين:
في العرف هو الإعتقاد الجازم المطابق للواقع الثابت غير ممكن الزوال وهو في الحقيقة مؤلف من العلم بالمعلوم والعلم بأن خلافه محال. - 9 الإيمان:
لغة التصديق، وله مراتب أقلها الإيمان باللسان ثم الإيمان بالتقليد وهو التصديق الجازم المستلزم للعمل الصالح ثم الإيمان بالغيب ثم الإيمان الكامل المتصل بالإيمان اليقيني. - 10 الإخلاص:
لغة تطهير الشيء من كل ما هو خارج عنه غير ممزوج به. وهنا يُراد به أن يكون المرء في كل مايقول ويعمل خاصاً خالصاً لله متقرباً به إليه. - 11 العبادة:
هي التذلل والخضوع المطلق لله عز وجل، ولأجلها خلق الإنسان نمرقة وسطى بين الوجوب والإمكان، وهي أن تفعل ما يرضي الله عنك، أما العبودية فهي أن ترضى ما يفعل الله بك، فالعبادة كالإسلام والعبودية كالتسليم. - 12 النية:
هي القصد، والقصد واسطة بين العلم والعمل، والنية بمثابة الروح والعمل بمنزلة الجسد، والأعمال بالنيات يعني أن حياة الجسم بالروح وقيل نية المرء خير من عمله وذلك حينما تكون النية طلب القربة إلى الله تعالى. - 13 خوف المؤمن
لا يخلو من فائدة لأن هذا الخوف إن كان بسبب اقتراف الذنوب أو التقصير عن الوصول إلى درجة الأبرار كان ذلك الخوف دافعاً للجد والإجتهاد في اكتساب الخيرات والمبادرة إلى العمل للوصول إلى أرفع الدرجات. - 14 الجهد:
هو بذل الوسع للقيام بعمل ما، والمراد هنا بذل الجهد لتخليص النفس وتطهيرها من آفاتها. لأن النفس كالمرآة وصقالها كصفائها. - 15 الرياضة:
هي منع النفس الحيوانية من الإنقياد للقوة الشهوية، والقوة الغضبية وما يتعلق بهما، وردع النفس الناطقة عن المطاوعة للقوة الحيوانية ورذائل الأخلاق والأعمال الرديئة. - 16 الفقر نوعان:
اضطراري واختياري، والمراد هنا الفقر الإختياري والذي هو شعبة من شهب الزهد وصاحبه لا رغبة له في المال، وإذا حصل عليه لا يهتم بحفظه لا لعجز فيه أو جهل أو غفلة، بل لقلة مبالاة به والتفات ليه خوفاً من أن يشغله عن طاعة الله أو يقوده إلى معصيته. - 17 الحلم:
هو الصبر والأناة والسكون مع القدرة والقوة، وهو الطمأنينة عند ثورة الغضب. وقيل تأخير مكافأة الظالم. قال أمير المؤمنين عليه السلام: الحلم والأناة توأمان ينتجهما علو الهمّة. - 18 العفو:
الصفح وترك العقوبة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عليكم بالعفو فإن العفو لا يزيد العبد إلا عزاً فتعافوا يعزّكم الله. - 19 التواضع:
التذلل والتخاشع وضد التكبر. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ماتواضع أحد لله إلا رفعه الله. - 20 السخاء:
ملكة بذل المال لمستحقه بقدر ماينبغي ابتداء، وقيل هو يلين الإنسان عند السؤال ويسهلَ همزة للطالب. - 21 الشفقة:
هي صرف الهمّة إلى إزالة المكروه عن الناس. - 22 النصح:
هو الدعاء إلى مافيه الصلاح والنهي عما فيه الفساد. - 23 العدل والإنصاف:
أنصف الرجل صار عادلاً، وهو ضد الجور والظلم وهو القصد في الأمور. وفي التعريفات: عبارة عن الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط. وعند الفقهاء: من اجتنب الكبائر ولم يصرّ على الصغائر. وفي الفروق لأبي الهلال العسكري: إنّ الفرق بين العدل والإنصاف هو أن الإنصاف إعطاء النصف والعدل يكون في ذلك وفي غيره. ألا ترى أنّ السارق إذا قُطِعَ قيل: إنه عدل عليه ولا يُقال إنه أنصِفَ.
- 2013 views