العلوية و الخوارج

أُضيف بتاريخ الخميس, 14/10/2010 - 14:48

أوضحنا فيما مضى أن الخوارج هم الذين خرجوا عن جيش علي عليه السلام بعد خديعة التحكيم ، ومهما تعددت فرقهم فإنهم اشتركوا في ثلاث مسائل :

  • تكفير علي ، وعثمان بن عفان، والحكمين، وأصحاب الجمل، وكل من رضي بالتحكيم.
  • تكفير مرتكب الذنوب.
  • إيجاب الخروج على الحاكم الجائر.

فالمسألتان الأُولى والثانية لا توافق المنهج العلوي لأن التكفير لا يطلق على أحدٍ جزافاً، ولا يُرمى به اعتباطاً قبل أن يعلنه بنفسه من استحقه وحرم نور الإيمان ، أو دلت عليه دعائمه بواضح التبيان، ولا يكفر أحدٌ إلا إذا أنكرَ أصلاً من أصول الدين الواجب اعتقادها بيقين، أو ركناً من أركان العبادات الخمس الواجب التعبد بها، والقربى إلى الله بقيامها .
ومن الآيات التي تدل على من يستحق الكفر قوله تعالى: ( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة/217/ .
وقوله تعالى: ( وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) المائدة/5/.

وآيات كثيرة تظهر لنا مستحق الكفر وقد أبان أمير المؤمنين عن معنى الكفر بما لا مزيد عليه بقوله عليه السلام:
والكفر على أربع دعائم: على الفسق والغلو والشك والشبهة.

فالفسق من ذلك على أربع شعب: الجفاء والعمى والغفلة والعتو.
فمن جفا حقّر المؤمن ومقت الفقهاء وأصّر على الحنث.
ومن عمي نسي الذكر وبذئ خلقه وبارز خالقه وألحّ عليه الشيطان.
ومن غفل جنى على نفسه وانقلب على ظهره وحسب غيّه رشداً وغرَّته الأماني وأخذته الحسرة إذا انقضى الأمر وانكشف له الغطاء وبدا له من الله ما لم يكن يحتسب.
ومن عتا عن أمر الله شكَّ ومن شكَّ تعالى الله عليه وأذلّه بسلطانه وصغره بجلاله كما فرط في حياته واغترَّ بربه الكريم .

والغلو على أربع شعب: على التعمق والتنازع والزيغ والشقاق.
فمن تعمّق لم ينته إلى الحق ولم يزدد إلاَّ غرقاً في الغمرات لا تنحسر عنه فتنة إلا غشيته أُخرى، فهو يهوى في أمر مريج.
ومن نازع وخاصم قطع بينهم الفشل ويلي أمرهم من طول اللجاج.
ومن زاغ ساءت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة وسكر سكر الضلال.
ومن شاق اعورَّت عليه طُرقه واعترض عليه أمره وضاق مخرجه، وحرام أن ينزع من دينه من أتبع غير سبيل المؤمنين.

والشك على أربع شعب: على المريّة والهول والتردد والاستسلام.
فبأيّ آلاء ربك يتمارى الممترون.
ومن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه.
ومن تردد في دينه سبقه الأولون وأدركه الآخرون ووطئته سنابك الشياطين.
ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيهما، ومن نجا من ذلك فبفضل اليقين.

والشبهة على أربع شعب: على إعجاب بالزينة وتسويل النفس وتأول العُوج ولبس الحق بالباطل.
وذلك أن الزينة تصدف عن البينة.
وتسويل النفس تقحم إلى الشهوة.
والعوج يميل بصاحبه ميلاً عظيماً.
واللبس ظلمات بعضها فوق بعض فذلك الكفر ودعائمه وشعبه.

وعليه فإن تكفير مرتكبي الذنوب ابتداءً يسقط ركني التوبة في الدنيا والشفاعة في الآخرة، فلو صح ذلك ولن يصح لكفرنا كثيراً من المسلمين وأغلقنا باب التوبة الذي فتحه الله رحمة بعباده.

أما المسألة الثالثة فإن لها شروطاً وأكبرها: الخروج مع الإمام العادل ولا يصح من دونه، والخوارج يرون أن الحاكم الجائر هو من خالفهم في أقوالهم وأفعالهم.
أما الحاكم الجائر في منهاجنا فهو من خالف الله ورسوله ، وجانب الحق في أقواله وأفعاله فهذا لا تجوز طاعته ويجب الخروج عليه متى أمكن ولكن مع الإمام العادل وتحت لوائه .