الخوارج

أُضيف بتاريخ الخميس, 14/10/2010 - 14:48

هم الذين خرجوا عن جيش أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعد خديعة التحكيم التي احتال بها عمر بن العاص في معركة صفين .
وهم الذين أكرهوا الإمام على قبوله، وكان عليه السلام قد أخلص لهم النصيحة في قوله :
"كلمة حق يراد بها باطل إنهم ما رفعوها ليرجعوا إلى حكمها، إنهم يعرفونها ولا يعملون بها، أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعة واحدة فقد بلغ الحق مقطعه ولم يبق إلا أن يقطع دابر الذين كفروا"
فلما تم التحكيم كفروا به ، وخرجوا عنه وحاربوه وجاهروه العداء ، فقاتلهم بالنهروان 1 سنة تسع وثلاثين هـ، ومن بقي منهم راح يروج معتقداتهم ويناظر بها.

انشعبوا فرقاً عديدة فعَدَ كتّاب الفرق ما يزيد على عشرين من فرقهم، وذكر البغدادي ترتيبها: المحكمة الأولى، والأزارقة، والنجدات، والصفرية، والميمونية، والشبيبية، والحمزية، والحازمية، والمعــلومية، والمجهولية، والصلتية، والأخنسية، والمعبدية، والشيبانية مع الشبلية، والرشيدية، والحفصية، واليزيدية، والحارثية، واصحاب طاعة لا يراد الله بها.

وهنا لا بد من الإيضاح أنه مهما تعددت فرقهم فقد اشتركوا في ثلاث مسائل :

  • تكفير علي، وعثمان بن عفان، والحكمين أبو موسى الأشعري، وعمر بن العاص، وأصحاب الجمل، وكل من رضي بالتحكيم مع انهم كانوا سبباً في حدوثه.
  • تكفير مرتكبي الذنوب. (الكبائر)
  • إيجاب الخروج على الحاكم الجائر.

وجاء تكوينهم الأول من قبائل أكثرها من تميم وحنيفة وربيعة وهي قبائل ذات شأن في الجاهلية، ولهذا كان مثيراً لعصبيتهم تفرد قريش بالسلطة والجاه فرفضوا مبدأ (الإمامة في قريش) وجعلوها حقاً لأي مسلم بغض النظر عن جنسه وعصبيته.

وتعد الأزارقة من أكثر فرق الخوارج تطرفاً، وهم أتباع نافع بن الأزرق المتوفى سنة 65هـ، وقد حرضوا على الجهاد في حرب خصومهم، وأباحوا العنف المطلق ضدهم، واعتبروا دار المخالفين دار كفر، وأنكروا التقية على أتباعهم وأوجبوا امتحان من قصدهم وانتسب إليهم.

وأما أكثر فرقهم ذيوعاً وبقاءً إلى- يومنا هذا الأباضية والأرجح في تأسيسها إنها ترجع إلى عبد الله بن إباض المقاعسي المري الذي يرجع نسبه إلى إباض وهي قرية بالعرض من اليمامة المتوفى سنة 86هـ.
يعتبر المؤرخون هذه الفرقة معتدلة بالنسبة إلى بقية فرق الخوارج.
وأصحاب هذه الفرقة ينفون عن أنفسهم هذه النسبة إلى الخوارج ويعدّون مذهبهم مذهباً اجتهادياً يقف جنباً إلى جنب مع المذاهب السنية الأربع .

ومع أن أكثر أراء الخوارج لا توافق أكثر المسلمين نجد بعض المذاهب لا يكفرهم فقد أجمع الشافعية على ذلك واعتذروا عنهم بأنهم تأولوا فلهم شبهة غير قطعية البطلان.
وبهذا المعنى يقول ابن عابدين في باب المرتد من حاشيته الشهيرة (رد المختار) ما نصه :
وذكر في فتح القدير أن الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم ويكفرون الصحابة حكمهم عند جمهور الفقهاء وأهل الحديث حكم البغاة ( يعني انهم خرجوا على سلطان المسلمين يجب قتالهم حتى يفيئوا إلى طاعته، فإن بخعوا لأوامره كان لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين .) وذهب بعض أهل الحديث إلى أنهم مرتدون، قال ابن منذر: ولا أعلم أحداً وافق أهل الحديث على تكفيرهم. قال : وهذا يقتضي نقل إجماع الفقهاء (على عدم تكفير الخوارج).

ومن تأمل هذه الفتوى ظن أول وهلة أن أصحابها حريصين على وحدة المسلمين وحذرين من الوقوع في الخطأ وهذا من العجب العجاب، الخوارج لا يُكفرون بإجماع الفقهاء مع أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال فيهم أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وأنهم شر الخلق والخليقة، أما من آمن بالله ورسوله واليوم الآخر واعتصم بحبل الله وتمسك بثقلي رسوله يُكفر من دون خوف من الله ، ولعل أمر التكفير له مقاييس خاصة عند هؤلاء الفقهاء !

  • 1 النهروان إسم لأسفل نهر بين الخافيق وطرفاء على مقربة من الكوفة في طرف صحراء حروراء، ويقال لأعلى ذلك النهر تامر، وفي هذا الموضع اجتمع الخوارج وقد لُقبوا بالحرورية لما تقدم أن الأرض التي اجتمعوا فيها كانت تسمى حروراء، وكان زعيمهم يدعى بحرقوص بن زهير السعدي ويلقب بذي الثدية.