جواب السؤال الثامن (الإثنى عشرية - الغُلو - التقيّة - الهداية الكبرى - تقسيم العلويين - الانتماء..)

أُضيف بتاريخ السبت, 06/11/2010 - 13:44
السؤال الثامن:

ثمة من يقول: إنّ بين العلويين من هو اثني عشري خالص لا يمكن تفريقه عن أي شيعي آخر، وبينهم من هو مغال متطرف لا علاقة له بالإسلام.

ثمة من يقول: إنّ كل العلويين سواء وإنّ لديهم تعليمًا شفويًا لا يُكتب كي لا يقع في أيدي الأعداء، وإنّ لهؤلاء جميعًا مذهبًا خاصًّا ليس إسلاميًا وإن كان يُبدي الأسلمة كنوع من التقيّة.

  • أي القولين الأصح وهل الإثنان خطأ؟
  • إذا كان الاثنان على خطأ فما هو الصحيح؟
  • وهل الصحيح من وجهة نظركم هو الصحيح علويًا سواء على صعيد المشائخ والأفراد؟

مُلَخَّصُهُتُقَسِّم العلويين إلى اثني عشرية خالص، ومُغالين، وقولٌ ثالثٌ يقولون : إنّهم كلهُم سَواء يُبدون الأسْلَمة كنوعٍ من التقية. تسأل أيُّ الصحيح في كل هذا؟ وتحترز إن لم ترضَ عن الصحيح الذي نُجيبك به وتُصَدّق مِنّا القَول فتحتاط بافتراضٍ صحيحٍ ثانٍ عند المشائخ، بل وثالث عند من تُسَمّيهم الأفراد كما يوحي باحتفاظك بالحق في جولة بل جولات أخرى.


جواب السؤال الثامن

فتبدو فيه وكأنّك مُطمئنٌ بأننا سنُجيبك بصراحةٍ وصدقٍ، فرضيتُ عَمّا حَقّقتَ من إثباتِ وجودِ تبايُنٍ ومُفارقاتٍ بين العلويين وبين هذا الإسلام التقليدي، الذي ترسِمُ لنا هَيكليّته، لكنك تستشعر بأنّ هذا لا يَفي بما تتطلب من إخراج العلويين من الإسلام، سِيمَا وإنّ ثمة فِئة قويّة ذات عِدّة وعَديد وكيَان له شأنُه يُشكّلون بأقلّ تقدير رَبْعَ المُسلمين في العالم، ويَحق فيهم الكثير من المآخذ التي تُؤخذ على العلويين، فخَشِيتَ أنْ يَجدوا لإسلامهم مَأوًى عندهم، خاصةً لِمَا يَجمعُهُم من رابطة الحُبِّ لعَليّ، وليس كالحُب رابطًا، فرُحْتَ تُلاحقهم إلى هناك لتقول:

ثمة بين العلويين من يقول: إنهم إثنا عشرية خالص، ومنهم من هو غال متطرف لا علاقة له بالإسلام.

ثم تشوّش الصورة بذكر فِئةٍ ثالثةٍ ذات تعليمٍ شفوي لا يُكتب، كي لا يَقع في أيدي الأعداء، ولهُم مَذهبٌ خاصٌ ليس إسلاميًا، وإن كان بَين الأسلمة، فأخرجتهم من الإسلام في موضِعَين، ولم ترضَ لهم موضعًا واحدًا.

أمّا أنهم إثنا عشرية

فقد أنهينا معك القول من مراجِعِكَ نفسها، وهل نسيتَ أنّ كتاب (الهداية) الذي تستشهد فيه، مُخَصّص لتاريخ وفضائل الأئمة الأثني عشر فلماذا تأخُذه حُجّة عليهم عندما يكون لك غرضٌ، وتأباه لهم، وهو كُله لإثباتِ اثني عشرية شيخهم ؟!.

أما الغلو

فإنها كلمة ما أكثر ما أُسيء استعمالها، وله طرفان صاعد ونازل، وقد استُعْمِلَ سَبَّةً تتراشق بها جميعُ الفرق، وكلٌ منها تَضَع له معايير خاصة بها، حتى أنّه أُلصق بمُجَرّد من يُفَضّلون عليًّا على عثمان.

ولا أدري إن طُبِّقَتْ معاييرُ كلّ الفئاتِ، مَن يَبقى من المُسلمين مُسلمًا، إذ أنّ من يأخذ جانِب المُهاترة والتراشق بالتُهَم، فسَيَجِد ما يُقال بكلّ الفِئات، ولك أنْ تَسأل لماذا أُخِفَيْت عن أناس وشاعَتْ عن العلويين؟؟

ذلك أنّ أخصامهم كانوا هم الطامعون بالإعتداء والظلم، فاحتاجوا لتبريرِ طُغيانهم وتَنْويمِ وجدانِهِم وتَسْكِيتِ ضَمائرهِم لمِثلِ الإستفتائاتِ التاريخيّة المشهورة، ولو أنّ العلويين كانوا بموقِع الأخصام، لاهتدى مُسْتَفْتُوهُم إلى مِثل ما اهتدى إليه الأخصامُ، ولَذاعَ وشَاعَ عن العلويين وأزيد.

ولا نبخل عليك بالإعجاب بتساؤلك الذي (ظاهره)  الحرص على بيان الحقيقة إذ تقول :

إذا كان الاثنان على خطأ، فهل الصحيح من وجهة نظركم هو الصحيح علويًّا، سواء على صعيد المشايخ أو الأفراد؟

أما (باطنه)  فتقسيم العلويين قسمة جديدة تجعلنا إحداهما، فتُلغي ما تشاء مِمّا في بَيَانه إنْ لم تبلُغُ به ما تريد، وتضعُهُ في باب التقية، فتذهب تُنشد القولَ الصحيحَ عند المشائِخِ أو الأفرادِ تبدي به وتُعيد مِنّي ما اقتضى حالٌ جديد.

لذلك و لإنهاء كل قولٍ، وقطع كل ريبٍ، نقول لك قولاً أولاً وأخيرًا، و لا يمكن لعلوي أن يجحده:

هو أنّ العلوية لما انعكست أنوارها في مرايا العقول والأفهام، جرى عليها ما جَرى على كل العقائد والمذاهب، فسطعت وزهت ببعضها، وتكدرت ببعض، وتشوّهت في أخرى، فابتُليَت بالمُحَرّفين والمُبْتَدعين والناكِصِين وغيرهم.

ولكن المُخلصين المُستنيرين منهم، كانوا الأسْبِقِ إلى رَدّ كُلّ المقالات الفاسدة، والأهدى إلى إرجاع المُتشابه إلى المُحكم، ولم يتركوا التحقيق والتدقيق حتى صفا لهم اعتقادُهم، ورأوا أنفسهم أهلاً لأن يُسَمّوا بأهل التنزيه والتجريد.

وإذا لم يُمكن منع بعض الإنحرافات، ولا تسلُّل بعض شبه التصوير والتعبير إلى أقوالِ من ينتسبون إليهم، فلِخَللٍ بالمَرايا العاكسة، وعندئذ لا يجوز أن تُحاسَبْ عليها العَلويّة الحَقّة، هذه التي أرادها واضعها نَهجًا يَسلُك بصاحِبِهِ طريقَ أهلِ البيتِ، والأخذَ بهَدي الأئمة الاثني عشر، الذي أُودِعته الفئة المُختارة من ثقاتهم، وكان أوّل ما شرط واضعها على نفسه أن لا يُقبل منه قولٌ إذا لم يُقِمْ عليه الحجة من كتاب الله وسنة رسوله، وشَدّد كل التشديد على وجُوب رَدّ كلِّ قولٍ لا يَفي بهذا الشرط، فمن أين لأحد أن يقول لمثله لست مسلمًا!؟.

أقصى ما يُمكن، أن يُسَلّم به لأخصامِهِ أنْ يقولوا خطأ الإجتهاد، أو قصر بالحجة، ولكن ليس لأحد أن يَطعَنَ بصدق انتمائه وصحته.