خُطبتا صلاة الجمعة في 4 تموز 2014م

Submitted on Thu, 02/07/2015 - 11:36
(فيديو + مُلَخّص عن خُطبتي صلاة الجمعة في 4 تموز 2014م)

  موضوع الخطبتين:
- ما هو الصيام؟ وكيف يذوق الصائم الإيمان؟ وعن ماذا يصوم الصائم؟
- الصوم بمعنى الصمت. الصيام أن تصمت عمّا لا يحلُّ لك من غِيبَةٍ ومن نميمةٍ ومن سِعايةٍ ومن فسادٍ في الأرض..
- الصوم أن يصوم قلبك وأن يصوم سمعك وأن يصوم بصرك..
- عن قول مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (حديثُ كُلّ مجلسٍ يُطوى مع بِساطِه)..
- كيف يَكيدُ بعضُنا بعضا؟ وكيف يُسيء بعضنا إلى بعض؟ مكان أن نتعاضد وأن نتراحم زادنا هذا البلاء شِقاقاً وافتراق..
- المؤمن لا يجحد فضل أحد لو ساعده عدوّ له لاعترف وأقرّ له بفضله..
- الحديث عن فضل أحد أعلام الشيعة في اللاذقية الشريف عبد الله آل الفضل. وما كان من رثاء الشيخ حُسين سعّود -رحمة الله تعالى ورضوانه عليه- له...
- الحال التي بين العلويين عموماً وبين الشيعة حالٌ واحدة لأنّ العدوّ فيها واحد ولأن الذي يسعى من أجل التفريق بين هذين إنما يسعى ليُهلك الفريقين وليس ليُهلكَ فريقاً واحداً...
- قول الشيخ عبد اللطيف ابراهيم رحمة الله تعالى ورضوانه عليه يقوله للسيد الأصفهانيّ..
- الذي ينبغي علينا أن نستفيق ممّا نحن فيه وإذا كان أشياخنا قد حفِظوا ذلك العهد فالواجب علينا إجلالاً للعَهد الذي حفِظَهُ شيوخنا أن نحفظ ما حفظوه.



الخُطبة الأولى:

  في كل يوم من أيامنا هذه ساعات مُباركةٌ وليالٍ مباركة أُمرنا فيها بالإجتهاد في طاعة الله، في هذا الشهر المُبارك شهر الله عز وجل شهر رمضان شهر القرآن وشهر الصيام وشهر الإسلام الذي وُصِفَ بأنَّ أيامه أفضلُ الأيام وأنّ لياليه أفضل الليالي وأنّ ساعاته أفضل الساعات وأنّه الشهر الذي دُعينا فيه إلى ضيافة الله وأنّه الشهر الذي جُعلنا فيه من أهل كرامة الله وأنّ أنفاسنا فيه تسبيح وأنّ دعاءنا فيه مُستجاب وأنّه ممّا يجب علينا في هذا الشهر أن نذكر من جوعنا وعطشنا جوع يوم القيامة وعطَشَه.
فرض الله عز وجل الصوم كما ورد في كثيرٍ من الأحاديث لكي يجد الغنيُّ ألم الجوع الذي يجده الفقير فهذا كلما أراد شيئاً استطاع أن يُحضره لكن ذلك الفقير لا يستطيعُ أن يُحضره ، فحين يصوم ذلك الرجل ويجد من الجوع والعطش ألم الظمئ وألم الحَرّ حينئذ يُحسّ ويشعر بما يُعانيه من هو أقلُّ منه قُدرةً ومالاً.
فرض الله عز وجل هذا الصِيام لنذكر فيه الجوع والعطش الذي يُعانيه غيرنا وفرضه لما فيه من تهذيبٍ للنفس ولما فيه من ضبطٍ ولما فيه من مشقةٍ عليها .

  الصوم الذي قال فيه العلماء والمفسرون أنّ أصله في اللغة هو الصمت، الفعل صام يعني صمت، ولذلك جاءت آياتٌ كثيرةٌ في كتاب الله عز وجل بهذا المعنى منها ما جاء حكاية حال مريم أم السيد المسيح عليه السلام تقول (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا مريم (26)
أراد الله عز وجل بهذا الصوم أن يرُدَّكَ إلى ما أُمرتَ به من أن تُمسك لسانك عن فُضول الكلام، لذلك لا يكتفي الصائم بالإمساك عن الطعام والشراب (فكم من صائمٍ ليس له من صيامه إلاّ الجوع والعطش) إن لم يكن قد صام قلبك وصام لسانك قليس ذلك بالصوم الذي تُثابُ عليه عند الله عز وجل.
الصوم أن يصوم قلبك وأن يصوم سمعك وأن يصوم بصرك لا تنظرنّ إلى ما لا يحلُّ النظر لك إليه ولا تسمعنّ ما لا يحِلُّ لك أن تسمعه ولا تتوهمنَّ غِيبَةً ولا نميمةً.
نعم نوم المُسلم في شهر رمضان عبادة، ولكن ما لم يغتب مُسلماً أمّا أن تصوم وأنت تسعى وأنت تكيد وأنت تغتاب الناس فما لك من صيامك إلاّ ما أصابك من الجوع ومن العطش.
الصيام أن تصمت عمّا لا يحلُّ لك من غِيبَةٍ ومن نميمةٍ ومن سِعايةٍ ومن فسادٍ في الأرض فإذا صمت لسانك كُنتَ حينئذٍ ممّن تقبّل الله عز وجلّ صيامه.
الصيامُ ما فُرض إلا من أجل هذا ولا يتمّ إلاّ وقد اجتمعت فيه هذه الخَصال .

  يقول الشيخ حُسين سعّود رحمة الله تعالى ورضوانه عليه:

أشبِعِ النفسَ من عَنَاءِ صِيامـك   لتـذوق الإيمـانَ في إسـلامِـــك
إنّما الصومُ حِكمةٌ تبعثُ الرحمةَ   فـي أصغـرَيْـك طيلـة عـامِـك

  الإيمان الذي هو إقرارٌ بالله عز وجل وإقرارٌ برُسُلِهِ وإقرارٌ بكُتُبِهِ وإقرارٌ بملائكتهِ فكيف يذوق الصائم الإيمان؟
يذوقه حين يُمسك عَمّا نُهِيَ عنه حينئذٍ يكون ممّن تذوّق الإيمان في إسلامه والإيمان أعلى من الإسلام درجةً.

  فإذا كنتَ ممّن قد ذاق هذا فأنت على طريق الصائمين لذلك كان المسلمون يرحّبون بهذا الشهر ويُقيمونه من أجل أنّه يوكب عليهم زيادةً على غيره من الشهور أن يكفّوا ألسنتهم إلاّ من خَير، (وهل يكُبُّ الناس على مناخرهم في النار إلاّ حصائدُ ألسنتهم) لذلك ينبغي لمن صام أن يصوم لسانه قبل أن يصوم بطنه ومن لم يصم لسانه عن الغِيبَة السَعي والنميمة فليس بصائم.

  هذا ما ينبغي أن نتمثّله وأن نتذكره، الصيام أن تذوق الإيمان وتذوّق الإيمان أن يكون لإقرارك بالله وبنبيّه وبملائكته وبكتبه علامةٌ تظهر في أفعالك فإن لم تكن تلك العلامة فأنت ممّن يُشكُّ في صحّة ما قاله.

  من تأمّل كيف كان أهل البيت عليهم السلام يدعون في هذا الشهر تبيّن له من جلال عظمته ومن مكانته ومن كرامته عند الله عز وجل ما ليس لغيره ذلك ما كان يقوله الإمام السجّاد عليه السلام قال:
(الحمد لله الذي أدام لحمده وجعلنا من أهله لنكون بإحسانه من الشاكرين وليجزينا على ذلك جزاء المحسنين والحمد لله الذي حبانا بدينه واختصّنا بملّته وسبَّلنا في سُبُلِ إحسانه لنسلكها بمنّهِ إلى رِضوانه حمداً يتقبّلُهُ منّا ويرضى به عنّا، والحمد لله الذي كان من تلك السُبُلِ شهره شهر رمضان شهر الصيام وشهر الإسلام وشهر الطَّهور وشهر التمحيص وشهر القِيام الذي أُنزل فيه القرآن هُدىً للناس وبيّناتٍ من الهُدى والفُرقان، فأبان فضيلته على سائر الشهور بما جعل له من الحُرُمات المَوفورة والفضائل المشهورة فحرّم فيه ما أحلَّ في غيره إعظاما، وحجر المطاعم والمشارب فيه إكراما، وجعل له وقتاً بيّناً لا يُجيز عز وجل أن يُقدّم قبله ولا يقبلُ أن يُؤخّر عنه، ثم فضّل ليلة واحدة من لياليه على ليالي ألف شهر وسمّاها ليلة القَدر تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كُل أمر سلامٌ دائمُ البركة إلى طلوع الفَجر على من يشاء من عباده بما أحكم من قَضائه، اللهم صلّ على محمد وآله وألهمنا معرفة فضله، وإجلال حُرمتِهِ، والتحفّظَ بما حظرت فيه وأعِنّا على صيامه بكفِّ الجوارح عن معاصيك واستعمالها فيه بما يُرضيك حتى لا نُصغِيَ بأسماعنا إلى لغوٍ ولا نُسرعَ بأبصارنا إلى لهوٍ وحتى لا نبسط أيدينا إلى محظور ولا نخطوَ بأقدامنا إلى مهدور، وحتى لا بطوننا إلا ما أحللت، ولا تنطق ألسنتنا إلاّ بما مَثّلت، ولا نتكلّف إلا ما يُدني من ثوابك، ولا نتعاطى إلا الذي يَقي من عِقابك، ثم خلّص ذلك كُلّه من رِياء المُرائين وسُمعَةِ المُسمِعين، لا نبتغي فيه أحداً سواك ولا نُشرك فيه أحداً غيرك)

الخُطبة الثانية:
  يقول مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (حديثُ كُلّ مجلسٍ يُطوى مع بِساطِه).

  كُلّ حديثٍ يتحدث به المرء يُطوى مع بِساط ذلك المجلس حين ينفضُّ ذلك الإجتماع يُطوى ذلك الحديث، وإذا كان الحديث في كُل مجلس وفي كل مكان وفي كل مقام فإنه ممّا يجب التنبيه عليه على قدر ما يُقال في هذا الحديث وما يُحاكُ فيه. منذ زمن نتكلم على حديثٍ قد نشره بعضهم وأحبَّ بعضُ من له غايةٌ في هذا أن يُشيع هذا الحديث، ثم ما زال يُقال فيه في زمنٍ نحن أحوج ما نكون فيه إلى ردّ مثل هذه الأحاديث وإلى دفعها فإنّ القتل والسرقة والزنى إنّ جميع ما حرّمه الله عز وجل إنّما يكون مِفتاحه لسان الإنسان، إذا سوّغ له أحدهم أو خفف عليه أو أوّل من عاقبة ما سيأتيه.
اليوم ونحن في هذا الشهر الكريم شهر رمضان الشهر الذي نسأل الله عز وجل رقابنا من الرِقاب التي أعتقها وأن يَهَبَ لنا من عفوه وصفحه وأن يجعل سَعينا إليه مُخَلّصاً خالصاً من كُلِّ زَيْغٍ ومن كُلّ رَيب .

  في هذا الشهر المبارك وعندنا ولنا من الإخوة من فُرض عليه أن يكون في مكانٍ من هذا البلد يدفع ويُقاتل وفي هذا الزمن الذي كان هذا البلد فيه قد ابتُليَ من أنواع الفِتن ما لم يكن قد أصابه قبل هذا. مكان أن يكون حديثنا فمن دُعاء إلى الله عز وجل وأن يكون حديثنا في إصلاح ما بيننا ومكان أن يكون حديثنا في أن يُسامح بعضنا بعضا، عاد حديثنا على عكس هذا.
كيف يَكيدُ بعضُنا بعضا؟ وكيف يُسيء بعضنا إلى بعض؟
مكان أن نتعاضد وأن نتراحم زادنا هذا البلاء شِقاقاً وافتراق.
مكان أن نجتمع على طاعة الله وعلى إزالة الضغائن والأحقاد من الصدور زادنا هذا البلاء الذي نحن فيه مِحَناً وضغائن وأحقاداً.

  اليوم العدو الذي يُقاتل في هذا البلد بدعوى الجِهاد وإقامة دولة الإسلام والخِلافة فيه من ما يُقوّيه من التعاضد بينه وبين من يُحالفه ما ليس بين الأخ وأخيه حتى أنّ كثيراً منهم قد تجاوزوا ما أحلّ الله عز وجلّ من أجل أن يُسهّلوا على بعضهم العمل الذي يُريدون. صار بعضهم ينزِلُ عن نِسائه من أجل أن يجعل لهذا الأمر مُحرّضاً ومُشجّعاً.

  ونحن اليوم وبيننا ما بيننا من كتاب الله عز وجل وممّا يجب علينا من حق الرَحِم الذي لا يقطعه شيء كما قال الإمام الصادق عليه السلام الذي يجب علينا لمن هو على غير أمرنا من المسلمين . من كان مسلماً فله عليك حق الإسلام وحق الرَحِم. أمّا من لم يكن مسلماً فله عليه حق الرَحِم هذا الذي لا يدفعه شيء. فلننظر كيف فعلنا في حقوقنا، فلننظر كيف عاملنا أنفسنا، فلننظر كيف نسأل الله عز وجل وكيف نتوجّه إليه ونحن على ما نحن فيه من الفِراقِ ومن الإختلاف.

  إذا كان لأحدنا صديقٌ أسدى إليه معروفاً أو فضلاً كان من الواجب عليه أن يشكره، لأنّ (من لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل)، كما جاء في الحديث ولأنه من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تستطيعوا أن تُكافئوه فادعوا الله له حتى تظنّوا أنكم قد كافيتموه.
والمؤمن لا يجحد فضل أحد لو ساعده عدوّ له لاعترف وأقرّ له بفضله.
المؤمن لا يجحد فضل أحد من أسدى إليه معروفاً شكره وأثنى عليه وعظّمه، لماذا؟ لأن عدم شكره ردّ منه على الله عز وجل ولأنّ فِطرته فِطرةَ الإيمان تأبى أن يُنكِر فضل من أحسَنَ إليه.
ولأنّ أمير المؤمنين عليه السلام يقول: (لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلاّ أولوا الفضل)
الذي يعرف فضل غيره يُستدل بهذا على أنّه من أهل الفضل.

  منذ سنين كان هذا الجبل فقيراً كان بناء المساجد فيه شاقاً وعسيراً.
فنهض إلى هذا الأمر من أراد به وجه الله عز وجل يُساعد في بناء المساجد ويُقدّم ما يستطيع من كتاب الله عز وجل من نُسخٍ ومن كتب أهل البيت عليهم السلام ليقرأها من لم يستطع أن يقرأها.
الذي أريد أن أُمَهّد له في هذا الأمر أمرُ الفضل ومعرفة فضل غيرك عليك.
كان من أعلام الشيعة ومن رجالها في الاذقية الشريف عبد الله آل الفضل. من منكم سمع به؟
كان رجلاً بشهادة كثير من علمائنا قد ساعدهم في كثير من الأمور حتى ضاق وُسعُهُم عن شُكر هذا الرجل كان ممّن رثاه الشيخ حُسين سعّود رحمة الله تعالى ورضوانه عليه وممّا قاله فيه:

ما كُنتَ يابنَ الفَضلِ إلاّ نِعمةً   من مُهتديـن وجَنّـةً وربيعـا
تمشي على سَنَنِ الشريعة واقفاً   سـداً بوجـه الإنحراف منيعـا
علّمتنا معنى الإخاء وما على   الإنسان نحو أخيه إمّا ريعـا
وهديتنا نهجاً أئمةُ دينهِ كرُمَت   أصـولاً في الـهُـدى وفُـروعـا
دُعيَ الشريف إلى الغَريِّ فهزّها   وأمَطَّ يثربَ روضـةً وبَقيعـا
قد زرت عبد الله آخـر مـرّةٍ   ووردتُ من إرشادِهِ يَنبوعـا
ومَضَتْ تُشَيِّعُني بَشاشَتُـهُ فمـا   أهنى اللقاء وأكرَمَ التشييعَ
لا بِدَعَ إن أُعطيتُ من إيمانِـهِ   قبَسـاً ومن بركاتهِ تشجيعـا
فـالله أودع في النبيّ وآلــهِ   سراً تجلّـى رحمـةً وصنيعــا
ثم كان ممّا قال له:
لك في رُبُعِ اللاذقية هَدْأةٌ   أَبكَت عليكَ مُحمّداً ويَسوعا
فتطلّعتْ تدعوه روضةُ زينبٍ   لتمُسَّ قُبسَ تُرابِها فيَطوعا
وتضُمَّ بالحِجرِ المُقدّس زينبٌ   ابناً يُبادلها الوقوع وقوعا
ثم كان ممّا قال له:
قد كُنتَ لي بردَ اليَقين إذا   طغى زمني ورُحتُ بناره ملسوعا
ما ضُقتُ إلاّ كان نُصحُكَ مُدخِلي   باباً من الصبرِ الجميلِ وسيعا
واليوم صِرتَ إلى إلهك فادعوه   إن شِئت لي ولتابعك جميعا

  اسمعوا هذا البيت:

حاشا أيادٍ منك في أعناقنا   أن تشتكي الإهمال والتضييع
واليد كما تعلمون من معانيها في اللغة الفضل . يُقال لفلان عليَّ يدٌ بيضاء أي نعمةٌ وفضل .
وعسى تكونُ لنا بيومِ مَعادِنا   يابن الشَفيع لدى الشفيع شفيعا

  بعد هذا ألا يجب علينا إجلالاً للعَهد الذي حفِظَهُ شيوخنا أن نحفظ ما حفظوه من العًهد. يوم قال الشيخ هذا (حاشا أيادٍ منك في أعناقنا أن تشتكي الإهمال والتضييع) من كان لهذا الرجل عنده من القَدْرِ والكرامة فليعلم أنّه لا يجوز له أن يُهمل وأن يُضيّع حق من أحسَنَ إليه (حاشا أيادٍ منك في أعناقنا أن تشتكي الإهمال والتضييع) فإذا جاءنا قائل يريد أن يفتن وأن يوقع الفِتن والعَداوة فنحن بين أيدينا من التًراث ما ينبغي أن نصُدَّه به ما كان شيوخنا رحمهم الله فيما يقولون إلاّ مُبَرَّئين من الزَيغِ ومن النِفاق ومن الكذب.

  الحال التي بيننا أيها الإخوة، بين العلويين عموماً وبين الشيعة حالٌ واحدة لأنّ العدوّ فيها واحد ولأن الذي يسعى من أجل التفريق بين هذين إنما يسعى ليُهلك الفريقين وليس ليُهلكَ فريقاً واحداً فإذا وقع بينك وبينهم من النفور ومن المُعاداة ما وقع ثم كان العدو وهو بشهادته واعترافه يُعِدّ لأمر آخر فلقد سمعناها غير مرّة من كثير من الشيوخ يقول مُصرّحاً (إنّ الغَلَبَةَ ستكون لنا وإن طال الزمن ونحن سنكون من جيش السُفيانيّ الذي يُقاتل مَهديّكم) من اراد أن يسمع هذه الكلمة ممّا قاله شيخ الفتنة عدنان العرعور فليرجع إليها وليسمعها.
هذا إذا كان على ما هو عليه يكاد ينطق حديثه بأن ما يُشاع بيننا من هذا إنما هو باطل وكأنّ الشيخ محمود سليمان الخطيب رحمه الله ينظر إلى هذا الحال وإلى هذا اليوم فيقول:

ولرُبّ رأيٍ أنزلَ الأخَوَيْنِ في هُلكٍ مُبين   فتفرّقا فتباعدا فمضى الجميعُ إلى ثُبور
ما شأن غاوٍ يبتغي زرع المَفاسِدِ والشرور   لا يعرف الأقدار من لا يعرفون سوى القدور

  الذين لا يهمّهم من الدين ولا من ذِكر الدين إلى القُدُور كما قال الشيخ (القدور جمع قدر وهو الوِعاء الذي يُطبخُ فيه) لا يستطيعون أن يفهموا ما ما يُحاكُ وما يُدبّرُ.
فالذي ينبغي علينا أن نستفيق ممّا نحن فيه وإذا كان أشياخنا قد حفِظوا ذلك العهد فالواجب علينا أن نحفظه.

  وهذا شيخنا الشيخ عبد اللطيف ابراهيم رحمة الله تعالى ورضوانه عليه يقول في آخر بيتٍ للسيد الأصفهانيّ

تحيّةً من عريقٍ في وَلايَتِكُم   ما خان عهدكُمُ الصافي ولن يَخُنِ

  فمن أراد أن يحفظ عهد الشيخ فليحفظ ما حفظه وما صانه فهو القائل:

يـا بني قومي وهل يُجدي المَـلام   وقد انحلّت عُرى العَهدِ الوَثيق
ومـن الجهـل أرانا في ظـلام   لا نعي خيـراً ولا نهدي طريق
وهوى الذات دعـانا بزمـام   علـم الله إلى الحتــف المُحيــق
فاستفيقوا من كراكُم يا نيام   فلقـد آن لنـا أن نستـفيـق

[القراء الكرام، إنّ الأخطاء المطبعية واردة بسبب السرعة في الطباعة وضيق الوقت فإن عثرتم على بعضها نرجو العذر والسماح (إدارة الموقع). ]