المرجئة

أُضيف بتاريخ الخميس, 14/10/2010 - 14:48

اشتق اسم هذه الفرقة من الإرجاء بمعنى التأخير والإمهال، كما جاء في قوله تعالى – حاكياً عن الملأ من قوم فرعون- ( أرْجِهْ وأخاه) (الأعراف\111) أي أمهله وأخره، وهم يؤخرون العمل في الأهمية عن النية والاعتقاد، وقد يكون مشتقاً من الرجاء، لأنهم يرجون الثواب من الله تعالى لأصحاب المعاصي.

وقد نفذت فكرة الإرجاء إلى الكثير من المتكلمين حتى قال بها بعض متكلمي الخوارج والمعتزلة والمجبرة.

وقد انقسم أتباع هذه الفرقة ، ومنهم:

  • اليونسية نسبة إلى يونس بن عون النميري.
  • العبيدية نسبة إلى عبيد بن مهران.
  • الغسانية نسبة إلى غسان الكوفي.
  • الثوبانية نسبة إلى أبي ثوبان المرجئ.
  • التومنية نسبة إلى أبي معاذ التومني.
  • الصالحية نسبة إلى صالح بن عمر الصالحي.

من أشهر معتقداتهم:

  • إن مرتكب الكبيرة مؤمن لكفاية التصديق بالقلب أو باللسان.
  • عدم تكفير الآثام والمنكرات لأن حكمها سيكون في الآخرة.
  • القول بأن الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان فأخرجوا العمل من حقيقته.
  • وأمور أخرى لا فائدة من ذكرها.

وقفت هذه الفرقة في بداية الأمر موقفاً سياسياً محايداً بين اليمين واليسار فلم يحكموا بتخطئة فريق وتصويب آخر في خضم الصراعات الدائرة بين الصحابة ، وقالوا بتأخير القول فيهم وإرجاء أمرهم إلى الله تعالى، أي الإمساك عن الكلام بحقهم.
ولكن لما وضعت الحرب أوزارها ونجا معاوية تابعوه بقوة فكانوا لحكمه سنداً وعوناً ، وجندوا آراءهم لتسويغ خلافته، واقناع المسلمين بطاعته، وفي ذلك مخالفة كافة الأحزاب السياسية المناوئة التي رأت بني أمية مغتصبي خلافة رسول الله .

تلقف الأمويون أفكارهم وجهدوا لتوظيفها تسويغاً لسلطتهم فشجعوا دعاتها وعملوا على تحويلها من تيار سياسي إلى نهج ديني يسهب في موضوعات الكفر والإيمان، فلم يعدّوا العمل ركناً من أركان الإيمان ولا داخلاً في شروطه، وهذا يفسر موقفهم في العزوف عن مناوئة الحكام والخضوع لطاعتهم دون أن ينال ذلك الموقف السلبي من صحة إيمانهم .
وعدّوا ما دون الشرك مغفوراً، وإن العبد إذا مات على توحيده لا يضره ما اقترف من الآثام واجترح من السيئات تسويغاً واضحاً اغتصاب بني أمية حق الإمامة بوسائل التدليس والاغتيال وأساليب الترغيب والترهيب ولذلك اعتبر البعض أن الإرجاء دين الملوك والسلاطين، ومما يدل على ذلك أن بني أمية بطشوا بكافة الفرق الإسلامية باستثناء المرجئة.

على أن المرجئة تحولوا بعد اشتداد النقمة على الأمويين لجهة القوى المناوأة للسلطة، وتعاطفوا مع التيارات الجديدة التي تصدت للدفاع عن العدالة، وتأثروا بآراء الشيعة والخوارج بالثورة على الظلم - الظلم عند الشيعة هو كل ما يتنافى مع العدل، أما عند الخوارج فهو كل ما يتنافى مع مصالحهم - ، وشاركوا في بعض الحركات الثورية كحركة عبد الرحمن بن الأشعث، ويزيد بن المهلب.

وقالوا تقليداً لغيرهم أن الإمامة لا تثبت إلا بإجماع الأمة وفي هذا إسقاط لحقِ بني أمية في الحكم على أساس أن في الأمة من لم يعترف بشرعية خلافتهم.

واقتبسوا من الخوارج بعض آراءهم كقولهم بصلاحية الإمامة في غير قريش، إلى ما هنالك من التحولات التي كانت تفرضها الحاجة.