المعرفة الأولى
وَمِمّا يُوْهِمُ أَنّهُ تَمَيّزٌ، قَوْلُهُ :
(( وتارةً يعرضُ المكزونُ هذه القصة،قصةَ المعرفة الأولى،يوم التجلّي الأوّل، بصورة أخرى؛ فيتناولُ ما تناولهُ في الحالات السّابقة .. ثمَّ يعرضُ قيمة تلك المعرفة ، بالنسبة لأهل الإجابة، وبالنسبة له خصوصاً ؛ فتلك المعرفة الذريَّة جعلته مع الذات، يعرفُ معرفةً لا حدودَ لها ،ويرى سائر الأكوان في قبض بسطته :
وكنتُ بِها والقلبُ في قبضِ بسْطِها أرى سائرَ الأكوانِ في قَبْضِ بَسْطتي .. وبعد الحديث عن سعادته بتلك المعرفة التي قرَّبته إلى ذات خالقه، وأطلقته في فضاء القدرةِ يعرِفُ ويرى سائر الأكوان تحت تصرُّفه....)) 1
بَيَانُ الوَهْمِ
إِنَّ هَذَا مُسْتَعْمَلٌ فِي أَشْعَارِ الصّوفِيّةِ قَبْل المَكْزون وَبَعْده ، وَمِنْهُ قَولُ الإِمَام الجيلاني :
وَقَولُ ابن الفَارض :
وَقَول عَامر البَصري :
وَفِي جَوَاهِر المَعَانِي :
(( وَأَمّا قَولُ السّائِل : مَا مَعْنَى قَول الشّيخ عَبد القَادر الجيلاني رَضِي الله عَنه : (( وَأَمْرِي بِأَمْرِ اللهِ إِنْ قُلْتُ كُنْ يَكُنْ)) وَقَول الشّيخ زروق رَضِي اللهُ عَنه : (( فِي طَيِّ قَبْضَتِي ))، وَكَقَول بَعْضِهم : (( يَا رِيح اسْكُنِي عَلَيْهِم بِإِذْنِي )) إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ أَقَاوِيل السّادَات رَضِي الله عَنْهم، مِثْل هَذا .
قَال رَضِي الله عَنه : مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّ اللهَ مَلَّكَهُم الخِلافَةَ العُظْمَى، وَاسْتَخْلَفَهُم عَلَى مَمْلَكَتِهِ تَفْوِيْضًا عَامًّا، أَنْ يَفْعَلُوا فِي المَمْلَكَةِ كُلَّ مَا يُرِيْدُوْنَ، وَيُمَلِّكُهُم اللهُ تَعَالَى كَلِمَةَ التّكْوِيْنِ، مَتَى قَالُوا للشّيءِ : كُنْ ، كَانَ مِنْ حِيْنِهِ، وَهَذَا مِنْ حَيْثُ بُرُوْزُهُ بِالصُّوْرَةِ الإِلَهِيّةِ المُعَبَّرِ عَنْهَا بِالخِلافَةِ العُظْمَى، فَلا يَسْتَعْصِي عَلَيْهِم شَيءٌ عَنِ الوُجُوْدِ. قَال عَلِيّ بنُ أَبِي طَالب ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ (( أَنَا مُبْرِقُ البُرُوقِ، وَمُرْعِدُ الرّعُود، وَمُحَرِّكُ الأَفْلاكِ، وَمُدِيْرُهَا )). يُرِيْدُ بِذَلِكَ أَنّهُ خَلِيْفَةُ اللهِ فِي أَرْضِهِ، فِي جَمِيْعِ مَمْلَكَتِهِ .)) 5
- 1073 مشاهدة