قَضَايَا الأُمَّةِ فِي الأَدَبِ العَلَوِيِّ
إِذَا كَانَ مِعْيَارُ الانْتِمَاءِ إِلَى أُمَّةٍ: الاهْتِمَامَ بِقَضَايَاهَا القَومِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِبْ فِي أَدَبِنَا، الفَرَحُ لإِنْجَازَاتِهَا وَالبُكَاءُ لانْكِسَارَاتِهَا.
إِنَّهُ الفِكرُ الوَطَنِيُّ فِي قَضِيَّتِهِ، القَومِيُّ فِي عَقِيدَتِهِ، الإِنْسَانِيُّ فِي نَظْرَتِهِ، وَمِنْ هَذَا الفِكْرِ قَولُ الشَّيخ كَامل الحَاجّ:
إِنَّهُ الفِكْرُ المُنَافِحُ عَنْ أُمَّتِهِ، وَالقَلَمُ المُدَافِعُ عَنْ عُرُوبَتِهِ، وَالأَدَبُ الدَّاعِي إلَى وَحْدَتِهَا، وَالكَلِمَةُ الثَّائِرَةُ لِكَرَامَتِهَا.
وَمِنْ هَذَا الفِكْرِ المُقَاوِمِ، قَولُ الشَّيخ عيسى سعّود:
الفِكْرُ الذّي أَغْنَتْهُ العُرُوبَةُ، فَأَخْصَبَ تُرَاثُهُ، وَأَذْكَتْهُ الوَطَنِيَّةُ فَأَثَرَى أَدَبُهُ، فَأَبْكَاهُ السَّلِيبُ مِنْ أَرْضِهِ، وَأَذَابَ مُصَابُهَا عَاطِفَتَهُ.
وَمِنْ هَذَا قَولُ الشَّيْخ مَحمُود سُلَيْمَان الخَطِيْب:
الفِكْرُ الذّي رَأَى العُرُوبَةَ رَحِمًا فَوَصَلَهَا، وَالأَرْضَ أُمًّا فَبَرَّهَا، وَالوَطَنَ أَبًا فَأَطَاعَهُ، وَالقُدْسَ كَعْبَةً فَتَوَجَّهَتْ حُرُوفُهُ إِلَيهَا، فَمَا رَقَدَ الثَّأْرُ، وَلا هَانَتِ المَبَادِئُ.
وَمِنْ هَذَا الفِكْرِ قَولُ الشَّيخ محمود علي سَلمى:
وَمِنْهُ قَولُ الشَّيخ أَحمد حيدر:
ذَلِكَ الفِكْرُ الذّي رَأَى أَهْلُهُ الثّأْرَ لِفِلَسطينَ بِبَذْلِ الدِّمَاءِ عَلَى أَرْضِهَا، فَهَبَّ أَبْنَاؤهُ للالْتِحَاقِ بِجَيشِ الإِنْقَاذِ سَنَة 1947م مَع مَنْ تَطَوَّعَ غَيرةً عَلَى مُقَدَّسَاتِ الأُمَّةِ.
وَمِنْ شُهَدَاء العَلَوِيّينَ المُتَطَوِّعِينَ فِي جَيشِ الإِنْقَاذِ لِحِمَايَة فِلَسطين، الشَّهيد يوسف حُسين الخَيّر الذّي استُشْهِد فِي صفد سَنَة 1948م.
وَفِي هَذِهِ الغَيرَةِ العَلَوِيَّةِ عَلَى حِمَى الإِسْلامِ، قَال الشَّيخ عبد الرّحمن الخَيّر:
(( مَا إِنْ دَعَا دَاعِي الجِهَادِ لإِنْقَاذِ الأَرَاضِي المُقَدَّسَةِ فِي فِلَسطين، وَالذّودِ عَنِ الوَطَنِ العَرَبِيّ وَالعِزَّةِ العَرَبِيَّةِ، حَتَّى كَانَ أَفْواج الآلافِ مِنَ الشَّبَابِ المُسْلِمِينَ العَلَوِيّينَ المُتَدَرِّبِينَ عَلَى السِّلاحِ تَسُدُّ الطُّرُقَاتِ أَمَام الثّكَناتِ الوَطَنِيَّةِ طَالِبَةً التَّطَوُّعَ فِي جَيشِ الإِنْقَاذِ.
وَكَمْ كَانَتْ مُؤلِمَةً حَسْرةُ أُولَئِكَ الذّين لا يُقْبَلُونَ مِنْهُم؛ لِضَعْفِ إِمْكَانَاتِ التّسْلِيحِ لَدى القِيَادَةِ.
أَمَّا الذّينَ فَازُوا بِشَرَفِ الاشْتِرَاكِ فِي جَيشِ الإِنْقَاذِ، فَقَدْ أَبْلَوا أَشْرَفَ بَلاءٍ وَأَمْجَدَهُ مِنْ ضُبَاطٍ وَجُنُودٍ فِي أَدَاءِ الوَاجِب المُقَدَّسِ..))6
فَهَلْ كَانَ هَذَا فِكْرًا طَائِفِيًّا أَو مَصْلَحَةً شَخْصِيّةً ؟؟؟
الفِكْرُ الذّي لا يُجِيزُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى غَيْرِ الغَاصِبِ الصّهيونِي، فَلا يَقْطَعُ رَحِمَ العُرُوبَةِ، وَلا يَتَّخِذُ الدِّيْنَ ذَرِيْعَةً إِلَى الظُّلْمِ وَالاعْتِدَاءِ.
وَمِنْهُ قَولُ الشَّيخ حُسين سعّود:
ذَلِكَ مَولِدُ النُّبُوَّةِ فِي الفِكْرِ العَلَوِيِّ، يَومَ تُحَرَّرُ الأَرْضُ المُقَدَّسَةُ، فَيَكُونُ العِيدُ عِيدَ الإِنْسَانِيَّةِ، عِيدَ المُسْلِمِ وَالمَسِيحِيِّ، وَمَا أَلْطَفَ الرَّمْزِيَّةَ فِي تَجْدِيدِ ذَلِكَ المَولِدِ الذّي يَجْتَمِعُ فِيهِ العَرَبُ عَلَى تَعَدُّدِ أَعْرَاقِهِم، وَالمُسْلِمُونَ عَلَى اخْتِلافِ أَلْسِنَتِهِم عَلَى سَاقِ الجِهَادِ.
شِعَارُهُم مَولِدُ النُّبُوَّةِ، مَولِدُ العَدْلِ، التّي جَاءَتْ رَحْمَةً للعَالَمِينَ، فَكَانَتْ فِي هَذَا الفِكْرِ عَقِيدَةَ كِفَاحٍ وَمُقَاوَمَةٍ، بِهَا يَحْتَفِلُ العَلَوِيُّ بِمَولِدِ النُّبُوَّةِ العَرَبِيَّةِ، فَكُلَّمَا جَلا الظُّلْمَ جَدَّدَ مِيلادَ نَبِيِّهِ مِنْ رَحِمِ المُقَاوَمَةِ.
الفِكْرُ الذّي يَرَى حُزْنَ المَسْجِدِ الأَقْصَى فِي عُيُونِ إِنْجِيلِهِ، وَدَمْعَ كَنِيسَة القِيَامَةِ فِي وَجْهِ إِسْلامِهِ.
وَمِنْهُ قَولُ الشَّيخ مَحمود سُلَيمَان الخَطِيب:
الفِكْرُ الذّي لَمْ تَشْغَلْهُ الأَوهَامُ عَنِ العَدُوِّ الحَقِيقِيِّ، فَلَمْ يَلْتَبِسْ عَلَيهِ القَصْدُ، كَمَا الْتَبَسَ عَلَى غَيرِهِ مِمَّنِ اتَّخَذَ عَدُوًّا وَهْمِيًّا.
وَمِنْهُ قَولُ الشَّيخ مُحَمّد حسن شعبان:
الفِكْرُ الذّي أَنْصَفَ إِذَا خَاصَمَ فَمَا عَادَى مُسْلِمًا لاعْتِقَادِهِ، وَلا دَعَا إِلَى جِهَادٍ غَيرِ جِهَادِ النَّفْسِ فِي الأَخْلاقِ، وَجِهَادِ أَعْدَاءِ الوَطَنِ وَالعُرُوبَةِ.
وَالفِكْرُ الذّي يَرَى المُقَاوَمَةَ مُقَاوَمَةَ المُحْتَلِّ الصّهيونِيّ، وَالكِفَاحَ كِفَاحَ المُعْتَدِي عَلَى أَرْضِهِ، وَمِنْهُ قَولُ الشَّيخ عبد اللّطيف إِبراهيم:
فَلا يُحِلُّ قِتَالَ أَحَدٍ كَمَا فَعَلَ المُدَّعُونَ مِمَّنْ نَصَبَ نَفْسَهُ حَاكِمًا عَلَى الخَلْقِ، فَتَأَمَّرَ عَلَى الضُّعَفَاءِ، وَتَسَلَّطَ عَلَى الأَبْرِيَاءِ، وَتَقَوَّى بِسِلاحِهِ عَلَى العُزَّلِ.
فَلَمْ يَتَوَعَّدْ طَائِفَةً بِالهَلاكِ، وَلَمْ يُهَدِّدْ فِئَةً بِالقَتْلِ، وَلَمْ يُخَوِّفْ فَرِيقًا بِالنَّكَالِ، وَإِنَّمَا تَوَعَّدَ المُحْتَلَّ، وَهَدَّدَ الغَاصِبَ، وَخَوَّفَ المُجْتَرِئَ عَلَى أَرْضِهِ وَدِيَارِهِ.
الفِكْرُ الذَّي بَكَى لِوَاء الإسكندرونة إِبَّانَ اسْتِلابِهِ، وَمِنْهُ قَول الشَّيخ مُحَمّد حمدان الخَيِّر:
وَالفِكْرُ الذّي بَكَى الدَّمَ الفِلَسْطِينِيّ عَلَى أَيدي الصّهاينةِ، وَمِنْهُ قَولُ الشَّيخ كَامل الخطيب:
الفِكْرُ الذّي يَرَى عِيدَ العُرُوبَةِ وَقْفَةَ الأُمَّةِ فِي فِلَسْطِين، وَمِنْهُ قَولُ الشَّيخ كَامل الحَاجِّ:
الفِكْرُ الذّي عَادَى أَعْدَاءَ الإِنْسَانِيَّةِ، فَلَمْ يَشْهَرْ كَلِمَةً ضِدَّ أُمَّتِهِ، وَمَا أَمَانِيُّهُ إِلاَّ أَنْ يَرَى الأَرْضَ حُرَّةً وَالعَرَبِيَّ سَيِّدًا فِي أَرْضِهِ.
وَمِنْهُ قَولُ الشَّيخ مُحَمّد حمدان الخَيِّر:
وَالفِكْرُ الذّي حَمَلَ هُمُومَ الأُمَّةِ، فَلَمْ يَسُلَّ حَرْفًا عَلَى أَبْنَاءِ عُرُوبَتِهِ، فَكَيفَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَشَدُّ.
وَمِنْهُ قَولُ الشَّيْخ مَحمُود سُلَيْمَان الخَطِيْب:
وَإِنَّنَا عَلَى مَا فَدَحَنَا مِنْ ظُلْمٍ، وَمَا أَرْهَقَنَا مِنْ قَهْرٍ، وَمَا مَسَّنَّا مِنِ اضْطِهَادٍ، مَضَى أَكْثَرُهُ بَعْدَ انْقِشَاعِ العُثْمَانِيِّيْنَ، ثُمَّ غَابَ أَثَرُهُ بَعْدَ الاسْتِقْلالِ، إِلاَّ مَا يُرَدِّدُهُ مَنْ لا يَرْعَى للعُرُوبَةِ حُرْمَةً، لا نَرْغَبُ فِي ذِكْرِهِ، وَلا نُحِبُّ اسْتِرْجَاعَ آثَارِهِ، لَنَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَنَا، وَنَصِلُ مَنْ قَطَعَنَا، وَنُعْطِي مَنْ حَرَمَنَا، عَلَى مَا كَانَ عَلَيهِ أَهْلُ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، مِنَ العَفْوِ وَالمُرُوءةِ.
لَنَا فِي هَذَا البَلَدِ مَا لِكُلِّ مُوَاطِنٍ فِيْهِ، وَعَلَيْنَا مَا عَلَيْهِ.
شَارَكْنَا أَهْلَهُ فِي دَحْرِ الغَاصِبِ الفَرَنْسِيِّ.
وَتَجَرَّعْنَا مَعَهُم مَرَارَةَ الهَزِيْمَةِ.
وَتَذَوَّقْنَا مَعَهُم حَلاوَةَ الانْتِصَارَاتِ.
وَفِي هَذِهِ العَقِيدَةِ الوَطَنِيَّةِ قَال الشَّيخ عَليّ أَحمد كتّوب:
فَمَا أَنْصَفَ مَنْ شَكَّكَ فِي عُروبَتِنَا، وَفِي تُرَاثِنَا مِنْ هَذِهِ المَلامِحِ العَرَبِيَّةِ مَا لا يُحْصَى عَدَدًا.
وَمَا عَدَلَ مَنْ طَعَنَ فِي صِحَّةِ انْتِمَائِنَا، وَفِي أَدَبِنَا مِنْ هَذِهِ الخَصَائِصِ مَا لايُبْلَغُ أَمَدًا.
وَمَا تَبَصَّرَ مَنْ كَدَّرَ صَفَاءَ وَطَنِيَّتِنَا، وَفِي فِكْرِنَا مِنْ هَذِهِ المَعَانِي، مَا هُوَ أَبْيَنُ مِنَ الصُّبْحِ نُورًا، وَأَوضَحُ مِنَ الشَّمْسِ سُطُوعًا.
وَمِنْ هَذَا قَولُ الدكتور وجيه مُحي الدّيْن:
- 1ديوان الشيخ كامل عبد الكريم الحاجّ 45.
- 2جريدة الإرشاد العدد ( 943 ) 7 كانون الثاني\1948.
- 3ديوان الخطيب ص 182 ـ 183.
- 4ديوان المراثي في تأبين المغفور له الشيخ حسن محمود ضحية 78.
- 5النّغم القدسي ص 125.
- 6العلويّون منذ الحكم العثماني حتّى العام 1958 ص 48. اسم الشّهيد من تذييل الأستاذ هاني الخيّر في الصفحة نفسها.
- 7ديوان الخطيب 200.
- 8نفحات العرفان 154.
- 9التّراث الأدبيّ للعلاّمة الشّيخ عبد اللّطيف إبراهيم 1\335.
- 10ديوان الشاعر الشيخ محمد حمدان الخير 1\361.
- 11ديوان الشيخ كامل عبد الكريم الحاجّ 44.
- 12ديوان الشاعر الشيخ محمّد حمدان الخيّر 1\342.
- 13ديوان الخطيب ص 210.
- 14كتاب وجيه محي الدين. عنوان يقظة ووجه جيل. ص77.
- 47 مشاهدة